يختتم جلالة الملك محمد السادس جولته الافريقية، التي قادته الى كل من ماي والكوت ديفوار وغينيا كوناكري، بزيارة الغابون المحطة الاخيرة والتي تجسد الارتباط القوي للمغرب بإفريقيا، وتشبث جلالته الدائم بالدفاع عن مصالح القارة السمراء. وفي هذا الصدد، أكد وزير الخارجية والتعاون الدولي والفرانكوفونية الغابوني، المكلف بالنيباد (الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا ) والاندماج الاقليمي، إيمانويل إيسوز نغونديت، أن العلاقات التي تجمع بين المغرب والغابون هي واقع ملموس لا يحتاج إلى دليل. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة هذه الزيارة ، أضاف الوزير الغابوني " إن علاقات الصداقة والأخوة التي تجمع بين المغرب والغابون، والإرادة الراسخة لقائدي البلدين، جلالة الملك محمد السادس والرئيس علي بونغو أونديمبا، تندرج في سياق الدينامية التي أرسى دعائمها الراحلان جلالة المغفور له الحسن الثاني وعمر بونغو"، مؤكدا أن جودة ومتانة هذه العلاقات ليست في حاجة إلى دليل. ومن شأن زيارة العمل والصداقة، التي يقوم بها جلالة الملك للغابون، أن تعطي زخما جديدا لهذه العلاقات التي تستند إلى تاريخ طويل من التعاون الثنائي ، مبرزا في الوقت ذاته أن حجم التبادل التجاري والاقتصادي يبقى مع ذلك دون مستوى العلاقات السياسية القائمة بين البلدين، مضيفا " ومع ذلك ، فإننا نشهد اليوم انطلاقة حقيقية لعلاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين" وهو ما يتجلى في اتفاقيات التعاون التي تغطي العديد من المجالات : الفلاحة والصناعة والنقل والبنيات التحتية والصيد البحري والتجارة والسياحة، التي ستوقع بمناسبة هذه الزيارة، مشيرا إلى أن التبادل المنتظم للزيارات بين قائدي البلدين، يؤسس لعلاقات بناءة بين الدولتين ، ما يؤكد العزم على النهوض بالتعاون المغربي الغابوني عبر إرساء شراكة استراتيجية مربحة للطرفين . ومن جهة أخرى تطرق إيمانويل إيسوز نغونديت، لغياب المغرب عن الاتحاد الإفريقي، واصفا وجود المملكة خارج هذه المؤسسة بأنه غير منطقي وهي التي كانت من ضمن الدول المؤسسة للاتحاد، وكذا بالنظر للعلاقات الممتازة التي تجمعها مع أعضائه، مبرزا أن "هذا الوضع لم توافق عليه الغابون أبدا ولم تزكه، بل نددت به وبكل قوة "، معتبرا أن التنمية المنسجمة لإفريقيا تمر كذلك عبر تقوية علاقاتنا "، موضحا أن المغرب " مدعو من طرف نظرائه الأفارقة لاستعادة مكانته في منظمة الاتحاد الافريقي، وهذا ما سيتم". وعند استعراضه للإصلاحات والتحولات التي شهدها المغرب خلال السنوات الأخيرة، والتي جعلت منه نموذجا واستثناء في منطقة تعج بالاضطرابات في ظل ما بات يعرف ب "الربيع العربي" الذي هبت رياحه على المنطقة، قال وزير الخارجية الغابوني، "إن جلالة الملك بفضل رؤيته السديدة، استجاب في الوقت المناسب لانتظارات شعبه وتطلعاته""، مشيدا بالتحولات التي تشهدها المملكة والتي تعكس إرادة جلالة الملك وحرصه على تحسين ظروف عيش شعبه. كما أشاد رئيس الدبلوماسية الغابونية بالقرار الإنساني الذي أعلن عنه جلالة الملك ، والمتعلق بتسوية وضعية المهاجرين الأفارقة المقيمين في المغرب بطريقة غير قانونية، معتبرا أن هذا القرار "استثنائي وشجاع كما أنه نابع من صميم التقاليد المغربية الأصيلة ويتماشى مع الدستور، القانون الأسمى للبلاد . الزيارة تأتي كذلك لتعطي زخما كبيرا لعلاقات التعاون بين البلدين المؤهلة بحكم كثافتها وتنوعها لأن تصبح نموذجا للتعاون جنوب- جنوب في ظل الأزمة التي تتخبط فيها معظم بلدان الشريك الأوربي للمملكة ، وبفعل تعثر المشروع المغاربي، إذ باتت الأسواق الإفريقية تشكل فرصة مهمة للاقتصاد والمقاولة المغربيين للانتعاش والانفتاح وفتح آفاق واعدة للنمو. ومن بين الأسواق الإفريقية التي أرسى معها المغرب علاقات اقتصادية آخذة في التطور، الغابون، هذا البلد الإفريقي الذي يتوفر على مؤهلات اقتصادية مهمة سواء من حيث التصدير أو الاستيراد، كما أن طموحه في الانخراط في مسلسل للإصلاح الاقتصادي وترسيخ الديمقراطية والحكامة، يجعله في حاجة للاستفادة من تجربة المغرب في هذا المجال . وهكذا وبحكم مؤهلاته الفلاحية، والصعوبات التي تواجه تنمية هذا القطاع ببلاده، أبدى الرئيس الغابوني، علي بونغو ، في كلمة ألقاها خلال افتتاح أشغال المناظرة الوطنية السادسة للفلاحة العام المنصرم رغبته في الاستفادة ، على وجه الخصوص ، من مخطط المغرب الأخضر، وإعطاء دفع جديد ودينامية قوية للتعاون الثنائي في المجال الفلاحي ، وتشجيع الفاعلين الاقتصاديين المغاربة على الاستثمار في القطاع الفلاحي بالغابون . وإلى جانب القطاع الفلاحي، تتعزز علاقات التبادل بين المغرب والغابون، الممتدة لنصف قرن من الزمن، من خلال إقامة شراكات اقتصادية، خاصة في قطاعي البنوك والمقاولات والاتصالات ، ويطمح البلدان إلى تطوير وتعزيز هذه العلاقات في ميادين وقطاعات أخرى. ومنذ سنة 1999 وقع البلدان على نحو 20 اتفاقية تعاون تغطي بالخصوص مجالات الصيد البحري والتعليم العالي والمجال الصحي، وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة وإنعاش وحماية الاستثمارات المتبادلة والمجال الفلاحي ومجال البنيات التحتية والإسكان والاتصالات والنقل البري والنقل الجوي والتكوين المهني والمعادن والطاقة والبيئة والسياحة.كما تهم مجال الكهرباء والدعم الإداري المتبادل في المسائل الجمركية، والتعاون في مجال تهيئة التراب والاعتراف المتبادل برخص السياقة وإلغاء التأشيرات بالنسبة لجوازات السفر العادية وإرساء التعاون في المجال الأمني وخاصة في ما يخص محاربة الهجرة السرية والجريمة المنظمة العابرة للحدود والتكوين في مجال الشرطة. وتجدر الاشارة الى أن الرئيس الغيني ألفا كوندي، أقام يوم الثلاثاء بقصر محمد الخامس في كوناكري، في ختام زيارة جلالته لهذا البلد ، مأدبة عشاء رسمية على شرف جلالة الملك ، ، الذي قام بزيارة رسمية لجمهورية غينيا منذ يوم الاثنين الماضي. وكان جلالته قد وشح بهذه المناسبة، الرئيس الغيني بقلادة الوسام المحمدي.كما وشح الرئيس ألفا كوندي جلالة الملك بوسام الحمالة الكبرى للاستحقاق الوطني لجمهورية غينيا. وحضر هذه المأدبة من الجانب المغربي، أعضاء الوفد المرافق لجلالة الملك ، بينما حضرها عن الجانب الغيني الوزير الأول ورئيس مجلس الشعب وأعضاء الحكومة ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدة في كوناكري وشخصيات أخرى مدنية وعسكرية.