شارك مؤخرا، المخرج اللبناني غسان سلهب في فقرات الدورة 13 لمهرجان السينما المغربية والايبيروأمريكية بمرتيل، ضمن فقرة «ماستر كلاس» حيث التقى بالعديد من طلبة وطلبات مجموعة الدراسات والأبحاث السمعية البصرية بكلية الآداب والعلوم الانسانية عبد المالك السعدي مرتيل. ولقيمة الافكار السينمائية التي قدمها غسان ندرج هذا البورتريه له لتقرب أكثر من سينماه وأفكارووجهات نظره حول السينما.. كانت بيروت التي تشكل محور أفلام المخرج اللبناني غسان سلهب، شبحا في فيلمه الأول «أشباح بيروت»، وصارت «أرضا مجهولة» في عمله السينمائي الثاني الذي عرض في مهرجان كان السينمائي، إلى أن غدت «أطلالا» في فيلمه الثالث.. وكما كتب بيار أبي صعب عنه «لعلّ بيروت، بالنسبة إلى غسّان سلهب، هي ذلك المظهر الذي تتمحور حوله «مذبحة الأبرياء» .. بأيّة حال، لقد تخلّص هذا الفنان الراديكالي من أوهامه » .. وهنا «تجترح الأعاجيب كي تنتج فيلماً وتعرضه، ثم... لا شيء. كأنّك لم تفعل شيئاً. تذكّرك بيروت دائماً أنّك لست شيئاً! ». من هذه الأفلام الثلاثة المستوحاة من الحرب اللبنانية مع اختلاف بسيط في طريقة تصويرها، يعتبر سلهب فيلميه «أشباح بيروت» و«أرض مجهولة» قريبان أكثر من الواقع، وأن فيلم «أطلال» الذي يجمع بين الخيال والواقع، يعكس بشكل أكبر الحرب اللبنانية انما بطريقة غير مباشرة. كما يصفها سلهب ب «أشباح حياتنا في الماضي والحاضر ومستقبل بيروت التي عانت وتحولت بين الدمار والعمار في ثلاثين سنة، ما يتطلب قرنين من الزمن». وعن سبب نظرته التشاؤمية في أفلامه، يقول سلهب « تاريخنا ليس ورديا ». وعزا سلهب صفة الغموض التي طبعت فيلمه «أطلال» إلى هدفه الأساسي، وهو الابتعاد عن «ثقافة البلع» كما يحب له تسميتها، وجعل المشاهد يتفاعل مع الفيلم كي لا يقتصر دوره على التلقي من دون تحديد نهاية واضحة، بل يقصد إبقاء الباب مفتوحا أمام كل الاحتمالات التي قد تفتح الجروح والخيال والأحلام.. وتختلف بالتالي بين ردة فعل شخص وآخر. وعن الهدف من الإطالة وعدم الإكثار من المشاهد الحوارية، يقول سلهب: «الابتعاد عن الوسائل التقليدية أو التنظير واحترام عقل المشاهد الذي يفهم من دون اللجوء إلى التفاصيل المملة». ويعتبر أن البطء في الفيلم «يمنح المشاهد فرصة التركيز، وبالتالي يعطي زمن القصة حقه ولا ينجرف إلى زمن المشاهد الذي اعتاد على السرعة في كل شيء». ويقول « أحاول جذب المشاهد إلى نوع معين من السينما ولا أخجل من القول إنها على الهامش، لذا أنا مقاوم في وسط عالم سينمائي نمطي هدفه إلغاء التعددية والتنوع. أعترف أن أفلامي ليست جماهيرية. أعمل وفق قناعاتي، ولا مشكلة لدي أن أكون من الأقليات، وفي الوقت عينه لا أدعي الذكاء أو ألقي باللائمة على من يرفض أفلامي، بل أتقبل النقدين السلبي والايجابي». سلهب الرافض لمصطلح «رسالة السينما»، لأن الرسالة برأيه لها هدف واحد ومحدود، لا يهتم بالهدف، إنما بالطريقة التي من خلالها يستطيع إيصال الرواية أو الفيلم إلى المشاهد. يقول «أنا مقتنع تماما بأن علي اختيار طريقا عكس التيار كي أعطي أحاسيس المشاهد حقها، ولا سيما حاستي النظر والسمع المرتكزتين على الصوت والصورة، فيفهم كل شخص على طريقته ويتفاعل مع العمل وفقا لهذه الأحاسيس». وعن واقع السينما العربية بشكل عام واللبنانية بشكل خاص، يعتبر سلهب أن الهجمة الغربية نجحت وانتهى الأمر، لذا يرى أن العدو ليس فقط أمريكيا، بل هو كل من يهدف إلى إلغاء الآخر والتنوع في المجتمع. ويضيف «معاناة السينما العربية ناتجة عن غياب التمويل والتبادل بين الأسواق العربية، وإذا تم التبادل يبقى مقتصرا على نوعية محددة لا تفي بالغرض المطلوب، كما أن أهم الأفلام العربية تعرض فقط في المهرجانات ولا تعمم على قاعات السينما». غسان سلهب الذي تنقل بين باريس ولبنان، لم يدرس الإخراج السينمائي، ويتولى كتابة كل أفلامه. ويقول «لم أكن موهوبا في صغري. علّمت نفسي بنفسي. أكلت وشربت أفلاما. شاركت في أعمال كثيرة. أخرجت وكتبت عددا كبيرا من الأفلام القصيرة ».