الحرية والمرأة «فأما مدينة الحرية فهي التي يكون فيها كل واحد من الناس مطلقا من كل قيد ويفعل ما يرغب فيه، ويتحرك نحو كل شيء تهفو إليه نفسه من أمور الجماعة.. ولذلك تنشأ في هذه المدينة كل الصنائع والهيئات، وتكون معدة لأن تنشأ فيها المدية الفاضلة». ابن رشد. يبقى علينا حتى الآن حل إشكالية تتعلق بالمرأة والحرية، وبخاصة وأن الاسم الحقيقي للمرأة هو الحرية؛ حرية البحر، حرية السماء.. ذلك أن الحرية هي ألمع ما في حياة المرأة، إنها نداء الحرية، بيد أنه نداء مشروط بكبرياء المرأة، باعتبارها وجها آخر للسلطة بقدر ما تمنح بقدر ما تأخذ: إنها اللاتوازن داخل التوازن، فوضى في نغم، ولذلك سنمنحها مرة أخرى، فرصة نادرة تمكنها من تسيير مدينة الحرية، مادام أن الأمر لا يتعلق بمبادرة فلسفية تتجاوز حدود النص، ولكن بجرأة فكرية تسعى إلى نسف الاستبداد السياسي، بسلاحه، ولن يكون هذا السلاح سوى إرادة النساء؛ فهل أصبحت الحرية في الفضاء العربي المستبد بالأرواح، سلطة ثانية في يد المرأة، بعدما انفردت بامتلاك سلطة العشق؟، فهل تستطيع المرأة أن تنقلنا من مدينة المحنة إلى مدينة الحرية، وننعم بسلطتها؟، هل هي سلطة كرامة وحرية، أم سلطة قهر وهيمنة؟ وهل تستطيع المرأة أن تميز بين حبها وسلطتها؟، وكيف يمكن لطبائع المرأة أن تساير طبائع العمران؟. إنها أسئلة لا تسعى إلى من يجيب عنها، بل إلى من ينتظر أن تنضج ثمارها في حضرة الشجرة نفسها المشار إليها، لا في معنى أسطورتها، لأن المرأة لغوس يتحكم في أبدية الوجود، وبالأحرى سلطتها الروحية على الرجل، ذلك أن الرجال في حقيقتهم ظل للنساء، وعلى نحو أعمق؛ إنهن يبدعن ماهية الرجال فإذا سمعنا كلمة امرأة. فإننا نستحضر مفهوم الحرية بحضوره المباشر في المدينة، ولذلك فإن الحرية رائعة ومتقلبة كمزاج المرأة. فهي تحب وتنقلب على حبها في الآن نفسه. فبأي معنى تتحول المرأة إلى لقب يقال على الحرية؟، ولماذا أن قلبها حين تحب يفيض كالنهر العظيم فيغمر القائمين على ضفافه بالخيرات كما يهددهم بأشد الأخطار؟. الواقع أن هذه الكلمات الساحرة مجرد مكافأة شرفية لخدمة لا تقدر بمال، أو هي رشوة للسكوت ندفعها للنساء نظير امتياز نتمتع به في مدينة الحرية»(1). لأنه إذا كانت المرأة تنصهر في ماهية الحرية، باعتبارها تشكل مظهرا من مظاهر الطبيعة، حيث يولد الناس فيها أحرارا، فلأن المركب منهما سيغدو في هذه الحالة مصدرا لسعادة الإنسان في الوجود. ولعل هذا بالذات ما دفع الحكيم إلى مخاطبتنا قائلا: «إنكم تريدون خلق عالم يمكن أن تجثوا أمامه، تلك هي نهاية نشوتكم وآخر أمنية لكم»(2). وفي الحقيقة إننا نتشبث بهذه الأمنية الأخيرة التي ستحكم علينا بالعيش الأبدي في جمهورية النساء، دستورها العشق والحرية، والسعادة. ونخشى أن نستيقظ ذات يوم فنجد أنفسنا نمرح بالكلمات مع زارادشت، نردد أنشودة المساء: «ما أنا بالمعبر عن أسمى المعاني بالرموز إلا عندما أدور راقصا، لذلك عجزت أعضائي عن رسم أروع الرموز بحركاتها، فارتج علي، وأمتنع علي أن أبوح بسر آمالي. لقد ماتت أحلام شبابي وفقدت معانيها المعزيات»(3)، حتى أنني لأعجب من تحملي هذه الصدمات، وأعجب لصبري على ما فتحت في من جراح، ولم تعد اليد التي أحدثت الجرح قادرة على مداواته، فكيف أمكن لروحي أن تبعث من جديد في مدينة الحرية، بعدما سئمت من القهر في مدينة الخسة؟، وهل هناك من حجاب مقدس لا تنال منه السهام مقتلا؟ ألا تكون إرادتي التي تجتاز مراحل السنين صامتة لا يعتريها تحول وتغير؟. من البديهي أن الحرية هي الإرادة حين تشيد نفسها بنفسها، ولكنها في حاجة إلى من يحركها لتخرج من القوة إلى الفعل، ولو أمعنا النظر قليلا في ماهية المرأة لوجدنا أنها تنبع من الأصالة الحية للروح، ومن طبيعة الروح أن تشتاق إلى الحرية، وتناضل من أجلها. ولن تجد سوى المرأة بجانبها، فجل ثورات الحرية كانت من إبداع النساء، وتوقيع الرجال، لكن ما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا الصراع بين المرأة والرجل؟، لماذا أن التناغم بينهما يتم في اللاتوازن من خلال جدلية العبد والسيد؟ فمن يحكم في الواقع، المرأة أم الرجل؟. الملاحظ أن آراء هذا الفصل تنمو ببطء، وتتشكل بهدوء ناعم، لا تخترق مجالا غامضا تسوده ظلمات ذلك الروحاني، حيث الفكر أضحى يعيش تحت رحمة العواطف، ذلك أن التفكير في المرأة يقتلها رمزيا، لأنها تنمو على هوامش الحقيقة، وبعبارة نيتشه إنها اللاحقيقة التي تظهر بمظهر الحقيقة، ومعنى هذا أن السر في كشف الحجاب عن كينونة المرأة لابد أن يتم عبر العواطف والوجدان، لأنهما معا وسيلتنا الوحيدة للقيام برحلة الاستكشاف في أروقة جمهورية النساء؛ القصيدة والسوط، فالنساء يغرهن الثناء والكلمات الحالمة، كما يرهبهن السوط، فإما أن تكون شاعرا، أو مقاتلا. لا توجد منطقة وسطى بين العشق والكراهية، لذلك لا يعرف الرجل الطريق المؤدي إلى قلب المرأة، إذ هو لم يدرك حقيقتها، بل يضع نفسه رهن إشارة الخطر، يهدده في وجوده وسعادته، يضعه في قلب الجحيم، أو في قلب النعيم، والحق: «أن تولي الحكم أصعب من الطاعة لأن الأمر يحمل أثقال جميع الخاضعين له، وكثيرا ما ترهق هذه الأثقال كواهل الآمرين»(4). ولنا أن نتساءل عن سر الأسرار لهذه اللعبة التي يدبرها اللغوس؛ هل يستطيع المتهم أن يصبح قاضيا يحكم على نفسه بالبراءة؟، أم لابد من تحمل عقوبة مقابل الذنب الذي ارتكبه؟. ومن الحكمة أن نعترف مع زارادشت الذي تم اضطهاده في جمهورية النساء: «أن إرادة القوة كامنة حتى في مجال التضحية والخدمة المتبادلة وبين نظرات العاشقين، لذلك يتجه الأضعف إلى السبل الملتوية قاصدا اجتياز الحصن والتربع في قلب الأقوى مستوليا على قوته»(5). ولعل هذا بالذات ما يشكل حقيقة المجتمعات العربية، لأن مصير سيادة الأمة أضحى بين يدي النساء، لأن حكام هذه الأمة المقهورة تسيطر عليهم أخلاق النساء. يتصرفن كالأطفال؛ الملكية والغضب، اللذة والألم. ثنائيات تطفو على سطح هيمنة السلطة، وحرمان الناس من الحق في الحرية، وإكراههم على الاعتقاد في إيديولوجية الدولة، باعتبارها قواعد تيولوجية تحطمت على صخرة الدوغمائية: «في كل مكان عثرت فيه على حي، طرقت أذني كلمات الطاعة، فما من حي يتعالى عن الخضوع، وعرفت أيضا أن ليس من محكوم في الحياة سوى من لا قبل له بإطاعة نفسه»(6). هكذا نجد أنفسنا مرغمين على الانتقال من موضوع إلى آخر، لأننا نتناول موضوعا متقلبا، لا يرتاح بالهدوء في الطمأنينة، ذلك أن الحرية متقلبة كالإنسان سعيدة بسعادته، وشقية بشقائه، وبحكم طبيعتها، فإنها أقرب الأشياء إلى قلب المرأة، وهي اللذة الوحيدة التي تجعلها تنتشي بخضوع الرجل، لأن إرادة الخاضع تطمح إلى السيادة أيضا لتتحكم فيمن هو أضعف منها: «وبما أن الأضعف يستسلم للأقوى، والأقوى يتمتع بسيادته على هذا الأضعف، فإن الأقوى يعرض نفسه للخطر في سبيل قوته، فهو يجازف بحياته مستهدفا للأخطار»(7). والمرأة مثل الحرية لا ترتاح إلا في أحضان محارب عائد من الحرب، لأنها تخاطر بالخطر. ولذلك فإن ما سأقوله عن المرأة والحرية يشبه إلى حد ما سأقوله عن الحياة، بيد أن هذا لن يوضح لكم اعتقادي في الخير والشر، مادمت أنا أيضا مضطرا للعيش كالمقهورين في جمهورية النساء، وبخاصة أنني لم أحصل على شهادة السكنى مثلي مثل النزلاء والغرباء والأرقاء: «وإن الذين يخدمون الفرد في الأشغال الضرورية هم الأرقاء، والذين يخدمون العوام هم أصحاب الحرف والمستأجرون ضرورة أنواع المواطنين، ولاسيما المرؤوسين منهم ومن تم تحتم في بعض الأحكام السياسية، أن يكون العامل والمأجور مواطنين واستحال ذلك في البعض الآخر منها: نظير النظام الذي ندعوه نظام الأعيان»(8)، وأما في الدول المنتمية إلى حكم الأقلية، فلا يحتمل أن يكون المأجور مواطنا، لأن الاشتراك في مناصب السلطة لا يخول إلا من تفرض عليهم الضرائب الضخمة(9)، لكن ما هو موقعنا داخل جمهورية النساء؟، وهل تنتمي هذه الجمهورية إلى حكم الأقلية أم إلى نظام الأعيان؟، وكيف سيكون وضع الفيلسوف المأجور فيها؟. قبل الإجابة عن هذه الأسئلة المضطربة، لابد أن نتذكر الغاية التي من أجلها تألفت جمهورية النساء، وطبيعة السلطة الموجودة فيها، وكيف تتصرف السعادة في سكانها، حيث تكلمنا بإسهاب عن النساء والفلسفة، وتميزهن في ممارسة السلطة، ومادام أن الإنسان بالطبع حيوان مدني، فإنه بطبيعته يميل إلى الاجتماع ويحتاج إلى السياسة من أجل تدبير حياته، وتوفير له رخاء العيش والسعادة، وقد اقترحنا جمهورية النساء لهذه الغاية، ولما كانت الحياة السعيدة أفضل من الحياة الشقية، كان لابد من البحث عن الإطار المشترك الذي سيحقق فيه الفيلسوف سعادته، ولن يكون هذا الإطار سوى مدينة الحرية التي تضاد مدينة العبيد، ولهذا الغرض قمنا بأحداث هذه المدينة في قلب المدينة الجاهلة، ومنحنا سلطة الحكم للنساء، وقمنا بإجبار الرجال على قبول هذه السلطة، وأما الذين اعترضوا فأرغمناهم على الرحيل إلى تلك المدن التي تشبههم. فما هو يا ترى الأمل الوحيد الذي ظل ينتظرنا هناك هادئا؟، وكيف سيكون حكم النساء للرجال؟، بل أفما آن الأوان لتنصهر السلطة في الحرية بواسطة تجربة النساء في الحكم؟، وكيف ستكون طبيعة النظام السياسي في هذه الجمهورية؟. والحال أنه إذا كانت نفس العلل تولد نفس النتائج، فإنه بتغيرنا للرئاسة من الرجال إلى النساء، سنطهر الفضاء السياسي من الاستبداد والقهر، لأننا في حاجة إلى سياسة الحرية التي تتوخى المصلحة العامة طبقا لسنة العدل الخالصة، لأنها نجاري تطلعات دولة الأحرار. بعد هدمها لدولة العبيد، لأنهن تذوقن مرارتها، ولذلك ينبغي تربية الأحداث على السياسة المدنية، والأخلاق الفاضلة، بعد إبعادهم عن الأشرار والعوام: «وسبب هذا هو أن السياسة القائمة لها أثر في إكساب الناشئ عليها خلقا ما.. ولذلك صار ممكنا أن يكون معظم الناس فاضلين بالفضائل الإنسانية.. وقد تبين هذا في الجزء الأول من العلم المدني. إذ قيل هناك إن طرق بلوغ الفضائل العملية هو التعود، كما أن بلوغ العلوم النظرية هو التعليم»(10). فالجمع بين التجربة والتعليم يكسب الإنسان جودة التسلط، كما أن تحول الإنسان من خلق إلى خلق إنما يكون تابعا لتحول السنن، فإن عاش في الديمقراطيات يكون ديمقراطيا، وإن نشأ في الطغيان، فإنه قد يتأثر بطبيعته، ولذلك نجد ابن رشد يقول في هذا الصدد: «ويتبين ذلك مما طرأ عندنا في المغرب الأندلسي.. لما انقطعت أسباب السياسة الكرامية عند الحكام، صار أمرهم إلى اللذات الحسية التي هم عليها الآن»(11). فكيف تتحول السياسة من الفضيلة الأخلاقية إلى اللذة الحسية؟، وما هي أفضل اللذات بالنسبة للحكام؟، هل هي نفسها لذة الفلاسفة؟. كان أفلاطون في جمهوريته يصنف الناس طبقيا حسب ميولهم لأصناف اللذة، التي يقسمها إلى ثلاثة أنواع: لذة الحكمة والمعرفة، لذة التسلط والغضب، لذة الشهوات الحسية الأكل والشرب والنكاح. ولعل الفيلسوف بامتلاكه للتجربة والقياس البرهاني، يستطيع أن يميز هذه اللذات. ويفسر ابن رشد ذلك قائلا: «والفيلسوف وحده يرتب هذه اللذات الثلاث بالتجربة والقياس، أما بالتجربة، فإنه قد ذاق هذه اللذات منذ طفولته، وأما الآخرون فإنهم لم يذوقوا لذة الحكمة قطعا. وأما بالبرهان فذلك بين بنفسه. لأن العامة يتذكرون اللذات حينما يقترنونها بأضدادها، فيقولون في وقت المرض إن الصحة هي ألذ الأشياء. ويقولون حين الحاجة إن الاستغناء هو ألذ الأشياء. والحال أن الأشياء اللذيذة بما هي لذيذة لا يلزم أن يسبقها ضد، مثال ذلك الابصار وغيره(12). هكذا يتبين جهل من سوى الفلاسفة بالحكم على اللذات، ولهذا الغرض أردنا لجمهورية النساء أن تدبر بالفيلسوفات، لكي يساهمن في الارتقاء بأخلاق المجتمع إلى أعلى المراتب. حيث تصبح الفضيلة العملية والعلمية كنقود يتم سكها لتتداول بين سكان هذه الجمهورية، ولا يمكن حرمانهم من اللذات التي تسعدهم، ذلك أن اللذة خير إلى أن ينتهي الخير فكل ما ليس بخير فهو شر. إننا نسعى إلى تنظيم كل الأشياء في مدينة الحرية، حتى لا نسقط في تلك الأخطاء التي حكمت علينا بالعدمية السياسية، وحولتنا إلى دمى في يد السلطة التي يمارسها نفس الأشخاص بشكل مزمن، ولذلك يقول فيهم أرسطو: «وكأني بولاة الأمور مصابون بمرض مزمن، لا يتأتى لهم دوام النجاة منه، إلا إذا لبثوا في الحكم فمن الواضح إذن أن التناوب الديمقراطي على الحكم بين الرجال والنساء شرط أساسي لبناء الدولة المدنية في الفضاء العربي. ومن أجل إعادة الاعتبار للنساء في هذا الفضاء الوسطوي، يجب فتح المجال أمام الفلسفة النقدية، لأنه بإمكانها إزاحة الشبح عن النساء، بإرجاعها المفاهيم السياسية؛ كالحرية، والتدبير، والسيادة، إلى صميم العقل، وليس إلى غموض التيولوجيا، ذلك أن وضع المرأة في السياسة المدنية أفضل من وضعها في السياسة التيولوجية. لأنها تنتقل من أداة للذة إلى ملكة للتدبير السياسي والاجتماعي. فهذه الرغبة في تشييد مدينة الحرية في جمهورية النساء، ليست وليدة الإحساس بالظلم والقهر في مدينة العبيد فقط، بل هي تشوق للروح لتحقيق كمالها في مملكة الحقيقة، باعتبارها المحراب الأكثر براءة للحكمة والفضيلة، لكن متى تصبح هذه الجمهورية ممكنة؟، ومتى تصبح النساء سياسيات بالفعل وليس بالقوة كما هو الحال في زمننا هذا؟، ولماذا لا تقوم النساء بثورة على الرجال ولو ليوم واحد؟، هل يفتقدن لملكة التمرد والاحتجاج؟. يقول ديكارت: «لكن هذا المطلب شاق كثير العناء، وشيء من الكسل يجرفني دون شعور مني، في سياق حياتي العادية، مثلي هنا مثل عبد يتلذذ في المنام بحرية موهوبة، وإذ فطن إلى أن حريته ليست غير أضغات أحلام، خاف أن يصحوا من نومه، فطاب له أن يمالي هذه الأوهام اللذيذة، ليطول أمد انخداعه بها»(13)، هكذا هو حال النساء العربيات يتلذذن في المنام بحرية موهومة، ومن أجل الحفاظ على هذه الأوهام اللذيذة خوفا من الصحو، والابتعاد عن أضغات الأحلام، طالت إقامتهن في الانخداع في جمهورية الرجال. وإذا كان ديكارت قد تخلص من هذه الحرية الموهومة بواسطة إرادته القوية، على الرغم من أنه كان يخشى أن يجد بعد الراحة الهادئة، اليقظة الشقية، ومع ذلك ثار على كل الأراء القديمة من خلال منهجه الشكي، الذي مكنه من إثبات وجوده من جديد كذات مفكرة، فإن النساء العربيات يتمتعن في أحلامهن الخرافية، وينتظرن من الرجال الطغات الدفاع عن حقوقهن كما وقع للأرانب مع الأسود. فمتى ستستغل النساء العربيات المقهورات الشك الديكارتي لتحقيق جمهورية النساء، بدلا من الإيمان الساذج الذي يعدهن بالجنة في السماء والجحيم في الأرض؟ وأين يكمن ضعف النساء العربيات بالقياس إلى النساء الغربيات؟، هل في البيولوجية، أم في الثقافة؟. لم يسعفنا الحظ على تشييد مدينة الحرية، كما فشلنا في بناء جمهورية النساء، والغريب في الأمر اننا لم نواجه بمقاومة من الرجال، بل وجهنا بعدم الاهتمام من النساء، وكأننا نخاطب التماثل، نساء يتلذذن في المنام واليقظة بحرية موهومة، مثل العبيد، يطول انخداعهن، وكأن الحقيقة ستضعهن في قلب الشقاء، بدلا من هذه السعادة الموهومة، فأي شقاء أكثر من هذا الشقاء؟ وكيف يمكن للحرية أن تفقد حريتها؟، وما الذي يمنع المرأة من المعرفة والفلسفة بعدما حرمت من الامامة؟.
1 - هيجل، م م ، ص 52 2 - نيتشه، م م ، ص 141 3 - نيتشه، م م ، ص 140 4 - نيتشه، م م ، ص 142 5 - نيتشه، م م ، ص 143 6 - نيتشه، م م ، ص 143 7 - هكذا تكلم زارادشت، م م ، ص 143 8 - أرسطو، السياسات، م م، ص 129 9 - أرسطو، السياسات، م م، ص 130 10 - ابن رشد، م م ، ص 240 11 - ابن رشد، م م ، ص 204 12 - ابن رشد، م م ، ص 205 13 - ديكارت، تأملات ميتافيزيقية، م م ص 55