بمبادرة من وزارة الصحة، يتم تداول مشروع تغيير القانون 10-94 المنظم لمهنة الطب بالمغرب. يؤسس هذا المشروع لفتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة مما سيحول المهنيين في الميدان الطبي إلى مجرد يد عاملة و يفقدهم استقلاليتهم و كرامتهم، و يضع المريض في الحالة التي يفرضها نظام السوق. يتعامل بعض الفرقاء مع هذا المستجد بمنطق منفصل عن الأخلاقيات المؤسسة لاحترام حقوق المواطنين في الحماية من المخاطر المرضية و حقهم في الولوج للعلاجات الضرورية، و بدون الأخذ بعين الاعتبار حاجيات و إمكانيات الفئات المستضعفة. تؤكد حصيلة من سبق المغرب في الاستثمار التجاري في الصحة تنافي هذا الإجراء مع جميع القيم الأساسية للممارسة الطبية. و في الوقت الذي تتراجع فيه حتى الدول الغنية الكبرى عن التعامل مع القطاعات الاجتماعية بالمنطق التجاري، تتعنت الحكومة المغربية في الامتثال لتوصيات بائدة. اعتبارا للمخاطر الواردة في هذا المشروع، تقاضي التنظيمات الحقوقية و المهنية و العلمية الموقعة أسفله أمام الشعب المغربي، وزارة الصحة بصفتها المؤسسة المقدمة لهذا المشروع، و الوصية على قطاع الصحة. و بهدف تحديد المسؤوليات حسب المستويات يجب التذكير بحصيلة السياسة الصحية بالمغرب في صيرورتها التاريخية، حيث تشير الدراسات الوطنية و الدولية المنشورة إلى ما يلي: 1) تحسن شمولي لبعض المؤشرات المتعارف عليها دوليا 2) توفر الخدمات الطبية الحديثة، الباهظة التكاليف بالمناطق المحظوظة 3) تفاوت في إمكانية الولوج للخدمات الصحية الأساسية جغرافيا و اجتماعيا 4) استمرار استعصاء حل معضلة التوزيع الجغرافي العادل للأطر الصحية 5) ارتفاع وتيرة التحولات الاجتماعية و البيئية المؤسسة لتعدد و تنوع المخاطر المرضية 6) ضعف الإمكانيات العامة المرصودة للعلاج مقارنة مع التكاليف المتزايدة 7) غياب ترشيد النفقات حسب الضروريات و الحاجيات أو الأولويات 8) تجاوز مساهمة العائلات سقف 55% من تمويل مصاريف العلاج 9) إقصاء ثلثي المغاربة من تغطية مصاريف العلاجات الصحية 10) منح الأولوية للأوبئة الفتاكة في غياب مشروع واقعي وقابل للتنفيذ يضمن سواء معالجتها أو مقاومة مسبباتها لا حاجة إذن لإحالات أخرى من أجل إبراز أفقية الإشكالية الصحية. بعبارة أخرى تقوم وزارة الصحة بتنفيذ سياسة خاطئة تؤسس لنزاعات و صراعات فرعية تؤدي للبحث عن حلول جزئية و ظرفية، و بالتالي تراكم السلبيات. لذلك فإن الخروج من مأزق الإشكالية الصحية لا يمكن أن يمر بالتعبير عن الاستياء من المحاصيل بقدر ما يتطلب تحديد المسؤوليات المرتبطة بأسس النظام الصحي القائم. فمند زهاء مئة سنة عمل المغرب على تأهيل مجالات الاستثمار و تمركز الخدمات الطبية بجهات دون أخرى، ولصالح فئات دون أخرى. و دعم التكنولوجيات الرامية لتحقيق الهدف الاقتصادي المحدد. يتلخص ذلك عبر ربط العناية الصحية بمرودية اليد العاملة و بما يضمن هدنة باقي الشرائح الاجتماعية. فحتى و إن فرض الاختيار الفرنسي بعلاقته مع الأهداف الاستعمارية نظرا لأوضاع المغرب المتردية في بداية القرن العشرين، فإن المفروض بعد التحسن النسبي المحقق كان هو مراجعة تلك الإستراتيجية المحددة من طرف الاستعمار. لكن المغرب احتفظ حتى بعد الاستقلال بسياسة صحية تمييزية مجاليا و اجتماعيا، صارت تنتج المزيد من السلبيات بفعل الهجرة المؤسسة التي أدت إلى إتلاف الرصيد الطبيعي بمناطق شاسعة من جهة و تجاوز سقف الاستيطان بالمناطق المكتظة من جهة أخرى. فلا غرابة إذا في حصاد يتسم بارتفاع الحاجيات بتزامن مع تقلص الإمكانيات. فالمغرب إذن يحصد ميدانيا ما يزرعه مؤسساتيا في الصحة، و ما دام الانزلاق الأفقي قائما فإن كافة الإجراءات المتخذة عموديا من أجل ملئ الثغرات المثارة تندرج في تأزم الوضع و صياغة الأوهام، و هذا هو صلب الإشكالية إن فتح الاستثمار لرؤوس الأموال يعني الامتثال لنظام السوق مع خلط الضروريات و الحاجيات مع الكماليات في التأسيس للطلب و البحث عن الربح، و دعم العرض مع التجاوب بالأساس مع الفئات القادرة على أداء تكلفة المصاريف. مع العلم أن الفاعل الاقتصادي و المالي لن يتردد في الترويج لسلع تارة موثوقة و تارة أخرى مشبوهة . فعندما تصبح الصحة مادة للمتاجرة، يضاف إلى التسويق الحث على الاستهلاك تارة و بسط النفوذ تارة أخرى. و اعتبارا للحاجيات و للإمكانيات الصحية المغربية، تمثل المتاجرة في الصحة مدخلا لانزلاق مرعب. فكما تمت الإشارة إليه، تظل الميزانيات المرصودة و القابلة للتجديد في تحمل التكاليف في مجملها لا تتجاوز نسبة 2 إلى 3% من مصاريف البلدان الغنية. و بصرف النظر عن الشرائح المقصية جغرافيا و اجتماعيا من العلاجات الضرورية في محيط يتسم بتزايد المخاطر المرضية، تبقى جودة الخدمات الطبية مرتبطة إلى حد كبير بالوضعية الاجتماعية. كما يتراجع بصفة مهولة، خاصة خلال السنين الأخيرة قيمة القطاع العمومي بما في ذلك قيمة القطاع الجامعي. فمن دون أي تردد، يتأكد عبر فتح الاستثمار في الصحة أمام رؤوس الأموال إقصاء لغالبية المواطنين من الولوج إلى أبسط الخدمات مقابل وضع الإمكانيات القليلة المتوفرة رهن إشارة الأقلية المحظوظة. هكذا يحق توصيف تبني هذا المشروع لإعادة النظر في القانون المنظم للممارسة الطبية بالهروب من تحمل المسؤولية عندما تتبناه الحكومة و بالانتهازية عندما يتبناه بعض الفرقاء. و من حيث الجوهر فإنه يكرس الإستراتيجية المرسومة من طرف الحماية الفرنسية في بداية القرن العشرين. عن قصد أو عن غير قصد يندرج إخضاع الصحة لنظام السوق بالمغرب من منطق تقليدي أو حداثي متجاوز، كما أن الأمر يوحي لا قدر الله بما لا تحمد عقباه بالنسبة لا للصحة فحسب بل لمصير الوطن. فحوى الدعوة المرفوعة 1) الحيثيات: - طبيعة الإشكالية الصحية المغربية - مهام وزارة الصحة حسب اختصاصاتها - فشل تسويق الصحة دوليا - قلة الموارد البشرية والمادية المجندة والقابلة للتجنيد - الحق في الصحة بدون تمييز - الإختلالات المثارة في النظام الصحي المغربي - التبذير الحاصل و المرتقب من خلال تدني الحكامة - علاقة الصحة بالتنمية المستدامة 2) المؤاخذات على وزارة الصحة - انعدام رؤية إستراتجية واضحة و متجانسة لإنعاش الصحة - محاولة تفويض مهام تدبير صحة المواطنين للمنطق التجاري - إقصاء الفئات المستضعفة من الولوج للعلاج - رهن قدرات الوطن في إنجاز مشروع تنموي موثوق في صحته 3) الحكم المطلوب - سحب المشروع الحالي لتغيير القانون 10-94 - سحب الثقة عن كل مسؤول يتبنى هذا المشروع الهيئات الموقعة: النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر - مجلس مكاتب كليات الطب للنقابة الوطنية للتعليم العالي - الجامعة الوطنية للصحة (الاتحاد المغربي للشغل) - النقابة الوطنية للصحة العمومية (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل) - النقابة الوطنية للصحة العمومية (الفيدرالية الديمقراطية للشغل) - الجامعة الوطنية لقطاع الصحة (الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب) - التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب - الاتحاد الوطني للمهن الحرة - الفدرالية الوطنية لنقابات جراحي الأسنان بالقطاع الخاص بالمغرب - النقابة الحرة للمهندسين المعماريين بالمغرب - النقابة المهنية الوطنية للمبصاريين بالمغرب - النقابة الوطنية للخبراء المحاسبين مندوبي الحسابات - الجمعية المغربية لحقوق الإنسان - الهيئة الوطنية لحماية المال العام - الفيدرالية العامة لجمعيات المستهلكين - جمعية العقد العالمي للماء بالمغرب - منتدى المواطنة - حركة المطالبة بدستور ديمقراطي - المركز المغربي لحقوق الإنسان - المنظمة الديمقراطية للأطباء و الصيادلة و جراحي الأسنان - المنظمة الديمقراطية للصحة - الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة - حركة صحة الشعوب الدولية-فرع المغرب - الجمعية المغربية لعلوم التمريض و التقنيات الصحية – جمعية الفتح لحماية المستهلك- جمعية أطاك المغرب تصريحات 1 - البروفسور عبد الحق الكرش: أستاذ بكلية الطب بالبيضاء إن أي نقاش أو إنجاز في قطاع الصحة لا يمكن أن ينجح دون رشراك الفاعلين الأساسيين فيه، ونحن كأساتذة جامعيين لن نسكت على تهريب المناظرة التي لم تتم مشاركتنا في الإعداد لها، خاصة و أن المتضرر الأول من نتائج هذه المناظرة هو المواطن. إن منظمي المناظرة يعتبرون أن إشكالية تمويل قطاع الصحة هي الموضوع الأساسي، معتبرين أن الدولة ليس عليها أن تقوم بكل شيء، وبالتالي فهي تفتح الباب لرؤوس الأموال ملغربية معروفة وأجنبية. إن الأطباء المغاربة يوجدون في الدرجة 32 بين أطباء العالم، رغم انعدام الامكانيات، ومشهود لهم بالكفاءة، ومقبولون في كل الدول. إن الوزير يخرق القانون بفتح الأبواب أمام رؤوس الأموال، التي لا يهم أصحابها سوى الاغتناء السريع على حساب صحة المواطنين وخير مثال على ذلك فهناك دواء للقصور الكلوي ثمنه 1200 درهم فيما تم الترخيص لشركة لاستيراد وبيع دواء جنيس له ثمنه 3200 درهم!؟ 2 - الدكتور الشناوي كاتب عام للنقابة الوطنية للصحة العمومية (ك.د.ش) إن محاولة بيع قطاع الصحة لأصحاب الأموال ليس جديدة، فقد أجريت محاولات سابقة تم التصدي لها وإيقافها، اليوم الوزير ومن معه يطرحون المشروع من جديد تحت ضغط لوبيات. لقد أسسنا الجبهة يوم 30 ماي 2009 للدفاع عن قطاع الصحة لأنه قطاع أساسي للتنمية البشرية المستدامة إذ لا يمكن تحقيقها بدونه، ومادام أصحابه يطرحونه من جديد فإننا سنواجهه دفاعا ع المواطن أولا، وعن أنفسنا وأسرنا كزطباء لكوننا محرومون من تغطية صحية فعالة، رغم أننا نحن الأطباء والممرضون من يقدم الخدمة/الفحص والعلاج وتحديد الدواء لذلك. إن إطلالة سريعة على برنامج المناظرة سيتضح منه أنه لن يكون هناك نقاش حقيقي حول واقع ومستقبل اصحة بالمغرب، إن كل شيء قد تم إعداده في سرية تامة، وتم الاعتماد على أجنبي من كندا لإعداد كتاب أبيض حول القطاع كما لو أنه ليس بيننا كأطباء كفاءات للقيام بذلك زيادة على كون النظام الصحي الكندي ليس مرجعا عالميا، وتم إشراك البنك الدولي فيما تم إبعاد المنظمة العالمية للصحة، فمن الأولى يا ترى؟ إن المشروع المراد تمريه بإحضار أجانب، ومتدخلين سيرهن المغرب لمدة 30 سنة حسب ما يروجون له. 3 - الدكتور بدرالدين الدسولي: رئيس المكتب الجهوي لنقابة أطباء القاطع الحر بالدار البيضاء. إن نظالنا من أجل تغيير وإصلاح قطاع الصحة ليس وليد اليوم، بل منذ أكثر من عشر سنوات، إذ قمنا بمآت الاجتماعات والمناقشات لتحديد الوضعية، واقتراح البدائل الممكنة، لكن وقتها كانت الهيئة الوطنية للأطباء جامدة بحكم تعيين رئيسها، وقد ناظلنا كنقابة لتغيير الرئيس علي أساس أن يصبح منتخبا من طرفنا. كنا نعتقد أن الدولة تفهمت مطالبنا بعد تعيينها لرئيس مؤقت للإشراف على انتخابات نزيهة لكن الرئيس المؤقت تمسك بالمقعد منذ 2007 حتى اليوم، فيما نحن كناقبة اجرينا انتخابات شفافة وانتخبنا بشكل ديقمراطي رؤساء الفروع الجهوية بل وحى المكتب الوطني والرئيس. لقد ساهمنا بشكل كبير في إعداد قانون المهنة، على حساب وقتنا وعملنا وأسرنا، وكنا ننتظر من الأطراف الأخرى أن تتفهم. 4 - الأستاذ بلحوس أحمد، بروفسور بكلية الطب بالبيضاء. يجب التذكير أولا أن مناظرة للصحة كانت عام 1959، وأمام تدني أوضاع الصحة: ظروف العمل ووسائله وامكانياته، بادرنا الي تشريح الوضعية واعداد البديل، واقترحنا علي الزيرة السابقة ماظرة وطنية يشارك فيها الجميع، لكنها جادتن بمشروع خطير تمت مواجهته بحزم من طرف الجبهة الوطنية للدفاع عن قطاع الصحة، وساهم في عدم تمريره رياح الربيع العربية. اليوم أصحاب مشروع بيع قطاع الصحة لذوي المال يعتقدون أن الظرف ملائم لتمريره، ونحن نرى العكس لأه مرفوض لكونه ضد معالم المواطنين/والقطاع، والأطباء والممرضين... إن هذا المشروع سيحول المريض الى زبون خاضع لمنطق السوق، دورنا أن نقوي جبهة الصلاح ضد جبهة الفساد. إن بعض الأساتذة الأطباء قد ضحوا بالترقيام وبالمناصب والإغاءات وتشبتوا ببقائهم في الكلية لتدريس أطباء الغد، حتى لا يتم تدمير المستشفيات وبيعها لأصحاب المال والنفوذ الدين قد يحولون الصحة الى قطاع تجاري محفض، إننا قد أدينا قسم أبي قراط وسنبقى أوفياد له. 5 - البرفسور لخظر أستاذ بكلية الطب بالبيضاء. إن المقاطعة لأعمال الوزارة ليست جديدة، إننا نحترم أنفسنا ومهنتنا، وثقة الواطنين فينا، لهذا عندما لا يتم إشراكنا في التهييء لعمل ما من طرف هذه الوزارة أو سابقاتها، فإن امنطق يفرض عدم مشاركتنا وتزكيتنا لمشروع نومن أنه أولا ضد المواطن تم المستشفى العمومي وأخيرا الطبيب. إن الوزير لم يفتح معنا نقاشا وحوارا جديدا بل كان يخرج علينا عبر وسائل الإعلام، واستدعى أجانب وكلفهم بدراسات كما لو أن المغاربة ليسوا أكفاء، والعكس فلنا دراسات حول واقع الصحة بالمغرب. إن الوزير أعطى القطاع لأصحاب المال، حيث حتى قبل المناظرة هناك من يبني مصحاته في مدن مراكش والمحمدية... كنا نعتقد أن الوزير بحكم أنه كان زميلانا وكان عميد كلية الطب بالبيضاد فإن سيتشيرنا في كل شيء، لكنه أراد تهميشنا، وعندما قدمنا بعض ملفات الفساد بالكلية فإنه قطع كل استشارة معنا.