انتقل إلى جوار ربه صباح الأحد 12 يناير2014 الحاج محمد دومو، المسير النموذجي والأب الروحي لفريق النادي الرياضي القنيطري، وذلك عن سن لم يتجاوز 76 سنة. وازداد المرحوم بالقنيطرة سنة 1938، في مفارقة غريبة جدا، حيث كانت هذه السنة هي سنة تأسيس فريقه المحبوب، الذي عشقه في سن مبكرة حتى لقب دائما بالمشجع رقم 1 للكاك، إذ أنه كان رحمه الله لا يغيب عن أي لقاء لفريقه، سواء بالقنيطرة أو خارجها. وشغل المرحوم الحاج محمد دومو مهمة كاتب عام، وكان هذا أول منصب له داخل تشكيلة المكتب المسير للكاك سنة 1960 وبقي به حتى 1969، ليغادر بعدها إلى فرنسا وبالضبط إلى باريس في مهمة ديبلوماسية بالسفارة المغربية هناك، علما بأنه من خريجي المدرسة الوطنية للتجارة بالرباط. وحتى وهو في منصبه الديبلوماسي، فإنه لم ينس فريقه الغالي، لأنه كان دائما يرسل بانتظام معدات رياضية من الطراز الرفيع للفريق. و من الطرائف التي شهدتها الفترة التي شغل فيها مهمة الكاتب العام، كان الفريق ذات يوم متجها صوب الخميسات لإجراء أحد اللقاءات برسم البطولة الوطنية سنة 1966 ، ووقف الفريق لتناول وجبة الغداء بأحد المطاعم، وبعدها تبين أن أمين المال لم تكن لديه السيولة الكافية للأداء، مما دفع المرحوم إلى رهن سيارته لدى صاحب المطعم، الأمر الذي حرر الفريق الذي رحل للخميسات وعاد بانتصار ثمين، ليعود في اليوم الموالي لأداء ما بذمة الكاك، وخلال موسم 74 نزل النادي القنيطري للقسم الوطني الثاني، بعد أن كان قد فاز في موسم 73 بالبطولة الوطنية، ولما تخلى الكل عن الفريق في هذه الظروف الصعبة، تطوع المرحوم ودخل مغامرة رئاسة الفريق وكانت هذه الكبوة فرصة لميلاد فريق شاب قوي متجانس، صب داخله المرحوم كل تجاربه المعرفية، وفعلا وبعد موسمين فقط عاد النادي القنيطري للقسم الأول وصعد سنة 1976، وهي السنة التي لعب فيها أيضا نهاية كأس العرش بطنجة ضد الفتح الرياضي وخسرها بصعوبة بهدف دون رد . التحدي الذي ركبه المرحوم جعل محبي الفريق يساندون خطواته، مما أعطى ميلاد فريق قوي ولاعبين متميزين استطاعوا الظفر بالبطولة لموسمين متتاليين 1980 - 1981و1981 - 1982وكان قاب قوسين من الفوز بها سنة 1983 لولا البرمجة المتعمدة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، التي برمجت لقاء الماص منافس الكاك ضد الجيش ثلاثة أيام بعد انتهاء آخر لقاء البطولة، مما أعطى الفرصة للمغرب الفاسي الفوز بالبطولة، بعد انتصاره على الجيش الملكي بالرباط - وما أدراك ما «ليفار» آنذاك- بحصة غريبة هدفين لصفر. وخلال هذه الفترة الزاهية للكاك، بفضل السياسة والتسيير العقلاني للمرحوم الحاج دومو، صار النادي يصنف ضمن خانة أحسن الأندية الوطنية، خاصة بعد مشاركاته في عدة لقاءات دولية، احتل المرتبة الثانية خلالها في دوري بكندا وفاز على سيلتيك كلاسكو بالبيضاء في دوري الأمن الوطني، رغم أن السلتيك كان ذلك الموسم بطل أوروبا، كما واجه بالرباط فريق بايرن ميونيخ بعمالقته الكبار، ورغم انهزامه شرف الكرة الوطنية. وبفضل حكامة المرحوم فالكاك ولحد الآن يحتل الصف الخامس في كل البطولات بعد الوداد الجيش الملكي الرجاء والماص، ورغم محطتين غادر فيهما الفريق سنة 84، حيث خلفه محمد المتوكل وسنة 91حين خلفه الدكتور الحسين بنموسى، فإنه عاد واستمر مع الكاك حتى موسم 1999، حيث أصبح من تاريخه رئيسا شرفيا للكاك. وخلال مسيرته الرياضية تحمل المرحوم عدة مناصب على المستوى الوطني، حيث شغل منصب كاتب عام للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من 76 حتى 79، كما شارك في تنظيم كل المناسبات الرياضية التي احتضنها المغرب كاس فلسطين، دورة 1983 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، الألعاب العربية 1985، وكأس إفريقيا 1988، وكان له الفضل أيضا في إرجاع الأندية المغربية للمنافسات الإفريقية سنة 1980، بعد قطيعة طويلة، وهي السنة التي وصل فيها الكاك لربع النهاية. وخلال فترة إشرافه زود النادي القنيطري المنتخب الوطني بعدة لاعبين صاروا أساسيين كالسي محمد ازويتة، الملقب بكالا، الحاج بوجمعة بنخريف، المرحوم بلخوجة، المرحوم الحارس قدور، الهداف الأسطوري صاحب الرقم القياسي محمد البوساتي، جمال جبران، عبد اللطيف حمامة، نور الدين العامري، عزيز بوعبيد، مصطفى انقيلة، الحاج البويحياوي، العبد خليفة، منير الجعواني ويوسف شيبو. رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه وألهم ذويه الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون.