يقول المعلم ارسطو ان أفضل الدول هي التي يكون الحكم فيها للطبقة الوسطى, فهي الأصلح في رأيه لحكم الدولة. فهي الطبقة التي لم يفسدها بطر المادة وفحش الغناء كالطبقة الغنية ولم تحطمها الفاقة وظروف الفقر مثل الطبقة الفقيرة. وكلما زادت هذه الطبقة كلما أدى ذلك إلى استقرار الدولة واستمراريتها. و نعتقد انه لا حاجة لنا بأن نذكر بان دور الطبقة الوسطي كان في مقدمة العوامل التي حددت مصير التحول الديمقراطي ومدي نجاحه في جل دول ‹› الانتقال الديمقراطي ‹›فقد تفاوت هذا النجاح(الانتقال الديمقراطي)بمقدار مشاركة الطبقة الوسطي، وازداد كلما كان دورها فاعلا. لذلك صار هذا الدور بمثابة قاعدة عامة. فأول ما يعني به دارسو التحول الديمقراطي هو حالة الطبقة الوسطي ومحاولة الإجابة عن أسئلة أساسية تتعلق بها، وفي مقدمتها السؤال عما إذا كانت هذه الطبقة قادرة على قيادة البلاد للخروج من الأزمة المعقدة المترتبة عن عقود من الدكتاتورية والقهر والظلم والفساد، أم أنها هي نفسها مأزومة وتحتاج إلي وقت لتجاوز أزمتها. مناسبة هذا الاستهلال حول فضائل الطبقة الوسطى هو الوقوف على السياسة الحكومية الحالية المتسمة بتفقير الطبقة الوسطى من خلال كل الاجراءات التي اتخذتها و التي تنوي اتخاذها ، ضاربة بعرض الحائط كل الوعود التي كانت تبشر بها ايام كان السيد رئيس الحكومة ينادي بمحاربة الاستبداد و الفساد ، اما الآن فنعتقد انه يحارب الطبقات الوسطى، لان هذه الحكومة لم تضبط يوما متلبسة بمحاربة الفساد . ان كل المؤشرات تقول ان الحكومة ستستمر في تفقير هذه الطبقة الوسطى و جعلها كبش الفداء لعمية ‹› الاصلاح و الاستقرار›› الذي اضحى آخر ورقة يلعبها بن كيران و اخوانه لأنه امام الفشل الذريع له في تنفيد وعوده الانتخابية في العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد, لم يتبق سوى ورقة الاستقرار الاجتماعي و السياسي للمملكة .و يبدو ان تمويل هذا الاستقرار سيتم من جيوب المواطنين لحل معضلة الموازنات المالية للحكومة عبر الرفع من الضرائب المباشرة و غير المباشرة و الزيادة في الاسعار و إلغاء الدعم التدريجي عن بعض المواد و البقية تأتي, حيث ان هذه الحكومة مقبلة على ضرب التماسك الاجتماعي، والتوازنات المجتمعية، بالإجهاز على أنظمة التقاعد والتعاضد، وإلغاء الدعم عن المواد الاستهلاكية الأساسية عبر التخلي عن صندوق المقاصة، وتكريس مبدأ حقيقة الأسعار، مما ترتب عنه ضرب القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنين. كل ذلك يتم في ظل وضع يتميز بتجميد الأجور والتعويضات والترقيات. لماذا لم يستطع السيد رئيس الحكومة ان يذكر اسم المهربين و الفاسدين في البرلمان ؟ اين هي الضريبة على الثروة ؟ لماذا لم يتخذ قرار التخفيض من أجور البرلمانيين والوزراء ولو بشكل رمزي تضامنا مع الملايين من المعطلين و الفقراء في ظل غياب تدابير اجتماعية فاعلة لتخفيف معاناتهم، كما فعلت العديد من الحكومات الديمقراطية التي تحترم شعوبها؟ من منا يتذكر كلام شيخ المحافظين المغاربة قبل ان يصبح وزيرا حول محاربة الفساد و اولوياته في محاربة البطالة و تطبييق القانون . يبدو ان السيد رئيس الحكومة لا زال يرفع شعار ‹› لا حاجة لنا بالطبقة الوسطى›› و لكن يبدو انه لا يدرك تبعات هذا الشعار ان على صعيد شعبية تنظيمه حتى لا نقول حزبه او على صعيد هذا الوطن ككل لا سيما ان الوطن يعرف مرحلة انفجار في الطلب الاجتماعي يمكن ان تضطلع فيه الطبقة الوسطى بصمام الامان .