سامي المغربي فنان متجدد ومحافظ على التراث، اسمه ونسبه الحقيقي سليمان أمزلاغ، ولد بأسفي سنة 1922، كان أبوه يمتهن فن الخياطة التقليدية بمدينة أسفي، استقر سامي رفقة أسرته بحي حسان بمدينة الرباط بالحي اليهودي سنة 1926 الحي الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1806، صنع أول آلة موسيقية وهو لازال في السابعة من عمره. انضم إلى مجموعة موسيقية بالحي اليهودي (الملاح) بالرباط التي أسستها عائلة الكوهن. ثم تعلم العزف على آلة العود وأصبح عازفا ماهرا متمكنا، كما دخل المعهد البلدي للموسيقى بالدارالبيضاء. وفي سن العشرين غادر عمله بإحدى الشركات التجارية حيث كان يعمل مديرا تجاريا بها، ليقرر سنة 1948 التفرغ إلى ميدان الفن والطرب متنقلا بين الرباط والدارالبيضاء، وبدأ بإنشاد قصائد الملحون. كانت أولى أغنياته عن أمه « عمرني ما ننساك يا ماما «. انخرط في جوق المدينة لتنشيط الحفلات الرسمية. سنة 1942 ظهرت له أسطوانة محتوية على مجموعة من الأغاني ذات المضامين الوطنية. وتأثر ببعض الفنانين المغاربة مثل الفنان اليهودي سليم الهلالي الذي يعد من رواد فن «الشكوري». يعتبر من جيل فناني مابعد الإستقلال بالمغرب، من بين الأغاني التي أنجزها خلال الأربعينيات من القرن الماضي «نشيد الرياضة»، و في سنة 1955 أدى أغنية «ألف هنية وهنية» أمام المغفور له محمد الخامس احتفاء بعودته من المنفى. وهي من كلماته وألحانه. كان له الفضل في تجديد الأغنية المغربية سواء على مستوى الإيقاعات الموسيقى أو التلوين في نبرات الصوت عند الأداء. وفي سنة 1959 غادر المغرب نهائيا واستقر بباريس وأنشأ شركة لانتاج الأسطوانات بإسم «سامي فون»، كما سجل بها أسطواناته. أعاد سامي جزءا من تراث المغرب إلى حظيرة الخزانة الموسيقية الوطنية من خلال استعادة ما يسمى بالأنماط الغنائية المغربية. كان له الفضل في تجديد الأغنية المغربية سواء على مستوى الإيقاعات الموسيقية أو التلوين في نبرات الصوت عند الأداء. تمكن سامي مابين 1960 و 1965 من أن يتميز كفنان وطني متجدد ومحافظ على التراث وأحد الفنانين في إحياء نوبات الفن الغرناطي، وأحد الذين سجلوا اسطوانات في فن الموال المغربي. استطاع احياء عدة انماط غنائية شعبية، وألف ألحانا مستوحاة من كل ألوان الموروث الشعبي المغربي، باستعانته بالنوبة الغرناطية والموال المغربي والملحون والحوزي. مع اضافة ايقاع الأندلس إلى فنون الملحون والعيطة والحوزي والشعبي الجزائري. كان سفيرا للثقافة المغربية سنة 1960 ، وفي نفس السنة غنى أغنية حزينة سماها «قصيدة أكادير» وهي عن مأساة الزلزال الذي ضرب هذه المدينة. خلال مسيرته الفنية استفاد من التراث الزجلي لكبار ناظمي قصائد الملحون كالشيخ بوعزة وسيدي قدور العلمي والشيخ بنسليمان مع قصيدته «الشهدة» والشيخ بن يشو صاحب قصيدة «بن سوسان» الشهيرة. كما غنى التراث وروح الموسيقى كأغنية «أنا الكاوي» و «مال حبيبي مالو». ومن أشهر أغانيه «قفطانك محلول يا للا»، و «ما حلا الزين يا لعمر» و»هاد الحب لغدار» و «أي أي كن كان عندي لملاين» ثم أغنية «مارشي نوار» و»العودة». أسس أول دار أسطوانات في المغرب، أطلق عليها اسم ساميفون. أضاف سامي إلى مساره الغنائي مجموعة من القطع الغنائية التي أبدعها من تلحينه وكلماته ومن بينها «الساعة الي أنت فيها» و «ماسخيتشى بها « و»شرع الله يا لحباب» و»ذاك الزين الغالي» و»لازين إلا زين الفعايل»و «مصاب مع المليح ليلة» و»طولتي الغيبة ياغزالي» و»وردة على خدك»و «آيلي ياوعدي لالة»... وغنى التراث الموسيقي الأندلسي ومن بين المقاطع «شمس العشية» و»انصراف بطايحي اصبهان» و»انصراف قدام الحجاز المشرقي». انتقل سامي المغربي إلى كندا، ليواصل مسيرته الفنية في أوساط المهاجرين المغاربيين، قبل أن ينقطع عن الغناء سبع سنوات، حيث أصبح حاخاما يكتفي بالإنشاد الديني اليهودي. في سنة 1968 هاجر إلى إسرائيل وأقام في أسدود. ثم عاد إلى كندا حيث أقام مجموعة من السهرات بمدينة مونريال الكندية ما بين 1977 و 1984 بجانب حفل بباريس وآخر في بداية تسعينات القرن المنصرم بمسرح محمد الخامس بالرباط. في سنة 1996، وبقي بكندا حيث لم تعجبه الحياة في إسرائيل. أنشأ فرقة للموسيقى الأندلسية وهو في الثمانين من عمره في كندا. وكان يشارك في حفلات عدد من المطربين المغاربة. كان آخر ما كتبه ولحنه بنفسه أغنية تحدث فيها عن نفسه قائلا:»أنا عمري ثمانين، وفي الموسيقى قضيت ستين، تعرفت على كبار الفنانين، يهود ومسلمين». في سنة 2005 تم تكريمه في برنامج شذى الألحان. كان مقررا أن يقام له حفل تكريم بمدينة الدارالبيضاء في ماي 2007، لكن الوعكة الصحية التي ألمت به حالت دون ذلك. توفي بمونتريال بكندا يوم 9 مارس 2008، عن سن يناهز 86 عاما، في وقت كان يستعد فيه لزيارة المغرب. لقد تميز مشواره الطويل بالعطاء الإبداعي، وبحبه للتراث المغربي وخاصة الطربين الأندلسي والغرناطي. و قدم أغان تؤرخ لأحداث كبيرة في تاريخ المغرب. كان سامي المغربي بالموازاة مع مهنته كمغني وموسيقي وملحن رجل دين يصلي بالناس في المعبد اليهودي بالدارالبيضاء، كان فنانا مثقفا حرص على تعلم اللغة العربية وأتقن قراءتها وكتابتها، وكان أيضا قارئا للقرآن.