عيدة بويقبة فارقت الحياة بعد معاناة مريرة مع مرض طويل حملته معها منذ ليالي الاعتقال القاسية، إبان أحداث سنوات الجمر، وهي زوجة المقاوم والمناضل محمد أومدا، وشقيقة أحمد بويقبة أحد قادة كومندو أحداث 1973 بمولاي بوعزة، ومحمد بويقبة وكانت الراحلة عيدة بويقبة من النساء الأمازيغيات الزيانيات اللائي لم ينل الجلادون من شموخهن، حتى بالرغم من ويلات الأقبيات السرية وغياهب المعتقلات الرهيبة التي «استضافتها» على مدى ثلاث سنوات وخمسة أشهر تحت أبشع ضروب التنكيل وأصناف التعذيب الجسدي والنفسي، قبل ارتقاء معشر الجلادين بوحشيتهم الى درجة حملها على متن طائرة عسكرية من نوع هيلوكبتر، ومن تم تعليقها من رجليها في وضعية متدلية من الفضاء بغاية ترهيبها عن طريق تهديدها بإلقائها على الارض أو في البحر إن لم تدلهم على مكان زوجها محمد أومدا الذي لم تكن تعلم أي شيء عن مكانه، وبعد الإفراج عنها بقانون الاستمرار في مراقبتها وجدت نفسها في دوامة من التيه والبؤس جراء إقدام زبانية الاجهزة القمعية على نهب وإتلاف كل ما كانت تملكه من متاع وأثاث، بالتالي ان جميع أقاربها ومعارفها وجيرانها تنكروا لها من شدة الخوف، تجنبا لأي عقاب جهنمي قد ينزل عليهم من جانب قادة جمر السنوات الحالكة، خصوصا في عودة زوار الفجر لاختطاف ابنتها بالتبني فاطمة أعساري، واعتقالها في ظروف سيئة، دونما أن يشفع له عمرها الذي لم يتجاوز آنذاك 12 سنة في شيء من طرف الجلادين الذين زجوا بجسدها الناعم في طاحونة الرعب لمدة تسعة أشهر، وعملوا على ترهيبها هي أيضا بشبح الطائرة المعلومة في محاولة منهم ابتزاز منها ما قد يرشدهم لمكان محمد أومدا، ولما لم يحققوا مبتغاهم الجنوني عمدوا الى نقلها صوب غابة «عاري أحيدوس» وصلبها على غصن شجرة لم يتحملها فانكسر وسقطت على الارض بقوة، وأصيبت إثر ذلك برضوض وكسور لم تندمل آثارها بسهولة، الى ذلك لم تصل أيادي الجلادين لمحمد أومدا الذي استطاع، ومجموعة من رفاقه، عام 1975، مغادرة تراب الوطن باتجاه الاراضي الجزائرية، وهناك ظل لاجئا الى أن وافته المنية عام 1986 بعد صراع طويل مع مرض ألم به ودفن هناك غريبا عن وطنه الذي كان غارقا يومها، في جحيم من انتهاكات حقوق الانسان، وكان محمد أومدا، زوج الراحلة عيدة بويقبة، مبحوثا عنه في هذا الوطن بالشكل الذي كان عليه مثل الامر من طرف المستعمر الفرنسي وهو يقاوم هذا المستعمر حينها من خلال قيامه بتنفيذ عدة عمليات فدائية لم يكن منتظرا أن يتبناها بعض المحسوبين على أسرة المقاومة من الذين استغلوا غياب محمد أومدا عن أرض الوطن. ويذكر أن الراحلة عيدة بويقبة التي ظلت وفية لشخص وروح زوجها، قد كانت من بين ضحايا ماضي الانتهاكات الجسيمة الذين تم إشراكهم في جلسات الاستماع التي نظمها المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، منتصف ماي 2004، هذه الهيئة التي اختارت بالموازاة مع ذلك عقد أشغال الدورة السادسة لمجلسها الوطني بخنيفرة تحت اسم «دورة محمد أومدا» بالنظر لما تميزت به هذه الشخصية المنحدرة من قبيلة آيت خويا التي مورست في حقها سياسة الارض المحروقة إبان سنوات الرصاص، ولِما عاشته خنيفرةالمدينة من ويلات تمثلت في جحيم الاختطافات والاعتقالات والإعدامات، ومن مختلف أشكال القمع والتسلط.