نظمت هيئة المحامين بالجديدة بشراكة مع المحكمة الابتدائية بسيدي بنور ندوة علمية في موضوع « مدونة الحقوق العينية بعد سنة من التطبيق «، وذلك مساء يوم الأربعاء الماضي بقاعة بدر بسيدي بنور ، حضرها إلى جانب رئيس المحكمة الابتدائية بسيدي بنور و وكيل الملك لديها مجموعة من القضاة و ممثلي السلطة المحلية و نقيب هيئة المحامين بالجديدة و منتخبين بالإضافة إلى عدد من المحامين و العدول و المفوضين القضائيين و أطر المحافظة العقارية بالإضافة إلى عدد مهم من المتتبعين و المهتمين بقضايا الحقوق العينية و كذا ممثلي وسائل الإعلام الوطنية بالإقليم . تناول الكلمة مسير الندوةالأستاذ محمد معزوز محامي بهيئة الجديدة مبرزا من خلالها دور الندوة العلمية المنعقدة و ما تحمله من معطيات و إشكالات يمكن تسليط الضوء عليها وإثارتها و كذا دراستها في إطارها القانوني من طرف ذوي الاختصاص ، مؤكدا أن تنظيم هذه الندوة و كما دأبت هيئة المحامين بالجديدة على ذلك جاءت لمسايرة الجديد في التشريع المغربي ذي صلة بالممارسة الواسعة في مجال القضاء و كما عاهدت في هذا المنحى جميع الممارسين في الحقل القضائي ارتأت إلا أن تنظم هذه الندوة العلمية في موضوع « الحقوق العينية بعد سنة من التطبيق « حتى تساهم بقدر الإمكان في نشر الإشعاع القانوني على الأقل على مستوى دائرة محكمة . رئيس المحكمة الابتدائية بسيدي بنور الأستاذ محمد أعراب تقدم بمداخلة قيمة بعدما أخبر بتعذر حضور السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالجديدة نتيجة ظروف صحية حالت دون تواجده ,حيث قال: أننا اليوم وبعد مرور سنة على دخول منظومة الحقوق العينية حيز التنفيذ نقف وقفة تأمل و تدبر مسؤول لمكاشفة بعض الإشكاليات التي افرزها التطبيق العملي للمدونة . هذه الإشكاليات التي ترتبط تارة بالنص القانوني و تارة بالواقع العملي . وانعقاد هذه الندوة العلمية تحت موضوع « مدونة الحقوق العينية بعد سنة من التطبيق « ليس من قبيل الصدف ، إذ العقار بهذا الإقليم يعتبر عصب الاقتصاد كما أن المنازعات حول الملكية العقارية و باقي الحقوق العينية تشكل الجانب الأكبر من القضايا المعروضة على المحكمة الابتدائية بسيدي بنور ، و اعتبارا لذلك فالعقار يلعب دورا أساسيا في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و في تشجيع الاستثمار و إذا كان المشرع قد اعتنى مؤخرا بوضعية الحقوق العينية من خلال لم الشتات و إحداث مرجعية قانونية موحدة و سن قواعد قانونية تطبق على العقار المحفظ و العقار غير المحفظ و تنظيم بعض الحقوق لم تكن منظمة في نصوص قانونية كإحياء أراضي الموات و الحريم و الالتصاق و المغارسة و الهبة و الصدقة و عمل على إعادة صياغة بعض القواعد المتعلقة بالالتصاق و الشفعة . و بالرغم من ذلك فإن بعض النصوص المستجدة طرحت بعض الإشكاليات على مستوى التطبيق العملي إما لعدم وضوح المقتضيات أو عدم انسجامها مع محيطها القانوني و الاقتصادي و الاجتماعي ، كما أن توثيق التصرفات العقارية يضيف السيد الرئيس طرح عدة تناقضات و ذلك لتعدد الوسطاء أو المحررين للمعاملات العقارية إذ نجد التوثيق العصري - التوثيق العدلي - التوثيق العبري - التوثيق العرفي ، كما طرح عدة تساؤلات حول المقصود بالمحرر الثابت التاريخ و ما هو المحرر المهني ؟ و متى يكتسب المحامي صفة المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض ؟ ... إن فعالية القانون يؤكد السيد رئيس المحكمة لا تتحقق فقط من خلال جودة التشريع مهما تناهت دقة و درجة وضوحه ، و إنما أساسا من خلال مهارة القائمين على تطبيقه . النقيب الأستاذ عبد الكبير مكار أدلى بدلوه في الموضوع طارحا مجموعة من الأسئلة في الموضوع و التي تمثل أرضية للنقاش في موضوع مدونة الحقوق العينية ، و ما يواجهه المحامي من تناقضات في النصوص و القواعد و علاقة ذلك بمسألة التحفيظ ملامسا أبرز وأهم المعيقات في هذه المدونة متسائلا عن المرتكزات التي ينبغي إتباعها إذ أن اغلب المحامون يلتجئون إلى القسمة .... مركزا بالبحث والاستفسار عن دور نظام التوثيق كمؤسسة تؤدي خدمة عمومية تسهر على تحقيق الأمن وضمان استقرار المعاملات وضبط المعاملات العقارية ... الأستاذ عصام بن زيدون القاضي بالمحكمة الابتدائية بسيدي بنور تناول محورا أساسيا في إطار مداخلته و يتعلق الأمر بموضوع تعدد الشفعاء و حقوق الأولوية حيث أشار في مستهلها أنه قبل عام، أصدر المشرع المغربي مدونة الحقوق العينية، إلى جانب تعديلات قانون التحفيظ العقاري، لتحل محل التشريع المطبق على العقارات المحفظة المؤرخ في 1915، وذلك بعد طول انتظار، اعتبارا لما أفرزته الممارسة العملية سواء على صعيد الإدارات المعنية بالعقار (المحافظة العقارية، وزارة الأوقاف، وزارة السكنى والتعمير، الجماعات المحلية والوكالات الحضرية....) أو على مستوى اجتهادات السلطة القضائية في كل مستوياتها (من محكمة النقض إلى الغرف العقارية بمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية)، ما أفرزته من مشاكل لا حصر لها، بعضها ناجم عن اختلاف التفسير والتأويل للنص القانوني، وبعضها ناجم عن النص نفسه لغموضه أو قصوره، والبعض الآخر نابع من فراغ التنظيم التشريعي لمسألة معينة بما يفضي إلى الإحالة على مصدر قانوني جد غني وزاخر ألا وهو الفقه المالكي، لكنه مشوب بصعوبة كبيرة في معرفة الراجح والمشهور وما جرى به العمل فيه موضحا أن صدور هذه المدونة كان في حد ذاته قفزة نوعية ستساهم لا محالة في تجاوز بعض النقائص وسد بعض الثغرات، وإن كان محكها الحقيقي هو ما ستفرزه بدورها من خلال تنزيلها العملي على أرض الواقع ، ولئن كان مرور سنة على دخول المدونة حيز التطبيق غير كاف مبدئيا لتقييم موادها تقييما شاملا ومتكاملا، فإن الأمر مع ذلك لا يحول دون تلمس بعض إشكالياتها في بعض مواضيعها، لأجله تأتي هذه المداخلة لتلقي الضوء على نقطة دقيقة في موضوع شائك وكثير النزاع أمام محاكم المملكة، ويتعلق الأمر بتعدد الشفعاء في الشفعة وما يتعلق بها من حقوق للأولوية بينهم . وإذا كانت تطبيقات المدونة في هذا الموضوع ما تزال قليلة، لكون أغلب قضايا الشفعة الرائجة ما تزال خاضعة إما لقواعد الفقه المالكي بالنسبة للعقار غير المحفظ، أو لظهير02/06/1915 بالنسبة للعقارات المحفظة، عملا بمبدأ عدم رجعية قوانين الموضوع، فإننا في مداخلتنا سنحاول بسط مسألة تعدد الشفعاء من منظور يقارن بين تطبيقات القضاء على ضوء الفقه المالكي وظهير 02/06/1915، ومقتضيات المدونة المنظمة لتعدد الشفعاء، وفيها نتساءل عن جديد المدونة في موضوع تعدد الشفعاء؟ وهل كانت موفقة فيه بما جاءت به؟ و في هذا الصدد أبرز الأستاذ المحاضر مجموعة من الملاحظات مستدلا بعدد من الفصول ان على مستوى الشكل أو على مستوى الموضوع ، مستدلا في طرحه على توضيحات في الشأن منها بالخصوص تعدد الشفعاء معتمدا في ذلك على مجموعة من الفصول القانونية باعتبار أن الشفعة هي ذك الحق المخول للشركاء على الشياع في عقار أو حق عيني بأن يستردوا حصة أحد أو بعض أو كل شركائهم إذا تم تفويتها، بعد استيفاءهم للشروط المعلومة في ممارستها بالضرورة، أي إثبات الملكية على الشياع ،ثم القيام بإجراءاتها المتمثلة في عرض ثمن الشراء ومصاريف العقد والمصروفات الضرورية والنافعة. ولاجل توضيح ذلك تطرق الأستاذ المحاضر الى حالات تعدد الشفعاء ( التعدد الصريح - التعدد الضمني ...) كما أثار بالشرح و التحليل موضوع اختلاف مراتب الشركاء في الأخذ بالشفعة ( حقوق الأولوية ) فإن مدونة الحقوق العينية وردت أكثر وضوحا وتفصيلا لتنظيم أولوية الشفعاء فيما بينهم في مادتها 297، ورغم تلك المادة فلم تتطرق المدونة لأولوية الشفعاء في اختلاف طبقاتهم، وبالرجوع إلى المادة 297، فالملاحظ أنها لم تخرج عن تقرير ما استقر عليه فقهاء المالكية في باب تزاحم الشفعاء، الذين قسموا الشركاء من حيث أولوية بعضهم على الآخرين إلى أربعة مراتب: الأولى: الشريك من النوع الأخص والثانية الشريك مع النوع الخاص أو القريب و الثالثة الشريك البعيد أو العام أما الرابعة و تتعلق بالشريك الأبعد أو الأعم . و في قصور المدونة عن تنظيم بعض حالات تعدد الشفعاء يقول الاستاذ إذا كان الأصل في ظل قواعد الفقه المالكي وظهير02/06/1915، أن لا شفعة للجار بسبب انعدام الشركة بينه وبين جاره البائع في عقار أو حق عيني عقاري، فالجار الملاصق لا يستحق شفعة العقار الذي يبيعه جاره سواء كان ملاصقا له أم لا وكيفما كانت الملاصقة. وإذا سارت المدونة في نفس التوجه كأصل، فإنها مع ذلك أخذت بإحدى حالات شفعة الجوار من خلال تقريرها في المادة 294 جواز ضم حق الهواء والتعلية إلى ملكية السفل وحق السطحية أو الزينة إلى ملكية الرقبة عن طريق الشفعة فيما بيع لأجنبي، مسايرة ، جزئيا، لما أخذت بعض المذاهب الفقهية الأخرى سيما المذهب الحنفي، الذي يقر فقهاؤه الشفعة في حالة دار مشتركة بين شخصين يملك أحدهما الطابق السفلي، ويملك الآخر الطابق العلوي، فإن باع أحدهما ما يملكه ثبت للآخر أن يشفع. غير أن المدونة لم تنظم حكم تعدد الشفعاء عند مطالبتهم ضم حق الهواء والتعلية، أو حقي السطحية والزينة، سيما أن لا مدخل لهم في هذه الحالة إلى الحقوق المشفوع حتى يمكن الحديث عن مرتبتهم في الشفعة، فهم فيها جميعا من طبقة واحدة، بالنسبة للشركاء في ملكية السطحية السفل إزاء حق الهواء والتعلية أو في ملكية الرقبة إزاء حقي والزينة. فهل يمكن الأخذ بحقوق الأولوية بينهم، وهل يمكن العمل بنفس قواعد توزيع الشقص المشفوع في الشفعة العادية في حالة شفعة الجوار؟؟ ونفس التساؤلات تطرح في حالة قيام الدولة بممارسة الشفعة في ظل ظهير مراقبة العمليات العقارية 26/09/1963، في مواده 5 إلى 9 وكذا في حالة توالي البيوعات المنصوص عليها في المادة 299، يطرح التساؤل عن مدى إمكانية تعدد الشفعاء إذا قام مثلا المشتري الثالث بطلي الشفعة في البيع الخامس، والحال انه بدوره مهدد بالشفعة من طرف أحد شركاء البائع له. هذا وتجدر الإشارة إلى أنه يرد على شرط ملكية الشفيع على الشياع استثناء قرره المشرع لفائدة الدولة ، فهذه الأخيرة يحق لها الأخذ بالشفعة سواء كانت مالكة أم لا. الجديد في مدونة الحقوق العينية على ضوء العمل القضائي كان هو موضوع مداخلة الأستاذ محمد شبيب القاضي بالمحكمة الابتدائية بسيدي بنور ، معتبرا أن الحديث عن الملامح العامة التي تبرز جدة مدونة الحقوق العينية ليس بالأمر الهين ولا يسعه هذا الحيز من الزمن المخصص لمداخلتي هته ، ذلك أن القانون جديد والعمل القضائي بشأنه لازال مرهونا بالمساطر التي حركت من قبل المتقاضين والتي لازالت لم تغط كافة مواضيعه ، لكن وعلى الرغم من ذلك فان صنعة القاضي وفطرة المحامي التي يولد عليها ( على اعتبار انه يولد محاميا حسب القول المأثور) وحنكة الممارس من رجل المحافظة والعدل والموثق هي التي تنير الطريق نحو إفراز نقاش قانوني بخصوص ما عرض من إشكالات ،إن تصفح مدونة الحقوق العينية يقول الأستاذ شبيب يوحي من الوهلة الأولى أنها وردت في قالب عصري ومبوب تبويبا مبسطا يتماشى مع طبيعة المواضيع التي تنظمها حيث افتتحها المشرع بفصل تمهيدي يتضمن الأحكام العامة لتطبيق هذه المدونة ( من المادة 1 إلى المادة 7 ). وقسمها من حيث التنظيم إلى كتابين الأول يعنى بتنظيم الحقوق العينية العقارية أما الثاني فخصصه لأسباب كسب الملكية والقسمة. إن توحيد مصادر التشريع في مادة من المواد ليس بالأمر الهين بل يستحسنه الفقه وينعكس إيجابا على توحيد الاجتهاد القضائي ، فبصدور المدونة لم يعد بوسع القاضي اختيار المرجعية التي يستنبط منه حكمه في النازلة إلا عبر التراتبية التي اقرها المشرع صراحة في المادة أعلاه وبذلك ففي الحالة التي تعرض للقضاء ولم يجد لها نص في المدونة يتحتم الرجوع إلى ق ل ع أولا فان لم يجد فعليه الرجوع إلى قواعد الفقه لكن دائما في إطار الراجح والمشهور وما جرى به العمل من فقه الإمام مالك. ونضرب مثالا في هذا الصدد يوضح الأستاذ شبيب بدعاوى القسمة أو الخروج من حالة الشياع إذ كثيرا ما يثار بشأنها قيام احد المشتاعين بالبناء فوق الملك المشاع فيطالب باقي المالكين عند رواج الدعوى بحقه في قيمة البناء ويستدل بموجب عدلي إثباتا لذلك فالمدونة ساكتة عن هذه الحالة لكن برجوعنا إلى ق ل ع نجد الحل القانوني في الفصل 963 منه الذي ينص على ما يلي : « ليس لأي واحد من المالكين على الشياع أن يجري تجديدا على الشيء المشاع بغير موافقة الباقين وعند المخالفة تطبق الأحكام التالية: أ - إذا كان الشيء قابلا للقسمة شرع في قسمته فان خرج الجزء الذي حصل فيه التجديد في نصيب من أجراه لم يكن هناك رجوع لأي احد على الأخر. أما إذا خرج في نصيب غيره كان لمن خرج في نصيبه الخيار بين أن يدفع قيمة التجديدات وبين أن يلزم من أجراها بإزالتها وإعادة الأشياء إلى حالتها. ب - إذا كان الشيء غير قابل للقسمة حق لباقي المالكين على الشياع أن يلزم من أجرى التجديدات بإعادة الأشياء إلى حالتها على نفقته وذلك مع التعويض إن كان له محل. وتجدر الإشارة هنا من باب التذكير إلى أن المشرع وتحقيقا لمبدأ التوحيد هذا قام بحسم خلاف كبير وتقليدي أسال كثيرا من مداد الفقه وعرف تضاربا على مستوى الأحكام القضائية إلا وهو تحديد المفهوم من قضايا التحفيظ العقاري حين أشار في المادة الأولى من القانون رقم 14 .07 إلى تحديد المقصود من التحفيظ في شقين اثنين: الشق الأول يتعلق بمسطرة تحفيظ العقار التي تنطلق من تقديم المطلب إلى غاية تأسيس الرسم العقاري. الشق الثاني يتعلق بتقييد كل التصرفات والوقائع الرامية إلى تأسيس أو نقل أو تغيير أو إقرار أو إسقاط الحقوق العينية أو التحملات المتعلقة بالملك في الرسم العقاري المؤسس له . وبذلك فانه لم يعد من المستساغ قانونا حصر الأثر الموقف للنقض (حسبما ورد في الفصل 361 ق م م ) على القضايا مسطرة التحفيظ وحدها بل إن الأمر أصبح يشمل حتى القضايا التي تتار بخصوص التقييدات بالرسوم العقارية ، وهنا يجب تنبيه اطر المحافظة العقارية على اشتراط تقديم شهادة بعدم النقض بخصوص كل القضايا المتعلقة سواء بالعقار المحفظ أو ذلك الذي لازال في طور التحفيظ. ويتجلى انعكاس ذلك تشريعيا من المادة 319 من المدونة التي جاء فيها « يتم البيع بالمزاد العلني بعد استنفاذ الحكم القاضي بالقسمة طرق الطعن العادية (في حالة العقار غير المحفظ) والنقض عند الاقتضاء (والاقتضاء هنا ينصرف إلى العقارات المحفظة لا محالة) ... ثالثا الحفاظ على استقرار المعاملات من خلال تحديد الآجال وضبطها ، فمعلوم أن المعاملات التي تظل مهددة بجزاء من الجزاءات المقررة قانونا تبقى بمنأى عن الاستقرار وتظل مصلحة صاحبها مهددة بالزوال وهذا ما تنبه له مشرع المدونة من خلال تحديده آجالا رتب عن انصرامها إقرار وضع قانوني يصحح بمرور تلك الآجال واضرب هنا مثالين حدد فيهما المشرع اجل أربع سنوات يترتب عن انصرامها استقرار الوضع القانوني بحيث نجد في الفقرة الثانية من المادة الثانية من المدونة التي جاء فيها « إن ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير أو تشطيب من الرسم العقاري لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية ، ولا يمكن أن يلحق به أي ضرر ، إلا إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل اجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه « و في الفقرة الأخيرة من الفصل 304 من المدونة التي جاء فيها» و إذا لم يتحقق العلم بالبيع فبمضي أربع سنوات من تاريخ إبرام العقد « ويستخلص من هتين الحالتين أن المشرع اعتمد اجل أربع سنوات كأجل أقصى افترض معه علم صاحب المصلحة بالتصرف الذي يرتب حقه و إلا فصاحب التصرف المعلق عليه الحق أولى بالحماية عند انصرام الأربع سنوات . كما عمل على ضبط آجال الشفعة وحصرها في اجل السنة من تاريخ العلم بالبيع أو إيداعه بالمحافظة العقارية في الأحوال العادية. أو اجل ثلاثين يوما حالة تبليغ المشتري نسخة من رسم الشراء إلى من له حق الشفعة تبليغا شخصيا ومستوفيا للشروط المحددة في الفقرة الثانية من المادة 304 من المدونة. رابعا تاطير الدعاوى العقارية ، بحيث توحي القراءة المتأنية للمواد المندرجة ضمن الفصل التمهيدي للمدونة تكريس المشرع لتأطير الدعوى من حيث حمايتها للعقار في إطارين اثنين لا ثالث لهما ذلك أن الدعاوى العقارية إما أن تكون حيازة أو استحقاقية وقد ورد هذا التحديد في مؤلف الحيازة فقها وقضاء لمؤلفه الأستاذ عبد العلي العبودي في معرض حديثه عن تقسيم الدعاوى ما يلي « ومن اجل ذلك تنقسم الدعاوى العقارية من حيث موضوعها إلى دعوى المطالبة بحق على العقار والى دعوى الحيازة لذلك العقار ، فدعوى المطالبة بالحق على عقار هي التي يقصد من ورائها إثبات انه مالك لعين العقار أو انه صاحب حق عيني ويطلب الحكم له ضد من ينازعه في ذلك العقار أو في الحق عليه ( دعوى الاستحقاق ) أما دعوى الحيازة فهي التي يقصد صاحبها من رفعها استرجاع حيازته أو لأجل منع التعرض أو توقيف الأشغال التي يدعي تضرره منها بسبب الحق المترتب له على هذا العقار الذي يجاوره ( دعوى الحيازة) . كما يجب التنبيه من جهة أخرى إلى أن الحائز الذي لا يعتبر مالكا ليس له حماية حقه إلا عن طريق دعوى الحيازة ولا يصح له أن يلجا إلى « دعوى الطرد « أو « إرجاع الحالة» أو « دعوى رفع الضرر « ذلك أن الفصل 3 من ق م م صريح في انه « يتعين على القاضي أن يبت في حدود طلبات الأطراف ، ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات ...» ولذا يمكن القول أن القضايا و الأحكام الصادرة من الحائز في نطاق ما يسميه بعض المتقاضين بدعوى الطرد أو غيره تقدم ويقع البت فيها تحت وصف خاطئ وان على المحاكم أن تتأكد، ولو تلقائيا ، من الوصف الصحيح الذي ينبغي أن يعطى لتلك الدعوى وان تبت فيها في نطاق النصوص واجبة التطبيق . أما حين يكون المتضرر من الاعتداء على الحيازة مالكا وتكون ملكيته غير مجادل فيها ، أو تكون تلك الملكية ثابتة بشكل لايقبل النقاش فهنا يبقى من حقه أن يسلك دعوى الطرد إن شاء ولو لم يؤطرها ضمن الدعاوى الحيازية وهنا ذهب المجلس الأعلى سابقا - محكمة النقض حاليا - إلى أن الحائز حين يكون مالكا وتكون ملكيته ثابتة بما لا مجال معه للجدل ، كما إذا كان العقار الذي يحوزه مقيدا في اسمه بالمحافظة العقارية ، فانه يستطيع أن يقيم دعوى عادية ليطلب طرد كل محتل لأرضه ولا يكون ملزما باحترام شروط الدعوى الحيازية ويشير الأستاذ شبيب بهذا الخصوص إلى أن الموقف الذي استقر عليه اجتهاد المحكمة الابتدائية بسيدي بنور يسير في نفس المنحى إذ تعمل على عدم قبول الدعاوى التي تقدم بعنوان طرد محتل بدون سند إذا لم يثبت الطالب أن السند الذي يتوفر عليه لا مراء فيه أو حين يستظهر المدعى عليه بحق من الحقوق الذي تجعل السند الذي يتوفر عليه المدعي غير محسوم في أمره ، خامسا تقنين القواعد المعتمدة للترجيح بين الأدلة عند تعارضها وعدم إمكان الجمع بينها في المادة 3 من المدونة . سادسا بطلان التصرفات المنصبة على العقار حالة عدم ورودها وفق الشكل المحدد في المادة 4 أي إما بعقد رسمي أو ثابت التاريخ و من ابرز المستجدات التي حملها الكتاب الأول من المدونة المنظم للحقوق العينية : -1 تعداد الحقوق العينية والتي جاء من بينها حقوق لم يسبق تنظيمها ضمن القانون العقاري القديم : كحق العمرى ، حق الهواء والتعلية -2 حصر الحقوق العينية الأصلية في تلك المنشأة بمقتضى القانون فقد جاء في المادة 11 انه « لا يجوز إنشاء أي حق عيني آخر إلا بقانون « -3 حصر الحقوق العرفية المعترف بها قانونا في تلك التي أنشأت على وجه صحيح قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ، كما أثار الأستاذ المحاضر مواضيع تتعلق بخلط حق الزينة ببعض الوضعيات القانونية الأخرى وكذا إشكال يرتبط بحق الهواء والتعلية ، ثم حصر مدة الكراء الطويل الأمد لمدة تفوق عشر سنوات دون أن تتجاوز أربعين سنة ( المادة 121 من المدونة) و أيضا تنظيم المشرع لمواضيع جديدة وجد هامة نذكر منها و فيما يخص أسباب كسب الملكية والقسمة ، لقد نظم المشرع يؤكد الأستاذ أسباب كسب الملكية من خلال بابين اثنين: خصص الأول لإحياء الأراضي الموات والحريم والالتصاق والحيازة. في حين خصص الثاني للمغرسة والهبة والصدقة والشفعة ونرصد في هذا الإطار بعض المستجدات التي حملها هذا الكتاب فيما يلي ، تعريفه لحريم الجماعة أو البلدة ، حريم الدار ، حريم البئر أو الثقب ، وحريم الشجرة (المادة 226). و فيما يخص الإشكال الذي يثيره طلب الشفعة حال كون العقار في طور التحفيظ اقتصر الأستاذ شبيب في موضوع الشفعة على الحديث عن المادة 305 من المدونة التي جاء فيه « إذا كان العقار في طور التحفيظ فلا يعتد بطلب الشفعة إلا إذا ضمن الشفيع تعرضه بمطلب التحفيظ المتعلق به .» مبرزا أن وضع إقرار هذه القاعدة حدا لجدل فقهي واختلاف قضائي حول طريقة قبول طلبات الشفعة التي تنصب على عقارات لازالت في طور التحفيظ : فمن قائل بان الأصل في الشفعة هو رفعها للمحكمة العقارية بغض النظر عن ارتباطها بملف التحفيظ وبالتالي يمكن تصور تقديم دعوى شفعة حصة مبيعة إلى الهيأة العقارية رغم كون ملف التحفيظ المرتبط بها مدرج أمام محكمة التحفيظ العقاري ،إلى قائل بان دعوى الشفعة لا يمكن قبولها إذا انصبت على عقار في طور التحفيظ إلا إذا صيغت في شكل تعرض . ولقد تبنى مشرع المدونة الاتجاه الثاني والذي ينطوي على عدة مزايا أهمها : الحفاظ على وحدة ملف التحفيظ العقاري ، وضمان عدم مواجهة صاحب الحق بقاعدة التطهير التي يمكن أن تجرد الحكم من قيمته الإلزامية إذا الم ينظر في طلب استحقاق الشفعة إلا بعد تأسيس الرسم العقاري في شخص البائع نفسه أو احد الاغيار ، وجدير بالذكر أن هذا الاتجاه هو الذي كانت تسير عليه محكمتنا سواء قبل إقرار المدونة أو بعد دخولها حيز التنفيذ ، لكن المثير للانتباه أن هذا الاتجاه لا يخلو من صعوبات واقعية وقانونية نذكر على رأسها الحالة التي يكون فيها العقار المبيع يدخل ضمن مناطق الضم ويكون اجل التعرضات قد انصرم بعد مرور الستة أشهر عن نشر مرسوم المصادقة على منطقة الضم فما مصير طلب الشفعة التي يمكن أن يوجه ضد احد البيوعات التي تمت خلال هذه الفترة ؟. فمهما اختلفت الآراء يشدد الأستاذ شبيب بخصوص هذه النقطة بين مؤيد لإقرار المشرع لاستثناءات قانونية يوجب بمقتضاها قبول مثل هذه الطلبات عن طريق التفكير في فتح آجال استثنائية للتعرض وبين معارض لذلك فإنني أميل إلى اعتبار أن المانع القانوني يجرد الشفيع من إمكانية طلب الشفعة وبالتالي فان البيوعات المبرمة خلال فترة انتهاء آجال التعرضات تحصن من الشفعة وإلا استحال من الناحية العملية طريقة مسكها على اعتبار أن باب الدعوى المستقلة عن ملف التحفيظ لم يعد ممكنا كما أن قبول التعرضات خارج الأجل الممنوحة للسيد المحافظ على الأملاك العقارية بصفة استثنائية غير متاحة قانونا إذا تعلق الأمر بأراضي الضم . وإضافة إلى المستجد الذي حملته المادة 305 أعلاه فان المشرع حسم بعض الخلافات الأخرى يأتي على رأسها منع شفعة العقارات المبيعة بالمزاد العلني ( المادة 302 من المدونة ) منع إجراء الشفعة فيما فوت تبرعا مالم يكن التبرع صوريا أو تحايلا ( المادة 303 من المدونة ) وهنا يجب التمييز بين الحالة التي يكون فيها التبرع الأصلي صوريا فهنا تمنع الشفعة إلا إذا اثبت الطالب صورية التبرع أما في الحالة التي يكون فيها التبرع حلقة من حلقات التفويتات التي تمت بين البيع المشفوع وتقديم الدعوى فهنا يمكن للمحكمة أن تقضي بالشفعة دون أن تلتفت إلى مسالة الصورية من عدمها لان المفترض في الحق الموهوب انه انتقل إلى الموهوب له وهو مهدد بخطر استشفاعه . وفيما يهم التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة فقد ألزم المشرع طالب دعوى القسمة بضرورة تقييدها تقييدا احتياطيا إذا تعلقت بعقار محفظ حسب ما نصت عليه المادة 306 من المدونة. وصراحة المادة المذكورة لم تدع أي مجال للشك حول كون إغفال هذا الإجراء يرتب عدم قبول الدعوى ( لا تقبل دعوى القسمة إلا إذا وجهت ضد جميع الشركاء وتم تقييدها تقييدا احتياطيا إذا تعلقت بعقار محفظ ) والإشكال يطرح حول مدى إمكانية قبول الدعوى بمجرد الإدلاء بشهادة من المحافظة العقارية تفيد قيام الطرف بهذا التقييد أم يتعين تكليفه بالإدلاء بما يفيد تمديد هذا التقييد إلي حين الفصل نهائيا في الدعوى ؟ لقد عرف الأمر جدلا فقهيا نلخصه في اتجاهين اثنين الأول يذهب إلى أن المحكمة تكتفي فقط بالنظر إلى التقييد الاحتياطي على اعتبار أن المشرع لو أراد اشتراط تمديده لنص على ذلك صراحة في المادة المذكورة معللا وجهة نظره بكون المادة 316 نص خاص ولا يلجا في تفسيرها إلى المقتضيات المنظمة للتقييد الاحتياطي الواردة في الفصل 85 وما يليه من ظهير التحفيظ العقاري . ويضيف هذا الاتجاه أن التقييد الاحتياطي إنما قرر هنا لحماية مصلحة المتقاسمين والمحكمة لا يمكنها أن ترتب تلقائيا عدم القبول على عدم القيام بإجراء قرر لحماية مصلحة شخصية لأحد أطراف النزاع. السيد عبد الصادق الوناس الإطار بالمحافظة العقارية بسيدي بنور تناول في عرضه شقا مهما في موضوع الندوة و يتعلق بمجال التبرعات على ضوء مدونة الحقوق العينية مركزا على القواعد التي يجب سلكها في الحيازة المستوفية للشروط وفي سرد كرونولوجي للتبرعات أكد على أنها تعرف تناقضات حدد لها المشرع شروطا للانتفاع مستدلا في طرحه على مجموعة من الوقائع و الاثباتات تعلق الأمر بمسطرة التحفيظ و كذا الحوز و التبرع و ما تثيره مسطرة التعرض و ما يليها من إجراءات ما يجعل دور المحافظ في هذا الشأن دورا رئيسيا و محورا ... الناشط و الباحث الحقوقي و المحامي بهيئة المحامين بالدارالبيضاء الأستاذ عمر أزوكار تناول بالتحليل ماجاء في مدونة الحقوق العينية مستهلا تدخله بالقول أن القاعدة الذهبية هي التي لم يرد لها المشرع أي استثناء ، فالقاعدة الذهبية في مجال توثيق المعاملات العقارية أما المشرع المغربي أخد بقاعدة شكلية العقود ، لا يمكن أن نتصور أية عملية لعقار محفظ أو غير محفظ أو في طريق التحفيظ من غير الشكلية ، هذه القاعدة قررها المشرع في المادة الرابعة موضحا محتواها ونبه المشرع المغربي في شأنها من حيث الاثبات ، مبرزا قانونية و قوة العقد بين المتعاقدين ، فحينما تتخلف الكتابة يتخلف العقد مشيرا أن المشرع المغربي لم يكن وجيها حينما اعتبر البطلان في مدونة الحقوق العينية مما يقبل الإجازة مثيرا في مداخلته مشكلة البطلان وآثاره متسائلا عن الفائدة من الحكم إذا رفض مطلب التحفيظ ؟ مبرزا الفرق بين العقد الرسمي والعدلي ...