حقق الناخب الوطني، رشيد الطاوسي، أول رهاناته مع المنتخب الوطني، بعدما قاده مساء السبت الماضي إلى التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2013، عقب تخطيه منتخب الموزمبيق بالمركب الكبير لمراكش بأربعة أهداف دون مقابل، برسم إياب الدور الأخير من التصفيات القارية. وقدمت العناصر الوطنية مباراة بطولية، وخاصة في الشوط الثاني، حيث تسيدت المباراة، وحاصرت الخصم الموزمبيقي في نصف ملعبه، ودفعته إلى ارتكاب الأخطاء، أثمرت أربعة أهداف، أمنت العبور إلى جنوب إفريقيا. أربعون دقيقة من العذاب طبع التسرع أداء العناصر الوطنية في معظم فترات الجولة الأولى، ولاسيما في ظل التكتل الدفاعي لمنتخب الموزمبيق، الذي حل إلى مراكش من أجل الدفاع عن هدفي السبق في مباراة الذهاب. ولم يساهم الظهيران المغربيان في دعم خط الهجوم، حيث كان العربي وحيدا في مواجهة الدفاع الموزمبيقي، الذي استعمل كل الوسائل الممكنة لاستفزاز اللاعبين المغاربة، فبادر إلى إضاعة الوقت و«التمارض»، للرفع من حدة الضغط عليهم، فغاب التركيز وكثرت التمريرات الخاطئة. ورغم تبادل برادة وعقال موقعيهما، فإن النسق العام للمباراة لم يتغير، خاصة مع ضعف أداء بلهندة، الذي كان بعيدا عن مستواه. وارتفع سقف مطالب الجماهير، حين انتفضت في وجه رئيس الجامعة، وطالبته بالرحيل، كما احتجت على أداء العربي، الذي انقسمت بشأنه المدرجات، بين مطالب بتغييره، ومن التمس له العذر فرفع من حرارة التشجيع، قبل أن يكون أول الغيث في الدقيقة 39، بعد انسلال العربي في الجهة اليسرى، ويهيء كرة جميلة لعبد العزيز برادة، الذي قبل الهدية وأودع الكرة برأسية بديعة في مرمى الحارس رفائيل جوا، فانفجرت المدرجات فرحا، وخفت حدة الضغط. السعيدي يغير وجه المباراة فطن الطاوسي إلى حاجة الخط الأمامي إلى جرعة إضافية، خاصة وأن الجهة اليسرى كانت مصدر الخطورة الموزمبيقية، فأدخل السعيدي مكان صلاح الدين عقال، فارتفعت الخطورة المغربية، عبر الانسلالات الجانبية والاختراقات من الوسط، حيث أثمرت مجموعة من الفرص السانحة للتهديف لكنها لم تجد من يسكنها الشباك. وتواصل الضغط المغربي، مع محاولات بين الفينة والأخرى للمنتخب الموزمبيقي، الذي استمر على نفس أدائه، بتضييع الوقت، وجر اللاعبين المغاربة إلى النرفزة، التي كانت واضحة على يونس بلهندة، وكذا شن هجمات خاطفة على مرمى الحارس المياغري، الذي كاد أن يخونه تقديره في الدقيقة 48 . واستعصى على الهجوم المغربي التسجيل، وضاعت العديد من الفرص السهلة، وخاصة في الدقيقة 53 عندما أرسل السعيدي كرة «مقشرة» نحو المربع الصغير للحارس الموزمبيقي، دون أن تصطدم بمن يدخلها إلى الشباك، وأيضا في الدقيقة 55 عندما أهدر العربي هدفا محققا، بعد توصله بكرة جميلة من برادة. وتواصل الحال على نفس المنوال، حتى الدقيقة 63، عندما خدع عبد العزيز برادة العميد الموزمبيقي، «هوبو ألميريو»، الذي لم يجد بدا من عرقلته أمام انظار الخكم الكاميروني «نيام أليوم»، الذي أعلن عن ضربة جزاء، مع إنذار هو الثاني للاعب الكاميروني، فكانت البطاقة الحمراء. ضربة الجزاء انبرى لها العميد الحسين خرجة مسجلا الهدف الثاني، لتخترق الفرحة المدرجات، ويهتز كرسي احتياط المنتخب الوطني. البحث عن تأمين العبور منح هذا الهدف الكثير من الهدوء للعناصر الوطنية، التي آمنت أن التأهل بات قريبا، فواصلت ضغطها على المنتخب الموزمبيقي، الذي أصبح يلعب بنقص عددي، راهن المدرب رشيد الطاوسي على استغلاله بشكل أمثل، فأدخل نور الدين امرابط مكانه يونس بلهندة في الدقيقة 68، فدانت السيطرة المطلقة للمنتخب المغربي، خاصة مع توالي محن الخصم، الذي وجد مدربه الألماني «غيرت إينغلز» نفسه مجبرا على تغيير اضطراي بعد إصابة حارس مرماه، الأمر الذي زعزع من ثقته، وأسقطه في فخ العصبية، التي كان يعبر عنها بقذف قارورات المياه المعدنية. ورغم هذه السيطرة، فإن خط الدفاع المغربي كان يرتكب بين الفينة والأخرى أخطاء قاتلة، كما حدث في الدقيقة 73، عنما فشل بركديش في السيطرة على كرة عالية، وصلت إلى اللاعب غوامبي سادا، الذي سدد بجوار القائم، سرعان ما تحولت إلى هجمة خطيرة للمنتخب الوطني، بقيادة الخطير أسامة السعيدي، الذي هيأ كرة فوق طبق من ألماس للعربي. اهذا الأخير خانه الحظ وسدد في القائم، رغم أن الشباك كانت فارغة. وبعد عشر دقائق من دخوله، يرسل نور الدين امرابط كرة طويلة من الجهة اليمنى نحو رأس خرجة، الذي سدد بعيدا عن المرمى. الكل من أجل الكل وفي الوقت الذي كانت المباراة تستنزف دقائها، وأمام عدم القدرة على ترجمة الفرص الكثيرة إلى أهداف، اختار المدرب رشيد الطاوسي المغامرة، حيث أفرغ خط الوسط، وعزز الخط الأمامي، بإدخال محسن ياجور مكان كريم الأحمدي، الذي كان يحبط محاولات المنتخب المزمبيقي في المهد. فأخبر الخصم على التراجع أكثر إلى الوراء وترك مساحات شاسعة، كان السعيدي يحولها إلى شوارع من المراوغة، واستحق فعلا أن يحصل على لقب رجل المباراة بامتياز. وقبل خمس دقائق من انتهاء الوقت القانوني، يكفر زكرياء بركديش عن كل أخطائه، وينسل من الجهة اليسرى، ويهيء كرة جميلة للعربي، الذي أودع برأسه كرة تهادت بهدوء إلى الشباك. هذا الهدف نزل كقطعة ثلج على الفريق الخصم، الذي استنزف كل طاقته في الدفاع، ولم يعد يجد ما يقارع به الإعصار المغربي، الذي أثمر هدفا رابعا في الدقية 94، بواسطة نور الدين امرابط، بعدما استغل سرعته من الجهة اليمنى. الطاوسي يربح أول رهاناته انفجر فرحا بشكل هيستيري، بعد إعلان صافرة النهاية. فرحة ترجمت الكم الهائل من الضغط الذي كان يعيشه الرجل منذ تسلمه مهمة الإشراف على النخبة الوطنية، فبادر إلى التكبير في ميكرفون منشط اللقاء، ويعلن بشكل آني وعاجل عن شكره وامتنانه لكافة الجماهير التي تحملت مشاق التنقل إلى الملعب.