أفاد الموقع الإلكتروني لمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، يوم أمس الاثنين، أن وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية قد قدمت المساعدة للرئيس العراقي الراحل صدام حسين قصد شن هجمات بالأسلحة الكيميائية على إيران في 1988 خلال حرب بلده ضد هذه الأخيرة. واعتمدت المجلة في اتهاماتها هذه على وثائق رفعت عنها السرية وعلى شهادات مسؤولين أمريكيين كبار إبان الأحداث. تقول المجلة إن المخابرات الأمريكية كانت تعلم، منذ 1984، توفر حليفهم غير المعلن في تلك الحقبة، عراق صدام حسين الذي كان في حالة حرب مع طهران ?1980- 1988?، يتوفر على مخزون من الأسلحة الكيميائية المكونة أساسا من غاز الأعصاب. وشرحت "فورين بوليسي" أن هذه المواد الكيميائية محظورة دوليا بحكم بروتوكول جنيف الذي صدقت عليه واشنطن منذ 1975 والذي ظلت بغداد ترفض الالتحاق بموقعيه. وقد صرح الكولونيل المتقاعد في سلاح الجو الأمريكي، ريك فرانكونا، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في القضايا الاستخباراتية للمجلة: "لم يبلغنا العراقيون إنهم يعتزمون استخدام غاز أعصاب، ولم يكونوا بحاجة لذلك ، فقد كنا نعرف الأمر مسبقا". ولم تكن الولاياتالمتحدةالأمريكية على علم بامتلاك بغداد للغازات المحظورة فحسب، تضيف المجلة، بل إنهم ساعدوا صدام حسين على استعمالها في حربه ضد إيران عبر تزويده بالوسائل اللوجيستيكية الضرورية لتنفيذ الهجمات. هكذا، وفي بحر سنة 1987، حصلت المخابرات الأمريكية على معطيات دقيقة تفيد أن إيران اكتشفت نقطة ضعف كبيرة في المنظومة الدفاعية العراقية قرب البصرة، وأن قواتها تستعد لشن هجوم على المدينة مما كان سيغير مجريات المواجهات رأسا على عقب ويرجح بقوة كفة طهران لكسب الحرب. وحسب ريك فرانكونا، فإن تقرير المخابرات المتعلق بالموضوع قد أحيل على الرئيس رونالد ريغان، الذي سجل في حاشيته، بعد الاطلاع على محتواه، الجملة المقتضبة التالية: "انتصار إيران غير مقبول". عقب ذلك، سلم التقرير مرفوقا بملاحظة الرئيس لكاتب الدولة في الدفاع، الذي أحاله بدوره على المصالح المختصة قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة. وبناء عليه، شرعت الاستخبارات العسكرية الأمريكية في تزويد العراقيين بالمعطيات المتوفرة لدى واشنطن حول تحركات قوات العدو. وحسب المجلة، فقد شن عراق صدام حسين أربع هجمات بالأسلحة الكيماوية ?غازات الأعصاب والخردل? ضد الإيرانيين، وهي الهجمات التي كانت حاسمة في مجريات الحرب بين البلدين ونتج عنها آلاف القتلى في صفوف الجيش الإيراني. وحسب المجلة دائما، فإن آخر هذه الهجمات تم في شهر أبريل 1988، وأنه ظل يعتبر أخطر هجوم كيميائي طوال أكثر من ربع قرن إلى أن نفذت قوات بشار الأسد هجوما مماثلا ضد مواطنيها قبل أيام. وأضافت المجلة أن إيران كانت تزعم إبان حربها مع العراق علناً بان هجمات كيميائية تشن على قواتها وكانت تعد قضية لتقديمها إلى الأممالمتحدة، لكنها لم تملك دليلاً يحمل العراق المسؤولية، وقد دونت كل ما لديها من اتهامات ومعلومات ضمن مذكرات وتقارير سرية أرسلت إلى مسؤولين استخباراتيين رفيعي المستوى في الحكومة الأمريكية. وحسب الوثائق التي حصلت عليها المجلة، فإن الاتحاد السوفيتي سبق واستخدم هو الآخر أسلحة كيميائية ولم تكن العواقب كبيرة.