قطر بلد لا يمكن ذكر اسمه دون أن يثير الجدل بفرنسا, سواء حول قناة الجزيرة وما تثيره من مواقف او حول شراء قطر لأحد اهم الأندية الفرنسية باريسان جيرمان والجدل حول تنظيم كأس العالم المقبلة سنة 2022 ،وشراء عدد الفناديق الفاخرة وشركة طوطال. يقول كريستان شينو وجدورج مال برونو, اللذان أنجزا تحقيقا حول قطر واصدرا كتابا تحت عنوان قطر «أسرار الصندوق الحديدي». وهذان الصحفيان مهتمان بقضايا الشرق الأوسط وسبق لهما أن كانا رهينتين بالعراق . ويتطرق الكتاب الى تخصيص قطر لصندوق لتمويل شباب الأحياء الهامشية بفرنسا ودورها في حرب ليبيا وسوريا وعلاقة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي بهذا البلد, حيث أصبح ممثلا له ولمصالحه, بل يقوم بإدارة صندوق للاستثمار لصالح هذا البلد ، نيكولا ساركوزي يحاول التقريب بين الرباط والدوحة لتمكينها من شراء حصص فيفاندي باتصالات المغرب ،نظرا لتحفظ الرباط من ذلك ، لكن سؤال الصحافيين الفرنسيين والمهتمين هو أية إيديلوجية وأفكار يساندها هذا البلد ؟ولماذا الاهتمام بعدد من نقط التوتر في العالم والتي تتجاوز قدراته العسكرية والبشرية والجيوستراتيجية ؟ وهل فعلا بمقدور هذا البلد الصغير جدا على المستوى الجغرافي منافسة بلدان عربية كبرى مثل السعودية ، مصر، المغرب والجزائر في التأثير على الساحة العربية والإسلامية والدولية . الفننشايل تايمز اثارت الجدل هذا الاسبوع من خلال كشفها لعلاقة الرئيس السابق نيكولا ساركووزي بقطر وتكليفه بصندوق استثمارات يبلغ نصف مليار اورو من خلال استعمال علاقاته وشبكته عبر العالم من اجل البحث عن استثمارات مربحة لهذا الصندوق. ويكشف الكتاب المسمى « قطر، اسرار الصندوق الحديدي « أن نيكولا ساركوزي يقوم بدور محامي الاعمال بالنسبة لهذا البلد من خلال ملفات بعدد من البلدان, حيث يحاول تقريب وجهة نظر المغرب وقطر التي تسعى الى شراء حصص فيفاندي الفرنسية في اتصالات المغرب ، لكن التحفظ السياسي للمغرب على هذا المشروع المربح دفع قطر الى استعمال علاقات الرئيس الفرنسي السابق لدى الدوائر العليا بالرباط من اجل قبول هذا الاستثمار.وهو نفس الدور الذي يقوم به الرئيس الفرنسي لدى دول أخرى مثل البرازيل واسبانيا. ويضيف الكتاب «أن أول إشارة لعلاقات الصداقة بين قطر وفرنسا في عهد نيكولا ساركوزي في بداية ولايته وخلال الاسابيع الاولى هو شراء قطر 80 طائرة ايربيس ، وقبلها كانت قضية الممرضات البلغاريات وتدخل القطريون في هذا الملف،وهنا سوف يكتشف نيكولا ساركوزي يقول الكتاب فعالية القطريين في التدخل في هذا النوع من القضايا.حيث قدمت قطر شيكا من 400 مليون اورو من اجل فك الرهائن ،بعد ان تعذر على الاتحاد الاوربي تقديم ذلك نظرا لتعقد المساطر الادراية من اجل تمويل هذا النوع من العمليات السرية. بعدها التزمت ليبيا التوقيع على عدد من العقود وهو الامر الذي لم تقم به ، حيث تم منح عدد من الامتيازات الضريبية لقطر وفتح مفاوضات لدخولها الى الشركات الفرنسية الكبرى والابناك وهي مفاوضات لم تكن دائما ناجحة, والتي كان يقودها رئيس وزراء قطر الشيخ جاسم ، تقارب العلاقات بين البلدين هو ما دفع قطر الى التقريب بين نيكولا ساركوزي وبشار الاسد والى التقارب بين سوريا واسرائيل, ورغم النتائج المحبطة لكل هذه العمليات فإن العلاقات بين البلدين عرفت تقاربا كبيرا في عهد نيكولا ساركوزي» يقول الكتاب. ويضيف الكاتبان كريستيان شينو وجورج مال برونو في نفس الكتاب «ان الديبلوماسية والعمليات التجارية كانتا متداخلتين،وانه مقابل شراء طائرات الايربص بدل البوينغ ،فإن امير قطر كان اول الرؤساء الاجانب الذين تم استقبالهم بقصر الاليزي .وأضاف ان فرنسا كانت مهتمة ايضا بالصندوق الحديدي لقطر الذي كان يتوفر كل سنة على فائض من 50 مليار دولار للاستثمار .كان الاقتصاد الفرنسي في امس الحاجة الى جزء منها لدفع بالنمو وتجاوز الأزمة. وهذه العلاقة لم تبدأ مع ساركوزي بل منذ جاك شيراك حسب نفس الكتاب ،بعد « ان وصل الخلاف بين قطر والبحرين على عدد من الجزر بالمنطقة الى المحكمة الدولية وتدخل الرئيس السابق جاك شيراك لصالح قطر، بعد ان طلب من رئيس المحكمة الدولية التراجع عن الحكم الاول الذي كان لصالح البحرين والحكم لصالح قطر، وبعدها حصلت فرنسا على عقد اول لصالح شركة الطيران ايربايص يقول نفس الكتاب .اي ان هذه العلاقة كانت مبنية على تبادل المصالح والمنافع لتتقوى اكثر مع ساركوزي.» ويقول الصحفيان ان فرنسا كذلك استعملت تأثيرها على العديد من الدول الافريقية من اجل التصويت لصالح قطر للفوز بتنظيم كأس العالم بقطر, ويذكر الكتاب «ان الرئيس السابق نيكولا ساركوزي لعب دورا كبيرا لصالح قطر, خاصة انه مهتم بالكرة مثل المسؤولين القطريين.ويشير صاحب الكتاب إلى ان مشاركة لا عب الكرة الفرنسي زين الدين زيدان في هذه العملية كانت مقابل شيك من 15 مليون دولار». وبالنسبة لهذا البلد, فإن الرياضة هي قضية استراتيجية وتتم مراقبتها في جميع مراحلها من الفرق الرياضية ،الى وسائل الإعلام الى انتاج الادوات الرياضية المرتبطة بالرياضة. ويصل الكتاب الى نتيجة هي ان قطر اصبحت قوة بفضل قوتها المالية وسياسة الشيكات, رغم عدم توفرها على مواصفات البلدان الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة. ويشير الكتاب ايضا الى سياسة حل النزاعات الدولية, حيث لعبت دورا في لبنان،دارفور واليمن من خلال جمع اطراف النزاع حول مائدة مفاوضات للوصول الى الحل. سياسة الشيكات لتسهيل التقارب بين الاطراف. ويقف الكتاب ايضا على التدخل العسكري بليبيا والدور الذي لعبته قطر, وكان بمثابة تحول بالنسبة لهذا البلد وعدم اقتصاره على المساعدات المالية وتوقيع الشيكات كما جرت العادة, بل شارك بقواته في العمليات مما يجعله يطمح اليوم الى تأسيس قوات تدخل خاصة بهذا النوع من الازمات. الكتاب يتساءل ايضا حول «هذه الحملة العنيفة بفرنسا حول قطر ،وتساؤل المسؤولين القطريين حول هذا الموقف الفرنسي رغم ان استثماراتهم اقل بكثير من استثماراتهم الموجودة ببريطانيا والتي تشكل ضعف استثمارهم بفرنسا،وان دولة مثل الامارات لها استثمارات اكبر بفرنسا من حجم الاستثمارات القطرية» يقول الكاتبان . الكتاب يحاول الاجابة عن هذا السؤال حول الموقف السلبي لفرنسا من قطر «واعتقاد الفرنسيين ان القطريين سوف يشترون كل شيء بفرنسا ،لماذا هذه الصورة السلبية رغم العلاقات الجيدة للقطريين بالمسؤولين السياسيين الفرنسيين... ان الاستثمارات القطرية بفرنسا هي جد بارزةو تمس فريق باريسان جيرمان،الفنادق الفاخرة وشركة طوطال, بالإضافة إلى ان القطريين على عكس السياسة السائدة في باقي دول الخليج وهي التكتم في مجال الاعمال يبحثون على ابراز استثماراتهم والتباهي بذلك.بالإضافة الى بحثهم على لعب دور بارز وعالمي في مختلف الازمات, لكن مقابل ذلك ليست هناك سياسة اعلامية مواكبة لدورهم». كما يتحدث الكتاب عن» دور قطر في تسليح المعارضة الليبية وكذلك المعارضة السورية بتوافق مع فرنسا, ورغم هذه العلاقات القوية فإن هناك خلافات تحدث من حين لآخر نتيجة سعي قطر للانفراد بالقرار, مثلا وفرت فرنسا وسائل اتصال للمعارضة السورية بقيمية 14 مليون اورو, لكن قطر تتردد في تأدية الفاتورة حتى الآن» . وفيما يخص علاقة قطر بالجماعات الجهادية يقول الكاتبان ان هذا البلد ذو التوجه الوهابي المحافظ لا يخفي علاقته بالجماعات الاسلامية, وهناك تساؤلات حول حضور ودور قطر شمال مالي بغاو, وهل هذا الحضور هو مجرد حضور للمساعدات الانسانية ام ان الهلال الاحمر القطري لعب ادوارا اخرى مع الجماعات المسلحة بالمنطقة, كما ان قطر حسب نفس الكتاب تتوفر على مكتب لطالبان بالدوحة وهو المكتب الوحيد الذي تتوفر عليه طالبان بالخارج, ولهم علاقات بأغلب الحركات الراديكالية وهو بلد يسعى إلى ان تكون له علاقات مع الجميع وصديق للجميع. ويتساءل الكتاب هل ذلك ممكن وانه داخل العائلة الحاكمة بقطر هناك جزء يمارس اسلام محافظ ومتنور يتزعمه امير قطر وجزء آخر جد محافظ.» مقالها هذا الذي نعرض أهم محتوياته للقراء نشر في عدد جريدة «لوموند» الصادر في 10 / 11 مارس الجاري، تحت عنوان «هل ثمة نزعة نسائية إسلامية؟ تستهل صاحبة «الإنسان الإسلامي الجديد- المعتقلات السياسية في إيران» مقالها بالتأكيد أنه «حتى بعد مرور 8 مارس، تظل النزعة النسائية الإسلامية تخلق النقاشات حولها وتسيل الكثير من المداد»، حيث إن منتديات تنظم لإنعاشها كمقولة نظرية ومقالات تدبج للتعريف بها. «ومع ذلك، تضيف الباحثة، فمن اللازم القيام بتأمل نقدي للمفهوم، خاصة وأنه يستقطب بسهولة العقول الساعية إلى تجاوز الصور النمطية حول الإسلام والمسلمين والمسلمات». تضيف شهلة شفيق أن هناك أسئلة كثيرا ما تطرح حول هذا المفهوم، مترجمة آمال المدافعين عنه: «هل تمثل النزعة النسائية الإسلامية سبيلا فعليا لنضال النساء المسلمات من أجل الحصول على حقوقهن؟ هل ترفع عاليا راية مزدوجة ضد الرؤى العنصرية التي تنشر كراهية الإسلام وضد التأويلات الرجولية والرجعية؟ أم أنها، على عكس ذلك، تصب في اتجاه أدلجة الإسلام وتسلك، بفعل هذا، نفس طريق التيار الإسلامي؟ ألا تنشر نفس مغالطات التيار الإسلامي؟» تعود الكاتبة إلى مرحلة تخلق المحاولات التنظيرية للنزعة النسائية الإسلامية، لتؤكد أنها بزغت في الحقل الأكاديمي المهتم بالأبحاث حول النوع غربا ، «وذلك خلال منتصف سنوات 1990. وقد ألهمت التجربة الإيرانية هذه المحاولات التنظيرية بشكل كبير». لكن الثورة الإيرانية ضد ديكتاتورية الشاه المندلعة قبل هذا التاريخ، تستطرد الكاتبة، كانت قد جعلت الساحة الدولية تلجأ إلى استعمال مفاهيم غير مسبوقة «من قبيل الثورة الإسلامية أو الجمهورية الإسلامية، وهي مفاهيم فتنت مثقفي العالم برمته نظرا لكونها شكلت نقطة التقاء مبتكرة بين التقليد الديني والحداثة. كما أن صورة النساء الإسلاميات الثوريات بلورت، حينذاك أحلاما بتيار إسلامي محرر». وتوضح مؤلفة «نساء خلف الحجاب في مواجهة الشريعة الإسلامية» في مقالها أن نساء الثورة الإيرانية المحجبات لم تكن «سجينات البيوت العائلية ولا خاضعات للصمت. بل كن، على العكس، تقدمن أنفسهن كفاعلات في تشييد المجتمع العادل والسليم الموعود من قبل التيار الإسلامي. كن جنديات في حزب الله، وهو النعت الذي كان الخميني يسم به فعاليات الجماعات والمنظمات الإسلامية المساهمة في قمع المعارضة العلمانية والمجتمع المدني، والمشكلة لإحدى دعامات تعضيد النظام الإسلامي». «صورة هؤلاء النساء، تكتب الباحثة، جعلت هالة أفشار، أستاذة الدراسات حول النساء والنوع والجنس في إنجلترا، تخلق مفهوم النزعة النسائية الأصولية»، مانحة، دون أن تعير اهتماما للنتائج السياسية والسوسيو-ثقافية لهذه الأصولية، لهؤلاء النساء صفة مناضلات نسائيات «لأنهن كن يعبرن، بأعلى أصواتهن، عن رغبتهن في الانعتاق من البيوت العائلية لكي يصبحن فاعلات سوسيو-سياسيات. وهكذا، وجدت زعيمات إسلاميات أنفسهن موسومات بصفة مناضلات نسائيات، وذلك رغم أنهن كن ينتقدن بشدة النزعة النسائية باعتبارها نموذجا غربيا سيؤدي، نظرا لدفاعه عن استقلالية المرأة، إلى تفكيك الروابط العائلية والاجتماعية، ويساهم في استلاب الكائنات البشرية وفي تراجع المجتمع». بعد هذه المرحلة الأولى، وبالضبط في نهاية سنوات 1980، سيقدم جزء كبير من هؤلاء على رفع أصواتهن من جديد للمطالبة بإصلاحات، وذلك عقب اصطدامهن «بالنتائج الوخيمة للتمايزات التي أضفت عليها الشريعة طابع القدسية (ومنها تعدد الزوجات، التطليق والحقوق الدنيا للمرأة في مجالي التكفل بالأبناء والإرث)»، تقول شهلة شفيق. هذه المرة، سيقود المعطى الجديد المتجسد في مطالبة هؤلاء النساء بالإصلاح، إلى «ابتكار مفهوم النزعة النسائية الإسلامية من طرف باحثين جامعيين، من بينهم المؤرخة مارغو بهدران والباحثة الأنثروبولوجية زيبا ميرحسيني»، مفهوم تسجل الباحثة أن انتشاره في حقل دراسات النوع لم يواجه أدنى صعوبة، «وذلك رغم أن المطالب بإصلاح الشريعة ضمن منظومة النظام الإيراني كانت تعاني، على أرض الواقع، من مأزق جد جلي». وفي حقبة لاحقة، وبسبب عنق الزجاجة هذا، «ستطلق أجيال جديدة من المناضلات النسائيات الإيرانيات، في 2006، حملة «التغيير من أجل المساواة» الرامية إلى حشد مليون توقيع لفائدة إلغاء جميع القوانين التمييزية، في تلاؤم مع مرجعية المعاهدات الأممية المبنية على القيم الكونية (معاهدات مصدق عليها من طرف إيران)». ووفق شهلة شفيق، فإن هذه الحملة النسائية المبتكرة، «التي تعرضت عضواتها، مثلهن مثل جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران، لقمع شرس»، بلورت الدرس الجلي الذي يجب استخلاصه من التجربة الإيرانية، والذي مفاده أن «حقوق النساء منغرسة في القيم الكونية على غرار حقوق الإنسان، وأن إخضاع هذه الحقوق للانتماء الإثني، بمبرر وجود خصوصية وطنية وعرقية ودينية، لا يمكنه أن يؤدي إلا إلى تقليصها على حساب تمتع المرأة بالاستقلالية». ورغم البون الشاسع بين المفهوم (النزعة النسائية الإسلامية) وتحققه على أرض الواقع، فالكاتبة تلاحظ أنه لا يزال حاضرا بقوة في أوساط الباحثين، بل «يشكل طريقا جديدا لتحرير المسلمين» في اعتقاد العديد من الجامعات والهيئات المحتضنة له، علما أن هؤلاء المساندين يصنفون «كل نضال للنساء المسلمات وكل مطالبة بإصلاح الشريعة (خاصة في موضوع المثلية) تحت يافطته»، يافطة النزعة النسائية الإسلامية. «ويحصل هذا، تستطرد شهلة شفيق، بينما يكفي إلقاء نظرة واحدة على تاريخ النضالات من أجل التمتع بالحقوق الديمقراطية في الدول المسلمة، لتبيان كون محاولات إعادة قراءة التعاليم الإسلامية قائمة منذ القدم، وأن المناضلات النسائيات لم يسجن أنفسهن أبدا في سياق هذه المحاولات، ولا صغن عبرها مذهبا شعبويا بهدف إيجاد طريق للتحرر يكون ملائما لرغبات الشعب المسلم.» وعند هذا الحد، تذكر الباحثة، على سبيل المثال، بإصلاحات الحبيب بورقيبة (1903- 2000) في مجال حقوق المرأة التونسية، التي كانت «منطلقة من تأويل تقدمي للإسلام»، وهي الإصلاحات التي حيتها المناضلات النسائيات التونسيات دون إغفال محدوديتها (خاصة في مجال المساواة في الإرث) «التي كانت مبررة بالمرجعية الإسلامية رغم أن دستور البلاد كان ينص على المساواة بين جميع المواطنين».هذه المفارقة، تسجل صاحبة المقال، تخترق اليوم، وبشكل أعمق مما كان عليه حال تونس تحت حكم بورقيبة، «عددا مهما من الدول الإسلامية التي تعيش مسلسلا للتحديث من دون أن تضمن الدولة المحدثة لا الحداثة السياسية ولا مبادئها الديمقراطية». ووفق الباحثة دائما، فتوظيف الدين كلحمة للهوية الجمعية من طرف التسلط يعكس رفض هذا الأخير «للقيم الديمقراطية (مبررا ذلك بكونها وافدة من الغرب)، ودعمه، من ثمة، لحداثة معوقة تقف في وجه الإصلاحات، مما يجعله يقود ، بشكل مثير للانفجار، إلى استفحال الأزمات الثقافية الناتجة عن الانتقال من التقليد إلى الحداثة». «في هذا السياق، الذي تزيده خطورة الرشوة الموروثة عن الأنظمة الديكتاتورية ومختلف أنواع الظلم، يقدم التيار الإسلامي نفسه كبديل سياسي قادر على التعبئة، خاصة وأنه يستفيد من الإمكانيات التي تضعها شرعية المؤسسة الدينية رهن إشارته. وهكذا، فهو يدعو إلى العودة للإسلام قصد تشييد مجتمع مثالي منح للرجال والنساء مكانة كريمة في مجتمع عادل وسليم»، تؤكد الباحثة قبل التعبير عن أطروحة أخرى مفادها: «وحيث إن الإسلام يقدم كهوية شاملة وشمولية، فهو يحدد، من ثمة وفي الآن نفسه، ماضي وحاضر المجموعة البشرية المتخيلة كأمة موحدة. أما الاستقلالية الفردية، فتخضع للواقع المفروض من قبل الإسلاميين (الذين يقولون إنهم ضامنو الأمة)، مثلما يتم نفي مبادئ المساواة والحرية باسم المقدس». إن نظرية النزعة النسائية الإسلامية، تشرح الكاتبة، حين تجعل من الإسلام مصدر وأفق الممارسة النسائية، فهي «تنشد، من حيث لا يدري أصحابها، إسلاما جوهريا يتقاطع كليا مع أهداف التيار الإسلامي ويناهض الاستقلالية المبدعة المنشودة من قبل النزعة النسائية». كما أن هذه النظرية، وهي تفبرك بطاقة انتماء تعتمد على الهوية كأساس لها، «تنزع عن الناشطات النسائيات الفاعلات في دول إسلامية منذ عشرات السنين انتماءهن للحركة النسائية». وتخلص صاحبة «سبل وضباب» في مقالها إلى أن الجوانب المتفرعة عن مفهوم النزعة النسائية الإسلامية والمشار إليها أعلاه «تلعب دورا سلبيا إزاء القضايا النسائية(...)» في الدول الإسلامية، هناك حيث «مستقبل الحقوق الديمقراطية رهين بميزان القوى بين الإسلاميين والمدافعين عن الديمقراطية العلمانية».