صدر للناقد المغربي رشيد يحياوي، الأستاذ الباحث بجامعة ابن زهر بأكادير كتاب نقدي في التراث بعنوان «التبالغ والتبالغية، نحو نظرية تواصلية في التراث». وتعود أصول هذا الكتاب لأطروحة دكتوراه دولة كان الباحث قد ناقشها سنة 2000. وتتمحور مواضيع الكتاب حول العلوم القديمة المتصلة بالتواصل ومقتضياته، مثل النقد والبلاغة والنحو وأصول الفقه وعلم الكلام. والكتاب يقترح مصطلح «تبالغ» بديلا لمصطلح «تواصل»، ومصطلح «تبالغية» بديلا لعلم التواصل، لكون المصطلحين حسب ما فصل فيه الباحث في الكتاب، هما الأقرب إلى المفاهيم والمرجعيات التواصلية في التراث، انطلاقا من كون البلاغة لم تنحصر تراثيا في بلاغة التحسين، وأن مفهومها ضم بلاغة التحسين التأثيرية وبلاغة الخطاب الإقناعي الحجاجي أيضا. والكتاب من منشورات دار كنوز بالأردن 2014 في 450 صفحة من القطع المتوسط. ويتألف من أربعة فصول تناولت دواعي التبالغ في المفاهيم التراثية ومقتضيات التخاطب، وعلامات التبالغ ودعوى علم التبالغ أو التبالغية في المنظورات التراثية، فضلا عن المرجعيات التبالغية لمفهوم الكلام في النحو، وعلاقة الكلام والتكلم والمتكلم في علم الكلام، وأثر المقام ووظائفه في بناء الخطاب من جهة المقاصد والسياقات وأطراف التبالغ وظروفه. يقول المؤلف في كلمته على ظهر الغلاف: « يستعمل الإنسان وسائل مختلفة للتواصل. قد تكون تلك الوسائل من جنس الكلام وقد تكون من جنس غيره. ولما كان الإنسان بفعله التواصلي يسعى ليبلغ غيره أو يطلب منه بلاغا وبلوغا، فقد اصطلحنا على عملية التواصل هذه بالتبالغ، لأن التبالغ يدل على الاشتراك بين طرفين أو أطراف متبالغة. وبناء على ذلك أقمنا هذا الكتاب على سؤال مركزي نعمل على الإجابة عنه وهو: كيف يتحقق فعل التبالغ؟ ويترتب على هذا السؤال قضيتان نعمل على النظر فيهما: أ- إن الكلام لما كان فعلا تبالغيا، وكان التبالغ ضرورة وحاجة إنسانية، وجب أن ننظر كيف صار الكلام كذلك. وهذا يقضي بأن نبحث في حقيقة الكلام وفي ما يشترك فيه مع غيره، وأن نربطه بفاعله، فنحقق في الوجوه التي صار بها فاعلا له، وهل هو فاعل له من جهة أنه المتكلم به، أم من جهة أنه المخاطَب به. ب- إن مسائل الكلام لما كانت مشتركة بين علوم الكلام، وكان موضوعنا محددا في التبالغ الكلامي، زاوجنا بين أمرين، أي بين واقع موجود بالفعل، وبين آخر موجود بالدعوى. فالموجود بالفعل هو المشمول بعلوم «الكلام على الكلام» في التراث، والموجود بالدعوى هو ما اصطلحنا عليه ب «علم التبالغ» أو التبالغية. ويتأسس على نسق من المعارف والمفاهيم التبالغية التي تتضمن ما يمثل مهادا نظريا وعمليا لإقامة نظرية تبالغية (تواصلية) في التراث». وكان المؤلف قد أصدر عدة كتب نقدية، منها كتابه «شعرية النوع الأدبي»، و»قصيدة النثر العربية»، و»السارد شاعرا»، و»الشعرية العربية»، و»مقدمات في نظرية النواع الأبية».