مع إحتدام الأوضاع في الشارع العربي خلال العقود الأخيرة، وبداية البث الفضائي لعدد كبير من المحطات الإخبارية والعامة المتميزة، إحتل نجوم الإعلام مكانا بارزا في المشهد، وشغلوا حيزا كبيرا من إهتمام المشاهد. وباتت محطات الأخبار الأكثر متابعة بفعل الحروب والقلاقل، وبات مذيعو الأخبار، أو مقدمو البرامج الحوارية، سياسية كانت أم إجتماعية، نجوما لا تقل أهميتهم، وشهرتهم، وأجورهم أحيانا، عن نجوم الفن والغناء. كيف دخل هؤلاء مجال الإعلام، ووصلوا إلى الشهرة؟ وماهي اللحظة المهنية الفارقة التي غيّرت حياتهم ووضعتهم أمام الدرجة الأولى من سلم النجومية؟ أسئلة نطرحها ويجيب عليها هذا التحقيق، الذي تنشره إيلاف على جزئين، عدد من نجوم الإعلام، يسردون من خلاله قصص نجاحهم، وتجاربهم الشخصية. مي إلياس: رغم أنها درست الأدب الإنجليزي إلا أن طموحها كان بإستمرار العمل في مجال الإعلام، وعملت فيه لفترة ببلدها الجزائر لكنها سرعان ما غادرته بحثا عن فرصة أكبر، وإستقر بها المقام في تلفزيون أبو ظبي كصحافية، ثم تدرجت حتى أصبحت قارئة نشرة أخبار، ثم جاءتها بعد ذلك فرصة التقديم التلفزيوني. 5 ساعات تغطية مباشرة يوم سقوط بغداد وتتذكر فضيلة نقطة التحول الفارقة في مسيرتها المهنية قائلة: «كانت قناة أبوظبي من بين القنوات الأولى التي غطت الحرب على العراق في عام 2003، وإستعدت للتغطية قبلها بعدة أشهر، وكانت متميزة جدا في نقل مجريات الأحداث، ونقلت عنها أكثر من 120 محطة حول العالم ما كان يجري في بغداد على مدار 20 يوما». وتذكر أنها في حينها كانت تغطي فترة البث الصباحي، وصودف وصول القوات الأمريكية على مشارف بغداد، وبقيت على الهواء لفترة خمس ساعات كاملة في تلك اللحظة الفارقة من تاريخ المنطقة وتاريخها المهني. تقول فضيلة: «كنت ملمة بالشأن العراقي بشكل كبير لأنني إستعديت جيدا طيلة الأشهر التي سبقت الحرب، وكنت أستمع إلى المحللين العسكريين، والخبراء، وأدرس خارطة العراق والمناطق الساخنة، ومسارح الأحداث، وأختزن المعلومات، وبالتالي شكل أدائي في ذلك اليوم لحظة فارقة في مسيرتي المهنية، حيث شعر القائمون على المحطة بأن فضيلة أكثر من مجرد قارئة نشرة عادية، وأنها تستحق فرصة أكبر، وأنها أهل لأن تقدم النشرات في أوقات الذروة «برايم تايم»، ومن يومها أعطيت مساحة أكبر وإنتهزت الفرصة الممنوحة لي لإثبات ذاتي أكثر فأكثر». فهي كانت تدرك جيدا بأن الفرصة تأتي مرة واحدة إما أن تستغلها وإما أن تضيع من يدها إلى الأبد، فهناك آلاف غيرها صادف وجودهم على الهواء خلال أحداث جلل لكنهم عجزوا عن إثبات ذاتهم، لأنهم لم يكونوا مستعدين جيدا. مثير للجدل استمرت بعدها كقارئة نشرة رئيسية، بالإضافة لعملها كمذيعة رئيسية في برنامج المدار الإخباري التحليلي، ثم في ما بعد وبتكليف من الإدارة إستكملت برنامج بانوراما لمدة سنتين، واستمر في نجاحه معها، حيث قدمت 100 حلقة تناولت فيها قضايا سياسية آنية. ومن بعدها أتت نقطة التحول الكبرى عندما شاركت في مؤتمر أبو ظبي للإعلام وقدمت جلسة عن تأثير الدراما في العالم العربي سياسيا وثقافيا وإجتماعيا، ولاقت نجاحا كبيرا، ويومها رأت إدارة قناة أبوظبي أن فضيلة قادرة على إدارة حوار متعدد الإتجاهات، فخرجت من عباءة السياسة لأفق أكثر رحابة، وولد برنامجها الأشهر «مثير للجدل» من حيث لا تدري ودون أن تسعى إليه، وفي وقت لم تكن تتوقعه بتاتا. استمرت فيه على مدار أربع سنوات قدمت خلالها 160 حلقة تناولت فيها قضايا سياسية، وإجتماعية، وقضايا رأي عام وكانت مصرة أن لا تسقط في فخ الإثارة الرخيصة، ونجح البرنامج وحقق لها حضورا لافتا على المشهد الإعلامي وتوقف بقرار منها عندما جاءتها فرصة رأت أنها لا تعوض.. إلى سكاي نيوز عربية بحثا عن أفق جديد وإيمانا منها بأن التغيير ضروري من حين لآخر قررت الإنتقال إلى المحطة الوليدة، والمساهمة في تأسيسها مع فريق عمل محترف وبأسلوب جديد ومختلف في التغطية الإخبارية تسعى للتوازن بعيدة عن الأدلجة المسيطرة على الإعلام العربي، ورغم أن إيقاف برنامج في ذروة نجاحه على محطة كأبو ظبي والإنتقال إلى المجهول قد يشكل للبعض مخاطرة، لكنها تعتبر أنها كانت مخاطرة محسوبة، تثق في نتائجها. وفيما إذا كانت قراءة النشرة تكفيها بعد أن كانت محاورة في برنامج له شعبية واسعة تقول، بأن مذيع المحطات الإخبارية في العالم يتمتع بنفوذ ومصداقية عاليين ويرتبط به المشاهد بشكل كبير، لكن هذا لا يعني بأن فكرة تقديمها لبرنامج حواري مستبعدة ولكنها يجب أن تكون محسوبة بدقة، علما بأنها تقدم ساعة حوارية أسبوعياً في حوار الليلة، وفكرة المحطة تقوم على تقديم 24 ساعة إخبارية، مقسمة على فترات مع مذيعين لكل فترة بعيدا عن البرامج الحوارية النمطية، وهو نموذج سعت قنوات أخرى إلى تقليده. وبعد مرور سنة ونصف تقريبا تقول فضيلة بأنها كسبت الرهان، وتعتبر أن «سكاي نيوز» قدمت منتجا جديدا يستحق المشاهدة، وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة تعتبر أن «سكاي نيوز» كسبت أرضية كبيرة في مصر، وحازت على ثقة المشاهد المصري وهو أمر ليس سهلا.