اعتبر أحمد صبح سفير دولة فلسطين بالرباط في ندوة صحفية عقدها أمس بالرباط، أن حصول فلسطين على صفة عضو مراقب بالأممالمتحدة، عبارة عن نصر نابع من تراكم نضالي امتد لعشرات السنين تميز به الصمود الفلسطيني على ارض الواقع وتجسيد كذلك لكفاءة وقوة الموقف العربي الداعم للقضية الفلسطينية. وأضاف السفير في ندوة صحفية عقدها أمس بالرباط، أن ماجرى أول أمس بنيويورك هو انتصار للحق والقانون لمواجهة الاستيطان وتعزيز الحق الفلسطيني في تقرير مصيره، ومواجهة كذلك لاستمرار سياسة الحصار والاستيطان والاحتلال الاسرائيلي، مشددا في نفس الآن على أن هذا النصر ليس نصرا فقط للشعب الفلسطيني وإنما نصر لكل الأمة العربية التي ساهمت في صمود فلسطين. وفي السياق ذاته أكد السفير الفلسطيني على أن هذا القرار الأممي ليس موجها ضد أحد بقدر ما انه قرار أنصف الفلسطينيين في أفق العضوية الكاملة. وفي معرض رد عن سؤال "لجريدة الاتحاد الاشتراكي" حول العقوبات التي بإمكان أمريكا أن تتخذها في حق فلسطين حسب آخر تصريح للرئيس الفلسطيني عباس أبو مازن، أكد أحمد صبح أن كل المواقف المعادية لهذا القرار أو أية عقوبات ستكون ظلما جديدا في حق شعبنا البطل ومن سيحاول أن يفرض عقوبات، فهذا سوف لن يكون في صالح عملية السلام. وتساءل أحمد صبح كيف يمكن لأمريكا أن تقبل بدعم الديمقراطية في مصر وتونس وسوريا وترفض ذلك في واجهات أخرى، فالشعوب العربية بعد الربيع العربي لم تعد تقبل الازدواجية في المواقف السياسية. أصبحت فلسطين يوم الخميس الماضي، دولة مراقبا في الاممالمتحدة وذلك بعد عملية تصويت تاريخية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. حيث وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على رفع التمثيل الفلسطيني الى صفة "دولة غير عضو مراقب" . وصوتت لصالح القرار 138 دولة و 9 ضد القرار ، بينما امتنعت 41 عن التصويت ولم تشارك ثلاث دول في التصويت. وقد صوتت لصالح القرار 17 دولة أوربية على الاقل، منها النمسا وفرنسا وايطاليا والنرويج واسبانيا. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد بذل الكثير من الجهد لإقناع الدول الاوروبية التي تتبرع بالجزء الاعظم من المساعدات المالية التي تعتمد عليها السلطة الوطنية الفلسطينية بالتصويت لصالح رفع صفة فلسطين في الاممالمتحدة. ولكن بريطانيا وألمانيا وغيرهما امتنعت عن التصويت. ولم تعارض القرار من الدول الاوروبية إلا جمهورية التشيك التي انضمت في ذلك الى الولاياتالمتحدة واسرائيل وكندا وبنما وعدد من الجزر الصغيرة في المحيط الهادئ مثل (ناورو) و(بالاو) و(ميكرونيسيا). واستقبل الفلسطينيون في الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة نتائج التصويت بإطلاق الالعاب النارية والعيارات النارية في الهواء احتفالا. وحصلت فلسطين على هذه الصفة عبر نضالات ديبلوماسية واتصالات عديدة مع سائر الدول العضو بهيئة الأممالمتحدة وجمعيتها العامة، وكان عباس أبو مازن في خطابه امام الجمعية العامة قال "إن الجمعية العامة للأمم المتحدة مطالبة اليوم بإصدار شهادة ميلاد دولة فلسطين، ولهذا السبب نحن هنا اليوم"، مضيفا أن "العالم مطالب بتصحيح الظلم التاريخي الذي الحق بالشعب الفلسطيني وان اللحظة حانت ليقول العالم كفى للاحتلال والاستيطان" الاسرائيليين"، مؤكداً أن الهدف من هذه الخطوة هو إطلاق فرصة جدية أخيرة لتحقيق السلام. وبالرغم من أن عباس كان واضحا في خطابه حيث أكد أن الفلسطينيين لا يريدون نزع الشرعية عن اسرائيل، بل تأكيد شرعية دولة فلسطين، إلا ممثل إسرائيل في الأممالمتحدة رفض الخطوة الفلسطينية، معتبراً أن "عباس لا يريد السلام"، وشدد على اعتبار رفع تمثيل فلسطينبالأممالمتحدة قراراً "منحازاً" و"يدفع بالسلام الى الوراء". وفي المقابل اعتبرت الولاياتالمتحدة ان تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أول أمس الخميس، لصالح رفع مستوى التمثيل الفلسطيني إلى صفة دولة مراقب في الأممالمتحدة هو قرار "مؤسف وغير مجد ويضع عراقيل امام السلام"، حيث انتهزت وزيرة الخارجية الامريكية، هيلاري كلينتون، بمنتدى في واشنطن الفرصة للتعليق فورا على القرار التاريخي للجمعية العامة، وقالت ان هذا القرار "يضع مزيدا من العراقيل أمام طريق السلام"، معتبرة ان الطريق الوحيد لقيام دولة فلسطينية هو استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. وفي رد فعل لها عن هذا القرار قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون إن منح فلسطين صفة دولة غير عضو في المنظمة الدولية "مؤسف وستنتج عنه نتائج عكسية" لأنه يضع المزيد من العراقيل في طريق السلام. وقالت كلينتون في كلمة ألقتها بواشنطن "لقد كنا واضحين بأن السلام الذي يستحقه الاسرائيليون والفلسطينيون لا يمكن ان يتحقق الا من خلال المفاوضات المباشرة عن طريق يضمن قيام دولتين لشعبين تعيش فيه دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للاستمرار جنبا الى جنب بسلام وأمن مع اسرائيل اليهودية الديمقراطية. ومن جهتها رحبت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء امس الخميس، بمنح فلسطين صفة دولة مراقب بالاممالمتحدة، معتبرة ذلك مكسبا للشعب الفلسطيني. وأكد عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحماس، ان فلسطين "تستحق أكثر من ذلك" مشددا على ضرورة وضع هذه الخطوة "في سياقها الطبيعي كجزء من رؤية واستراتيجية وطنية ترتكز على المقاومة، وعلى التمسك بالحقوق والثوابت الوطنية وعدم التفريط بذرة تراب من الأرض الفلسطينية من البحر إلى النهر". المجلس الثوري لحركة فتح اعتبر أن التصويت لصالح فلسطين هو انحياز للحق والعدالة، ويعزز نضال الشعب الفلسطيني لإنجاز حقوقه الثابتة المتمثلة في حق العودة وتقرير المصير، وتشييد دولته المستقلة وعاصمتها القدس. واعتبر المجلس قرار رفع مكانة التمثيل الفلسطيني، خطوة على الطريق، لن تؤدي إلى إنهاء الاحتلال بشكل فوري ولكنها تكبله وترهبه، وتحقق الكثير من المزايا والايجابيات، وتعلي من مكانة القضية الفلسطينية وشأنها على صعيد الأجندة السياسيةالعالمية، وطبيعة التمثيل الفلسطيني في المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة. وأشاد بالرئيس محمود عباس "الذي لم ينحن امام الضغوطات المختلفة التي حاولت أن تثنيه عن هذه الخطوة" وتوقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان تفرض الولاياتالمتحدةالأمريكية عقوبات على السلطة الفلسطينية، بسبب القرار الأممي بمنح فلسطين صفة دولة غير عضو في الأممالمتحدة. ونقلت صحفية "الأيام" الفلسطينية، أمس الجمعة، عن عباس، قوله "نتوقع عقوبات من الأمريكيين، ومعنى ذلك أنهم لا يريدون السلطة"، مشيرا إلى إمكانية تأثير ذلك على السلطة الفلسطينية. وأكد عباس ان الأسابيع الأخيرة التي سبقت تقديم الطلب الفلسطيني للأمم المتحدة كانت صعبة للغاية، بعد تعرضه لضغوط هائلة من أجل عدم الذهاب إلى الأممالمتحدة. موضحا أن قبول الطلب الفلسطيني على المستوى الأممي يعني أن فلسطين أصبحت دولة تحت الاحتلال ينطبق عليها ميثاق جنيف الرابع، وعليه سيتم لاحقا إجراء انتخابات رئيس دولة وبرلمان فلسطينيين.