قال بشير بكر في حوار أجريناه معه على هامش مشاركته بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء أن قوة الإسلامين في سوريا جد محدودة ، ويجري النفخ فيها لأسباب تتعلق بما ما يحصل في بلدان عربية أخري، مؤكدا أن حجمهم لا يتجاوز 20 و 20 في المائة. مضيفا أن سوريا لن يحكمها الإخوان المسلمون،وهم موجودون في الشاشات الكبرى و في الواجهة الخارجية وغائبون على ارض الواقع في ميدان القتال. و هذه اللحي ليس لها تاريخ في معارضة نظام الأسد ، مستدركا بالقول أنه لكي نكون منصفين و إذا أردنا أن نناقش حقها الآن في المعارضة ، فنعم هي لها حق في المعارضة.وإذا أردنا تقييم حجمها في المعارضة فليس لها حجم. وقصة القاعدة ، استعملها النظام السوري كاحتياط لأنه كان في الأفق مجيء الأمريكيين إلى سوريا بعد العراق. مضيفا أن سلاح النظام كان هو الإرهاب. فلكي لا يتقدم الأمريكيون الى سوريا دفع بهم للحرب في العراق ، ودعمته إيران في هذا ذلك. وكل جماعات القاعدة العائدة من أفغانستان كانت تمر عبر إيران. وهذه المجموعات الإرهابية أعيد تأهيلها بسوريا وبإيران وأدخلت إلى العراق، وهناك أطراف أخرى سهلت ذلك بالتخلي عن مجاهديها مثل السعودية والأردن وفتحت الحدود وهؤلاء لهم عنوان واحد هو دمشق. { الأستاذ بشير الوضع اليوم في سوريا أسال الكثير من المداد الذي يقول أن ما يحدث على أرض سوريا هو نتيجة طبيعية لمطالبة شعب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية من نظام أحكم قبضته الحديدية على شعب منذ عقود خلت، في حين أن هناك رأيا آخر يرى أن ما يحدث في سوريا هو ضمن حراك لثورات عربية متشابهة في أكثر من موقع، حركتها أياد خارجية واستعملت فيها الإسلاميين لإسقاط أنظمة من أجل سيناريو آخر تتحكم فيه مصلحة هذه الأيادي في المنطقة، نريد منك أن تضعنا من موقعك كمعارض في حقيقة الأمور؟ إذا تحدثنا عن مسألة الأيادي الخارجية حتى لو افترضنا أنها قائمة ، هل بإمكانها إنزال ملايين الناس إلى الشوارع وتسقط أنظمة . وأتوقف هنا عند نموذجين التونسي والمصري قبل تدخل الناتو لدعم الثوار في ليبيا. ففي مصر وتونس سقطت أنظمة عسكرية بفعل الشارع، دون أن ننفي أن التدخل الخارجي تدخل بعد الحراك في إطار تنسيق وبحث عن مخرج بين الجيش وأطراف خارجية من أجل إيقاف الثورة عند حد معين. وهذا الأمر ليس سرا وهو متعلق في التنسيق بين المؤسسة العسكرية وأمريكا لوضع سقف للثورة وعدم تركها تذهب إلى مداها الأخير. وفي ليبيا تدخل الناتو وساعد الليبيين على إنجاز ثورتهم، ولولا تدخل الناتو لما استطاع الليبيون انتزاع القذافي من السلطة . كذلك وضع حد للثورة في اليمن في إطار المبادرة الخليجية. أما في سوريا فالأمر مختلف إلى اليوم. هذا يعني أن كل المبادرات الخارجية قامت على منطق الحل السياسي للمحافظة على النظام، أما الثورة السورية فهي إلى اليوم ثورة شعبية بكل معنى الكلمة، وليس هناك ثورة شعبية - بعد الثورة الفرنسية-بحجم ثورة سوريا وبحجم زخمها وقدرتها على العطاء. ولحد اليوم، فحدود التدخل الخارجي فيها يكاد لا يذكر، وإلا ما كان هذا الخارج سمح باستخدام سلاح الطيران ضد المدنيين. هناك تدخل خارجي في الثورات ، لكن هذا لا يعني أن هذه الثورات قامت بتحريض من الخارج، فالتدخل حصل لإيقاف الثورة عند سقف معين ، كما لا يعني أن الثورات انتهت. إن الثورات التي قامت في تونس وليبيا ومصر واليمن أنجزت عشرة في المائة مما هو مطروح في أجندتها التي بدأت بإسقاط النظام القديم الذي يحتاج إلى إقلاع مؤسساته و هياكله، وهذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل في إطار مواصلة الصيرورة الجديدة لما يسمى بالربيع العربي، تتحدد على الأقل في عقد من الزمن، وسيكون في هذا الزمن تفاعلات وثورات جديدة داخل الثورة ، فما يحدث اليوم في تونس ومصر واليمن من حراك هو محاولة لتقويم الثورة ، والوقوف عند هذا الأمر لا يعني أن الثورة انتصرت. { لا يمكن نفي نضالية الشعب السوري ضد نظام دكتاتوري تعامل مع شعبه بكثير من القهر وممارسة كافة أشكال الضيق في الممارسة السياسية والحقوقية والمجتمعية، واستمر هذا النظام بشموليته في إطار القناعة بسيادة الفكر الواحد.ولكن ما يحدث اليوم في سوريا يؤشر على محاولة وضع استراتيجية أخرى في المنطقة ضمن خلط أوراق كثيرة و أن هناك حربا فوق أرض تتصارع حولها دول أخرى الصين روسيا أمريكا إيران السعودية قطر..إلخ: كيف تفسر هذا المشهد الدرامي الذي يدفع فيه الشعب السوري حياته في تقتيل يومي يصل اليوم إلى الآلاف ممن سالت دماؤهم في أكثر من واجهة، إن خلط الأوراق في المنطقة أمر موجود سواء بالثورة أو بدونها، فالنظام السوري معروف بتحالفه مع إيران قبل الثورة وعلاقته مع موسكو مستمرة منذ أربعين سنة، وكذلك علاقته مع الصين ، كما هو معروف أن موسكو والصين لديها علاقات جيدة مع إيران، وهي قائمة على أسس اقتصادية، فالسوق الصيني هو السوق الأساسي للنفط الإيراني في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران. والنظام السوري هو الابن المدلل للنظام العربي الواحد، وحتى في وقت قيام الثورة في سوريا ظلت العلاقة بين نظامها وبين قطر ممتازة. وقطر هي من ساعدت بشار الأسد خلال اتهامه باغتيال الحريري وإخراج القوات السورية من لبنان. كما أن أمير قطر هو من ساند المقاومة في 2006 بلبنان للتصدي للعدو الإسرائيلي، و في جنوب لبنان رفعت لافتات تقول « شكرا قطر» لأن أميرها أعاد تعمير كل ما دمرته الحرب الإسرائيلية خلال هذه الفترة، كما أن أمير قطر كان يسمى أمير المقاومة وعندما حصلت الثورات في المنطقة كانت الجزيرة مع الثورات، فانقلبت الآية وسميت قطر حاملة الأجندات الخارجية ، فكيف يمكن أن ننعت من كان أمير المقاومة منفذا للأجندة الخارجية. { «مقاطعة» أو مكلفا بمهمة .. «بشير غاضبا « كيف مكلفا بمهمة، هل هو نفس التكليف بدعم ونصرة المقاومة { مقاطعة: هذه هي الإستراتيجية الدولية، والمهمة تنفذ دون نقاش وأنت تعرف كيف تسير الأمور بين مراكز القرار الدولي وباقي دول العالم خاصة في المنطقة .. لا يمكن أن نفكر بهذا المنطق، الأمس كان الرجل نبيا واليوم شيطان. { أنا لم أقل لا بالشيطان ولا بالنبي، بل قلت أن قطر تلعب دورا و يتضح أن لها حساباتها الخاصة جدا .. أنا أدافع عن المنطق ولا أدافع عن أمير قطر { وأنا لا يعنيني الشخص بل أناقش الاستراتيجيات الدولية في استعمال بعض الأنظمة ضد أخرى وهذا نقاش آخر.. هذا لا يعني أني أنفي أجندات الأطراف الخارجية، وأكيد أن لكل طرف أجندته، فسوريا لها موقع استراتيجي هام وأساسي في منطقة الشرق الأوسط جغرافيا وسياسيا في ظل وجود إسرائيل في المنطقة، مما يستدعي محاولات أطراف عديدة أن يكون لها نفوذ فيها ، وهذا عامل قوي لا يمكن دحضه ، كعامل أساسي في الدائرة المعلنة والخفية ، لكن من موقعي كمعارض أنا لدي مشكل واحد فقط هو هذا النظام والأولوية الأساسية هي إسقاط بشار الأسد وبعد ذلك نحن سنعيد ترتيب وضع بلادنا بطريقة مختلفة ، وإذا كانت الناس تظن أن بشار الأسد أكثر وطنية ومكسبا وطنيا ينبغي الحفاظ عليه ويمكن تأجيل الثورة لأن بشار هو الضمانة لوحدة سوريا فإن ذلك مغالطة كبيرة .. { لا ليس هذا هو المعنى، إن بشار الأسد هو الحلقة الأضعف. والحلقة الأصعب هم الإرهابيون المتاجرون بالدين، فالمنطقة أصبحت بؤرة للقاعدة التي انتعشت داخل هذا الخليط في أزمة متعددة الأطراف ومتشابكة ويصعب حلها، فسوريا هي اليوم ممر من ايران والسعودية وقطر ولبنان والأردن وفلسطين وباقي دول الجوار إلى العراق بما في ذلك صيرورة التاريخ في بناء توجه باسم الإسلام بشيعته ووهابيته نحو تطرف بإمكانه أن ينفتح على كوارث كبرى ؟ اتركيني أقول لك كلمة ، فأول شيء أن المسلمين لم يأتوا من السويد شئنا أم أبينا. { أنا لا أقصد المسلمين بل الإسلاميين الذين يستعملون الدين في السياسة . كلنا مسلمون وعرب، و ليس لنا مشكل مع الدين إطلاقا، وأنا أتفق معك،عندنا مشكلة مع من يستخدم الدين. فأوروبا مثلا أنهت هذا المشكل وفصلت الدين عن الدولة. وإن ربط الدين بالسياسة وبالدولة تواجهه عقبات، وترتب عن ذلك نتائج سلبية ، كتونس مثلا . هذا من جانب، من جانب آخر ليس هناك مسلم أتى ببرنامج ديني واستطاع فرضه اليوم. ومن جانب ثالث، فالمجتمع السوري مجتمع متنوع ، وليس هناك مزايدات بين أطرافه العقائدية والدينية . صحيح أن أكثريتنا مسلمون سنة، ولكن ليس كل المسلمين سنة لهم مشروع الإخوان المسلمين ، لأن المجتمع السوري تطور وأصبح له بنية مدنية، ولديه أحزاب سياسية حديثة وجديدة وتقدمية. إضافة إلى أن قوة الاسلاميين في سوريا هي جد محدودة ، وتجري المبالغة في النفخ فيها لأسباب تتعلق بما ما يحصل في بلدان عربية أخرى وعبورهم قبل الثورة وبعدها هو عبور محدود ولا يتجاوز عددهم 20 و حجمهم في المائة. وبالتالي نحن مطمئنون لأن هذا البلد لن يحكمه الإخوان المسلمون. { مطالب المعارضة في الداخل والخارج مطالب نعتبرها حلم شعب تواق إلى الحرية والعدالة الاجتماعية وممارسة الديمقراطية، لكن يبدو أن بالنسبة لسوريا هناك اختلافا في صفوف هذه المعارضة وكأن هذه المعارضة لا تملك مشروعا موحدا لمواجهة الأزمة السورية، ما هي أوجه الاختلاف التي دعت إلى ذلك في هذا الظرف بالذات؟ طبيعي ألا تملك المعارضة مشروعا موحدا ، لأن من ترينهم من معارضات على الشاشة عمرها سنتان ، فهذا البلد لم تكن فيه معارضة منذ سنة 1963، وكل ما طلع جيل وفكر بالتغيير وضع في السجن، وسبعين في المائة من السوريين دخلوا سجون حافظ الأسد. وأنا الآن عمري 50 سنة وجيلي دخل في غالبيته السجن. وعندما خرجت الأجيال من السجون إما انسحبت من العمل السياسي أو أحبطت أو هاجرت. والمعارضة في لحظة قيام الثورة لم تكن موجودة ، والذي كان هو « إعلان دمشق» الذي تأسس في الداخل في السنوات الأخيرة وتم إعادة التنظيم السياسي فيه ، وهو يحفظ مكان المعارضة ويسجل أن هناك المعارضة موجودة سواء كانت بحجم صغير أو كبير، و المهم أنها معارضة لهذا النظام وقوتها تكمن في كونها معارضة أخلاقية. وعندما جاءت الثورة، ظهر من تقدموا إلى الواجهة وشكلوا هياكل ولكن هؤلاء لا يمثلون الثورة، والدليل على ذلك أنه إذا كان الإخوان المسلمون في سوريا هم الظاهرون في الواجهة خارجيا، فعلى ارض الواقع ليس هم الموجودون وليس هم من يقاتلون ، فالذي يمسك المال والإغاثة لا يعني أنه يقاتل . { هل كل تلك اللحي المتدلية في الشاشات الكبرى هي وهم من خيال الصورة، أم ماذا؟ ليس من حقنا منعهم من الكلام .. { حتى باسمكم كثوار حداثيين؟ هذه اللحي ليس لها تاريخ في معارضة النظام ، ولكي نكون منصفين إذا اردنا أن نناقش حقها في المعارضة ، فنعم هي لها حق في المعارضة.وإذا اردت تقييم حجمها في المعارضة فليس لها حجم. { سامحني إن قلت لك أنه منذ سنوات خلت كانت سوريا ممرا أساسيا لمرور الإسلاميين المتطرفين إلى العراق .وأكيد أن هذا المرور شكل لها موطنا في البلد، وأنتم منفيون من طرف النظام إلى الخارج؟ قصة القاعدة ، استعملها النظام السوري كاحتياط لأنه كان في الأفق أن الأمريكيين سيأتون إلى سوريا بعد العراق، وهذا الاتجاه العام للإدارة الأمريكية لجورج بوش 2002، وهناك كتابات حول هذا الموضوع. ومعروف أن سلاح النظام كان هو الإرهاب، فلكي لا يتقدم الأمريكيون إلى سوريا دفع للحرب بهم في العراق ، ودعمته إيران في هذا الموضوع، وكل جماعات القاعدة العائدة من أفغانستان كانت تمر عبر إيران. وهذه المجموعات الإرهابية أعيد تأهيلها بسوريا وبإيران وأدخلت إلى العراق وهناك أطراف أخرى سهلت ذلك بالتخلي عن مجاهديها مثل السعودية والأردن وفتحت الحدود وهؤلاء لهم عنوان واحد هو دمشق، واستمرت هذه المجموعة تقاتل في العراق حتى حدود 2007 حيت بدأ الخناق على النظام السوري بسبب مقتل الحريري بلبنان 2004 فخفت الأمور ، ثم انفتح ساركوزي على النظام السوري وبدأ يقنع الأوروبيين والأمريكان أن هذا النظام بالإمكان التعاون معه ، ووضعوا على بشار الأسد شرطين منها التخلي على الجهاديين، فأعيد تنظيفه وتلميعه، لهذا كانت معركة « نهر البارد» 2008 في لبنان التي كانت فيها القاعدة عنوانا لتخلي بشار عنهم حيث قتلوا من طرف الجيش اللبناني بمساعدة أمريكية. ومن هذا المنطلق رجعت هذه المجموعة تشتغل بالظلام والعمل السري ووجدت فرصتها اليوم، لكنها غير متجذرة في سوريا.. { لكن ما هي قوتها؟ قوتها محدودة لا تتجاوز في 200 ألف من الجيش الحر ثلاثة في المائة. { هل هناك تصور جديد للمعارضة من خارج سوريا؟ اليوم ليس هناك معارضة خارجية وأخرى داخلية، بل هناك ثورة على الأرض هي الأساس والهياكل الموجودة هياكل غير منتخبة وهي هياكل وقتية لتصريف الأمور وليس هناك شيء نهائي، ومتى ما سقط النظام سيكون هناك إعادة بناء للدولة السورية بطرق جديدة و مختلفة، فالحكومة المؤقتة بإمكانها أن تشتغل لمدة ستة أشهر لترتيب الوضع في وضع دستور جديد والتحضير للانتخابات. و شغلنا اليوم في الخارج هو الإغاثة لأن نصف سوريا مدمر ونصف شعبها مهجر. والثورة على الأرض تعني أنه ليس هناك حل سياسي، وهو نوع من اللعب في الوقت الضائع كما هو نوع من تمديد أجل النظام ومزيد من سفك الدماء، لهذا فهناك حل عسكري فقط . فلا النظام يريد أن يسلم ولا نحن مستعدون لذلك. ونحن سنقاتل إلى آخر قطرة دم، والإيرانيون يقولون لن نسمح بسقوط نظام الأسد ولهذا فمعركتنا مع الإيرانيين في سوريا. { ماهو تفسيرك لعدم تدخل القوى الدولية في سوريا لحماية المدنيين؟ هناك أسباب كثيرة. وإيران سبب أولي وموقف الروسي والصيني ، والأهم أن هناك من له مصلحة في إيقاف دورة الربيع العربي عند سوريا وتحويله إلى شتاء عربي...