في مثل هذا اليوم بالذات قبل عشرين عاما، و على ضفة قناة بمدينة «نيفر» و بعد حملة تشهيرية كبيرة ضده، وضع «بيير بيريغوفا» الوزير الأول الفرنسي في عهد «فرانسوا ميتران» حدا لحياته بطلقة مسدس استعاره من حارسه الشخصي. فمن هو «بيير بيريغوفوا» الذي قاد حملة ضد الفساد و وجد نفسه واحدا من المستفيدين من «الريع»؟ ابن ضابط أوكراني من الجيش الأبيض، هاجر إلى فرنسا حيث أشرف على تسيير مقهى و متجر بقالة في «روين» ، حيث تزوج و رُزق في 23 ديسمبر 1925 بطفل سيكون له شأن كبير هو بيير. نال الشهادة الابتدائية في سنة 1937 ، لكنه سيضطر سنة 1941 ?بسبب مرض والده- إلى مغادرة الثانوية للعمل في مصنع ‹فرانكل» للنسيج، ثم انتقل للعمل في السكك الحديدية حيث سينضم إلى خلية للمقاومة ضد النازية و إلى الشبيبة الاشتراكية. و في سنة 1949 كان ضمن ديوان وزير الأشغال العمومية و النقل «كريستيان كوي» كمكلف بالعلاقة مع النقابات. و بعد ذلك بسنة دخل مؤسسة «غاز دو فرانس» كعون تقني-تجاري، و تدرج بها في سلم الترقية إلى أن أنهى مساره بها سنة 1978 كمدير عام مساعد. أما مساره السياسي فقد تميز بالنشاط المكثف إلى أن أصبح سنة 1960 مساعدا ل «بيير منديس فرانس» مكلفا بالشؤون الاجتماعية. و في سنة 1969 انضم للحزب الاشتراكي الجديد و شارك في مؤتمر «إبيناي» سنة 1971 للحزب الاشتراكي قبل أن يساهم في مفاوضات البرنامج المشترك و ساهم بنشاط في الحملة الانتخابية الرئاسية ل «فرانسوا ميتران» سنة 1974. و في سنة 1977 تفاوض مع الحزب الشيوعي الفرنسي حول تجديد البرنامج المشترك . في سنة 1982 تولى منصب وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة «بيير موروا» و في يوليوز 1984 تولى منصب وزير الاقتصاد و المالية و الصناعة في حكومة «لوران فابيوس» قبل أن يصبح وزير دولة للاقتصاد و المالية و الصناعة في حكومة «ميشيل روكار»حيث وضع سياسة الفرنك القوي و تحريرالأسواق المالية و تحديث البورصة مما منحه سمعة مدبر ممتاز لدى أوساط المال و الأعمال. و في أبريل 1992 عينه «فرانسوا ميتران» وزيرا أول ( و وزيرا للدفاع من 9 إلى 29 مارس 1993) على رأس الحكومة كان عليه أن يواجه الهجمات التي تستهدف أغلبيته و التحقيقات القضائية في ملفات الفساد المتعددة التي طالت رئيس الجمهورية نفسه، إضافة إلى الصعوبات الاقتصادية و غضب اليسار الذي رأي فيه رمزا لتحالف الاشتراكيين مع الليبرالية الاقتصادية. و لأنه قدم نفسه، حين عرضه للسياسة العامة لحكومته، كمكافح ضد الفساد داعيا القضاة إلى متابعة الغش و التهرب و الفساد مهددا بالكشف عن لائحة شخصيات عمومية و متوعدا إياها بأقسى العقوبات، فإنه حين كشفت الصحافة في فبراير 1993 عن حصوله على قرض بدون فوائد من أجل اقتناء شقة في الدائرة السادسة عشر بباريس سنة 1986 . و رغم أن هذا الأمر لم يستتبع أي متابعة قضائية ضده إلا أنه و هو الرجل الصارم و النزيه الذي كان يريد أن يكون مثاليا، فقد قرر وضع حد لحياته في مساء فاتح ماي سنة 1993 .