أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط حكمها في الملف رقم : 575 - 12 - 2010، بأداء الدولة (وزارة الداخلية ووزارة الصحة «المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد» في شخص ممثلهما القانوني تضامنا بينهما) لفائدة السيدة سلوى الغرباوي، أصالة ونيابة عن ابنيها نسيم البقالي وهبة البقالي، باعتبارهم ورثة المرحوم حمزة البقالي، تعويضا عن فقد مورثهم الذي راح ضحية أعمال الشغب والعنف، التي صاحبت مباراة الوداد والجيش الملكي برسم الدورة 25 من البطولة الاحترافية للموسم الرياضي 2011 - 2012، بما قدره 60 مليون سنتيم. واعتمدت هيئة المحكمة، المكونة من محمد الهيني رئيسا وأمينة ناوني مقررة ومعاذ العبودي عضوا وحضور المفوض الملكي سعيد المرتضي، في حكمها على مسؤولية الدولة عن إخلال مرفقي الأمن والصحة بالالتزام بالأمن والسلامة وبالحق في العلاج، معتمدة في ذلك على الدستور في فصوله 20 و21 و22، التي تعتبر حق المواطن في الحياة والأمن والسلامة الشخصية من حقوق الإنسان، والتي تكفلها العديد من المعاهدات الدولية التي قام المغرب بالتوقيع عليها، خصوصا المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي نصت على حق كل فرد في الحياة والأمان على شخصه، وأكدت ذات المعنى الفقرة الأولى من المادة 6 والفقرة الأولى من المادة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. واعتبرت هيأة المحكمة مرفق الأمن مسؤولا عن الأضرار الناتجة عن التدخل لمواجهة شغب الملاعب الرياضية، للحفاظ على السكينة العامة داخلها ومواجهة التهديدات التي يتعرض لها الجمهور المتفرج والممتلكات العامة والخاصة، وذلك بالتوازن الذي يتطلب درجة كبيرة من التناسب بين اعتبارات وحاجات الأمن العام وضوابط حماية حقوق وحريات الأشخاص بكل مشروعية ووعي وسرعة وفعالية وبالحكمة والتدرج اللازمين زمانا ومكانا وإجراءات مسترسلة ووسائل متتابعة ومختلفة أمنية وقضائية لإيقاف شرارته المستقر عليها دوليا ووطنيا في مثل هذه الظروف، حتى لا ترتب مسؤوليتها عن التقصير في توفير الأمن أو التجاوز أو الشطط في استعمال السلطة أو الانحراف عن مقتضياتها. أما بالنسبة لمرفق الصحة «المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد» فإن الخلل بمبدأ مساواة المواطنين في العلاج والعناية الطبية ثابت، حينما منع الهالك من الاستفادة المجانية من إجراء الكشف عن طريق السكانير، لأنه لا يعقل لا من الناحية القانونية ولا من الناحية الإنسانية الآدمية أن يطلب من شخص في وضعية صحية حرجة قدمت له شهادة طبية على وجود رضوض في الجمجمة أداء مقابل الكشف الثابت، بمقتضى الوصل المسلم له، بدعوى أن المجانية حسب إدارة المرفق تتطلب إجراءات إدارية خاصة، لا مجال للحديث عنها في مثل هذه الحالات غير العادية التي تتطلب مساعدة طبية مجانية خاصة ومركزة، تهتم بصحة المريض لا بوضعيته المادية، ناهيك عن السماح للمريض بالمغادرة وعدم إخضاعه لأي علاج عادي أو استعجالي ولو بمستويات الحد الأدنى والطبيعي. تجدر الإشارة إلى أن ضحية أعمال الشغب والعنف، التي صاحبت مباراة الوداد والجيش الملكي، الشاب حمزة البقالي، تلقى ضربة على مستوى الرأس وبعد إحساسه بالألم والدوخة غادر مدرجات مركب محمد الخامس رفقة صديقه خليل من «إلترا وينرز » إلى المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد. هناك، يقول رفيقه في الدراسة ياسر أناس، قاموا بفحصه وأنعشوه بالأكسجين قبل أن يطالبوه بالكشف على رأسه بواسطة جهاز سكانير. كشف تعذر عليه القيام به لعدم توفره على المبلغ المالي الكافي، مما جعله يستقل القطار نحو مكناس للقيام بذلك - يقول رفيق الضحية - لكن تدهور صحته من جراء التقيؤ نتيجة شدة الألم، فرضت على مسؤولي القطار إشعار محطة سيدي قاسم، التي أحضرت سيارة الإسعاف لتنقله إلى المستشفى في حالة غيبوبة تامة ،ليفارق بعدها الحياة متأثرا بجراحه «Traumatisme crânienne »، الذي تولد عنه نزيف داخلي. والفقيد حمزة البقالي من مواليد 1992 بمكناس، كان يتابع دراسته بالسنة الثانية شعبة « Technique comptable » بالمدرسة العليا للتكنولوجيا، وكان قيد حياته شغوفا بحب الوداد البيضاوي وهو منخرط في «إلترا وينرز » المشجعة لفريق الوداد البيضاوي.