يتمتع المسلسل التركي »حريم السلطان« بشعبية كبيرة لدى التونسيين، حتى أنه بات مثار اهتمام ووسيلة للتندر بين السياسيين، إضافة إلى تسببه ببعض حوادث الانتحار في البلاد. ويحظى المسلسل المدبلج إلى العامية السوريا، والذي تبثه يوميا قناة »نسمة« الخاصة بنسبة مشاهدة عالية تصل إلى أكثر من 30 في المئة (من نسبة المتابعين للبرامج التلفزيونية) لينافس بذلك البرامج الحوارية التي تستأثر عادة بحصة الأسد من اهتمام التونسيين، وفق لما تؤكده بعض الإحصائيات. ويشاطر السياسيون بقية التونسيين في متابعة المسلسل، الذي يتحدث عن فترة حكم السلطان العثماني سليمان القانوني، حيث تشير بعض المصادر إلى أن رئيس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي مواظب على متابعة العمل لدرجة أنه اقتنى جميع أجزائه السابقة. بدوره، لم يخف رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي اهتمامه ب«حريم السلطان«، لكن أكد في حوار تلفزيوني مؤخرا أنه مهتم أكثر ب«حريم تونس« الذين »يشاركون في مستقبل تونس وحاضرها سياسيا واجتماعيا«. ويحاول المسلسل التسويق لصورة تركيا وهو ما تفعله عادة أغلب المسلسلات التركية، لكن بعض المراقبين يؤكدون احتواءه على بعض »المغالطات التاريخية«، مشيرين إلى أنه يحاول تجميل صورة القادة العثمانيين والتغاضي عن المجازر التي ارتكبوها بحق الشعوب التي كانت خاضعة لحكمهم وخاصة العرب. وتتمتع شخصيات المسلسل بشعبية كبيرة لدى التونسيين، وهو ما دعا أحد اللحّامين في ولاية صفاقس (جنوب شرق) إلى إطلاق اسم المسلسل على محله مرفقا بصورة ل«السلطانة هيام« (حدى أبرز شخصيات المسلسل) كطريقة جديدة لجذب الزبائن. لكن شعبية المسلسل الكبيرة تسببت أيضا ببعض الأحداث المأساوية في البلاد، حيث حاولت طفلة لا يتجاوز عمرها 10 سنوات الانتحار بعد تأثرها بإحدى مشاهد المسلسل، لكن ذويها الذي تمكنوا من إنقاذها في اللحظة الأخيرة حاولوا تبرئة المسلسل من هذه »التهمة«. ويبدو أن تأثير العمل التركي لم يتوقف على الجانب الاجتماعي، بل تعدى ذلك إلى اتهام بعض السياسيين (على سبيل التندر) باستنباط بعض أساليب الحكم من السلطان سليمان (الشخصية الرئيسية في العمل)، حيث اتهم مبروك كورشيد (محامي رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي) الرئيس التونسي منصف المرزوقي بابتداع طريقة فريدة لتسليم المحمودي للسلطات الليبية. وكتب كورشيد في مقال نشره مؤخرا في صحيفة »المغرب« المحلية »العقبة الوحيدة التي كان يجب تجاوزها هو عدم خدش الموقع الحقوقي للرئيس المرزوقي«، مشيرا إلى أن الأخير اعتمد طريقة السلطان سليمان القانوني للاخلال بوعده بعدم تسليم المحمودي »سلموه وأنا غائب ومسافر في الصحراء وقولوا عني لا علم له«. وفي العمل، يحتار السلطان العثماني في كيفية تصفية وزيره الأول ورفيق دربه إبراهيم باشا الطامع بحكمه بعد أن قطع له وعدا بعدم قتله، لكنه يتوصل أخيرا لحل فريد بعد الاستعانة بقاضي القضاة، حيث يأمر الحراس بإعدام الوزير خلال نومه.