فيضانات إسبانيا.. سفيرة المغرب في مدريد: تضامن المغرب يعكس روح التعاون التي تميز العلاقات بين البلدين    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    أسطول "لارام" يتعزز بطائرة جديدة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    الزمامرة والسوالم يكتفيان بالتعادل    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    الهذيان العصابي لتبون وعقدة الملكية والمغرب لدى حاكم الجزائر    إعطاء انطلاقة خدمات 5 مراكز صحية بجهة الداخلة وادي الذهب    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    الدرهم "شبه مستقر" مقابل الأورو    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب العربي..الخيبة الديمقراطية .. حكومات تترمم ، تترنح ، وحان قطافها

لم تعرف حكومات بلدان المغرب العربي صخبا وجدلا وارتباكا مثلما تعرفه اليوم .. فهي تعيش على إيقاع تحولات تعكس في الحقيقة صراعات سياسية وفكرية ترتبط بالحاضر وبالمستقبل ، وبموازين وتوازنات الاطراف الفاعلة التي شكلها الماضي الممتد
خمسة عقود من الآن.
حكومات هذا الفضاء المتكون من خمس دول عرفت في صيف هذه السنة هزات امتد أثرها لعدة أشهر في بعضها وعولج في إثنتين بعمليات ترميم استباقا لتطورات حتمية في المدى القريب ، و أينع رأس الرابعة ويستعد للرحيل فيما تغرق الحكومة الخامسة وسط ضعف في التركبة وفي بسط سلطتها وترسيخ وجودها :
في المغرب وجد رئيس الحكومة عبد الالاه بنكيران نفسه أمام استقالة وزراء حزب الاستقلال من تشكيلته التي كونها عقب انتخابات نونبر 2011 . ولم تكن مفاوضاته مع حزب التجمع الوطني للأحرار سهلة
كي يحافظ على أغلبيته .
وفي الجزائر رمم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حكومة عبد المالك سلال استعدادا للانتخابات الرئاسية التي ستجري في أبريل المقبل .
وبعدها شهدت موريتانيا عملية مماثلة ترتيبا للانتخابات البرلمانية والمحلية التي ستجري
في نونبر القادم .
أما تونس فحكومة علي العريض تعد ساعاتها الاخيرة في موقع المسؤولية بسبب ضغط المعارضة التي أمهلتها مدة للتنحي لإفساح المجال لحكومة انتقالية تدبر ملفات الانتخابات .
وفي ليبيا فلا تتعدى سيطرة حكومة علي زيدان إلا على العاصمة طرابلس ومادون ذلك فمتروك للميليشيات تطبق فيه أحكامها وتفرض قوانينها.
هذه هي الصورة بشكل عام . لم تعشها دول المغرب العربي هكذا دفعة واحدة في مرحلة واحدة منذ أن حصلت على استقلالها . نعم كانت هناك أزمات حكومية ومآزق أنظمة بالمنطقة من حين لحين . تنعم عواصم بمايشبه الاستقرار الحكومي فيما عواصم تعيش على إيقاع التعديل والتغيير المتواترللحهاز التنفيذي ويبدو أن «الحراك» الحكومي حقق وحدته ببلدان المغرب العربي بعد أن عجزت أنظمته في تحقيق وحدة المنطقة .
تشكلت حكومات المغرب العربي الحالية( ماعدا موريتانيا ) بعد أحداث ماأصبح يصطلح عليه ب»الربيع العربي» . لكن كل تشكيلة لها ظروفها وسياقاتها تختلف عن البقية . هناك حكومات جاءت بعد الاطاحة بأنظمة ، وحكومات أنشئت امتدادا لمسارات سياسية سابقة ، وهناك حكومة انبثقت من إصلاحات دستورية وسياسية شهدها بلد هو المغرب.
تونس : النهضة... النكسة
كانت تونس أول محطات الربيع العربي . ففي 14 يناير 2011 تمت الاطاحة بالرئيس زين العابدين بنعلي الذي جاء إلى الرئاسة بعد إنقلاب»طبي» في 7 نونبر 1987 . ولم تجد البلاد من تدبير لشؤونها سوى الالتجاء إلى دستورها لترتيب المرحلة الانتقالية باختيار رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع رئيسا مؤقتا والباجي القايد السبسي وزيرا أول . واستمر هذا الوضع إلى حين إجراء انتخابات عامة لتشكيل مجلس تأسيسي في 23 اكتوبر 2011 . وفي 23 دجنبر من نفس السنة شكل حمادي الجبالي وهو أمين عام حركة النهضة التي كانت حزبا محظورا في عهد بنعلي ، شكل حكومته بتحالف مع قوتين سياسيتين هما «التكتل من أجل العمل والحريات « الذي يقوده مصطفى بنجعفر والذي اسندت اليه رئاسة المجلس التأسيسي و»المؤتمر من أجل الجمهورية بزعامة اللاجئ السياسي منصف المرزوقي الذي أصبح رئيسا للدولة.
جاءت حكومة الجبالي مكونة من 41 وزيرا يهيمن على حقائبها حركة النهضة التي يتزعمها راشد الغنوشي منذ إنشائها سنة 1981 . ومثلما استفردت بمفاصل الحكومة سعت إلى بسط نفوذها على الاعلام والحياة العامة وأغمضت أعينها على التطرف السلفي ووسعت الهوة بينها وبين قوى المعارضة والمجتمع المدني ودخلت في اصطدامات مع المركزية النقابية الاتحاد العام التونسي للشغل . وكان الحدث الذي أفاض كأس الصراع هو إغتيال المناضل التقدمي شكري بلعيد في 6 فبراير 2013 حيث أصبح رأس الجبالي وحكومته مطلوبا وبالفعل حمل قراره معه في 19 من نفس الشهر إلى قصر قرطاج ليبلغ المرزوقي إستقالته من منصب قضى فيه حوالي سنة ونصف .
تمخضت النقاشات والمفاوضات السياسية على تكليف وجه من وجوه النهضة كان يتقلد منصب وزير الداخلية في حكومة الجبالي . ففي 13 مارس الماضي شكل علي العريض حكومته والتي تكونت من الاطراف السياسية نفسها دون الاستجابة لمطالب المعارضة والمجتمع المدني والمركزية النقابية . مما أدى إلى أتساع مظاهر «أسلفة» بؤر المواجهات مع قوات الامن والجيش ليس فقط في الجبال وجبهات الجنوب بل حتى في المدن الكبرى ومنها العاصمة تونس. واستهداف بعض رموز المعارضة مثل اغتيال محمد البراهمي في 25 يوليوز الماضي .
فكما فشلت حكومة الجبالي سياسيا واقتصاديا وجدت حكومة العريض نفسها في دوامة أزمة تتعمق يوما بعد يوم . وهما معا تعبير على مقاربة حركة أصولية لتدبير الشأن العام تسعى للهيمنة وللتمكين وبسط النفوذ على مفاصل الدولة . ولتجاوز هذا الوضع الذي ينذر بالزج بالبلاد في المجهول اقترح الاتحاد العام التونسي للشغل، الثلاثاء الماضي ، جدولاً زمنيًا لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، ويتضمن تنحي الحكومة خلال الأسابيع الثلاثة، وإفساح المجال لحكومة انتقالية للإشراف على الانتخابات . وجاء ت مبادرة المركزية النقابية كحل وسط بين قوى المعارضة التي تطالب بحل الحكومة والمجلس التأسيسي وبين حركة النهضة اساسا التي ترفض الحوار وإيجاد مخرج للأزمة .
وقال الاتحاد العام التونسي للشغل إن «الاقتراح الجديد يدعو الحكومة للاستقالة خلال ثلاثة أسابيع، بعد بدء مفاوضات جديدة، وسيتم تحديد موعد الانتخابات خلال المحادثات التي ستجرى على مدى الأسابيع الثلاثة». وقد تحفظت حركة النهضة على الاقتراح وهو مااعتبره المراقبون مناورة لربح الوقت .
الجزائر: هاجس مابعد بوتفليقة
في الجزائر، خيوط الحكومة بيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة . يقيلها أو يعدلها . يمدد عمرها أو يقلص ولايتها . حسب ماتقتضيه المرحلة الراهنة أو...القادمة . وما يرضي مصالح المؤسسة العسكرية الممسكة بزمام الرئاسة والقطاعات الاستراتيجية بالبلاد.
قبل عشرة أيام أقدم الرئيس بوتفليقة الذي أنهكه المرض وجعله حبيس قصر المرادية بالعاصمة الجزائر، أقدم على إعادة صياغة حكومة عبد المالك سلال الذي يعد سابع وزير أول في عهده منذ مجيئه إلى الرئاسة في أبريل 1999 . لم يكن التعديل تقنيا أو عاديا لحكومة لم تمر سوى سنة على تشكيلها في 3 شتنبر 2012 . لقد تخلص بوتفليقة من ماتبقى من «جيل الاسرة الثورية» الذي كان له منذ استقلال الجزائر موقع قدم في الحقائب السيادية . وأسند وزارات الداخلية للطيب بلغيز الرجل الذي ترعرع في سلك القضاء وأحيل قبل أيام على التقاعد بطلب منه ليغادر رئاسة المجلس الدستوري التي شهدت انتقادات واسعة بسبب عدم تفعيلها للمادة 88 من الدستور والتي تتعلق بشغور منصب رئيس الجمهورية لوجود مانع (مرض بوتفليقة طويل الامد ). أما الخارجية فأنيطت بشخصية جيئ بها من رئاسة مجلس مجلس السلم والامن الإقريقي بالاتحاد الافريقي ، اشتغلت بالحقل الدبلوماسي منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي حين كان كاتبا عاما لوزارة الخارجية وتقلد منصب مندوب الجزائر بالامم المتحدة في الفترة مابين 1993 و 1996 . أما رئيس الاركان أحمد قايد صالح فأحكم قبضته على وزارة الدفاع بعد إخراج عبد المالك قنازرية من منصب الوزير المنتدب بها ليصبح الوزير الجديد يحمل الحقيبتين معا .
جريدة «الخبر « الجزائرية عنونت مقالها لمعالجة التعديل الحكومي ب :» تعديل وزاري بنكهة الرئاسيات لحكومة عمرها سنة : بوتفليقة يطرد خصومه من الحكومة « . فالانتخابات الرئاسية ستنظم مبدئيا في ابريل القادم ، ومشروع الدستور وضع أول أمس الخميس على مكتب الرئيس بوتفليقة للنظر في التعديلات التي وضعتها اللجنة التي عينها في السابع من أبريل الماضي . وكلك في المسطرة التي سيتم اعتمادها للمصادقة على الدستور : هل سيكفي إقراره من طرف البرلمان ؟ أم سيتم عرضه على الاستفتاء؟ والملفان معا : الدستور والانتخابات الرئاسية هما بالتأكيد هاجس بوتفليقة في تعديله الحكومي ومعهما الملف الامني الذي تتولاه بالاساس المؤسسة العسكرية . وما خطوته التي أقدم عليها قبل عشرة ايام سوى تعبيد الطريق في وجه الرئيس المقبل .
ليبيا : حكومة العاصمة
على رأس الحكومة الليبية شخص إسمه علي زيدان .رجل أنشق على نظام الرئيس المطاح به معمر القذافي في سنة 1980 وإضطر للعيش بالمنفى ثلاثة عقود قبل أن تطأ قدماه بلده الذي رزح تحت ظل دكتاتورية العقيد لأكثر من أربعين سنة . جاء زيدان إلى المنصب بعد مصادقة المؤتمر الوطني العام (البرلمان ) على ترشيحه وتشكيلته الوزارية في نونبر 2012 . ومن صدف التاريخ ان المؤتمر يراسه محمد المقريف الشخصية التي رافقت زيدان مهنيا حيث كان سفيرا بالهند وزيدان دبلوماسيا بها ، في انشقاقه ومنفاه والاطار التنظيمي الذي أسساه معا وهو « جبهة الانقاذ الوطني الليبية» . لكن نجاح الحكومات لايصنعها بالضرورة تاريخ وأمجاد رؤسائها وهو ما يحدث في ليبيا اليوم .
هناك مخاطر عديدة تحف بحكومة علي زيدان أبرزها إنتشار المجموعات المسلحة بطول البلاد وعرضها . لكل مجموعة مجالها وميليشياتها وارتباطاتها ومطالبها . وقد صورت صحيفة الغارديان الوضع هذا الاسبوع بأن القانون ضعيف في ليبيا وصعب تحقيقه بسبب ضعف الحكومة، القوة المركزية للبلاد أمام سيطرة الميليشيات المسلحة، وأكبر دليل على ذلك - تضيف الصحيفة - بقاء سيف الإسلام القذافي في قبضة الميليشيات حتي الآن في الزنتان وليس تحت تصرف المحكمة الليبية.
وأوضحت أن الحكومة الليبية ضعيفة للغاية لا تتجاوز سيطرتها العاصمة طرابلس، التي لا تخلو من التوتر بين رئيس الوزراء على زيدان وجماعة الإخوان المسلمين بعد زيارته لمصر عقب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، مشيرة إلى اتهامه الجماعة بمحاولة زعزعة حكمه في البلاد.
ثاني المخاطر إذن يتعلق بالعلاقة مع فرع الاخوان المسلمين يليبيا وهم أعضاء بالحكومة . يقول زيدان في مؤتمر صحفي له أن جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا كانوا ضد ترشحه لرئاسة الوزراء وعلى رغم ذلك حصلوا على وزارات سيادية مهمة في حكومته. وقال زيدان : «إن أعضاء حزب العدالة والبناء المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، كانوا ضد ترشحي لرئاسة الوزراء عندما كنت عضواً بالمؤتمر الوطني العام وكانوا أكثر الناس محاربة لي»، وأضاف «على رغم أن حزب العدالة والبناء وجماعة الإخوان المسلمين يكنون العداء لي إلا أني دعوتهم فور وصولي إلى الرئاسة بما تقتضيه مصلحة الوطن، وقبلوا على مضض المشاركة في حكومتي وتحصلوا فيها على خمس وزارات سيادية: النفط والإسكان والاقتصاد والشباب والرياضة، بالإضافة إلى منصب نائب رئيس الوزراء» . وحزب العدالة والبناء هو ثاني تشكيل في المؤتمر الوطني بتوفره على 17 عضوا وأنيطت به خمس حقائب حكومية . والنقطة التي عمقت الخلاف بين الطرفين كما ورد سالفا هي الزيارة الاخيرة لزيدان للقاهرة واجتماعه بعبد الفتاح السيسي الذي يتهمه الاخوان المسلمون بتدبير «إنقلاب» ضد محمد مرسي .وهو مايهدد الحكومة الليبية وينذر بفتح جبهات صراع داخلها وخارجها .
ثالث المخاطر تكمن في تعثر بناء جيش وشرطة كما التزم زيدان بذلك وهو يقدم برنامجه الى المؤتمر الوطني العام في 14 اكتوبر الماضي. فأولوية الأولويات بليبيا اليوم هو بناء المؤسسات الامنية والدفاعية والقطع مع هذه الفسيفساء المسلحة التي وجدت في مخازن أسلحة القذافي وترساناته فرصة للتسلح .
فهل ستكمل حكومة علي زيدان مهماتها وتصل بليبيا إلى دستور جديد وانتخابات عامة ؟ أم أن هذه المخاطر ستطيح بها قبل الموعد ؟
موريتانيا : حزبي وبعدي الطوفان
لم تسلم حكومة موريتانيا من «عدم الاستقرار» . لقد تعرضت هذه السنة لخمس تعديلات كان أوسعها ما وقع الثلاثاء الماضي حيث شهدت تشكيلة الوزير الاول مولاي ولد محمد لغظف الذي يعد أقدم وزير أول ليس فقط بالمغرب العربي ، بل والعالم العربي أيضا. حيث جاء إلى هذا المنصب في 14 غشت من سنة 2008 التاريخ الذي وصل فيه الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى سدة الرئاسة بعد انقلاب عسكري .
شمل تعديل هذا الاسبوع إثنتا عشر وزارة وأطاح بكل من وزراء الداخلية والعدل والخارجية . ويرى المتتبعون للشأن الموريتاني أنه يندرج في سياق الترتيب للإنتخابات البرلمانية والمحلية التي ستعرفها البلاد في 23 نونبر المقبل . وبالتالي يعزز مواقع الاتحاد من اجل الجمهورية الحزب الحاكم الذي يترأسه الرئيس محمد ولد عبد العزيز . فقد جيئ بمحمد ولد أحمد سالم ولد محمد رارة وزيرا للداخلية واللامركزية، وهو إداري معروف، كان يشغل منصب والي إحدى المحافظات الداخلية.  فيما انيطت حقيبة الخارجية والتعاون بالسفير الموريتاني السابق لدى إسرائيل أحمد ولد تكدي .
جاء التعديل على عكس التوقعات التي كانت تنتظر من الرئيس اتخاذ خطوات سياسية للإستجابة لبعض مطالب المعارضة التي تهدد بمقاطعة الاستحقاقات القادمة ومن بينها فتح حوار مع التنسيقية التي تم إنشاؤها من إحدى عشر حزبا و تشكيل حكومة وحدة وطنية تتقلد فيها شخصيات مستقلة الوزارات ذات العلاقات مع الانتخابات. وحسب تصريحات قيادات سياسية فالتعديل ليس سوى تحرير لبعض زعماء حزب ولد عبد العزيز من أجل التفرغ لترتيب دوائرهم الانتخابية . وقد لايكون الأخير قبل موعد 23 نونبر القادم . فالمؤسسات الرئيسية بموريتانيا اعتادت على عدم الاستقرار منذ عقود . فهذا البلد المغاربي الممتد على مساحة تتجاوز المليون كيلمتر ( بقدر عدد شعرائها ) اشتهر بكثرة انقلاباته العسكرية التي أوصلت إلى السلطة ثمانية رؤساء منذ الاستقلال نهاية خمسينيات القرن الماضي ,
المغرب : قاعة الانتظار
في المغرب ، لم يتم بعد الاعلان بعد عن الصيغة الجديدة للحكومة بعد أن استقال منها وزراء حزب الاستقلال وجرت المفاوضات مع حزب التجمع الوطني للأحرار للإنخراط في الاغلبية الحكومية .
الانتظار كان ومازالت له فصول ... وجولات ... وشذ وجذب. فعملية ترميم الحكومة وجدت أمامها شبح مواقف سابقة متبادلة بين حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أمينه العام السيد عبد الالاه بنكيران والتجمع الوطني للأحرار خاصة في شخص رئيسه صلاح الدين مزوار.
تشكلت حكومة بنكيران في يناير 2012 بعد انتخابات تشريعية جرت في نونبر 2011 حصل خلالها حزب المصباح على أكثر من ربع مقاعد مجلس النواب . ولم يجد من حلفاء له وقتها سوى الحركة الشعبية التي استأنست بالمقاعد الحكومية شأنها شأن حزب التقدم والاشتراكية و...حزب الاستقلال الذي كان يقوده آنذاك أمينه العام السيد عباس الفاسي . لكن جرت رياح أعرق حزب بالمغرب بما لاتشتهيه سفن رئيس الحكومة . فمؤتمر الاستقلاليين السادس عشر الذي انعقد في يونيه 2012 أفرزت صراعاته واستقطاباته زعيما جديدا هو حميد شباط الذي وضع على رأس أجندته إشعال النيران في تلابيب بنكيران وتفجير حكومته من الداخل . ولأن حدة الصراع بين الشخصين حملت معها ترسبات الماضي وثقل المصالح ، فإن اجتماعات الاغلبية لم تستطع إيجاد نقط التقاء بين الطرفين فكان قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال في 11 ماي الماضي الانسحاب من حكومة تحاصرها المشاكل الاجتماعية وتخنقها هزالة الحصيلة الاقتصادية وتتدنى مصداقيتها بفعل عدم الوفاء بالتزاماتها .
ظل الوزراء الاستقلاليون في أداء مهامهم بطلب من جلالة الملك إلى يوليوز الماضي ليغادروا سفينة بنكيران الذي اضطر إلى فتح مفاوضات مع خصمه السابق مزوار لترميم الحكومة . واليوم مر شهران وهي المدة الاطول في تاريخ المغرب لإعادة صياغة تشكيلة حكومية ، دون أن يتم الكشف عن الاسماء وحقائبها .
لقد جاءت حكومة بنكيران بعد تطورات سياسية عرفها المغرب الذي اعتمد دستورا جديدا في يوليوز 2011 منح اختصاصات واسعة لرئيس الحكومة لكن اتضح أن زعيم حزب المصباح لم يكن في مستوى اللحظة السياسية وتشهد على ذلك حصيلته الحكومية وهو الان في منتصف ولايته .
هذه هي صورة حكومات دول المغرب العربي اليوم : حكومات تترمم ، تترنح ، حان قطافها .وأوضاعها تعكس حالة أوضاع بلدانها التي راهنت بأن يكون الربيع العربي مناسبة لإقرار ديمقراطية حقيقية وليس إرتداء جبة الماضي لإدارة الحاضر... والمستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.