أصدقاء ورفاق والدنا قيد حياته في ضرب النضال والكفاح الوطني، أهلنا وأحبابنا وجيراننا، باسمي الخاص ونيابة عن أبناء وأحفاد وأصهار المرحوم وكادة محمد تغمده الله عز وجل بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنانه، أتقدم بالشكر الجزيل لكم لمؤازرتنا في هذا المصاب الجلل، ونسأل الله جلت قدرته أن لا يصيبكم في كل عزيز عليكم. إننا اليوم، لن نتطرق لمسيرة والدنا النضالية في صفوف المقاومة وجيش التحرير والمعاناة التي تعرض لها ولا عن مساره السياسي مع رفاقه وأصدقائه لبناء وحدة المغرب الحر وإرساء دولة الحق والقانون وحقوق الإنسان، سواء داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أو في صفوف الاتحاد الاشتراكي الذي يعد واحدا من مؤسسيه، أو عن العمل النقابي ودفاعه عن الطبقة العاملة لصون حقوقها، فالتاريخ خير شاهد عليه. اليوم وفي هذه الذكرى، نريد أن نتكلم عن والدنا الانسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى الإنسانية، والرجولة عند الفقيد أمانة والكلمة التزام وقيد والوعد دين, عرف بجديته وجرأته وصراحته، وكان صادقاً بالقول والفعل. لبس ثوب الصبر وهو لم يتجاوز عمره ست سنوات، بعد وفاة والده تحمل مسؤولية أخته ووالدته تغمد الله الجميع برحمته، ولم يكل أو يمل يوماً. فكان صاحب المفاجآت وفاجأنا بوفاته. الخبر نزل كالصاعقة، إنه زلزال هز كل أفراد الأسرة، بل إنه بركان انفجر يوم الاثنين 28 يناير 2013 حوالي الساعة الثانية زوالا، ليحرق قلوب أبنائه وأحفاده وأصهاره وكل الذين عايشوه أو يعرفونه قيد حياته، الجيران والأهل، هواتف ترن وصراخ وعويل وبكاء أبي قد مات. مات والدنا، ماتت معه معاني الحياة، مات والدنا وهو سندنا في الحياة. مات الذي يكرمنا الله من أجله، لم نكن نتصور أن الفراق بهذا الحجم من الألم ولربما لم نكن نتخيل يوماً أننا سنفقدك بهذه الصورة ونحن عشنا معا لأزيد من ستة عقود. تعجز الحروف عن تكوين كلمة تعبر عن مدى فقداننا لأغلى الناس وأعز الناس، ليتنا نستطيع أن نمتلك صبر الأنبياء وصبر العلماء والحكماء. في البيت لنا معك ألف ذكرى وذكرى وعشنا حكايات كثيرة. هذا البيت الذي كان قلعة النضال وظل كذلك على صعيد تراب هذه العمالة، فعقدت فيه العديد من الاجتماعات. حضر لهذا البيت، المهدي بن بركة وعمر بن جلون وابراهيم البعمراني ومصطفى القرشاوي واللائحة طويلة. تقتلنا الذكريات ونحن نتذكر طفولتنا ومراهقتنا وشبابنا والنضج في حضن والدنا. نتذكر همه وتعبه من أجلنا نتذكر قوته وشدته نتذكر مرحه وحزنه وابتسامته نتذكر عطفه وحنانه نتذكر دفء حضنه. نتذكر حبه للخير وتفقده للفقراء والأهل والأحباب نتذكر قراءته للقرآن وحرصه على الصلاة نتذكر صبره الذي لم نر مثله في حياتنا وهو صابر محتسب لأمر الله عز وجل شريط الذكريات لا يتوقف من أمامنا ,حتى بعد زواجنا كان يحيطنا بعنايته وعطفه. نسأل نفسنا أحياناً كيف نترك والدنا الذي عشنا وأكلنا وشربنا، وفرحنا وحزنا سويا وهو الذي أحبنا قلبه قبل أن ترانا عيناه وكان حبنا الأول ودمه يجري في عروقنا، كيف نتركه في هذه الحفرة ونعود لبيتنا نأكل ونشرب وهو وحيد في ذاك المكان؟ كم هذه الدنيا حقيرة لا تساوي شيئا طالما النهاية هكذا؟ قبل ثلاثة عقود فارقتنا رفيقة دربك وشريكة حياتك في مسيرة المقاومة وخلال سنوات الرصاص إنها والدتنا تغمدكما الله بواسع رحمته, المرحومة رقية بنت عبد السلام أسول. ضمدت جراح أبنائك وكنت خير سند لنا وتحملت مسؤوليتنا ولعبت دور الأم والأب بكل صدق وأمانة, منحتنا كل الحب والحنان والعطف, غرست فينا روح الوطنية الصادقة وحب هذا الوطن والعقيدة الدينية والهوية الأمازيغية, ربيتنا على الأخلاق الحميدة والمثل العليا والكرم والتسامح. أي عزاء أيها الغالي ليجبر الضرر ويضمد الجرح وكنت السند لنا بعد وفاة والدتنا والآمن يسندنا ويضمد جروحنا. بالله عليك يا أبانا من ينصحنا؟ من يصحح أخطاءنا؟ من سيصبر عنك يا والدنا؟ الكبير مكلوم والصغير كذلك, من سيصبر من الآباء أو الأبناء؟ الكل مفجوع من شدة الصدمة والفاجعة؟ كنت الأب والأخ والأم والصديق والحبيب, من سيملأ هذا الفراغ الكبير الذي تركته؟ أبناؤك العشرة و أحفادك وأصهارك لم يستوعبوا بعد هذا الفراق, ماذا عن ابنتك البكر وهي أول فرحة في حياتك والتي منحتك أول حفيد. وابنك بالتبني وهو الذي اعتاد قراءة الصحف اليومية ومناقشتها معك وحين تعبت كان يخبرك بكل المستجدات الحزبية والأخبار الوطنية والدولية. وخديجة التي تساعدك في تربيتنا ودراستنا وكنت تنظر عودتها وتتشاور معها في الأمور الأسرية. من سينتظر أبوطه ويستقبله عند عودته من المهجر وهو الذي رافقك لزيارة الديار المقدسة. المصيبة كبيرة ومفجعة بالنسبة لصغرى بناتك كلثوم وهي التي تركت حياتها لشهر وتتابع وضعك الصحي, حرصت كل الحرص على سلامتك وراحة بالك. المدلل يوسف الذي لم يصدق الخبر وهو الذي يمسي ويصبح على دعواتك وكنت تتمنى أن ترى أبناءه إلا أنك شئت وشاءت مشيئة الله. والله أيها الأحباب إن الوضع لجد مؤلم ومحزن لم ولن يستطيع الزمان تضميد ما نشعر به. بالله يارب العالمين من سيشاركنا أفراحنا وأحزاننا؟ يارب العالمين من سيرشدنا؟ نم مطمئنا ياوالدنا, ستظل حيا فينا وموجودا بيننا وسنظل على نهجك وتربيتك ملتفين مع بعضنا البعض في السراء والضرء. وسنظل أوفياء لتاريخك النضالي الشريف. يارب أنت أعلم بما نعاني فالهمنا الصبر في والدنا وأطفئ النار الملتهبة في قلوبنا. رحماك رحماك يا أبانا, إنك بحق وبكل صدق كنت مجاهدا ومقاوما صبورا عشت لأجل أسرتك وأهلك ووطنك, لم توطئ رأسك ولم تخضع للمساومات, دفنت ودفنت معك كل أسرارك الوطنية والنضالية كنت رجلا عظيما والعظمة لله عز وجل. هذا باختصار شديد مسار الرجال الذي حضرتم اليوم للذكرى الأربعينية لرحيله رحمه الله وغفر له وجعل الجنة متواه ولكافة المسلمين والمسلمات ولنا نحن العائلة الصبر الجميل. إن عائلة المرحوم وكدا محمد تستغل المناسبة التي يحضرها المكتب السياسي للاتحاد الشتراكي للقوات الشعبية في شخص كاتبها الأول الأستاذ ادريس لشكر. بأن تناشدكم, والعائلة لها كل الأمل فيكم, لإنصاف مناضلي ومؤسسي هذا الحزب العتيد الذي تأسس بدماء وأرواح الشهداء والمناضلين الأحرار منهم من رحل ومنهم من ينتظر, وذلك بخلق مؤسسة تصون تاريخ هؤلاء الرجال الذين عاشوا سنوات الرصاص والقمع و التعذيب ليصنعوا مغرب العدالة الاجتماعية, المغرب الحر, مغرب الديمقراطية وحقوق الإنسان والمناسبة شرط, فقد فقدت قبل أيام الطبقة العاملة أحد مؤسسيها بمدينة الرباط المرحوم الحاج رزواني رحمه الله وتغمده برحمته الواسعة. وفي الختام, الشكر كل الشكر للمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في شخص كاتبه الأول الأستاذ إدريس لشكر والإخوة أعضاء المكتب الجهوي لجهة الدارالبيضاء وأعضاء مكتب فرع سيدي عثمان وكل الذين ساهموا في تنظيم هذا التأبين, لهم منا كل التقدير والاحترام. الشكر الجزيل للمندوب السامي لقدماء المقاومين وجيش التحرير الأستاذ مصطفى لكثيري وكذا كل النواب. السيد النائب الجهوي للدار البيضاء, نواب كل من مندوبيات عين السبع,مولاي رشيد والحي المحمدي والشكر لأهلنا وأحبابنا والشكر الجزيل لجيراننا الذين زارونا بعد الوفاه وخدمونا, ندعو الله جلت قدرته بأن يمنحكم الصحة والعافية وأن لا يصيبكم في كل عزيز عليكم. ولكل الحضور الشكر والتقدير والاحترام ولنا نحن العائلة الصبر والجميل ولوالدنا المغفرة والرحمة وجنات النعيم آمين. لله ما أعطى ولله ما أخذ وإنا لله وإنا إليه راجعون.»