وجه خبراء مجلس أوربا انتقادات شديدة اللهجة للمغرب لتقاعسه في التصدي لظاهرة الرشوة، وتفشيها في كافة مناحي الإدارات والقطاعات الحيوية في الدولة. وجاء في التقرير، الذي قدمه خبراء المجلس شهر فبراير الماضي، أن القانون المغربي يساهم في تفشي هذه الممارسة، لأنه لا يزال يتيح إمكانية حماية المفسدين، ولا يتضمن ما يكفي من التدابير الزجرية التي قد تردع المتورطين في عمليات الرشوة، حيث ساقوا مثال عدم وجود نص قانوني يحول دون قبول القضاة للهدايا خارج إطار العمل، داعين إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق الأهداف الستة للميثاق الوطني لإصلاح العدالة، الذي أشرفت الهيئة العليا لإصلاح منظومة العدالة على إعداده، وإحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمصادقة على النص القانوني المتعلق بإحداث الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، كما ينص على ذلك الفصل 36 من الدستور المغربي. ونبه التقرير، الذي تم إنجازه بعد عقد لقاءات مع أكثر من 70 ممثلا عن المؤسسات العمومية والخاصة، وبتعاون مع الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، إلى غياب التنسيق بين مختلف الأجهزة والمؤسسات المكلفة بالمراقبة والتفتيش، موجها الدعوة لرفع القيود التي تحول دون إحالة تقارير المجلس الأعلى للحسابات ومفتشية وزارة المالية على القضاء. وعبر خبراء مجلس أوربا عن تأسفهم لعدم توصلهم بمجموعة من الاستمارات التي أرسلوها للبرلمانيين المغاربة، وكذا عدم تمكنهم من عقد لقاءات معهم. وطالبوا في هذا الصدد بالحصول على المزيد من المعطيات بشأن طريقة تمويل الحملات الانتخابية وبشفافية أكبر على مستوى تدبير مالية الأحزاب السياسية، ونشر التقارير التي يتوفر عليها المجلس الأعلى للحسابات في هذا الخصوص. ومن أجل الوقاية من الرشوة في الصفقات العمومية، أوصى التقرير بالحرص على الحد من الاستثناءات إلى أقصى الحدود في تطبيق المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، وشدد على ضرورة تعليل تلك الاستثناءات بشكل موضوعي بالنسبة للمؤسسات العمومية المعنية. وفي ما يتعلق بجرائم الأموال، أوصى الخبراء بإحداث قضاء متخصص، عوض الاكتفاء بأقسام غرف جرائم الأموال المعمول بها حاليا، ودعوا إلى تعزيز سلطة قطاع العدل حتى تكون أحكامه عادلة وفعالة، بهدف تخليق القطاع بكل مكوناته، بما في ذلك القضاة الذين يتعين عليهم تقديم تصريح كامل ومحين بممتلكاتهم، إلى جانب وضع حد فاصل بين النيابة العامة ووزارة العدل.