يظهر هذا الخرق جلياً وبشكل واضح، عندما يعلم المتتبعون للشأن الحقوقي والقانوني، أن المجلس الأعلى للحسابات سبق له أن حرك المتابعة في حق الأشخاص المعنيين قبل متابعتهم جنائياً، وذلك من دون تعيين أي مستشار مقرر يتولى التحقيق معه، وهو الأمر الذي يدعو إلى الاستغراب حول حقيقة ومدى توافق هذه المسطرة مع مبادىء العدالة والإنصاف». أجمعت هيئة دفاع كل من خالد عليوة، محمد الزيزي، العربي عليوة، يونس عليوة، أن اعتقالهم «اعتقال تحكمي وتعسفي»،وأن ما تنشره بعض الصحف هو عبارة عن «أخبار زائفة وأنباء لاعلاقة لها بالصحافة» حول قضية عليوة ومن معه، وأن قضية الاعتقال الاحتياطي، تتطلب تقييد الآمر بالاعتقال بضرورة توفير الحجج الثابتة، «وإلا، فإننا جميعا مهددون بالاعتقال الاحتياطي، إذ يكفي أن ترتكب حادثة سير غير متعمدة لتجد نفسك في السجن»، واصفين الاعتقال الاحتياطي في حالة هذا الملف ب «الكارثة الوطنية». واستهل النقيب عبد الرحيم الجامعي الندوة الصحافية التي عُقدت أول أمس الخميس بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط، بطرحه لمجموعة من الاعتبارات الخارجية التي تتحكم في الملف، منها اعتباره أن هذه «القضية متشعبة ووثائقها مفقودة، «وأن القضية لم يبتدئ فيها أي اجراء، والظلام لايزال يحف بها من البداية الى النهاية، وأنها تثير العديد من الشبهات وعدم نظافة خلفياتها»، الشيء الذي يضعنا كهيئة دفاع في الملف أمام «الباب المسدود والمجهول»» ، مؤكدا «نحن هنا «لسنا للدفاع عن أشخاص فوق القانون، لأنهم مستعدون للمثول أمام القضاء». وأضاف الجامعي، في ذات الندوة بأن محاكمة خالد عليوة، «فيها تجسيد صارخ لخرق مقتضيات الدستور»، مضيفا أن خالد عليوة ومن معه من المعتقلين في هذه القضية، هم في حكم «المعتقلين اعتقالا تحكميا»، واصفا الاعتقال ب «الاحتجاز الممنوع»، ما دام أنه لا توجد هناك مبررات لوضعهم في السجن، مردفا بأن الإجراءات التي رافقت الاعتقال هي «إجراءات استبدادية». من جهته أيّد إدريس لشكر وجهة نظر الجامعي، بقوله إن «الاعتقال عندما لا يكون قانونيا، فهو تحكمي وتعسفي»، ووصف الإجراءات التي رافقت اعتقال عليوة ب «غير القانونية»، مضيفا أنه قدم مذكرة من ثلاثين صفحة من الدفوع تثبت عدم قانونية اعتقال عليوة ومن معه، «لكن مع كامل الأسف قاضي التحقيق والنيابة العامة مصرون على اعتقاله»، يقول لشكر، مشيرا إلى أنّ هناك من أسرّ له بالقول «اللَّهم نصيفْطو السيد للحبس ولا يشكّو فينا شادّين شي حاجة». واعتبر لشكر« أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس» ، معتبرا أن كل الاجراءات التي تمت في هذه القضية غير قانونية بما فيها قرارات التمديد والاعتقال الاحتياطي، خصوصا عندما نجد أن «قاضي التحقيق يقوم بما لايسمح به القانون، ويترك المعتقلين رهن الاعتقال». كما أكدت هيئة الدفاع في تفسيراتها وشرحها لتفاصيل الملف ، أثناء تطرقها لقضية الاعتقال الاحتياطي أنهم لا يريدون «أن يصبح المواطن رهين سوء تطبيق المسطرة» ، الشيء الذي تصبح معه«الحرية مهددة»، وبالتالي أصبح «القضاء هيئة لقمع الحريات»، في الوقت الذي نريد فيه أن يكون «القضاء ضامنا للحريات». وشددت هيئة الدفاع على أنها ستفضح هذه الممارسات على المستوى الوطني والدولي، وهناك أشياء ستطرحها في وقتها ، منها ما يتعلق بالخلفيات التي تتحكم في الملف. بدوره قال إدريس سابا، بأن هناك «أخبارا زائفة» تنشر في الصحافة الوطنية حول قضية عليوة ومن معه، وبأن ملفات غير صحيحة أرسلت إلى المجلس الأعلى للحسابات، مضيفا أن «عليوة يتوفر على جميع الضمانات من أجل إطلاق سراحه، ولكنه مع ذلك لا يزال قابعا في السجن». كما نبه محمد باحو بأن «هناك تجاوزات ومقتضيات قانونية خطيرة تحيط بالملف ، وأنه ليست هناك مؤسسة تتحمل مسؤوليتها في تنزيل مقتضيات الدستور الجديد». كما تطرق البيان الصحافي الذيتم توزيعه خلال أطوار الندوة الصحافية ،إلى الأوامر القاضية بالتمديد التي يلاحظ أنها جاءت مفتقرة لعدة شروط، لكونها «لم تعلل تعليلا خاصاً مستنداً إلى أسباب ومبررات دامغة»، ومن جهة أخرى، لكونها «استندت على طلبات للنيابة العامة غير القائمة على أسباب مدعمة ومبررة، وإنما على مجرد احتمالات وتوقعات غير صحيحة، تتمثل في الخشية من فرار المعتقلين، والحال أن هؤلاء كانوا يستجيبون ويمتثلون ويتعاونون بتلقائية مع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، كما أنها غير صحيحة، لأن الخشية من الفرار سن لها المشرع الوضع تحت المراقبة القضائية وليس الاعتقال الاحتياطي». واعتباراً لهذه الأسباب، اعتبرت هيئة الدفاع في بيانها أن «فرض الاعتقال التعسفي ضد الموكلين فيه تهديد لأسس ومنطلقات المحاكمة العادلة، وحرمانهم من التحقيق بعد قرابة خمسة أشهر من الاعتقال مما يجعلهم بقرار من قاضي التحقيق، مدانين قبل الأوان، وهو الوضع الذي كان يفرض على النيابة العامة قبل دفاع المتهمين، أن تتصدى له تلقائياً لتطلب دون تردد من قاضي التحقيق فك أسر المعتقلين وإطلاق سراحهم، احتراماً لقرينة براءتهم وضماناً لسلامتهم النفسية وأمنهم القضائي». كما أبلغت هيئة الدفاع الرأي العام وكافة المسؤولين أن هذه الوضعية «لا يمكن قبولها أو استمرارها أو السكوت عنها، وأن مسؤولية قاضي التحقيق والنيابة العامة قائمة في استمرار احتجازهم تعسفياً، وقرار اعتقالهم هو إجراء فيه انتهاك للدستور ولحقوق الإنسان»، معتبرين أن «عواقب هذه الوضعية الخطيرة غير المشروعة لا تشرف القضاء بكل مؤسساته ومنها مؤسسة النيابة العامة»، متمنية أن «يستشعر الجميع خطورة وأبعاد وضعية موكلينا المحرومين من حرياتهم ظلماً سافراً لن نقف أمامه صامتين». وأوضح البيان الصحافي لهيئة الدفاع، الخروقات التي شابت الرقابة التي أنجزها المجلس الأعلى للحسابات على تسيير القرض العقاري والسياحي ، مؤكدا أن «هذه الرقابة تم فيها خرق جميع الضمانات القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 62.99 بشأن مدونة المحاكم المالية، التي يتضح باستقرائها أنه يمنع نشر أي تقرير أو إجراء أي متابعة إلا بعد تمكين الأشخاص المسؤولين من حقهم في الجواب والرد، وبالتالي حقهم في الدفاع، وهي الحقوق التي اعتبر وزير العدل السابق المرحوم السيد الطيب الناصري أنها تعرضت لانتهاك جسيم ليس له مثيل في تاريخ العدالة. ويظهر هذا الخرق جلياً وبشكل واضح، عندما يعلم المتتبعون للشأن الحقوقي والقانوني، أن المجلس الأعلى للحسابات سبق له أن حرك المتابعة في حق الأشخاص المعنيين قبل متابعتهم جنائياً، وذلك من دون تعيين أي مستشار مقرر يتولى التحقيق معه، وهو الأمر الذي يدعو إلى الاستغراب حول حقيقة ومدى توافق هذه المسطرة مع مبادىء العدالة والإنصاف».