في مدغشقر، لازالت السلطات تقدم الكويت والعربية السعودية كجنان، بينما تتوالى التقارير الموثقة حول ممارسات العنف والاغتصاب ضد الخادمات الملغاشيات. في غشت 2012 غادرت شابة ملغاشية العاصمة أنشتاريفو للشغل كخادمة بيوت في الكويت، العقد يمتد لعامين، لكن الخادمة عادت إلى بلدها بعد ثلاثة اشهر، فقط والسبب كما أكدت أن »مشغلها انقض عليها من أجل خنقها.. وتضيف، «منذ وصولي، كانت ربة البيت متأكدة أنني كاذبة، يبدو أن لون بشرتي كان فاتحا أكثر من اللزوم بالنسبة لمواطنة »ملغاشية، زوجها كان يشتغل رجل شرطة، لكنها هي الحاكمة في البيت. كنا خادمتان ولم يكن مسموحا لنا بالحديث فيما بيننا، أو التحدث الى الزوج أو الأطفال، أو شرب الماء طيلة النهار! كنت أشتغل من السادسة صباحا حتى منتصف الليل، ولم يكن مسموحا لي تناول وجبتي الوحيدة سوى في الليل، عبارة عن صحن من الأرز».« عمتها تمكنت من الاتصال بتمثيلية منظمة العمل الدولية في العاصمة الملغاشية التي أخبرت نظيرتها في الكويت وبذلك تمكنت الشابة من العودة إلى بلدها. هذه القصة ليست حالة معزولة في مدغشقر، في مقر نقابة المهنيين في العمل الاجتماعي، التي تهتم بمساعدة العمال والعاملات الذين يتعرضون لسوء المعاملة. يعطي أحدهم أنباء مقلقة عن قريبته التي ذهبت للعمل في الكويت ويقول:» »عائلة المشغل تتلذذ بربطها بحبل مع كرسي، ويتناوبون على ضربها باستثناء الطفلة الصغرى، تقول بأنها ستموت وتوصيني بالاعتناء بأطفالها...« بجانبه، يؤكد سائق حافلة ان زوجته تتعرض للاغتصاب يوميا من طرف مشغلها. يتصفح بألم رسائل هاتفية قصيرة تطلب فيها الزوجة النجدة. ومن أجل استعادة زوجته، تطالبه الوكالة التي شغلت زوجته بتعويض 2000 أورو، بينما هو لا يتقاضى سوى 120 أورو شهريا. وكالات التشغيل، التي تحصل على عمولة تتراوح ما بين 2000 و35000 أورو عن كل مستخدم يتم تشغيله، توجد في قلب هذا النظام والانتقادات المتنامية ضده في مدغشقر، منظمة العفو الدولية دقت ناقوس الخطر سنة 2009 و2010 حول وضعية الخادمات الأجنبيات في السعودية والكويت, البلدان اللذان لا يطبق فيهما قانون الشغل المحلي على هذه الفئات. وحصلت 24 وكالة تشغيل على ترخيص من الحكومة تسمح بارسال الخادمات الى دول الخليج،. بعضها له امتدادات دولية يرأسها كويتيون وسعوديون، بعض هذه الوكالات أسسها مستخدمون سابقون عادوا من لبنان. بعض الوكالات توجد في أحياء فقيرة بالعاصمة انتاناناريفو في شقة يسكنها صاحب الوكالة مع عائلته وأيضا حوالي 30 مرشحة للعمل قادمات من أقاليم شمال البلاد. يتلقين «»تكوينا» وهو عبارة عن تعلم كلمات بسيطة في العربية والإنجليزية وكيفية استعمال فرن أو مكنسة كهربائية. تؤكد إحدى المسؤولات في هذه الوكالة أنها لأول مرة تسمع عن »سوء معاملة الخادمات. يشتكي زوج المستخدمة التي تعرضت للاغتصاب» »جئت عدة مرات، انتظرت ساعات لكن لا أحد استقبلني». تحاول المسؤولة طمأنته. »سيتحين طلب خبرة طبية من ممثلنا هناك«... وتضيف بصوت خافت »ما كان من داع لإثارة كل هذه الزوبعة... وكالة أخرى، عبارة عن بناية عصرية في وسط المدينة بموظفين أمام حواسيب، وهي من الوكالات الرائدة في تنفيذ برنامج الحكومة. تستعد لفتح مدرسة لتكوين مستخدمي البيوت ممولة كليا من طرف الكويت، مديرة الوكالة تنفي قطعيا تعرض أي من زبوناتها لاي معاملة سيئة وعن الشابة التي عادت الى بلدها بعد ثلاثة اشهر، تقول مديرة الوكالة »... إن تلك الشابة التي أعدناها في اكتوبر. عائلتها وخاصة عمتها كانت تتصل باستمرار تقول بان قريبتها تتعرض للضرب وانها تعاني.. وفي النهاية قلت، طيب، ستعود، اردت ارضاءها ...» بالنسبة لمديرة هذه الوكالة «على المرشحات ان يفهمن ان امامهن فرصة هائلة لاختيارهن للعمل في هذه الدول، ولكن بالمقابل عليهن ان يتأقلمن مع العقلية المسلمة» ولمواجهة العطالة المستفحلة، قررت الحكومة الملغاشية ارسال ازيد من 6000 خادمة بيوت سنة 2013 الى كل من الكويت والعربية السعودية ازيد من 1500 خادمة ذهبن يتقاضين 200 دولار في الشهر. وينص الفصل 9 من عقد العمل الذي وقعنه دون ان تقرأنه، على أن العمل لا يجب ان يتعدى 15 ساعة في اليوم وينص الفصل 14 من نفس العقد انه للمستخدم الحق في خرجات مصحوبة بالمشغل الا اذا كان له رأي مخالف» واخيرا الفصول 29 و 30 تتحدث عن مسطرة العودة ومنها التشريح في حالة وفاة المستخدم. رازاناميزا، 23 سنة قررت الذهاب في يوليوز 2012 بعد ان شاهدت برنامجا تلفزيونيا. يبرز الأوضاع الجيدة في الخليج, تؤكد بغضب, كل شيء كذب. قيل لنا بأن العمل هو 15 ساعة يوميا اشتغلن في نفس اليوم 20 ساعة, اردت الهرب من منزل مشغلي، احرق وجهي ويدي بولاعة لاجباري على أن اعيد له اجرة شهرين كنت احتفظ بهما في تباني, كان يقول لي ستعودين الى بلدك ولكن في تابوت. التقارير حول وضعية الخادمات في دول الخليج تتكاثر، ولكن في مدغشقر ليس هناك مسؤول يقرأ التقارير المزعجة. الصحافة المحلية تمتدح على صفحاتها الجنة الكويتية والجنة السعودية وقمة المديح جاءت من القنصل الشرفي الملغاشي في الرياض، الذي صرح مؤخرا ان المشكل ليس في المشغلين ولكن في الغالب من الخدامة، قد تخطف بارادتها او بغير ارادتها الزوج وهو ما يجعل الزوجة عدوانية. وزير الوظيفة العمومية الملغاشي الذي يمنح التأشيرات يسير في نفس السياق ويؤكد ببرودة دم ليس بارسال عاهرات سنكسب هذه الاسواق, بل يذهب الى حد المطالبة بتحقيقات حول اخلاق المرشحات! وعندما يسأل عن غياب تمثيلية لبلاده في الكويت والسعودية يمكن للضحايا اللجوء اليها عند وقوع مشاكل، يرد الوزير ببساطة سنعمل على معالجة الامر, مضيفا كل اسبوع يتصل بي عشرات المواطنين شخصيا من الكويت ويحكون عن اشياء رهيبة. استمع اليهم اساعدهم ولا أتردد في ان اطلب منهم العودة. حالة فطومة 26 التي تابعتها الصحافة الملغاشية في بداية السنة ربما ستؤثر سلبا على الصورة الجميلة لدول الخليج. هذه الطالبة في شعبة الانجليزية، عادت الى مدغشقر يوم 8 فبراير في حالة سيئة. بعد مقام في السعودية لمدة 5 اشهر وحسب المحامية الجزائرية التي التقتها في المستشفى كانت رائحتها كريهة الى درجة انه عند توقف الطائرة في جوهنسبورغ رفض الطاقم صعودها مجددا الى الطائرة. الضحية وصلت الى وجهتها مشيا على الاقدام بدون أموال, تلبس ملابس رثة. وتؤكد الحقوقية الفرنسية انها اصيبت بنوبات هستيرية. وتؤكد الشابة انه تم تخذيرها بالحقن ثم اغتصبت من طرف مشغلها وابنه, الشابة هربت عندما رأت ذات يوم أن مغتصبيها يشحذان السكاكين في المطبخ. يقول رئيس شرطة الجو والحدود في مطار انتنتاريغو, منذ سنين رأيت العديد من الشابات الملغاشيات يتوجهن الى الكويت والسعودية، فتيات رائعات الجمال، وعندعودتهن بعد فترة أرى شابات حزينات نحيفات، بدون أمتعة او أموال ويتذكر بعض الحالات الرهيبة، فتيات اصبن بالجنون لا يتذكرن حتى اسماءهن وبنبرة حادة يختم «في البداية كان عمال المطار مصدومين، ولكن مع كثرة ما نرى من الضحايا الذين يعودون لم نعد نعير الامر اهتماما. والاخطر هو هذا التعود والتبسيط.