وجد الرئيس عبد الإله بنكيران وحده أمام مرآته، حول مائدة الحوار التي دعا إليها بعد أن قاطعته النقابات الأولى في البلد. بنكيران لم تسعفه عزلته، وخرج في مؤتمر شبيبة الحزب يبحث من جديد عن الأعداء الذين يقفون في وجه تجربته الحكومية. هي عادة، لكنها، للأسف، تزداد انحدارا، في كل هجوم. بدأ الأعداء في رتبة العفاريت، ثم صاروا تماسيح، ثم، فجأة، وفي فورة الغضب، نزلوا رتبة أقل ليصبحوا.. مشوشين، وفي الدرك الأسفل من اللغة السياسية في البلاد صاروا... سفهاء. لست أدري إن بقيت في سلم النزول اللغوي، مفردة بعد السفهاء، لكن السيد الرئيس لابد من أن يغني قاموس السياسة في البلاد بمثل هذه التراكيب..وننتظر غضبة اليأس القادم لكي يخرجها من فمه.. لكن، لسبب ما أعتبر أن رئيس الحكومة قد يستفيد من بقائه لوحده أمام المرآة: يناجيها، باسمها البلوري الصقيل: قولي أيتها المرآة ماذا كان يمكن أن أقول للعمال، في هذا الحوار! لقد اعتاد العمال أن يسمعوا من كل التيارات السياسية والفكرية جملة واحدة، قالها الاشتراكيون والليبراليون والحقوقيون والفوضويون والتروتسكيون والبوذيون والقساوقة في لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية: يا عمال العالم اتحدوا. والآن وقد اتحدوا في مقاطعة بنكيران، فماذا عساه يقول لهم غير «يا عمال العالم صلوا على النبي، ونعلوا الشيطان وتعالوا»!! وهي دعوة قابلة لللتعميم، بعد أن أصبح العالم العربي، بعد الزغب العربي الأخير، لا يسمع سوى النصائح الروحية. يقولها الغنوشي في تونس، ويقولها مرسي في مصر، ويقولوها الإسلاميون في ليبيا... ويسود العالم العربي صمت يليق بالقبور، ونتخلص من وجع الرأس والشعارات التي كانت في فترة ... الجاهلية! من مصلحة العمال أن يتركوا الاحتفالات التي ابتدعتها دار الكفر، ويلتحقوا بحركة التوحيد والإصلاح، لعل الله سبحانه وتعالى يغفر لهم يرفع أصواتهم في يوم عالمي. في يوم مشهود.. ومن لم يجد منهم مطالب يرفعها، فليتمتم! وليتركوا الإضراب، فإنه حرام، وما سبق للسلف الصالح أن أضرب ولا رفع مذكرات ولا عارض أولي الامر في العدل والاقتطاعات.. يا عمال العالم والمغرب صلوا على النبي، وادخلوا مكاتبكم ومعاملكم، لكي لا يطالكم القانون الجديد أو الفصل 288!