لطالما كان العنف سَمت الجماعات الإسلامية لتحقيق كلمة الله في الأرض، فقد كانت البداية مع أشكال الغزو المختلفة قبل 1400 سنة، الذي وظف فيه العنف بكافة أشكاله، وتراسلت سلوكات الغزو تلك كل الجماعات الإسلامية إلى اليوم، لكن الحديث في الآونة الأخيرة انحصر في جماعة تسمي نفسها ب»داعش»، وهي اختصار لعبارة «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وصدر بيان في الأيام الأخيرة للمتكلم الرسمي باسم التنظيم، أبي محمد العدناني، يعدّل فيه الاسم إلى «الدولة الإسلامية». والهدف الأساسي لتنظيم داعش هو إحقاق الخلافة الإسلامية استنادا إلى الحديث الشريف الذي ورد فيه أن «أول دينكم نبوة ورحمة وتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله جل جلاله. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله جل جلاله. ثم تكون مُلكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعه الله جل جلاله. ثم يكون ملكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله جل جلاله. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة». وهذا الحديث كان يتشدد في إلقائه على الناس شيوخ زماننا الميسورين، كالعريفي ومحمد حسان وعائض القرني وغيرهم، لكنهم الآن، يعتقدون، كل لأسبابه الخاصة، أن ما يدعو إليه أبو بكر البغدادي، زعيم التنظيم الذي يحمل اسم أول خليفة للمسلمين، ليس خلافة، وفي المغرب رأى الفيزازي أن ما يقوم به الداعشيون من ذبح وقتل وتطبيق للحدود لا يستقيم مع السلوك الإسلامي الذي يجب أن تحاط به خلافة آخر الزمان، وكأني بهم جميعا، يريدون أن تخرج الخلافة من قماقمهم لكي يؤمنوا بها أو يؤيدوها، والحال أن الفيزازي مثلا، يخاف من البشر إن أعلن عليهم رأي الله. ومهما يكن من أمر، فالحديث عن الخلافة الإسلامية قد يثير حماسة الشباب الفقير والمقهور والمندفع، ليستجيب لرسالة خليفة المسلمين الجديد، أبي بكر البغدادي، الذي قال في رسالة وجهها إلى المجاهدين والأمة الإسلامية: «هلموا إلى دولتكم أيها المسلمون، هلموا، فليست سوريا للسوريين، وليس العراق للعراقيين.. فيا أيها المسلمون في كل مكان، من استطاع الهجرة إلى الدولة الإسلامية فليهاجر، إن الهجرة إلى دار الإسلام واجبة». إن تنظيم القاعدة، الذي كانت «داعش» جزءا منه، لا يعترف بالحدود بين الدول الإسلامية، والعمل الجهادي في نظره لا يمكن له أن يتجزأ عبر الأقطار الإسلامية، بل إن وجود العمل الجهادي في سوريا يتطلب من كل المنتمين والمتعاطفين الإسلاميين التوجه إلى أرضها للقتال، كما أن وجوده في صقع آخر من أصقاع العالم يتطلب الأمر نفسه، لهذا لا نستغرب إن حدثت هجرات قادمة من المغرب إلى المشرق من أجل نصرة الدولة الإسلامية في العراق والشام، وقد قام مؤخرا موقع إلكتروني بنشر مقطع فيديو عبر الأنترنيت، وقام مراقبو اليوتيوب بحذفه. ومع ما يتوافر عليه هذا التنظيم من عتاد مادي وعسكري، فقد عقد العزم على تصفية المخالفين في الرأي، حتى من أفراد الجماعات الإسلامية الآخرين، فقد ورد في البيان الذي نشره الناطق الرسمي باسم التنظيم، أبو محمد العدناني، أنه أصبح من واجب «جميع المسلمين مبايعة الخليفة وتبطل جميع الإمارات والولايات والتنظيمات التي يتمدد إليها سلطانه ويصلها جنده»، وأن كل الجماعات والتنظيمات الإسلامية الأخرى بطلت شرعيتها، و»لا يحل لأحد منها أن يبيت ولا يدين بالولاء للخليفة». أما الذين يخالفونهم في ذلك فمصيرهم الرمي بالرصاص كما ورد في بيانه. ومن ثمة فالجماعات الإسلامية، والشباب المتحمس، ورغم عدم تأييدهم لداعش، لا يملكون إلا أن يسلموا بالأمر الواقع، ويلتحقوا بزملائهم في العقيدة، لأنهم في آخر المطاف، إذا افترضنا أن التنظيم سيتمدد إلى الدول الإسلامية الأخرى، لن يستطيعوا مقاتلة إسلاميين مثلهم، ومن ثمة يصبح تأييدهم نجاة بالنفس أكثر مما هو استجابة لنداء الخلافة المباركة. وتقول التقارير إن «»الدولة الإسلامية» تضم آلاف المقاتلين الأجانب، وإنها أصبحت العنصر الرئيسي لجذب الجهاديين المتطوعين من أوروبا وشمال أفريقيا». ويؤكد الباحث «كوبر» المنتمي إلى مؤسسة «كيليام فاونديشن» أن «النقطة التي ينجذب إليها جهاديون من أنحاء العالم هي الذهاب إلى العراق أو سوريا والقتال معها من أجل الخلافة الإسلامية المثلى». لهذا فالتقارير الأمريكية تقول إن 1500 مغربي يتواجد في أراضي القتال في سورياوالعراق، بين 12 ألف مجاهد أجنبي، وتشير أيضا إلى أن 3000 من المؤمنين بأسطورة الخلافة في تونس تركوا بلدانهم تلبية لنداء الله!