أسبوع عصيب عشنا دقائقه وساعاته بقلق أعمق من كل قلقنا، ونحن نبحث عن جواب للمبادرة الأمريكية التواقة الى إيجاد ثقب في أقاليمنا الجنوبية لتسريب بعض من مخططات الضغط في رفع سقف المطالب كي لا نجرؤ على قول الحقيقة المرة المنوطة بمهمة المينورسو في صحرائنا المغربية. تلك الحقيقة التي شمت عن بعد، قبل أن تتسرب بالصوت والصورة في عدد من المواقع الإلكترونية، وفي صفحات التواصل الفيسبوكية. وهو أسبوع راجعنا فيه كل أوراقنا التي سطرناها دفاعا عن حقوق الإنسان، وانخراطنا فيها حتى التماهي مع المنظمات الدولية بقناعة أننا نناضل من أجل دولة الحق والقانون، والإصلاحات الدستورية ومأسسة الحياة السياسية، كي نكون غدا صفا الى جانب الدول الديمقراطية. وجاء دستور 2011 مترجما لمسيرتنا النضالية، كشعب جعل من التوجه الى المستقبل نهجه في كسب معاركه في بناء الوطن بالديمقراطية، وبالحفاظ عن الوحدة الترابية، والدفاع عن استقراره بإصلاح المؤسسات في إطار وضع القوانين المصاحبة . وهي القوانين التي دفنت -من سوء حظنا- بيد من وضعوا بالفعل والقوة على رؤوسنا ، بفعل الدعم الآتي من الدوائر المخدومة خارج الحدود الوطنية، تلك التي حطت بعقالها كالصفر فوق أدمغتنا الصغيرة جدا ، وبدعم قوة « رياح ما يسمى الربيع العربي» الذي استعمله تجاره كالسيف فوق أعناقنا، وصاحوا بأعلى أصواتهم:» نحن هم ممثلو الشعب الآتي من كل الممرات»، حتى تساءل الشعب نفسه : «هل ستزال عنه صفة الشعب إن خلف الموعد مع الناطقين باسمه وباسم موجة رياح الشرق العاتية «. وغاب رئيسنا في غفلة منا، واختفى عن الأنظار، وأصبحنا بقدرة قادر مغربا بحكومة متلاشية حد الاختفاء الكبير. حكومة بشتات في الممرات الجانبية، بدا فيها رئيسها ذو الصلاحيات الواسعة مفقودا، حتى أن عبد الحليم حافظ نهض من قبره ليردد أغنيته «قارئة الفجان» على المقاس المغربي، باحثا معنا عن الرئيس الذي اختار إقفال بيته بإحكام، داعيا حراسه الى تكثيف تواجدهم، بإضافة خيمة أخرى أمام بيته، من أجل حراسته من العفاريت والتماسيح المختلفة عن تلك المتخصصة في عرقلة مهامه الكبرى جدا في محاربة « فساد الداخل». وهي تماسيح وعفاريت بجنسيات مختلفة تلعب في ملفات الوطن في الدوائر الخارجية. وهي العفاريت والتماسيح التي دفعت رئيسنا في الحكومة السيد عبد الإله بنكيران الى استدعاء مستشاريه في « التوحيد والإصلاح» على عجل للبحث في طبيعة تفكيرها، وسبل محاربتها «بالجن الأحمر» القادر على قطع البحار والوديان والجبال عبر القارات وعواصم الدول الكبرى، ودس السم في الأقداح المعتقة لخصوم وحدتنا الترابية ، بل مسح تقاريرهم من الأجهزة الإلكترونية وكل الاقراص المستنسخة الموزعة في محافظ الاستخبارات العالمية. كما قدرة «الجن الأحمر» على إحراق أماكن اجتماعاتهم وقطع أسلاك تواصلهم. وهو استدعاء وزعت فيه «التسابيح» من مختلف الألوان والأشكال للقيام بالمهمة التي لا يفصل فيها الدين عن السياسة، بل يوظف لإنجاز المهمة عبر الاسلاك غير المرئية. في حين تكلف وزيره في العلاقة مع البرلمان وفريقه الأغلبي لمنع «عفاريت وتماسيح وضفادع الداخل « من الحديث عن الطريقة التي دبر بها الحزب الأغلبي عرقلة «قانون يقضي بتنظيم أملاك الدولة الخاصة». لكن رغم كل الضجيج المفتعل والبئيس الذي ساد الجلسة الشفوية بقبة برلماننا ، والمنعقدة في ظرف دقيق وحساس من محطة قضيتنا الوطنية، فإن ذلك الضجيج لا يمنعنا من التفكير في الفراغ الذي تركته فينا «قفشات السيد الرئيس»، لهذا نقول للسيد بنكيران :» توحشناك»، فما أحوجنا الى مسرحية في قبة البرلمان الذي تفّهته، وحقّرته ، وجعلته بدون سلط تشريعية وبدون مهام ليتحول اليوم إلى فضاء لتبادل « فرقعات الذوات»، وممرات لتبادل اللكمات بصيغ كل هذا الخواء الفكري والسياسي الذي ملأ الأذهان بكل المقاييس.