اختتمت أمس الأحد 14 أبريل، أشغال المؤتمر الوطني السابع للنقابة الوطنية للصحة، العضو في الفدرالية الديمقراطية لشغل بانتخاب مجلس والمكتب الوطني، المؤتمر الذي انعقد تحت شعار: «الصحة أساس العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية» ، عرف مشاركة 450 مؤتمرا ومؤتمرة تمثل فيهم النساء 20 في المائة والأطباء 15 في المائة، وقد تميزت الجلسة الافتتاحية بالحضور الوازن للعديد من المناضلين والمناضلات يمثلون مختلف النقابات الحليفة والاحزاب السياسية الديمقراطية والحداثية، وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية .. وكانت أقوى لحظات هذه الجلسة هي الشعارات القوية التي هزت القاعة وكانت تقاطع كل الكلمات، ما أعطى حيوية لهذا المؤتمر. كلمة المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة التي ألقاها الكاتب العام محمد الدحماني كانت غنية بالعديد من المعطيات والارقام التي ترصد للواقع الصحي ببلادنا، انطلاقا من مجموعة من المؤشرات السوسيو اقتصادية التي صدرت في الاسابيع الفارطة من لدن بعض المؤسسات الوطنية، والدولية والتي تشكل أكبر دليل على مشروعية انشغالات الشغيلة الصحية وقلق الفاعلين الاجتماعيين. ففي مجال التنمية البشرية لايزال المغرب يحتل المرتبة 130 من بين الدول، ويتعلق الامر بالمؤشرات المرتبطة بالتعليم والصحة والسكن والتشغيل(انظر الكلمة كاملة في جانب آخر). أما عبد الرحمان العزوزي الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، فقد حذر من انفجار الأوضاع بالمغرب وبما لا تحمد عقباه، مشددا على أن حكومة بن كيران لا تعرف ما تقدم ولا ما تؤخر. ونبه الكاتب العام للفيدرالية للشغل إلى أن النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي والحكومة تمارس الإجهاز على حقوق ومكتسبات الشغيلة المغربية وعموم الشعب المغربي الشقيق. وشدد العزوزي في عرضه مخاطبا نقابيي الصحة على ضرورة الوفاء للمناضلين والمؤسسين الذين أدوا غاليا من حريتهم ومن حياتهم من أجل الدفاع عن المهنة النبيلة، حيث حسب العزوزي ليس هناك أشرف من الاعتناء بالإنسان، وبصراحته المعهودة قال العزوزي للمؤتمرين والمؤتمرات» الله إيكون فعونكم» تعيشون ظروفا صعبة ماديا ومعنويا، حيث هناك نقص حاد في الموارد البشرية والتجهيزات والبنيات الأساسية لكنكم تمارسون مهامكم الإنسانية بشرف ومروءة، إن نقابتكم يضيف الكاتب الفيدرالي، التي تأسست في أبريل 1979 وساهمت في كل المحطات النقابية وفي الحوارات الاجتماعية من أجل تحسين وضع العاملين والعاملات، واليوم تعيش تحت ظل حكومة أتى بها الزمان، حتى الحزب الأول فيها لم يكن يحلم بتحمل هذه المسؤولية فشرعوا منذ البداية في تقديم وعود براقة وشعارات وآمال كبيرة ولكنهم غيروا قولهم اليوم، وأصبحوا يتحدثون عن أزمة خطيرة ونحن نقول إن الخطير أن تسند المسؤولية لغير أهلها. ويِؤكد العزوزي إن من يعمق الأزمة هي الحكومة نفسها عبر كلامها المتناقض سواء لرئيسها أو أعضائها، وهي التي خلقت البلبلة وأفزعت المستثمرين في الداخل والخارج. وأشار المتحدث إلى قرار التقليص من الاستثمار واعتبره مساهمة في تعميق الأزمة. وفي تقييمه لسنة ونصف من الأداء الحكومي، أكد العزوزي على أن الحكومة تراجعت عن كل التزاماتها في ما يخص حماية الحريات بعدم إلغاء الفصل 188 والتراجع عن اتفاق فاتح يوليوز، وأول ما تكرمت به هو الزيادة في ثمن المحروقات وانعكاس ذلك على باقي المواد الأساسية للاستهلاك كما خرقت الدستور بشكل سافر باقتطاعات من أجور المضربين وهو ما يؤكد حسب العزوزي بأننا أمام حكومة عاجزة لا تستطيع اتخاذ قرارات إيجابية لفائدة الشعب المغربي. وأحاط العزوزي المؤتمرين علما بأن الحكومة كانت تعد لزيادات في أثمنة جميع المواد الاستهلاكية لكن المسيرة الوطنية الموحدة ل31 مارس بالرباط فرملت هذه القرارات، مؤكدا «أنتم أبناء الصمود وأبناء التحدي وأبناء الفيدرالية ، والفيدرالية لن تصمت عن أي قرار جائر.» وباسم المكتب السياسي ونيابة عن الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، تناولت فاطمة بلمودن الكلمة حيث أكدت أن الاتحاد الاشتراكي بعد مؤتمره التاسع أخذ على عاتقه عدة مهام أساسية، ومن ضمنها أن يجعل من العمل داخل المجتمع وسيلة أساسية لمعالجة تبعيات كل ما نعيشه اليوم سواء على المستوى السياسي أو على المستوى الاقتصادي . وأضافت أن هناك بطءا في تنزيل الإصلاح الذي تضمنه الدستور، وأن هناك ارتباكا في معالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية وعدم الشفافية في ما يقدم من معلومات للمغاربة عن حقيقة الوضع الاقتصادي وتبعاته على المواطنين.. وأشارت الى أن هناك قمعا شرسا لكل التحركات الشعبية وتضييقا ممنهجا على الحريات النقابية، وتضييقا على حق الإضراب الذي هو حق مشروع والأكثر من هذا نعتبر أن فرض الاقتطاع من الأجر بعد الإضرابات هو إجراء دون سند قانوني وهو مرفوض.. قمع حرية التعبير نال منه الصحافيون في الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية حظا وافرا.. وشددت فاطمة بلمودن على ضرورة التكتل اليوم من أجل النضال السياسي والنضال الحقوقي كواجب أساسي، وقالت بأن المقاربة الاجتماعية التي تبناها الحزب منذ مؤتمره التاسع ولأنه اختار المعارضة مدخلا لتفعيل هذه المقاربة الاجتماعية.. هي حشد الجبهة النقابية الديمقراطية والحداثية بهدف دعم النضال الشعبي في هذه المرحلة، والدفع في تأسيس كتلة اجتماعية حداثية تكون المبادرة فيها لمناضلاتنا ومناضلينا في جميع النقابات المهنية. وأكدت في هذا الصدد أن النقابات هي الاذرع الجماهيرية الأساسية لتأطير المجتمع والدفاع عن حقوقه، ومحاصرة السياسات اللاشعبية التي تنكرت لشعاراتها الانتخابية، وأصبحت وهي على كرسي الحكم تخدم هما وحيدا هو الحفاظ على هذه الكراسي والتباكي على عوائق وهمية تسميها تارة تماسيح وتارة أخرى العفاريت، وأخيرا الفلول حتى تقول نفس الشيء الذي يقوله إخوانها في مصر، لا توجد هذه الأوهام إلا في أدهان هؤلاء الذين عبروا بالفعل عن عجزهم عن تدبير شؤون المغاربة. وحول لمؤتمر الوطني السابع للنقابة الوطنية للصحة، قالت بلمودن إن شعاره الصحة أساس العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية، يدل على أن النقابة هي نقابة وطنية، تهدف ليس فقط إلى الدفاع عن مطالب مهنية وإنما إلى تأسيس رؤية وسياسة صحية يمكن ان تنقد معاناة المغرب على مدى العصور.. وقالت عضو المكتب السياسي:» لا يمكن أن نتهم هذه الحكومة أنها فشلت، كل الحكومات منذ الاستقلال فشلت في أن تجعل من هذا الملف الصحي ذا أولوية، «أنا دخلت البرلمان في سنة 97 كانت ميزانية الصحة آنذاك لا تتجاوز 1,3 في المائة تم بجهد جهيد مع حكومة اليوسفي صعدت إلى 3 في المائة، واليوم سألت الأخ الفاتحي وقال لي لا تتجاوز 4 في المائة، نسير ببطء كبير ونهدم التنمية، ونهدم البشر بهذا التراخي في إعطاء الأولوية لهذا الملف. « وأشارت الى أن ملف الصحة في نظرها لا يحتاج إلى ميثاق وطني، فكم من قضية وضع لها ميثاق، أين هو ميثاق التعليم؟ ما حال التعليم اليوم؟ مؤكدة أننا لسنا في حاجة إلى مواثيق فقط، لقد بذلنا جهدا في أن يكون هناك ميثاق للتربية والتكوين، وأسسنا اللجان وقمنا بهذا الميثاق وفعلناه عن طريق قوانين لكن ما حال تعليمنا؟ وأضافت فاطمة بلمودن:» نحن نحتاج فعلا إلى إرادة سياسية حقيقية من طرف أعلى سلطة في البلاد، إلى آخر مواطن في المجتمع لكي نحقق نقلة صحيحة في ميدان كميدان الصحة والتعليم، لأنهما قضيتان وطنيتان وليست قضايا حكومة أو قضايا وزارة معينة، نحتاج فعلا إلى حكامة جيدة وإلى تدبير جيد، في ملفي التعليم والصحة، لأنهما من الملفات التي يطهر فيها سوء تدبير بشكل واضح حتى عندما تكون النوايا والحلول طيبة وجيدة، كما يحدث الآن مع «رميد». رميد وضعناه في حكومة اليوسفي، وكانت أهدافه طيبة وجيدة لكن عشر سنوات ونحن جالسون دون أن نوفر له أية بنية أساسية التي يمكن أن نؤسسه عليها. اليوم رميد يطبق بارتجالية كبرى وهذه الارتجالية أفرغت هذا المبدأ النبيل الذي هو المساعدة الطبية للمعوزين، من كل محتوياته، بل إنه يستغل من طرف الحكومة الحالية، استغلالا سياسويا انتخابويا وهناك الزبونية والمحسوبية في إعطاء البطائق، بالإضافة إلى العوائق التي تقف أمام تنفيذ هذا الإجراء في كل المدن والقرى الآن..» وأبرزت فاطمة بلمودن أنه كان يجب أن نبدأ بتأسيس البنية الصحية أو البنية الأساسية لتأسيس هذا المبدأ النبيل ، لأنه ليس سهلا أن نحدد من هم المعوزون.. المغاربة اليوم أصبح العوز يطال حتى الطبقة المتوسطة منهم، وبالتالي لابد من الهمة من أجل إيجاد بنية أساسية لهذا المشروع والتي يمكن أن تسمح بتطبيقه اليوم، دون أن يكون التطبيق بهذا الارتجال الذي نراه اليوم، ولما لا يكون هناك تطبيق تدريجي؟ وبعدما تحدثت عن إشكال المنظومة الصحية بصفة عامة، وعن معاناة المغاربة في هذا المجال، شددت على ضرورة التركيز في هذا المؤتمر على مسألة الحكامة داخل هذا القطاع، مسألة ضعف التدبير الصحي، مسألة الموارد البشرية، تكوين هذه الموارد، ومسألة تقريب الصحة من المواطنين.. واعتبرت أن الضعف في التدبير الصحي وفي إدارة المنظومة الصحية هو سبب أعطابها منذ الاستقلال، حيث تُعطى هذه الوزارة لمن لا علاقة له بها، و سوء التدبير هذا ينعكس على مجموعة من المجهودات التي قام بها المغرب في محاربة الكثير من الأمراض، وقالت: «عندما ولدت في بداية الخمسينات، لم أر أحدا مصابا بالذام، الآن هناك مرض الجذام، رأيت الذين أصيبوا بالسل حتى داخل عائلتي، لكن اليوم فالسل قد عاد، وهذه الأمراض هي التي تبين التخلف، وهي علامة لتخلف بنية تنموية معينة، أو بلد معين، إذن نحن الآن نتجه نحو التخلف. في دول أخرى يعطى للصحة حقها في ميزانية الدولة وفي أنها استثمار في البشر، لأنه هو الاستثمار الحقيقي، وبالتالي لابد أن يكون هذا المحور، محور مداولاتكم داخل هذا المؤتمر، كيف يمكن أن نخرج من هذه الحلقة اللولبية لفساد منظومة صحية، بالإضافة إلى مشاكلكم بطبيعة الحال المهنية، اليوم هناك الدول التي تتحدث ليس في الحق في الصحة بل في الحق في الرفاه، ومعناه أن يشيخ المرء وهو لا يزال يتمتع بصحته ويحس بسعادته وتكون له القدرة في أن يعيش معنى الكينونة والحياة وتبقى لديه صورة جمال الحياة. « واختتمت فاطمة بلمودن كلمتها مؤكدة أن «نداء الاتحاد الاشتراكي اليوم لكم ولجميع النقابات أننا يجب أن نعمل على استعادة المبادرة داخل المجتمع، وفي الساحة السياسية». ممثل النقابة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، تلا رسالة من الكاتب الوطني لهذه النقابة تمنى فيها النجاح للمؤتمر السابع، مؤكدا على تكريس استمرار البعد النضالي إلى جانب كل المكونات النقابية المخلصة لمبادئ العمل النقابي النبيل. هذا وقد تمت المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي بعد نقاش جاد ومسؤول، لكن الذي أعطى لهذا المؤتمر نكهة خاصة هو تنظيم ندوة تمحورت حول موضوعين أساسيين: الأول يهم المضاعفات التي قد تجعل بعض العلاجات تقع في الخطأ الطبي والخطأ المهني ، والثاني يهم الأخطار المهنية وحوادث الشغل وقد شارك فيها أساتذة جامعيون من كلية الطب ونادي القضاة ومحامون وأطباء بمساهمة من وزارة الصحة ومديرية التشريع والقوانين ومصلحة طب الشغل.