تتفق مجموعة من التقارير الدولية الأخيرة التي تم انجازها حول المغرب ، على تشخيص نفس الأمراض و نقط الضعف التي تنخر جسد الاقتصاد الوطني والتي تجد الحكومة الحالية صعوبة كبيرة في معالجتها ، ويتعلق الأمر أساسا بعدم ملاءمة مناخ الأعمال و وحجم القطاع غير المهيكل و استمرار مصادر التوتر الاجتماعي نتيجة انتشار الفقر والبطالة ، و الاختلال المسجل في التوازنات الماكرواقتصادية خصوصا على مستوى ارتفاع العجز في الميزانية العمومية و تفاقم الكلفة الناجمة عن تحملات نظام المقاصة و وتراجع احتياطات البلاد من العملة الصعبة و ضعف القدرة التصديرية بمقابل ثقل سلة الواردات...وهي جميعها مؤشرات تؤكد أن الاقتصاد الوطني يواجه صعوبات كثيرة تهدد بالحد من النمو الذي ظل يحافظ علىه في مستويات لا تقل عن 5 في المائة خلال السنوات العشر الأخيرة ، قبل أن يندحر في أول سنة من عمر الحكومة الحالية إلى 2.7 في المائة .. صندوق النقد الدولي : الحكومة مطالبة بإصلاح نظام الدعم رغم أن صندوق النقد الدولي، الذي منح المغرب قرضا ائتمانيا بقيمة 6.3 مليار دولار، وجه تعليمات صريحة للحكومة بضرورة إصلاح صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد، فإن هذه الاخيرة فضلت تأجيل هذا الموضوع الى حين الانتهاء من حروبها الداخلية ، وهوما لن يرضي بالضرورة مسؤولي صندوق النقد الدولي وعلى رأسهم رئيسته كريستين لاغارد التي وجهت مؤخرا رسالة بالصوت والصورة للحكومة من أجل تنبيه الحكومة لضرورة مراجعة نظام الدعم و اصلاح التقاعد وهو نفس ما أشار إليه آخر تقرير للصندوق الذي توقع ارتفاع مستوى التضخم إلى 2.5 في المائة خلال 2013 بسبب إجراءات مرتقبة لإصلاح نظام الدعم، واستقرار عجز الميزانية في ناقص 5.5 في المائة، وتراجع احتياطيات العملة الصعبة للبلاد بحوالي 7.1 في المائة. غير أن الخلاف الكبير بين مكونات الحكومة حول إصلاح صندوق المقاصة، خصوصا بين مقاربة حزب العدالة والتنمية لهذا الموضوع و حزب الاستقلال هو الذي كان وراء تفجير التحالف الحكومي الذي وصل اليوم إلى الطريق المسدود.. موديز : هناك تدهور كبير في البيانات المالية للحكومة من المتوقع أن تعيد وكالة التصنيف الائتماني موديز، خلال الأسابيع القليلة القادمة ترتيب المغرب على ضوء المؤشرات الاقتصادية والسياسية الراهنة والتي تختلف عما كانت قد سجلته خلال أخر زيارة لها لبلدنا، خصوصا وأن المغرب لم يحقق تقدما في المؤشرات التي جعلت هذه الوكالة تخفض ترتيب المغرب من درجة »مستقر« إلى »سلبي«. ويرجع ذلك أساسا إلى الارتفاع المسجل في نسبة العجز العام بالبلاد الذي مازال مستمرا في الارتفاع، حيث تشير آخر الاحصائيات الرسمية إلى تجاوزه لعتبة 21 مليار درهم. وقد سجل التقرير الأخير لوكالة موديز ، والذي بنت عليه تصنيفها : «التدهور الكبير المسجل في البيانات المالية للحكومة، والذي يعكسه بجلاء الارتفاع الملحوظ في عجز الميزانية العمومية « . وهو ما ادى إلى تفاقم اختلال التوازنات المالية للمغرب في السنة الماضية، مع ارتفاع عجز الميزانية الذي بلغ 7.1في المائة من الناتج الداخلي الخام. تقرير موديز نبه أيضا إلى أن العجز المسجل في الحساب الجاري للمغرب قد اقترب في العام الماضي من 10 في المائة من الناتج الداخلي الخام ». واعتبرت الوكالة أنه »من المرجح أن يظل هذا العجز على مستوى عال في عام 2013.« . ومع أن موديز وعدت بأنها قد تراجع تصنيفها للمغرب في اتجاه العودة إلى نظرة مستقبلية مستقرة ، إذا ما التزمت الحكومة «بتنفيذ التدابير الرامية إلى وقف تدهور عجز المالية العامة» فإن الحكومة لم تعمل خلال الفترة التي تلت هذا التقرير على تحسين أي من هذه المؤشرات ، ما يعني أن التقرير القادم سيوبخ الحكومة على تهاونها. ستاندرد أند بورز : ارتفاع العجز يهدد المغرب بالتراجع في التقيط الدولي ستحل بالمغرب خلال الأيام المقبلة بعثة من وكالة التصنيف الائتماني »ستاندردز أند بورز« والتي كانت بدورها قد حذرت مؤخرا من تخفيض التصنيف الائتماني للمغرب، بعد أن أضافت تأشيرة سلبية على موقعه «BBB» الذي ظل يحافظ على مستواه السابق. وحسب آخر تقرير لهذه الوكالة، فإن هذه المراجعة لتصنيفها ترجع لوجود مخاطر في المغرب تهدد استقراره السياسي والاجتماعي، داعية إلى ضرورة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية. وأبرزت الوكالة في تقريرها أن «تكهناتها السلبية تعكس أنها يمكن أن تعمد إلى تخفيض التصنيف الانتمائي للمغرب في حالة ما لم يتمكن من التقليص من العجز في موازنته، فالضغط الاجتماعي يرتفع مقارنة مع التقدم في الإصلاحات، وأن التقدم الاقتصادي يتأثر بالمحيط الخارجي للبلاد والذي يزداد ضعفا» وذلك في إشارة الى الشركاء الاقتصاديين للمغرب. وقد منحت الوكالة للمغرب ، تصنيفها الائتماني «بى بى بى سالب» ، وهو تصنيف يعلو قليلاً فوق «وضع السندات غير المرغوبة»، لكن التوقعات السالبة تؤدي عادة إلى إمكانية خفض آخر في المستقبل. ترانسبارانسي : الرشوة آفة مناخ الأعمال في المغرب من جهتتها تكشف منظمة ترانسبارانسي في دراسة دولية أجرتها مؤخرا أن 55 في المائة من أرباب المقاولات يؤمنون بتفشي الرشوة داخل الادارات المغربية ويعتقدون ان معظم الموظفين الرسميين يمكن أن يقبلوا بها مؤكدين أن الأمر شائع بقوة. بينما لا تتعدى نسبة الذين لايعتقدون بوجود الرشوة 3 في المائة. واعتبرت الدراسة أن المغرب احتل في قياس مؤشر الفساد لدى الموظفين العموميين 4.1 من أصل 5 كأعلى معدل. إلى ذلك أكد 28 في المائة من المستجوبين أنهم لم يحصلوا خلال الشهور الاثنا عشر السابقة للدراسة على أي عقد لطلبات العروض لكون الفائزين بها قدموا رشاوى. مقابل 2 في المائة في اليابان و 9 في المائة في سانغافورة. وتقول الدراسة الدولية لترانسبارانسي والتي أجريت على عينة مكونة من 3016 مقاولة من ضمنها 100 مقاولة مغربية أن 53 في المائة من أرباب المقاولات المغربية يعتبرون أن السياسات التي تنهجها الحكومة «غير ناجعة بتاتا» مقابل 5 في المائة فقط يعتبرونها «ناجعة». كوفاكس : ارتفاع مظاهر الفقر والبطالة خصوصا بين الشباب على مستوى جاذبية المغرب الاستثمارات الخارجية قال تقرير أنجزته مجموعة كوفاس الدولية، المتخصصة في مجال تأمين الائتمان وتوجيه المستثمرين، إن نقط الضعف التي يتسم بها المغرب كوجهة للاستثمار تتجلى في كون اقتصاده لايزال يعتمد اعتمادا كبيرا على الزراعة، منتقدة ضعف الإنتاجية والقدرة التنافسية، وارتفاع مظاهر الفقر والبطالة خصوصا بين الشباب، واستمرار مصادر التوتر الاجتماعي، ???وهشاشة? القطاع السياحي في علاقته بتقلبات الاقتصاد الأوروبي واحتمال تعرضه للأعمال الإرهابية، ??بالإضافة إلى عدم كفاية التقدم المحرز في مجال مناخ الأعمال. في المقابل أوضح التقرير الذي اعتمد على دراسة أنجزت حول نسبة انتشار المخاطر حسب البلدان، أن نقط القوة التي يتمتع بها المغرب تتلخص في تنوع موارده الطبيعية والزراعية وغنى مقوماته السياحية، وموقعه الجغرافي المتميز، بقربه من السوق الأوربية، مشيدة بالإصلاحات الاستراتيجية المعتمدة في تنويع الإنتاج، خصوصا في مجال صناعة الطيران والسيارات ولإلكترونيك و الصناعات الكيماوية والنسيج والجلد بالإضافة الى الصناعات الغذائية. كما أبرزت أهمية سياسات الحفاظ على التوازنات الماكرواقتصادية ودخول البلاد في مسلسل الإصلاحات السياسية. واعتبرت الدراسة أن المغرب يواجه صعوبة في الحفاظ على مستوى العجز، مشيرة إلى ارتفاع الديون الخارجية وإن كان ثمة هامش يمكن من التحكم فيها، وهو ما سمح لصندوق النقد الدولي بمنحه »خط الائتمان والسيولة« . واعتبرت الدراسة أن المغرب يواجه صعوبة في الحفاظ على مستوى العجز، مشيرة إلى ارتفاع الديون الخارجية وإن كان ثمة هامش يمكن من التحكم فيها، وهو ما سمح لصندوق النقد الدولي بمنحه »خط الائتمان والسيولة« غير أن نظام الدعم، تضيف الدراسة، أصبح يشكل عبئا ثقيلا على الموازنة العامة للبلاد.