يتحدث محمد ضريف في هذا الاستجواب الصحفي ,عن الأدوار التي «أنيطت» ببعض قوى الإسلام السياسي داخل الحياة السياسية المغربية ,على مر سنوات الاستقلال الممتدة لحدود اليوم.. عن مقولة غير دستورية معارضة لمقتضيات المتن الدستوري, المتحدثة عن الضامن لاستقرار البلد .. هي أسئلة و أجوبة تمتح من تأصيل علمي و تاريخي لظاهرة الإسلام السياسي في المغرب .. بشكل مختصر مع هذا الباحث المغربي المتخصص.. { الإسلام السياسي، استقرار البلد .. ماذا يعني لك هذا الكلام ..؟ بشكل عام .. الدولة في المغرب على غرار باقي الدول في العالم العربي و الإسلامي تسعى للحفاظ على التوازنات السياسية، من خلال توظيف بعض القوى السياسية أو الدينية لمواجهة قوى سياسية أخرى .. لابد أن نذكر بهذا ... { بمعنى .. أستاذ ضريف .. ؟ الدولة استعانت بخدمات بعض القوى الإسلامية لإضعاف أو ضرب أخرى.. عندما نتحدث عن أول تعبير إسلامي ممثلا في حركة الشبيبة الإسلامية سنة 1969، الكل يعلم أن حركة الشبيبة لعبت دورا في مواجهة اليسار الجديد في المغرب آنذاك ، من خلال هاته الشبيبة الإسلامية تمكنت الدولة بالفعل من تدشين مواجهة أو الدخول في حرب بالوكالة ضد قوى اليسار ، علينا أن نستحضر أيضا ونحن نتحدث.. عن استخدام الإسلاميين لمواجهة مطالب الكتلة الديمقراطية أوائل التسعينيات من القرن الماضي، عندما اعتقدت أحزاب الكتلة، أن القصر يوجد في موقف وموقع ضعف و أرادت إملاء شروطها.. تمت الاستعانة ب «السلالة» المختفية في جبة الخطي..؟ لممارسة الضغط على الكتلة, استعين بخدمات جزء من حركات الإسلام السياسي.. لعل الكل يتذكر ما قاله الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي عشية التصويت على دستور 1996، عندما أكد أن التصويت هو تصويت سياسي يهدف إلى احتواء المد أو الخطر الأصولي .. في هذا الإطار ينبغي أن نتذكر السماح للإسلاميين المعتدلين داخل الحركة الديمقراطية الدستورية لصاحبها عبد الكريم الخطيب بالاشتغال، فالأمر كان يهدف إلى خلق نوع من التوازن مع المعارضة التي اضطرت للقبول بقواعد اللعبة . { لحد الساعة.. نتحدث عن توظيف قوى دينية ضد يسار أو حركة وطنية..؟؟ الدولة وظفت قوى دينية واستعانت بخدماتها لمواجهة قوى دينية أخرى .. إذ مباشرة بعد الثورة الإيرانية، استعانت السلطة بالتيار السلفي لمواجهة الحركة الإسلامية ممثلة في الشبيبة الإسلامية و جماعة العدل والإحسان.. التيار السلفي خاض الحرب ضدهما في الثمانينيات والتسعينيات، ولم يسمح للإسلاميين المعتدلين يومها بتأسيس حزب أو الذهاب إلى أحزاب أخرى . { وقد يحدث العكس.. توظيف تيار ديني بلبوس سياسي ضد التيار السلفي..؟ وقع هذا بعد الاعتداءات التي مست المغرب و موجة الإرهاب العالمية في 11 شتنبر 2001، هنا لاحظنا أن الدولة استفادت من خدمات الحركة الإسلامية لاحتواء التيار السلفي.. لا يمكن أن نتحدث عن قوى دينية بالمفرد .. بعض مكونات الجسم الإسلامي استخدمت لمواجهة اليسار ونفسها استخدمت لمواجهة مكونات داخل نفس الجسم.. هذه الخلاصة المنطقية . { إذا حاولنا تجاوز تلك الرؤية السطحية.. حول الضامن و الذي قام بدور جوهري في تحقيق الاستقرار.. حسب تصريحات أمين عام البيجيدي .. ؟ السؤال الذي يجب طرحه ماهي طبيعة التناقضات الموجودة بين مكونات الحركة الإسلامية من جهة .. و الدولة من جهة ثانية .. هل هي تناقضات ذات طبيعة بنيوية أم تناقضات ذات طبيعة عرضية .. قد تحدث مواجهات و تباين في وجهات النظر .. لكن في العمق هي تناقضات ليست بنيوية، حتى عندما تقدم جماعة العدل و الإحسان كجماعة معارضة و جذرية.. أعتقد أنها تشتغل بنفَس إصلاحي يحترم قواعد اللعبة، رسالة «من يهمه الأمر» و التي اعتبرت وقتها رسالة متطرفة تعبر عن راديكالية الجماعة.. هي رسالة محكومة بنفس إصلاحي، تريد العمل على الإصلاح وفق وجهة نظرها.. على الأقل فهو إصلاح من داخل النظام.. { البعض سيفاجئه هذا التحليل.. ؟ أضيف أيضا أن العدل و الإحسان لعبت دورا كبيرا في تأخير العنف ، بل من خلال اختياراتها نفَّسَت كثيرا على الدولة .. { و ما قاله عبد الإلاه بنكيران بشأن الاستقرار..؟ ما يقوله بنكيران كرئيس للحكومة ، يندرج في خانة البحث عن تبريرات لضعف الأداء الحكومي ، لقد عجزوا عن تطبيق الإجراءات التي ضمها برنامجهم الرافع لشعار محاربة الفساد والاستبداد . عندما تبين لهم صعوبة تحقيق ما وعدوا به لجأوا إلى القول بأن هذه الحكومة .. لها مهمة سياسية وظيفتها تأمين الاستقرار داخل البلاد .. { هذا تأويل يضرب روح و فلسفة دستور 2011..؟ هي مقولة تتعارض مع مقتضيات الدستور ، المؤسسة الملكية هي الضامنة للتوازنات و الاستقرار، ما حافظ على استقرار المغرب ليس هو وصول الإسلاميين إلى الحكومة، حصيلة حكومة بنكيران هي أسوأ من حصيلة حكومات سابقة.. الضامن للاستقرار هو قدرة المؤسسة الملكية على التفاعل مع مطالب المجتمع، والبيجيدي استفاد من الخطاب الإصلاحي للملك .. فاستثمره . الذين ساهموا في الحفاظ على الاستقرار.. هم فاعلون سياسيون آخرون بجانب المؤسسة الملكية.