أعتقد بأن القضية التي طرحها إمام في الحرم المكي سعود الشريم، بأن القيامة ستبدأ من السعودية بعد أن تتحول إلى مروج خضراء، قضية مهمة للغاية. وما قاله، على إثر سقوط الثلوج في السعودية «بأن من رأى تساقط الثلوج على مدينة تبوك فسيذكر قول النبي لمعاذ في غزوة تبوك: يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا». وهي في نظره إيذان بنهاية العالم ووصول الساعة. لم يكن في ذهن الرسول الكريم أن معاذ بن جبل (رضي الله عنه ) سيبقي حيا إلى حدود سقوط الثلوج في السعودية. فلم يكن الرسول الكريم ليخطر في باله أن معاذ - قال عنه ابن مسعود أنه كان أمة قانتا لله حنيفا - الذي مات وعمره 33 سنة، في عهد الخلفاء الراشدين- سيبقي حيا 10 قرون أخرى..!! الشيخ الإمام له تفسيره للربيع العربي الذي قد يأتي إلى السعودية العربية وهو يعني به: إذا وصل الربيع فهي نهاية العالم. وهي قضية فلسفية في الواقع مهمة. ولا تتجاوزها من حيث الراهنية سوى قضية الشيخ السلفي، الذي اعتبر الحديث الطيب أو الترحم على مانديلا كفرا بواحا. ومع ذلك، فإن القضية إن كانت تستحق التفكير، فإنها لن تصل إلى الأهمية التي وصلتها، في تقديري كلمات الوزيرة الاجتماعية السيدة بسيمة الحقاوي. لقد قالت بسيمة، والقول ما قالته حدام: «إن الرجل يحمل في جسده وفي طيات كيانه سلاحا يهدد المرأة».. طرحت بسيمة الحقاوي معضلة كبيرة للنقاش العمومي. ومطلوب منا، جميعا، أن نناقشها بالجدية التي يقتضيها الأمر. وهي قضية، كان من الممكن أن تتولاها الشرطة القضائية، لكن آثرت السيدة الوزيرة أن تعتبرها شأنا فلسفيا. والقضية هي أنها تعتبر أن «الرجل يملك سلاحا يتهدد به المرأة ويستعمله ضدها». وعلى خلاف ما تعتقدون، فإن السيدة الوزيرة لا تتحدث عن الاعتداءات في الطرق.. بل يتعلق الأمر بالتحرش أو بانتهاك الحرمات، باستعمال سلاح طبيعي! والأمر ليس بدهيا، كما نعتقد، لأنها اعتبرت هذا السلاح جزءا من جسد الرجل. ومن المؤسف - لحد كتابة هذه السطور- أن الفصائل المسلحة داخل المجتمع لم تعلن بعد مسؤوليتها عن العملية!! ولم تنل الاشكالية التي طرحتها وزيرة التضامن، ما تستحقه من التجمعات ومن بيانات التنديد ومن العرائض. فالرجال أصبحوا بهكطا تعريف مصانع أسلحة متجولة، لا يمكن أن نعرف بالضبط أي سلاح يحملون في طياتهم: مسدس من نوع 9 مم، أو كلاشنيكوف إم 48، هل هو سلاح أبيض أو سلاح ناري، ناري ناري .. قلبي إيه جرالو.. وهو سلاح، على كل حال، مزاجي الطبع، وعلينا أن نفكر جيدا قبل «التعوال عليه»، وها هي الأسباب التي لا تعرفها السيدة الوزيرة : فهو سلاح يشبه الزائدة الدودية عندما لا يكون صالحا، ويغيب عندما نكون في حاجة إليه، وقلما يقتسم مع صاحبه الأفكار التي تدور في رأسه! فهو، أيضا، مصدر إزعاج للمجرم الذي يحمله في نازلة السيدة الوزيرة. المقلق في القضية، أيضا، أن الأسلحة التي تخطر ببال الوزيرة، تكون في الغالب من اختصاص أطباء الولادة، أو الأمراض التناسلية، وليس من اختصاص مصانع لوكهايد أو .. شركات التسلح. وعلى ذكر التسلح: كيف يكون التسابق على التسلح إذا ما اعتبرنا الجسد شجرة تنبت فيها الأسلحة؟ وكان عليها أن تتساءل: لماذا لا تملك النساء .. سلاحا؟ والجواب بسيط للغاية: لأنهن يعرفن التفكير .. بأدمغتهن!! الرجل يملك ذلك السلاح، ويملك، أيضا، العقل. ولكنه لا يملك، للأسف، القدرة على تشغيلهما في الوقت نفسه.. ولا نحمل السيدة الوزير وزر ما تذهب اليه عقولكم(تلك التي تفكرون بها احيانا) فالسلاح قد يكون اللسان. ولذلك تقول العرب: الحرب أولها كلام!! يجب إحضار الحلاق والحجام بالنسبة لمن لهم أسلحة عتيقة.. والطبيب العصري لمن استطاعوا التسلح في العصر الحديث.. الرجل بهكذا تفكير هو«آلة سلاح تحمل بطاقة بنكية أو جيبين! وأذا ما اصررتم على أن يكون السلاح الذي تفكر فيه الوزيرة هو السلاح الذي تفكرون فيه(أو به ) فسيكون هذا أخف سلاح في تاريخ البشرية، لأنه محض فكرة، مجرد تفكير .. يرفعه إلى الأعلى..! ويحعله على أتم الاستعداد للقذف... قذف الأعداء طبعا! وسيكون السلاح الأول في التاريخ الذي .. يثقل صاحبه ويشعره بأنه جثة هامدة إذا لم يستعمله. شعور بأنه فاشل إذا ما حاول ارتكاب جريمة به ولم ينجح. وأحيانا ستكون الضحية هي أول من تعيره بأن سلاحه لم يعد يصلح لشيء. وقد تتعجب منه إذا لم يستعمله! الضحية التي تكون عبرت عن الرضى، سنتهمها .. بخيانة القضية، لأنها تقبلت سلاح العدو.! ولكن لماذا تصر الحقاوي على أن يكون لنا أسلحة في أجسادنا؟ لا أعرف الجواب ،، لكن، إذا حدث ورأيتم رجلا مسنا يفكر وينصت إلى أغنية «والله زمان يا سلاحي..»، فكروا في شيء آخر غير الحنين إلى زمن القومية الناصرية وحرب أكتوبر! وفكروا في غير الفصائل المسلحة في بقاع لبنان.. وزمن الخليج الهادر.. فكروا في ما تعرفه الوزيرة. وزيرةالتضامن والاسلحة.