تتزايد المشاكل الأمنية بسرعة كبيرة بالمنطقة ، وأصبح الهاجس الأمني من المواضيع الرئيسية في أحاديث الناس، فرغم بعض الارتياح الذي عبر عنه جل المواطنين من الإجراءات الأمنية والدوريات التي يقوم بها رجال الأمن لكنها تبقى غير كافية ، لانعدام البنيات التحتية والبنايات الأساسية والضرورية والكافية الخاصة بالأمن الوطني لاستتباب الأمن وسيادة القانون بالمدينة ، ومن أجل السير العادي والطبيعي للحياة العامة ، وتسهيل خدمة المواطنين على العموم ،وإيجاد توازن أمني بكل الأحياء لمسايرة النمو الديموغرافي والتوسع العمراني العشوائي والفوضوي الذي تشهده المدينة ، ووضع حد للهاجس الأمني والانحراف الأخلاقي اللذين تعرفهما المنطقة مند بداية القرن الواحد والعشرين . لقد انتشرت الجريمة بالمنطقة بمختلف أشكالها وبجل الأحياء ، وأصبح هناك متخصصون في السرقة بشتى الطرق والوسائل والحيل خصوصا بالليالي الطويلة والباردة ، وتفاقمت ظاهرة العنف والاعتداء الجسدي المؤدي للجرح والإعاقة والقتل أحيانا ، وانحراف الأخلاق، كالسكر العلني، التعاطي للمخدرات ، التحرش بالغير... بل الأخطر واقعة محاولة اغتصاب طفلات قاصرات دون سن الثامنة كما وقع مؤخرا بحي الحرية ، هذا الحادث الذي صعد من سخط كل من عرف الخبر تجاه الحالة الأمنية بالمدينة ، وكذلك واقعة الاعتداء ليلا بالمدينة على قطار المسافرين وتكسير كل زجاج القاطرة الأمامية، الأمر الذي كاد أن يؤدي إلى كارثة حقيقية لو لا يقظة السائق .. وما خفي أعظم.... ! كل هذا السلوك كان غريبا عن المدينة ونواحيها . ففي الماضي القريب كان الهدوء والطمأنينة من مميزات المنطقة كلها ، أما في زمننا الحاضر فقد كثر الضجيج والتلوث ، وأصبح المواطنون يخشون على حياتهم وممتلكاتهم وأبنائهم بالنهار قبل الليل ، وأصبحت هناك نقط سوداء بالأحياء الهامشية والحديثة العهد و التي تعرف انفلاتا أمنيا يشكل خطرا على الجميع ،بالإضافة إلى الخرق المتنامي الذي يعرفه قانون السير.عدم احترام علامات المرور وأماكن الوقوف ، التسكع أمام المؤسسات التعليمية ، السرعة الجنونية التي تعرفها جل شوارع وأزقة المدينة وضجيج بعض أنواع الدراجات النارية الغريبة الشكل ،وعملية التهرب من رسوم الضرائب أو الإدلاء بالأوراق القانونية كالتأمين وأوراق الملكية.. . سبق وأن أشرنا عن طريق الجريدة لهدا الموضوع بمناسبة احتفال رجال الأمن بذكرى تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، وأكدنا على أن المدينة تنعدم فيها التجهيزات الأساسية والضرورية للأمن الوطني ، وأخبرنا أن البناية الوحيدة والفريدة التي تستغل كمفوضية للشرطة ليست سوى منزل قد يكاد يصلح للسكن فقط ، تم كراؤه في القرن الماضي دعت إليها الضرورة أنذاك، فكل الحجرات ضيقة ، تعرف اكتظاظا ونقصا في بعض التجهيزات ، ولا تتوفر على أبسط المرافق الأساسية ، كمكان وقوف سيارات المصلحة ، ولا يمكن إدخال سوى سيارة صغيرة واحدة بالبناية الحالية وغالبا ما تتكدس ثلاث مصالح في مكتب واحد وضيق ، خصوصا مكتب بطاقة التعريف الوطنية الذي عرف ضغطا كبيرا في الأشهر الماضية ، وكل المحجوزات ليس لها مكان خاص توضع فيه ، كالبنزين المهرب ، الخمور و.... لقد تغيرت معالم المدينة وتناثرت الأحياء وتشعبت .. كانت سابقا جماعة قروية ، واليوم أصبحت بلدية وبها باشوية ،تضاعف عدد سكانها ، وتتكون من أزيد من 26 حيا وتجزئة سكنية ، وإن أضفنا سكان أحواز المدينة فسيتجاوز عدد السكان 80 ألف نسمة ، والبقية آتية لا شك فيها ، وهناك أزيد من 13 مؤسسة تعليمية ، بالإضافة إلى موقعها الإستراتيجي ، كونها نقطة عبور محورية : الناظور/ تاوريرت /وجدة / بركان / جرادة ، 5 مدن من الجهات الأربع شرق ، غرب ، شمال ، جنوب هذا الوضع يستوجب إحداث مركز أمني رئيسي بالجهة الشرقية .لكن رغم كل هذا لم يتغير مقر المفوضية ولم يتم إنشاء ولو مقاطعة أمنية واحدة بالأحياء مما يشكل خللا حقيقيا وخطيرا على الأمن العام. وأشرنا كذلك إلى أنه سبق وأن تم اتخاذ قرار لبناء مفوضية للشرطة بمكان مثالي، بشارع الدارالبيضاء الرابط بين محطة القطار مرورا بمحطة الحافلات وسيارات الأجرة في اتجاه مدينة وجدة بمساحة فارغة ، مجاورة لعدة مصالح عمومية ، المحكمة ،الوقاية المدنية ، مكتب البريد ، مقر دائرة أحواز المدينة ، وقد ساهمت بلدية المدينة أنذاك بمبلغ مالي حوالي 100ألف درهم , وخصصت جماعة عين الحجر حوالي 300 ألف درهم من اجل بناء المفوضية ، بدأت عملية البناء منذ سنين لتتوقف بعدما صرفت تلك الأموال التي لا ندري هل قيمة ما صرف بعين المكان من إسمنت وحديد ويد عاملة يعادل المبلغ المصرح به آنذاك ؟ ولماذا لم تنتبه الوزارة المعنية إلى الأمر وقامت بتفقد المكان والحقائق وأجرت عملية حسابية للمبالغ التي تؤدى مقابل كراء المقر الحالي الذي أصبح غير صالح سواء لخدمة المواطنين أو لعمل إدارة الأمن ، بناية تجاوزها واقع التاريخ ، وتعود بنا إلى الوراء ! ونسأل لماذا لم تكن هناك متابعة لمن تعاقب على تسيير شؤون مجلس المدينة والجماعات القروية للموضوع لتحريك الملف الأمني لدى وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن الوطني ؟وأين هو ممثل المدينة بالبرلمان ؟ أليسوا هم من يمثلون السكان جميعا ، مواطنين عاديين كانوا أو موظفين بالقطاع العام بمن فيهم التابعون لوزارة الداخلية . ونعيد مرة أخرى نفس السؤال : لماذا تم تغيير عدة رؤساء المفوضية في أقل من 6 سنوات وارتفع عدد رجال الأمن بالمدينة ، دون تغيير المقر الذي لا يتسع ولا يسمح بتجاوز عدد محدد من الطاقم الأمني ؟ سبق وأن أخبرنا مصدر أمني أن عملية البناء ستتواصل، لكن مرت أزيد من سنتين على ذلك الخبر دون أن يتحقق شيء على أرض الواقع ، وحاليا ليس هناك مؤشر على أن عملية إتمام البناء ستتواصل في القريب . فالمكان المخصص للبناء مهجور وأصبح نموذجا آخر لتبذير المال العام ، ومرحاضا مفتوحا ، وأصبح يمثل تهديدا على الأمن عموما... ويستغرب بعض المهتمين بشؤون المدينة عن سبب إقصاء بناء مفوضية حقيقية للشرطة بالمواصفات اللازمة وتجهيزها بما يستوجبه العصر والحاجيات الأساسية ضمن عملية تأهيل المدينة ، العملية التي صرفت أموال طائلة لأجلها دون تحقيق أضعف النتائج .؟ إن أمن المواطنين والمدينة وخدمة المصلحة العامة من الأولويات ومن أمن الوطن ؟ إن انعدام المقاطعات الأمنية بأحياء المدينة جعل اختراق القانون سهلا ، سواء قانون السير أو الحريات العامة أو التهديد الجسدي وقطع الطريق صباح مساء ببعض الأزقة والشوارع الشبه مهجورة وبعض الأحياء، وحتى التحرش بالأطفال ، وهي عمليات تتكرر ، وأصبحت معروفة وتقلق وترعب الجميع ، وكلها أخطار قائمة ، فما كان لها أن تكون لو كانت هناك مقاطعات أمنية ولو ببعض الأحياء فقط تردع كل من يخرق القانون . ونؤكد أن شرطة القرب تستلزم تواجد مقاطعات أمنية بمختلف الأحياء خصوصا المكتظة بالسكان والهامشية ليتم احتواء الوضع لحظة وقوع الجرم كبيرا كان أم صغيرا. فغالبا ما يتم اعتقال عدد من الخارجين عن القانون في يوم واحد ليلا ونهارا وبعدة أحياء متباعدة ،هذه العملية تتطلب جهدا كبيرا وحركة سريعة ، لكن مع ذلك تبقى بناية الشرطة غير قادرة لاستيعابهم جميعا في آن واحد ، ووجودها بعيدة عن مختلف الأحياء يشجع المنحرفين على التمادي في خرق القانون ، ويوفر لهم الوقت الكافي للفرار. والكل يعرف أن بالمدينة بعض الأحياء الهامشية ملقبة بالنقط السوداء. إننا نثير هذا الموضوع من أجل لفت أنظار المسؤولين عن الأمن بالبلاد ليتخذوا قرارا حاسما لإتمام بناء المفوضية في المكان الذي تم اختياره من قبل لأنه موقع استراتيجي مثالي ورادع ، وليتم كذلك بناء بعض المقاطعات الأمنية بالنقط السوداء ، لأن الوضع لم يعد يحتمل التأخير ، وحتى لا تزداد المسألة الأمنية أكثر تعقيدا وتتراكم مشاكلها وتتشعب ، ومن أجل أن يعم الاستقرار وتعود الطمأنينة للنفوس .