على هامش الندوة التي نظمتها رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين في موضوع «الواقع الاقتصادي بالمغرب والآفاق المستقبلية»، صباح يوم السبت 9 فبراير 2012، بفندق المدينة بلاص، خرج عادل الدويري الوزير السابق عن صمته ودق ناقوس الخطر، وأنذر الحكومة من خطورة الموقف المؤدي إلى تدخل صندوق النقد الدولي في تدبير شؤون المغرب على غرار ما وقع سنة 1982، حين فقد المغرب سيطرته على تدبير شؤونه بعدما أصبح احتياطي المغرب بالعملة الصعبة لا يكفي لثلاثة أشهر، مذكرا مدبري السياسة الاقتصادية بالمغرب بالأسباب التي جعلت البلاد تفقد توازنها المالي، متخوفا من أن المشهد يتكرر لأنه حادث ماكرو اقتصادي خطير، للتنبيه إلى حتمية المصير، الذي ينتظر المالية العمومية، في حالة ما إذا لم يتم تغيير وجه السياسة الاقتصادية، واتباع مقاربة مضبوطة لا تتجاوز ثلاث سنوات. وقد انتقد في مداخلته بطء الأداء الحكومي وطريقة تنفيذ المخططات القطاعية (المخطط الأزرق، المخطط إقلاع والمخطط الأخضر..)، إذ كلما تعثر أحدهم في محطة ما إلا وتعطل وتوقف لفترة، بحيث لا تتجاوز نسبة الإنجاز 7 في المائة، باستثناء برنامج «فاس الشور» الذي تعدت نسبة الانجاز فيه 30 في المائة، هذه العوامل وغيرها تجعل الواردات تتجه نحو استنزاف احتياطي المخزون الوطني من العملة الصعبة، وقيمة الصادرات تأبى الارتفاع في ظرفية الأزمة الدولية، والمغرب مطالب خلال السنوات الثلاثة المقبلة باقتراض 60 مليار درهم سنويا، أي ما يقارب 8 مليارات دولار في السنة لسد فارق العجز السنوي المسجل على مستوى مبادلاته الخارجية. وقائع حددها الدويري، الرئيس الوطني لرابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، وهو يتحدث عن خطورة الموقف وحتمية اعتماد توجهات جديدة، في تأخر تنفيذ تلك المخططات القطاعية وارتفاع استيراد مواد الاستهلاك والتجهيز جراء تحسن القدرة الشرائية للأسر خلال الأعوام العشرة الماضية، إلى جانب انخراط الدولة في برامج طموحة للاستثمار العام والخاص، هذا بالإضافة إلى التهاب فاتورة النفط التي كبدت المالية العمومية في السنوات الأخيرة نفقات باهظة بالعملة الصعبة، بحيث لم يكتف بسردها لتأكيد جدية تحذيراته من مخاطر الاصطدام بالحائط والوقوع في حادث ماكرو اقتصادي خطير على حد وصفه، بل تسلح بوقائع أخرى ملموسة على الأرض، تنذر بإضعاف المبادلات الخارجية للمملكة واستنزاف احتياطات الصرف المتاحة لديه في غياب قطاعات اقتصادية مصدرة قوية قادرة على إعادة التوازن المالي والنقدي للدولة. كما تقدم الوزير السابق بمجموعة من الاقتراحات والتدابير لعلها توقف استنزاف احتياطي العملة الصعبة، جراء الاستيراد المفرط لمواد التجهيز وأداء مستحقات الشركات الأجنبية المنخرطة في إنجاز المشاريع الضخمة للبنية التحتية بالنقد الأجنبي، مطالبا الدولة بوقف الاستثمار في الأوراش الكبرى للبني التحتية والتركيز ما أمكن على بناء قطاعات إنتاجية مصدرة قوية ذات قدرة على رفع رقم معاملات المنتوج المغربي بالأسواق الخارجية، وجلب العملة الصعبة التي تضمن لوحدها المناعة المطلوبة للاقتصاد الوطني ضد مخاطر الأزمات المالية في المستقبل، وخلق مناصب شغل، بالإضافة إلى ضرورة الحد من تنامي وتيرة الاستهلاك، من خلال الحفاظ على مستويات الأجور وعدم اللجوء إلى خفض إضافي في معدلات الضريبة على الدخل لفترة زمنية محددة تمتد لثلاث سنوات، مع العمل على تقليص قيمة الدرهم لفرملة نمو الاستهلاك الأسري. من جهته، لم يتوان حميد شباط في إبراز ضعف الأداء الحكومة وارتفاع نسبة الرشوة والمحسوبية، حيث يطغى على برامجها الهاجس الانتخابي بعيدا عن همومالمواطنين وتنمية البلد، إلى جانب أن الحزب الأول لم يستطع تدبير التحالف والحفاظ على تماسكه ودخل في خلافات مع نفسه ومع المعارضة والنقابيين ومع المعطلين...الشيء الذي لا يبشر بالخير على مستقبل المغرب، مذكرا بالمذكرة التي بعثت بها الأمانة العامة للحزب إلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، تطالبه فيها بإجراء تعديل حكومي من أجل «تطوير الأداء الحكومي وتسريع وتيرته»، قائلا «إن الحكومة تفتقد لقيادة فاعلة ورشيدة تقود التحالف»، واصفا الحكومة بالجهاز» الذي يتخذ قرارا في الساعة الثانية عشر زوالا للتراجع عنه بعد أربع أو خمس ساعات»، متحدثا عن أن صندوق المقاصة مرتبط باستقرار وأمن الوطن وأية زيادة في الأسعار ستنعكس بالتحديد على الطبقة المتوسط (الطبقة النشيطة)، إلى جانب الطبقة الفقيرة التي ستؤدي الثمن غاليا، مما قد يزيد من تفاقم الوضع ويدخل البلاد في نفق مظلم، معلنا في الأخير أن حزبه مع باقي الأحزاب الوطنية لن يتركوا المغرب يتراجع، وبقاء حزبه داخل الحكومة، رغم بعض الخرجات غير الموفقة لأكبر دليل على الرغبة في الحفاظ على استقرار البلاد، مشيرا في الأخير إلى بعض الحلول التي يتقاسمها مع إخوانه في المعارضة للخروج بالبلاد إلى بر الأمان.