رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    "برلمانيو الأحرار" يترافعون عن الصحراء    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    "طلب رشوة" يورط عميد شرطة    حادث سير يصرع شابة في الناظور    "الفوبريل" يدعم حل نزاع الصحراء    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    السلطات المغربية تحدد موقع مدخل نفق لتهريب المخدرات بين سبتة المحتلة والفنيدق    نادي القضاة يصدر بلاغاً ناريا رداً على تصريحات وزير العدل بشأن استقلالية القضاء    المدير السابق للاستخبارات الفرنسية للأمن الخارج: المغرب كان دائما في طليعة مكافحة الإرهاب    طقس السبت .. امطار مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    أزولاي: البصمة المغربية مرجع دولي لشرعية التنوع واحترام الآخر    اختتام القمة العربية المصغرة في الرياض بشأن غزة من دون إصدار بيان رسمي    صراع مغربي مشتعل على عرش هدافي الدوري الأوروبي    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين تحت شعار: «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع الديمقراطي التنموي»    قرعة دور ال16 لدوري الأبطال .. ريال مدريد في معركة مع "العدو" وباريس يصطدم بليفربول … والبارصا ضد بنفيكا    استقر في المرتبة 50 عالميا.. كيف يبني المغرب "قوة ناعمة" أكثر تأثيرا؟    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    إيفاد أئمة ووعاظ لمواكبة الجالية المغربية بالمهجر في رمضان    الملك محمد السادس يحل بمطار سانية الرمل بتطوان استعدادًا لقضاء شهر رمضان في الشمال    الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تحدد تعريفة استخدام الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    مليلية المحتلة تستقبل أول شاحنة محملة بالأسماك المغربية    نتنياهو يزور طولكرم ويهدد بالتصعيد    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان    الرجاء يعلن منع تنقل جماهيره إلى مدينة القنيطرة لحضور مباراة "الكلاسيكو"    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا في كلفة المعيشة في المغرب    المقاتلات الشبحية F-35.. نقلة نوعية في القوة العسكرية المغربية    حماس: جثة بيباس تحولت إلى أشلاء    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه الأمراض التي تأتينا من الحيوانات


حيوانات قريبة منّا، موادّ غذائية تحمل آلاف الأمراض
الأمراض الحيوانية هي الأمراض والأوبئة التي تنتقل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من الحيوان إلى الإنسان. وهذه العملية يمكن أنْ تتمّ في الوقت الذي يتناول فيه الإنسان مواد من أصل حيوانيّ (اللحوم، البيض، مواد أو مشتقّات الحليب) أو من خلال الاتصال المباشر بالحيوانات، أو بسبب فضلاتها، أو من خلال وسيط حامل ( حشرة أو قرادة) حيث يكون الحيوان، في هذه الحال، بمثابة خزّان للفيروسات أو البكتيريا. ويبيّن كلّ من البروفيسور جان بول ستال، رئيس مصلحة الأمراض المُعدية بالمركز الاستشفائي غرونوبلْ، والدكتوران ألكسندرا مايْ وفيرونيكْ فايانْ، الاختصاصيتيْن في الأمراض الحيوانية أنّ الإنسان، في غالب الأحيان، لا ينتبه إلى مصدر هذه الأمراض وخطورتها التي يمكن أن تؤدي إلى الموت. كما يبرز الأطباء الثلاثة أنّه من بين جميع هذه الأمراض الحيوانية، تعتبر الأمراض ذات المصدر الغذائي أكثرها شيوعا وانتشارا وحدّة. ومن ثمّ ففي فرنسا وحدها يتمّ كلّ سنة، تسجيل الآلاف من حالات المرض والتعفّن عن طريق البكتيريا من النوع الفتّاك، وتبلغ ذروة الإصابة خلال فصل الصيف بالخصوص. وهي الأعراض التي تُترجم بأمراض تصيب الهضم والأمعاء، ولا ينتبه المرء إليها في البداية، وهي تندرج فيما يعرف عادة باسم «الأمراض الحميدة». وتدقّق الدكتورة فيرونيك فايان أن عدد هذه الأمراض التي تمّ تسجيلها من طرف أنظمة المراقبة والتتبّع، الموجودة داخل شبكات بيولوجية، يبلغ أكثر من 7400، بالنسبة للأمراض المعدية كالمقوّسات، وما يربو على 4300، بالنسبة للأمراض التي تصيب الدماغ، كالتهاب السحايا سنة 2010.
وتضيف أن الناس لا يحملون بعض هذه الحالات على محمل الجدّ. وهكذا، فجميع الأشخاص الذين يعانون من أعراض هضمية ومعوية لا يذهبون لاستشارة الطبيب، ومن يذهب لزيارة الطبيب لا يجرون تحليلات على برازهم.
أمراض يتمّ رصدها
بصورة أفضل
ثمّة أمراض حيوانية، تصيب الإنسان حتى عن طريق المواد الغذائية، موجودة بنسبة أقلّ لكنها أخطر، تمّ تسجيلها ورصدها بكيفية أفضل، لكونها تلزم صاحبها بالخضوع لعلاج استشفائي، وبالتالي تلزمه بإجراء تحليلات معينة. ويهمّ هذا بالخصوص حالات الفيروسات التي تصيب الجلد والكبد والدم، والتي تشكّل بالأخص خطورة كبيرة على النساء الحوامل (على الجنين بالأخص) وعلى الأشخاص الذين يعانون من نقص في المناعة، والذين تتجلى الأعراض لديهم في التهاب السحايا والدّماغ (283 شخصا أصيبوا سنة 2011). والحالة نفسها تنطبق على أعراض انحلال الدم اليوريمي، الناتجة عن تنوّع الفيروسات المنتجة لمادة الطوكسين. إنّ انحلال الدم اليوريمي، الذي تتمّ ترجمته بإتلاف الكريّات الحمراء، وبقصور كلوي قويّ، يصيب ما يربو على مئات الأطفال كل سنة. غير أن السنة الماضية، ماي 2011، احتل «وباء» أصاب رقعة واسعة من التراب الألماني، الصفحات الأولى من الجرائد، مع ما رافق ذلك من إصابة المآت من الأشخاص في أوربا. هذه الأمراض الخطيرة ذات المنشأ الحيواني، أوالمتواجدة في المواد الغذائية، والتي تصيب عدة أشخاص في الوقت ذاته، هي التي يتمّ رصدها بصورة أنجع. في هذا الصدد تقول الدكتورة فايانْ:» بمجرّد ما يشكّ الطبيب في وجود تعفّن وتسمّم غذائي جماعيّ، وخصوصا حين يكون شخصان اثنان على الأقلّ قد تناولا مواد مشتركة، ولهما نفس الأعراض، فإنه يتصل بوكالته الجهوية المكلفة بالصحة والوقاية. ومن جهتها، فإن المراكز الاستشفائية الوطنية، البالغ عددها 47 مركزا، والمختبرات ال33، المتصلة بها، التي تقوم بتجميع كل التحليلات المشتبه فيها، تحيل المعطيات جميعها على المركز الاستشفائي الوطني للأمراض المعدية، الذي يتأكد مما إذا كان المصابون أمام حالات مرض سلبية أفدح من الأعراض المسجّلة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية. وإذا كان الأمر كذلك، فإنّ الأطباء والباحثين في مجال الأمراض الحيوانية المنشأ يجرون أبحاثا من أجل العثور على أثر المواد التي من المحتمل أن تكون مسؤولة عن الداء، وبالتالي يعمدون إلى تحليلها. قليلون هم الذين يدركون ذلك، غير أن بطاقات الوفاء، بهذه المناسبة، في الأسواق التجارية الكبيرة، تكون مفيدة جدا. فهي تسمح بالتعرّف على لائحة المواد الغذائية التي تمّ اقتناؤها مؤخّرا من هذه الأسواق التجارية، كما تسمح بالبحث عن المواد المشتركة بين مختلف المرضى. ومع ذلك، فإنّ هذا النوع من البحث والتقصّي يمكن أن يأخذ وقتا أطول ما بين البحث عن السبب الغذائي والوصول إلى نتائج، وبين البداية والنهاية، يمكن أن تظهر إصابات أخرى، اللهمّ إلا إذا غيّرنا من عاداتنا. وهذه النقطة هي التي يجمع عليها الأطباء الثلاثة. ذلك أنهم يعتبرون أن «الغالبية العظمى من هذه الإصابات والعدوى الناتجة عنها يمكن تجنّبها عن طريق القيام بحركات وعادات بسيطة، كغسل اليدين قبل إعداد الطعام، وكذا غسل الخضر والفواكه والأعشاب بعناية، وبخاصّة تلك المواد التي يرغب المرء في تناولها طازجة. أما بالنسبة للحوم، فينبغي طهيها جيّدا، وخصوصا اللحم المفروم بالنسبة للأطفال، لأنّ اللحم المفروم واحد من الأسباب الرئيسية لداء انحلال الدم اليوريمي في هذه السنّ.
أمراض حيوانية تقتل مليوني شخص
تصيب الأمراض حيوانية المنشأ قرابة ال 2.4 مليار شخص سنويا، وتتسبب في 2.2 مليون حالة وفاة كل عام وفقا لما أظهرته دراسة عالمية، تحت إشراف البروفيسور مايْ، عن الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر. ومن هذه الأمراض: السل، ومرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، وإنفلونزا الطيور، وحمى الوادي المتصدع. وفي هذا السياق، تشير الدراسة إلى أن الغالبية العظمى من حالات الإصابة والوفاة بسبب أمراض يطلق عليها الأمراض حيوانية المنشأ تحدث في الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل، لكن هناك «نقاط ساخنة» تتزايد في الولايات المتحدة وأوروبا حيث بدأت الأمراض في التحول إلى أطوار خبيثة وبدأت تكتسب مناعة ضد العقاقير. وقال الباحثون مع مايْ إن الطلب العالمي المتزايد على المنتجات الحيوانية ينذر بأن المشكلة ستزداد سوءا.
وقالت إحدى المشاركات في الدراسة، ديليا جريس: «من الديدان الشريطية المسببة للأكياس المائية إلى إنفلونزا الطيور، تشكل الأمراض حيوانية المنشأ تهديدا كبيرا على صحة الإنسان والحيوان». وأضافت أن «مكافحة هذه الأمراض في أكثر الدول تضررا يعد أمرا أساسيا من أجل حماية الصحة العالمية، وأن الفشل في معالجة هذا الأمر قد يجعل الطلب المتزايد على المنتجات الحيوانية يذكي انتشار مجموعة كبيرة من الأمراض التي تنتقل بالعدوى من الحيوان إلى البشر».
كما وجدت الدراسة أن أثيوبيا ونيجيريا وتنزانيا والهند هي أكثر الدول تضررا من الأمراض حيوانية المنشأ مع انتشار واسع للأمراض وحالات الوفاة. وخلصت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا - خاصة بريطانيا - والبرازيل وأنحاء من جنوب شرق آسيا قد تصبح نقاطا ساخنة للأمراض حيوانية المنشأ بعد أن ظهر فيها لأول مرة حالات إصابة بين البشر وبعد أن بدأت الأمراض تكتسب مناعة ضد العقاقير.
و... القوارض
وقد أظهرت هذه البحوث العلمية أن المناطق الساحلية، هي في الغالب أكثر عرضة لغزو الفئران والقوارض، التي تنتقل من بلد لآخر عبر السفن والبواخر التي تجوب الموانئ محملة بالسلع والبضائع، وتتسلل من المركب في جنح الظلام أو في وضح النهار لتضع قدمها على أرض جديدة عند رسو السفينة في الموانئ لتفريق أو تحميل البضائع، لتنشر جيشا من الفئران خصوصا وأن هذا النوع من القوارض له قدرة فائقة في التكاثر، بل بإمكان زوج من الفئران أن ينجبا امبراطورية تضم نحو ألفي فار في عام واحد، وهي شديدة الذكاء تنشط ليلا وتعشق الجحور. وتلعب القوارض دورا أساسيا في نشر أكثر من 20 نوعا من الأمراض الفيروسية والبكتيرية أخطرها الطاعون القاتل، حمى التيفويد، الكوليرا، السل، السعار، حمى الفئران، السل والجرب، فضلا عن تسببها في خسائر مالية كبيرة نتيجة غزوها للمستودعات وأماكن حفظ الأطعمة والحبوب، ومن أكثر القوارض انتشارا وأشدها ضررا، الفأر النرويجي، الفأر الأسود، وجرذ المنازل، وتتفوق الفئران على الثدييات الأخرى من حيث أنواعها وقدرتها الفائقة على التكيف مع كافة النظم البيئية، الطبيعية منها أو تلك من صنع الإنسان، وأيضا قدرتها على مقاومة لأنواع المبيدات المختلفة، ما يدعو إلى تغيير السموم المستخدمة في المكافحة بصفة دورية. وتعد مناطق الكورنيش والسواحل هي الأكثر تعرّضا لوجود جحافل القوارض، نظرا لطبيعة عمرانها القديمة المتلاصقة وسراديبها الكثيرة التي تعد عوامل جذب للفئران دون أن نغفل أسبابا أخرى لا تقل أهمية ويكون الإنسان سببا فيها، منها الحاويات المكشوفة ورمي بقايا الأطعمة خارج المستوعبات المخصصة، فضلا عن دور «نابشات» النفايات في تكاثر هذه القوارض المزعجة والمضرة على نطاق واسع، حتى باتت تشارك المناطق المنكوبة في مجالسهم ومطابخهم ومضاجعهم، ما دعاهم إلى إطلاق صرخات استغاثة للتخلص من هذه الآفة الضارة في ظل غياب شبه كامل لوسائل المكافحة الفعالة.
الاحتياطات التي ينبغي اتخاذها من طرف المسافرين
إن الغالبية العظمى من حالات الإصابة والوفاة بأمراض تعد »أمراضا حيوانية المنشأ«، تحدث في الدول الفقيرة وذات الدخل المتوسط، بيد أن ثمة »نقاطا ساخنة« آخذة في التزايد في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا حيث بدأت هذه الأمراض في التحوّل إلى أطوار خبيثة وأخذت تكتسب مناعة ضد العقاقير. وتوقع باحثون أن يفاقم تزايد الطلب العالمي على المنتجات الحيوانية هذه المشكلة.
وأضافتْ ديليا جريس، المشرفة على الدراسة، وهي متخصصة في علم الأوبئة البيطرية وخبيرة سلامة الأغذية في المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية في كينيا، قولها »من الديدان الشريطية المسبّبة للأكياس المائية إلى إنفلونزا الطيور تشكل الأمراض الحيوانية المنشأ تهديدا كبيرا على صحة الإنسان والحيوان»، وتابعت أن مكافحة هذه الأمراض في أكثر الدول تضرّرا باتت تدبيرا أساسيا من أجل حماية الصحة العالمية، كما أن الطلب المتزايد على المنتجات الحيوانية »يذكي انتشار مجموعة كبيرة من الأمراض التي تنتقل بالعدوى من الحيوان إلى البشر».
وللعلم، فقد وجدت الدراسة أن إثيوبيا ونيجيريا وتنزانيا والهند هي الدول الأكثر تضررا من هذا النوع من الأمراض مع انتشار واسع للأمراض وحالات الوفاة، وأن الولايات المتحدة ودول أوروبا، وبالأخصّ بريطانيا، وكذلك البرازيل وأنحاء من جنوب شرقي آسيا قد تصبح بؤرا لهذه الأمراض.
الأمراض المشترَكة بين الحيوان والإنسان وإجراءات الوقاية
تقدَّرالأمراض المشترَكة بين الإنسان والحيوان بنحو 200 مرض. إن إصابة الإنسان بهذه الأمراض، بحسب دراسات مؤسسة الأبحاث العلمية «SRF»، سببها الحيوانات الأقرب إليه بخواصها البيولوجية. لذلك، فإن مصدر العدوى غالباً ما يكون من:
* الحيوانات ذات الدم الحار بشكل عام.
* الحيوانات التي ترضع الحليب بعد الولادة تسبب العدوى أكثر من الطيور أو الأسماك.
* الحيوانات القمامة أكثر من الحيوانات العاشبة أو اللاحمة.
طرق انتقال المرض
تنتقل الأمراض من الحيوان المريض إلى الإنسان السليم بالطرق الآتية:
* عن طريق الجهاز التنفسي.
* عن طريق الجهاز الهضمي بتناول المنتجات والمشتقات الحيوانية الملوثة.
* عن طريق ملتحمة العين.
* عن طريق الجلد بواسطة ملامسة الحيوان المصاب أو مخلفاته.
* بواسطة لسع البعوض أو الحشرات كالبراغيث والقمل وغير ذلك.
الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المشتركة
* المزارعون ومربو الحيوانات الذين يقومون بخدمة ورعاية الحيوانات.
* الأطباء البيطريون.
* العاملون في المسالخ وفي معامل تصنيع اللحوم والجلود والألبان والأجبان وغيرها.
* الفنيون الذين يقومون بإجراء الفحوصات الحيوانية المخبرية وفي مراكز إنتاج اللقاحات.
* العاملون في الغابات والصيادين.
* مربو الحيوانات المنزلية الأليفة كالكلاب والقطط.
وعموماً، تشكل الحيوانات الأليفة والحيوانات البرية التي يصطادها الإنسان، خطراً حقيقياً على سلامته إذ يمكن أن تنتقل هذه الأمراض إليه عبر تعاطيه مع هذه الحيوانات بشكل مباشر أو غير مباشر. وهناك أيضاً أنواع معينة من الحشرات والحيوانات البرية كالبعوض، البراغيث، القمل، الأرانب، الجرذان وغيرها، التي يمكن أن تكون ناقلة للأمراض أو حاملة لها، ما يشكل خطراً خفياً على الإنسان. قام العلماء بتقسيم وتصنيف الأمراض المشتركة إلى مجموعات إعتماداً على العوامل الآتية:
1- تصنيف الأمراض المشتركة وفقاً لنوع الكائن الحي الذي يصاب بالمرض أولاً:
* الأمراض التي تنتقل من الحيوانات البرية إلى الإنسان:
يصاب بهذه الأمراض القائمون على رعاية وخدمة الحيوانات، من أهم هذه الأمراض حمى وادي رفت، داء اللولبيات، وداء التولاريمية.
* الأمراض المشتركة ذات الوجهين أي التي يحافظ على بقاء مسبباتها في كل من الحيوان والإنسان ويمكن لها أن تنتقل من الحيوان إلى الإنسان وبالعكس. أهم هذه الأمراض:
- المكورات العنقودية الذهبية أو المكورات السبحية-العقدية.
- أمراض مشتركة تنتقل من الإنسان إلى الحيوان وهي غير ذات أهمية كبرى بالنسبة للأمراض المشتركة وأهمها السل الآدمي والديفتريا والأمبيا.
2- الأمراض المشتركة وفق طبيعة الحيوانات المصابة بالمرض وتكون مصدراً لنقله إلى الإنسان:
* الأمراض المشتركة بين الحيوانات المنتجة كالأبقار والأغنام والماعز والدواجن والإنسان. تؤدي هذه الأمراض إلى خسائر إقتصادية كبيرة نتيجة نفق الحيوانات، وتشكل خطورة حقيقية على صحة الإنسان.
* الأمراض المشتركة بين الحيوانات المنزلية كالقطط، الكلاب، الطيور، القردة وغيرها.
* الأمراض التي تصيب الحيوانات غير الداجنة وتعيش ببيئة الإنسان كالجرذان والفئران.
* الأمراض التي يمكن أن تنتقل من الحيوانات البحرية.
3- تصنيف الأمراض حسب العامل المسبب
* الأمراض الفيروسية وأهمها:
داء الكلب، الحمى القلاعية، إلتهاب المخ القرادي، حمى الوادي المتصدع وغيرها.
* الأمراض الجرثومية وأهمها:
الجمرة الخبيثة، الكزاز، الرعام، الحمى المالطية، السل، طاعون الجمال، التولاريميا، التسممات الغذائية (داء السلامونيات)، الحمى القرمزية، داء الليستريات وغيرها.
* الأمراض الفطرية ومنها:
القرع، السعفة، داء الرشاشيات وغيرها.
* الأمراض التي تسببها الليتبوسبيرا والبسبيروخيثا وأهمها:
مرض الليبتوسبيروس، التيفوئيد الراجعي القرادي.
* الأمراض التي تسببها الريكيتسيا وأهمها:
حمى ريكيتسا الجرذان، التيفوئيد الطفحي القرادي.
* الأمراض الطفيلية وأهمها:
- الطفيليات وحيدات الخلية: التوكسوبلازما والليشمانيا.
- الطفيليات الشريطية كالإصابة بالدودة الوحيدة العزلاء أو المسلحة وداء الكيسات المائية.
- التريماتودا وتضم مجموعة من الطفيليات منها الدودة الكبدية.
- النيماتودا مثل داء الشعرنيات (التريخنوز) وداء اليرقة المهاجرة.
- الطفيليات الخارجية كالجرب.
خطورة الأمراض المشتركة
تسبب الأمراض التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان مشاكل إنسانية وإجتماعية وإقتصادية منها:
* وفاة مجموعة كبيرة من البشر نتيجة إصابتهم بالطاعون البشري، ولكن تطور العلوم الطبية البشرية والبيطرية والبيولوجية وغيرها، سمحت بتنفيذ مجموعة متكاملة من الإجراءات أدت إلى القضاء على مثل هذا المرض الخطير، ومع هذا لا تزال هناك مجموعة من الأمراض كالجمرة الخبيثة، إلتهاب المخ، السحايا المعدي، الإسهالات الفيروسية المدمية، التسممات الغذائية الحادة والكزاز ... التي تؤدي إلى موت الإنسان.
* العقم عند الذكور نتيجة الإصابة بمرض الحمى المالطية.
* الإجهاض نتيجة الإصابة بالحمى المالطية وداء المقوسات (التوكسوبلازما).
* التشوهات الجسدية كالإصابة بالحساسية الجلدية من الليشمانيا (حبة حلب).
إجراءات الوقاية من الأمراض المشتركة ومكافحتها
تعتمد إجراءات الوقاية والتخلص من الأمراض المشتركة على:
* الكشف المبكر عن مصدر العدوى وإعطاء العلاج المناسب.
* تطبيق الإجراءات الصحية البيطرية والبشرية العامة والخاصة بما في ذلك إجراءات الحجر الصحي البيطري.
* تنفيذ برامج مكافحة هذه الأمراض باستخدام التلقيحات الوقائية أو الوسائل العلاجية وذلك عند الحيوان والإنسان.
* مكافحة الحشرات الطائرة والزاحفة والقوارض في المنازل وحظائر تربية الحيوانات والدواجن.
* القضاء على الكلاب والقطط والحيوانات الشاردة.
* مراعاة الشروط الصحية وخاصة أمور النظافة العامة وإعطاء أدوية المعالجة الدورية أو إجراء التلقيحات الوقائية للحيوانات المنزلية.
* تطبيق شروط الصحة والسلامة العامة من قبل المربين والمزارعين والحرفيين عند تعاملهم مع الحيوانات ومنتجاتها ومشتقاتها ومخلفاتها.
* عدم ذبح الحيوانات والدواجن إلا في المسالخ القانونية وإخضاعها للإشراف والفحص الصحي البيطري.
* تطبيق الشروط الصحية البيطرية الصارمة في عمليات تصنيع المنتجات والمشتقات الحيوانية.
* منع نقل وحفظ وتداول المنتجات والمشتقات الحيوانية الطازجة أو المصنّعة إلا في وسائل نقل مبردة ومغلقة بحيث تمنع تعرض هذه المنتجات للتلوث.
* العناية بنظافة الحيوانات المنزلية وخاصة الكلاب والقطط وإبعادها عن النساء الحوامل وإعطائها الأدوية العلاجية وإخضاعها للتلحيقات الوقائية الدورية والإشراف الطبي البيطري المستمر.
من هنا تظهر أهمية دور الطبيب البيطري ليس فقط في مجال حماية الحيوان ومعالجته من الأمراض المعدية وغير المعدية، وإنما أيضا في الحماية المباشرة وغير المباشرة للإنسان من هذه الأمراض الخطيرة.
عن لوفيغارو ، نونبر 2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.