مراكش التي أضاءت أرضها نجوم عالمية في كرة القدم، ورصعت صدر فضاءاتها بهذه اللآليء والألماسات الكروية، مازالت أثار بصماتهم مثبتة فيها.. وكثير من ذكرايات أسبوع من وجودهم بالمدينة الحمراء مازالت راسخة في ذهن أناس بسطاء كانوا يحلمون برؤية المشاهير فقط بملعب من ملاعب المغرب، أما أن يروهم إلى جانبهم فهذا يعد أكبر من حلم.. مراكش التي لبست حلة العشق ، حلة الإبداع، حلة التألق الكروي، مراكش التي تنافست في شوارعها جماهير من البرازيل والمانيا والمكسيك ومصر، والتي استطاعت ان تمزج ايقاعات الصامبا بالتقيتيقات المراكشية حيث تم تفاعل كبير بين هذه جماهير القادمة من مختلف البقع في المدينة الحمراء.. عدنا الى مكان الحادث، سألنا عن بصمة المونديالتو ونجومه، فتشنا في ذاكرة أناس قادتهم الصدفة أو العمل إلى ملاقاة نجوم عالميين كبار فحكوا لنا تلك التفاصيل الصغيرة، والتي فيها ماهو كلام أو ماهو إشارة أو مجرد ابتسامة محملة بالكثير من المغازي، غير أنها بقيت راسخة كلحظة من اللحظات الجميلة التي مرت في قطار حياتهم.. ابتسامة رونالدينو تزن ذهبا « أن ترى إلى جانبك نجما عالميا، فهذا حلم كبير لا يتحقق إلا في الأساطير، حتى وإن حصل فإنه يمر بسرعة ليبقى حلما راسخا في الذاكرة، أن تصافحه، أن تتكلم معه فهي أيضا أمنية تزن ذهبا» هكذا قال لي المصطفى وهو أحد الحراس الخاصين وهو يحكي انبهاره أمام مشهد اللاعبين وهم يمرون على مقربة منه أثناء دخولهم لإجراء المباريات بالملعب الكبير لمراكش خلال المونديالتو.. وأضاف: «كنت انا وزميل لي على مقربة من مدخل مؤدي للمستودعات حين فاجأنا رونالدينو بالتحية مصحوبة بابتسامة، ترددنا بل انبهرنا، هذا النجم ألفنا أن نراه فقط في الشاشة، كنت من عشاقه حين كان يلعب في البرصا، أتابعه في المقاهي، هو الآن أمامي على بعد ميليمترات، لم اصدق.. لكن الذي أثارني أنه بعد نهاية المباراة أمام الرجاء ورغم الهزيمة، حين عاد اللاعبون إلى المستودع نظر إلينا رولاندينوا بنفس الابتسامة وإن كانت ملامحه فيها بعض الحزن..» كان المصطفى يحكي هذا المشهد بكل انتشاء، أدركت أن هذه الذكرى ستبقى مسجلة بمداد من الفخر في سجل حياته.. غادرناه، صادفنا في أحد المقاهي مواطنا كان يحكي عن قصته مع رونالدينو سألناه، عن الحكاية فقال: «كنت عند قريب لي يعمل في الفندق الذي نزل فيه الفريق البرازيلي، لم أصدق أنني تواجهت مع رونالدينو وجها لوجه.. بالنسبة لي كان في الفندق شخصا أخر، لم يكن كما أراه على الشاشة، بادرت الى مصافحته وقلت له، مرحبا بك في مدينتنا.. لكن سرعان ما اختفى، كانت الحراسة مشددة على الفريق وكانوا حريصين على تفادي الاختلاط مع نزلاء الفندق.. لكن فيما بعد حكى لي قريبي أن رونالدينو كان بسيطا وعاديا، وتواصل مع المستخدمين والتقط معهم الصور، وأنه معجب بمراكش وقال لهم بأنه سيعود اليها يوما ولما لا قد يقضي فيها احتفالات رأس السنة..» سائق طاكسي يحكي تواضع فرانك ريبيري لكن الذي كان منسجما مع الناس أكثر هو اللاعب الفرنسي المسلم فرنك بلال ريبيري باعتبار أنه فرنسي وكانت له القدرة في أن يتواصل مع المغاربة نظرا للغة فالمغاربة حتى وان لم يدرسو يفهمو بعضا من الفرنسية خاصة في مدينة سياحية كمراكش.. يقول محمد وهو سائق طاكسي، حملت زبونا الى الفندق الذي يقيم به البايرن ميونيخ، صادفت الحافلة المقلة للفريق الالماني قد حلت به، نزل اللاعبون، أثارني المشهد من بعيد ورأيت اللاعب الفرنسي وهو يلج الباب حيا المستضيفين وتحدث معهم بشكل طبيعي وضحك وهو يقول شيئا ما وكأنه كان يعرفهم من قبل ، و كان يشاركهم مزاحه، أدركت عندها أن اللاعبين الكبار لا يكبرون إلا بتواضعهم..» وروى لنا احد العاملين بالفندق الذي نزل فيه الفريق الألماني انه كان من الصعب الاحتكاك بلاعبي البايرن نظرا للانضباط واحترام الوقت وعدم الاختلاط ، غير انه قال بأن ذكرى جميلة سيحتفظ بها ، لأن امرا ما في اللاعب فرانك ريبيري اعجبه وجعله يحترمه اكثر وهو ان صديق له في العمل قال له بأن هذا اللاعب سأله عن القبلة.. وقال ماكنت ادري انه مسلم ، شيء جميل يقول هذا العامل ان يكون نجم عالمي منتم الى دينك.. قصة الحارس مانويل نوير بجامع الفنا لم يُسمح للاعبي الفريق البفري بمغادرة فندق إقامتهم ، ماعدا حارس المرمى العملاق مانويل نوير . الذي نزل إلى ساحة جامع في ظهور خاطف له ، سرعان ما التقط من قبل زوار الساحة و خاصة مشجعي الرجاء البيضاوي و أنصار الكوكب المراكشي . كان ذلك يوم الخميس 19 دجنبر 2013 ، أي قبل يومين من إجراء مقابلة النهاية . يروي عبد العزيز أحد من صادف تواجدهم بالساحة مرور حارس الفريق البفري هذا الموقف قائلا : « كنا بالساحة ، و كان الإيقاع بها مختلفا عن الأيام العادية بفعل توافد مشجعي الفرق المشاركة في مونديال الأندية و خاصة من المكسيك و البرازيل و ألمانيا و الصين . و كان من حين لآخر تمر فرق التصوير التلفزيوني التابعة لقوات أجنبية . و فجأة ظهرت تلك القامة التي تملأ التلفزيون بتحركاتها قرب مرمى الفريق البفري . فأخذت أصوات بعض منشطي الساحة تردد : إنه هو حارس البيارن .. « و بسرعة تقاطرت العشرات على موقع تواجده ، و حاصروه ، و كنت واحدا منهم . كنت أحس أن مجرد الاقتراب منه، لحظة امتياز في ذلك اليوم . و كنت كباقي المغاربة الذين يتواجدون هناك ، موزعين بين إحساسنا الذي يناصر الرجاء و يرغب أن يرى الفريق الألماني منهزما أمامه ، بين تقديرنا لهذا النجم . لم يكن الحارس مانويل نوير ، ينطق بكلمات واضحة ماعدا ابتسامات يوزعها على الوجوه المحيطة به ، دون أن يركز على أحدها . لكنه كان يبدو في غاية السعادة . و بعد أن تضخمت الحلقة المحيطة به ، أضحى من الصعب عليه التحرك ، و أصبح يلتفت يمنة و يسرى ، منتبها إلى مصدر الهتافات التي كانت ترفعها حناجر بعض المشجعين ، واعدة بانتصار الرجاء في المباراة النهائية . حينها جاء الحسم على يد أفراد الفرقة السياحية الذين حرروا الحارس الكبير من الطوق البشري الذي ضرب حوله بساحة جامع الفنا ، لينطلق بسرعة في اتجاه فندق الفصول الأربعة الذي يقيم فيه رفقة فريقه « القيصر بيكنباور بسوق السمارين : سعر البايرن جد بخس بمراكش قصة أخرى يرويها حسن الذي يسير أقدم مكتبة في قلب المدينة العتيقة بالقرب من مركز الساحة الأسطورية . فقد كان القيصر بيكنباور ، يتجول رفقة مدرب الفريق الألماني بايرن ميونخ و أعضاء آخرين من الطاقم المسير له . كانوا جميعهم منبهرين بالساحة و بطابعها الملغز و تلقائية الناس بها ، و اساسا بالطقس الجميل الذي كان يبسط أشعة شمس ناعمة على فضاء جامع الفنا . و هناك لفت انتباه القيصر و مدرب الفريق تواجد أقمصة النادي البفري ، و شعاراتها ، التي تملأ واجهات بعض المحلات . فاقتربوا من إحداها و سألوا عن ثمنها ، فكانت المفاجأة الكبرى عندما أخبرهم البائع أن ثمنها لا يتجاوز ثمانين درهما . حينها التفت القيصر نحو مرافقه المدرب ، و تبادلا ابتسامة تعبر عن استغرابهما ، و قال له سعر البايرن هنا جد بخس .. و نظر إلى البائع قائلا « في أروبا أقمصة البايرن و شعاره لا تقل عن خمسين أورو .. يروي أحد الباعة الذي توقف رمز الكرة الألمانية فرانز بيكنباور عند المحل الذي يشتغل فيه بسوق السمارين ، ما رآه و سمعه لحظة تواجد أسطورة الكرة الألمانية . فرغم تشدد عناصر الأمن المرافقين له ، الذين كانوا يصدون المعجبين و الفضوليين عن الاقتراب منه ، إلا أنه كان دائم الابتسامة و يرد بلياقة فائقة على تحاياهم . حينها سأله أحدهم : هل تذكر مونديال 1970 ؟ فرد مبتسما : نعم ، أذكر جيدا إصابة المنتخب المغربي في شباك الفريق الألماني « الآلة الألمانية ماكينة حتى في الفندق بفندق فور سيزن ، مكان إقامة الفريق الألماني بايرن ميونخ بمراكش ، لاحديث لدى العاملين هناك إلا عن صرامة مسيريه ، و انضباط لاعبيه . فكل شيء مبرمج بدقة ، و بالتزام فائق مع الزمن . حتى أن الاقتراب من اللاعبين ، و التحدث إليهم يبدو مستحيلا. هناك كان العاملون يرون نجوم الفريق يمرون أمامهم ، في لحظات خاطفة اشبه بمرورهم في شاشة التلفزيون . و المثير في أمرهم ، أن اللاعبين الكبار جدا الذين يملأون فريق البايرن ميونخ و يحشدون خيال الشباب في مختلف أنحاء العالم و يُنشطون أحلامهم ، يمتثلون لأوامر لأشخاص من طاقم البايرن مهمتهم ضبط توقيت نومهم ودخولهم إلى غرفهم ، في توقيت واحد بدون إضافة أو نقصان ، و بانضباط عسكري . الماكينة الألمانية تتحرك بدقة ، ليس فقط على رقعة الملعب و لكن أيضا داخل الفندق .