في خطوة منتظرة، وردا على استخفاف السلطات المحلية والإقليمية، دخل سكان حي أساكا بخنيفرة في تنفيذ خطواتهم التصعيدية بتنظيم مسيرة احتجاجية على الأقدام باتجاه الرباط العاصمة، في سبيل إيصال صوتهم لمراكز القرار والتنديد بموقف التسويف والمماطلة حيال تهديدات الأملاك المخزنية لهم بالإفراغ من أراضيهم وديارهم، وقد تقدمتهم لافتة تلتمس تدخلا ملكيا لرفع الحيف عنهم، والحد من صمت السلطات التي قالوا بأنها تتهرب من الحسم في قضيتهم. المحتجون الذين عقدوا العزم على الرحيل نحو عاصمة المملكة قبل مفاجأتهم بعناصر من السلطة، معززة بأفراد مختلفة من القوات العمومية، وهي تعترض سبيلهم، بعد قطعهم لمسافة طويلة، حيث هددتهم بالتدخل العنيف، وبعد مد وجزر تم إقناعهم بالعودة إلى ديارهم عبر وعود بإيجاد حل لوضعيتهم، خلال الأيام القليلة المقبلة التي لن تتجاوز الثامن من يوليوز 2014، ورغم ذلك لم يفت المحتجين التعبير عن إصرارهم على الوصول إلى العاصمة في أي وقت ما لم تتم الاستجابة لمطالبهم والحد من التهديدات النفسية والاجتماعية التي يعيشونها في ظل شبح الإفراغ والهدم. ومعلوم أن سكان حي أساكا نزلوا إلى الشارع أربع مرات، في غضون شهر واحد، في مسيرات سلمية نحو المديرية الإقليمية للأملاك المخزنية وباشوية المدينة والوكالة الحضرية، ثم عمالة الإقليم التي يتوقف أمامها المحتجون بهتافاتهم الغاضبة التي لا تجد أي صدى لها، حيث تفضل العمالة التعامل مع الأمر بالصمت وعدم التجاوب، ما يساهم دائما في رفع سخط المحتجين، حتى أنهم هددوا أكثر من مرة بمقاطعة الانتخابات المقبلة وتنظيم ما يمكن من المسيرات باتجاه ولاية مكناس ومراكز القرار بعاصمة المملكة. ولم تكلف السلطات نفسها عناء البحث والتحري، على ما يبدو، لغاية تحديد المسؤوليات في جذور بناء حي أساكا الذي تعتبره «بناء عشوائيا»، بدءا من مالكي الأرض والمفوض لهم التصديق على العقود وأفراد السلطة المحلية وأعوانها والموظفين المكلفين بمراقبة البناء، والتجار والسماسرة والمنتخبين، وذلك عوض تقديم المواطن ككبش ضحية بهدف التستر على حجم التقاعس المكشوف، والمؤكد أن الوقت قد حان لفتح تحقيق حول الأطراف التي كانت وراء تفشي ما سمي ب»البناء العشوائي» بهذا الحي، وجرها لدائرة المساءلة والمحاسبة كما سبقت الدعوة إليه. ويأتي احتجاج سكان أساكا بعد خروج مديرية الأملاك المخزنية بخنيفرة برسالة وجهتها للسلطات المحلية والإقليمية «تدعي» فيها أن الأرض المشيدة عليها منازل هؤلاء السكان هي في ملكية الدولة، مع العلم أن السكان، وعددهم أزيد من 450 فردا، اشتروا بقعهم الأرضية منذ سنوات، وغالبيتهم قاموا ببناء بيوتهم عليها، في حين لاتزال بعض البقع دون بناء جراء نزاع قضائي مع أحد أعيان المنطقة، وأغلب السكان يتوفرون على ما يثبت قانونية الشراء والترخيص بالربط بشبكتي الماء والكهرباء، ولعل مديرية الأملاك المخزنية سعت إلى وضع يدها على المساحات التي سبق لأحد الأشخاص أن ادعى أنها في ملكيته قبل حسم أمرها قضائيا لفائدة بائع بقعها، والذي لا صلة له بالشخص المدعي، إلا أن الملاحظين ما زالوا يجهلون أهداف مديرية الأملاك المخزنية من وراء خروجها المفاجئ الذي يهدد السكان بالتهجير من أراضيهم وبيوتهم، رغم عدم امتلاكها أية وثيقة تؤكد ملكيتها للأرض المستهدفة من طرفها، حسب السكان. وصلة بالموضوع، أفادت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن السكان كانوا قد شرعوا في اقتناء بقعهم الأرضية منذ عام 2003، ليرتفع عدد البقع إلى أزيد من 300 بقعة خلال عام 2011، حيث شرع أصحابها في بنائها بين أناء الليل وأطراف النهار، وأمام مرأى ومسمع من السلطات وأعوانها الذين لا تنام عيونهم عن الصغيرة والكبيرة، بالأحرى السكان الذين استعانوا بآلة «الطراكس» في أشغال الحفر والبناء، وما رافق ذلك من أشكال الابتزاز من أجل «غض الطرف»، إضافة إلى «تشجيعات» المنتخبين لهم بغاية كسب أصواتهم في الانتخابات، وجميع السكان اليوم يرفضون ترك أراضيهم ومنازلهم التي لا ملجأ لهم غيرها مهما كانت الظروف والتهديدات، علما بأن جلهم أقدموا على بيع ما يملكون، وكم منهم الذين لجؤوا إلى الاقتراض من الأبناك ومؤسسات السلف، في سبيل إتمام بناء بيوتهم وفرض حقهم في السكن لهم ولأبنائهم وأسرهم. ولم تتوقف جمعية السكان عن المطالبة بضرورة إدلاء مديرية الأملاك المخزنية بما يثبت مزاعمها القائمة على أن أراضي أساكا هي في ملك الدولة، ولعل هذه المؤسسة أصيبت بالارتباك والإحراج عندما اشترطت السماح لها بالانتقال إلى الموقع، بالتنسيق مع مصلحة المحافظة العقارية، من أجل المعاينة ورسم الحدود لغاية التأكد أكثر من مدى ملكية الموقع للدولة، وفي كل مرة تبتدع تبريرا لتأخرها عن تنفيذ عملها لأسباب غامضة، رغم أن السكان يشددون على الحسم في الوضع لتطمينهم والحد من معاناتهم النفسية والاجتماعية، قبل أن يقتنع السكان بوجود «تلاعبات ومخططات سيئة» قد تظهر نتائجها في أي وقت، حيث اضطرت جمعية السكان إلى الدعوة للانخراط في ما يتطلبه الوضع من معارك احتجاجية تصعيدية إلى حين الحسم في ملف القضية.