الشاعر محمد بنطلحة في ديوانه الشعري الجديد «صفير في تلك الأدراج»

في ديوانه الشعري الجديد "صفير في تلك الأدراج"، يُواصل محمد بنطلحة تطويع اللغة في اتجاه تحديثه للقصيدة المغربية الحديثة. فبدْءاً من »نشيد البجع"، مروراً ب"غيمة أو حجر« و"سدوم" و"بعكس الماء" و"قليلاً أكثر"، يعود بنطلحة إلى قصائده مشذّبا وناحتا كأنه شاعر حوليات. يُطوِّر بنطلحة مشروعه الشّعري بصبْرٍ وأناةٍ، خارج ادّعاءات النظرية. ما بين الذات والمتخيل يؤسس للفكري والثقافي والأسطوري والهُلاميّ. الديوان استمرار للعبة اقْتِصاد الصّمت في الكتابة، الصمت الذي يثور على اليقينيّ والمطمئنّ.. وباتفاق معه، ننشر هذه المقاطع الشعريّة.
الرقْصٌ فوق الماءِ
في غَمْرَةِ السَّرْدِ
بِقُبَّعَةِ الشَّاطىءِ القِرْمزيَّةِ أذكرُ أنِّي رأيتُكِ أوَّلَ صيْفٍ تَنامينَ بينَ المِظلَّةِ والبَحْر? ?لَمْ يهْدإ البحْرُ? هاجَ مرَاراً?? علَى الرَّمْلِ، كانتْ خُطاكِ يُفاجِئُهَا الموْجُ? أعْجَبُ أنَّكً فاجأْتِني بالتَّحيّة? في آخرِ الأمر، هزَّت يدُ الرِّيح سقْفَ المِظَلَّة? غَطَّى الغُبارُ طريقَ المَحَطَّة? ثُمَّ اخْتفَيْتِ، فلمْ أدْر أيْنَ? أَفي غَمْرةِ السَّرْدِ؟ أمْ في خُطَى الماءِ؟ يا أيُّهَا
المَاءَُ? كُنْ? وأَرِحْني?
1974
مَا الّذي آبَ في غَيْمِ أبْريلَ؟
مَا الّذي آبَ؟
هَا ظَاهِرُ الْغَيْمِ? رُخٌّ يَصُولُ
عَلَى حَدَآتٍ?
وللْحَقِّ،
فالرُّخُّ أعْمَى?
وَمِنْ حوْلِهِ حَدَآتٌ يُرَفْرِفْنَ
في فَلَوَاتِ المَجَازِ?
إذنْ،
نحنُ نَمْشي بِعَيْنَيْنِ مُغْمَضَتَيْنِِ
ومِنْ تَحْتِنَا الْغَيْمُ?
منْ تَحْتِنَا سُفُنٌ سَو ْفَ تُبْحِرُ
مَنْ قِمَمِ الْهِِمَلاَيَا
بِنَا?
ثُمَّ تَرْسُو?
أَحَقّاً سَتَرْسُو؟
سَتَرْسُو.
وتُبْحِرُ?
ثُمَّ تَعُودُ وتَرْسُو.
وَلَكِنْ، أَمَامَ مَرَافىءَ أكْثَرُهَا
مِنْ وَرَقْ?
1984
أَكاليلُ
قَمَرٌ مَسْروقٌ
فوقَ قَبْرِ عبد الله راجِع
ليْسَ للضَّوْء شطٌّ.
وليستْ له تجْرِبَةْ.
فكيْفَ
-إذا شَطَّ ضَوْءٌ-
تَظَلُّ خُطَى النَّجْمِ عالِيةً.
والمَرَاميدُ مُقْتَرِبَةْ؟
1990
شُمُوعُ المَوْتى
فوْقَ قبْر مُحَمّد الخّمّار الكّنُّوني
زَوَابعُ؟
أمْ رَغَبَاتٌ بَقيِنَ على العَهْد؟
يا
عَوْسَجًا
كَالقناديلِ،
أوْ كالقُبَلْ!
سوانا سَيَزْعُمُ
أنّ حَفيفَ الشُّمُوعِ
غَزَلْ.
1991
بيْن قدَحَيْن
فَوْقَ قَبْر أَحْمَد الجُوماري
هَبْ
أَنّكَ لَمْ تَقُلْ للْمَوْتى بَعْدُ:
دَمي جاهِزٌ
وَأَقْدَاحُهُمْ تَفِيضُ
بِغِيابِي
هَبْ
?مَرّةً أُخْرَى-
أنَّ قَبْرَ الْغَرِيبِ
أشدُّ وُضُوحاً
مِنَ الْعَسَلِ
ذَاتِه.
أنَّ النُّعَاسَ هُوَ الشّقيقُ الْأَصْغَرُ
لِلْفَرَاشَةِ الْعَمْيَاء.
وَأَنَّ الْحُلْمَ
حَارِسٌ غَيْرُ مُطِيعٍ
للّيْلِ.
هبْ كلَّ هَذَا.
وَهَبْ غَيْرَه.
عَلَى الْأقلّ، حَتّى يَزْعُمَ هُوَاةُ الْقَنْصِ عَنْ قُرْبٍ
أَنَّهُمْ قَدْ أَخْطَؤُوكَ، إلى الأبدِ
بِدِقَّةٍ مُتَنَاهِيَة.
1995