عاشت كريمة كل أنواع المعاناة والحرمان، في عشها الزوجي بالحي الشعبي ترقاع بمدينة الناظور، وتحت سقف منزل ساهمت في بنائه ليأوي أسرتها الصغيرة المكونة من ثلاثة أبناء وزوجها الذي أذاقها مرارة العيش، كما يؤكد الجيران وإمام المسجد... الزوج لم يكن رحيما معها ومارس في حقها كل أنواع وأساليب التعذيب النفسي والجسدي، وانتزع منها الموافقة على زواج ثاني، وحاول طردها من المنزل لتقضي الليالي عند الجيران، بعد أن كانت مساهمة في ضمان القوت اليومي لأسرتها إما بواسطة عمل شريف تارة أو عن طريق التسول تارة أخرى.. وبعد أن يئست كريمة من ضمان أي استقرار مع زوجها، لجأت إلى تقديم شكاية ضده، ثم ترددت على المصالح الأمنية لمعرفة مآل شكايتها . ولأنها لم تعد قادرة على مزيد من الصبر والتحمل التجأت إلى ما ليس مقبولا لا قانونا ولا شرعا، حيث اقتنت قارورة «دوليو» أفرغها على جسدها ثم أشعلت النار التي التهمت جسمها داخل الإدارة العامة للأمن بمدينة الناظور. وعلى وجه السرعة، حضرت سيارة الإسعاف التي تولت نقلها إلى المستشفى الإقليمي قبل التوجه بها إلى المستشفى المختص في معالجة الحروق بمكناس، ثم نقلتا فيما بعد إلى مستشفى ابن رشد بالدارالبيضاء . ظلت كريمة تعاني من حروقها.. وبادرت مجموعة من المناضلين الاتحاديين، بكل من الناظور ومكناس والدارالبيضاء، إلى إعلان التعبئة من أجل توفير العناية لكريمة والتكفل بمصاريف علاجها. لكن شاءت القدرة الإلاهية أن تتوفى كريمة فتجند المناضلون، وهذه المرة، من أجل نقل كريمة لدفنها بمسقط رأسها بالناظور، حيث سارعوا إلى توفير سيارة نقل الموتى وأشرفوا على كل الإجراءات القانونية لضمان نقل جثمانها إلى مدينة الناظور وتوفير مصاريف دفنها وحفل تأبينها. وصل جثمان كريمة إلى منزلها الذي عانت فيه الأمرين ثم تم التوجه بها، قبل عيد الأضحى بأيام إلى مقبرة المدينة ليوارى جثمانها الثرى. وقد علمت الجريدة، مرة أخرى من جيرانها ومن إمام مسجد حي ترقاع، أن زوجه قام ليلة دفنها بجمع أبنائه الثلاثة ليخبرهم بأن أمهم قد ماتت ودفنت وعلى كل واحد منهم أن يبدأ في تدبر أمر حياته، وأنه سيبيع الدار وسيغادر مدينة الناظور. ومنذ ذلك اليوم والجيران يؤكدون أن أبناءه ينامون خارج منزل أمهم... أحيانا يقضون لياليهم في العراء وأحيانا يأويهم أحد جيرانهم إلى أن حل يوم العيد الذي قضوه متفرقين بين بيوت الجيران. وقد أكد لنا أكثر من مصدر أن الزوج مصر على بيع الدار وله مشروع زواج بامرأة أخرى. وليلة يوم الأربعاء 31/10/2012، علمت جمعيات المجتمع المدني ورئيس وأعضاء الاتحاد الجهوي للصحافة الإلكترونية بالريف ورئيس الجمعية الوطنية للتنمية وحقوق الإنسان ورئيس تنسيقية فعاليات المجتمع المدني بشمال المغرب والجيران وإحدى المحسنات بقيام الأب بطرد أبنائه الثلاثة من المنزل بشهادة شهود من الجيران، أكبر هؤلاء الأبناء يبلغ من العمر 16 سنة والثاني 8 سنوات والثالث 4 سنوات، وأن الولد الثالث عمره 4 سنوات يوجد في بيت إحدى الجارات.. الشيء الذي جعل هؤلاء جميعا يرافقون السيد عبد الكريم «أحد الجيران» الذي جاء بالولد المذكور على متن دراجته النارية إلى مداومة أمن الناظور، حوالي الساعة التاسعة والنصف من ليلة الأربعاء. وبعد تلقي المسؤولين بالمداومة لتصريح السيد عبد الكريم في موضوع إهمال زوج الضحية لأبنائه، أمر المسؤول الأمني بالمداومة، بعد ربطه الاتصال بالنيابة العامة، أحد المفتشين والمرافقين له بالدورية بضرورة إحضار والد الطفل وتحرير محضر له بالالتزام بتسلم ابنه مع تعهده بتحمل مسؤولية أبنائه الثلاثة. وفي الأخير، وبعد إجراء المتخذ من طرف مداومة الأمن، حصل إجماع بين كل الأطراف المتدخلة المشار إليها أعلاه على ضرورة إجراء اتصالات مع كل من السيد الوكيل العام والسيد وكيل الملك والسيد عامل الإقليم والسيد رئيس الجمعية الخيرية الإسلامية لمطالبتهم، كل واحد منهم من موقع مسؤولياته، بتحريك ملف موضوع شكايات الفقيدة ومتابعة زوجها ومنعه من بيع عش الزوجية مأوى أبنائه حتى لا يتم تشريدهم.