يطرح مرض الربو مشكلا للصحة العمومية في بلادنا، بحيث يقدر عدد مرضى الربو بين 2 و 3 ملايين شخص ، كما تشير إلى ذلك الأبحاث الأخيرة التي أجريت على أطفال سنهم يتراوح بين 11 و 14 سنة في مدن الرباط الدارالبيضاء ومراكش، والتي تدل على أن نسبة انتشار المرض تتراوح بين 6 - 10.5 - و 12 في المئة .. أرقام لا تنقطع عن الارتفاع بحيث وصلت نسبة الانتشار في الدارالبيضاء إلى 16.6 في المئة، كما بين بحث أجري أخيرا أن الكلفة السنوية لمرض الربو تقدر بما بين 775 و 18250 درهما حسب درجة خطورة المرض، وذلك بسبب التلوث المرتفع في مدينة الدارالبيضاء. ويعتبر الربو مرضا مزمنا ينجم عن التهاب القصبات الهوائية مع تقلصها وانخفاض حجم الهواء المتسرب داخلها، ويتمظهر المرض على شكل نوبات تختلف حدتها حسب نوع الربو، إذ يمكن للداء أن يتجلى عند المريض المصاب بسعال في الليل يدوم أكثر من 15 يوما، أو ضيق في التنفس، أو على شكل نوبة ربوية، وما يجب التأكيد عليه والحرص على استحضاره هو أن النوبة الربوية يمكن أن تؤدي إلى الموت إذا لم تعالج باستعجال وبكيفية مناسبة موازاة مع حدة النوبة. يفرق الأطباء بين الربو الخارجي المنشأ، والداخلى المنشأ، فالنوع الأول من المرض، أي الربو الخارجي المنشأ، هو أكثر انتشارا بين الأطفال والمراهقين، وعادة ما يختفي مع السن، ومع تفادي العوامل المثيرة للحساسية. وتكون للشخص المصاب بهذا النوع من الربو حساسية غير عادية تجاه العوامل المثيرة للحساسية، فعندما يتعرض المصاب بالربو للمرة الأولى للعوامل المثيرة للحساسية، ينتج جهاز المناعة كميات غير عادية من البروتينات الدفاعية تسمى الأجسام المضادة. أما النوع الثاني وهو الربو الداخلي المنشأ ، فهو شائع أكثر عند الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 3 سنوات، وعند البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 30 سنة. إن الالتهابات الفيروسية التنفسية هي مهيجات أساسية وتؤثر إما على الأعصاب أو الخلايا قرب سطح أنابيب القصبة الهوائية، وقد يسبب ذلك تشنجا شُعبيا أو إطلاق وسائط كيماوية، مما يؤدي إلى حدوث نوبة الربو. وتشمل المهيجات الأخرى، العوامل المثيرة للحساسية، والتمارين الرياضية، والهواء البارد، والتغييرات العاطفية والتي قد تسبب أيضا تشنجا شُعبيا. وسأقارب مرض الربو في هذا المقال من الجانب البيداغوجي لأن أغلب المضاعفات الربوية تنجم عن أخطاء ونقص في التحسيس والتربية العلاجية، وعدم تخصيص أهمية قصوى و الانتباه الكافي للأعراض السريرية . في أكثر الحالات تقع المضاعفات الربوية بسبب جهل أو أخطاء يرتكبها المريض المصاب أو عائلته، وتشمل هذه الأخطاء عدم الاستشارة الطبية المبكرة، بحيث يعتبر علاج النوبة الربوية علاجا استعجاليا يتطلب التدخل الطبي الفوري، بالإضافة إلى عدم تقبل المرض أو رفضه بسبب نقص في التوعية الطبية، وهذا راجع إلى التصور الخاطئ لمرض الربو في بعض المجتمعات، عدم علاج الالتهاب الارجي للأنف والذي يؤدي غالبا إذا لم يعالج مبكرا إلى مرض الربو، إذ أن 75 في المئة من الأشخاص المصابين بالربو هم مصابون كذلك بالالتهاب الأنفي الرجي ويشكل ذلك عامل خطر وتخلخل للمراقبة الربوية، كما يؤثر على جودة الحياة والمردودية المهنية، إضافة إلى تكاليف علاجية مباشرة وغير مباشرة مرتفعة. كما تشير الدراسات إلى أن 20 في المئة من الأشخاص الذين يعانون من الالتهاب الأنفي الرجي سيطورن مرضهم إلى ربو في السنتين المقبلتين، وفي نفس السياق ترفع الإصابة بالالتهاب الأنفي خطر الإصابة بالربو ثماني مرات، ثم هناك التصور الخاطئ لمرض الربو، التصور الخاطئ للرذاذ العلاجي، فعلاج الربو ليس هو علاج النوبة الربوية، بل هو علاج مستمر دوائيا تحسيسيا تربويا اجرائيا . وجدير بالذكر أن هناك صنفين من الأدوية الربوية، ويتعلق الأمر بأدوية النوبة، وأدوية السيطرة على المرض وتتطلب متابعة علاجية مستمرة. في الختام فإن مرض الربو يتطلب للتغلب عليه مجهودا تحسيسيا توعويا من طرف المهنيين الصحيين والإعلام الطبي والمجتمع المدني، فالربو يتطلب بالإضافة إلى تقريب العلاج الطبي إلى المريض، تقريب الوعي والتحسيس والتربية العلاجية للشخص المصاب.