كلنا يتذكر الضجة الاعلامية التي رافقت إعلان اطلاق الشطر الثاني لمشاريع السكن الاقتصادي ببلادنا، كلنا يتذكر كيف أن أبواب إدارة مؤسسة الضحى بالدارالبيضاء اكتظت عن آخرها وتم قطع حركة السير أمامها بعد أن حج آلاف المغاربة من الدارالبيضاء والنواحي لأجل التسجيل في لوائح المستفيدين من السكن الاجتماعي والذي روجوا له وقتها بأن الدولة تدعمه وبأنها ستؤدي عن كل مستفيد حوالي خمسة ملايين سنتيم في حين ستتكفل الأبناك بالباقي على ألا تتجاوز قيمة الأقساط الشهرية الألف درهم. كلنا يتذكر كيف أن عملية التسجيل من كثرة الوافدين أصبحت تتم فقط بتسليم نسخة من البطاقة الوطنية تتضمن رقم هاتف الراغب في الاستفادة. وقتها لم تتدخل الحكومة في شخص وزير السكنى والتعمير ولاوزير المالية ولا أي مصلحة من مصالح إداراتنا بكل تنويعاتها، لتوضيح الأمر، بل الأكثر من ذلك أعطيت تصريحات مبهمة وغامضة لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة زادت من تأكيد أن الأمر يتعلق ب «ثورة» اجتماعية في مجال السكن الاقتصادي بالمغرب وبأن جميع كبريات الشركات وليست الضحى لوحدها قد انخرطت في هذا المشروع الاجتماعي. وكلنا يتذكركيف كان وقع الصدمة عندما توصل المواطنون المسجلون في لوائح المستفيدين برسالة قصيرة عبر هواتفهم النقالة تدعوهم إلى زيارة مكاتب البيع لإتمام اجراءات التسجيل، حيث فوجئوا بخطاب غير الذي تم تداوله من قبل، فوجئوا بأن مساحة الشقق لن تتجاوز الخمسة وأربعين مترا مربعا وقد تنقص عن ذلك بقليل، فوجئوا بأن السعر محدد في خمسة وعشرين مليون سنتيم، لكن المفاجأة الكبرى كانت عندما طلب منهم تقديم تسبيق لايقل عن السبعة ملايين سنتيم وبأن الأقساط الشهرية ستتجاوز بكثير الألف درهم كل بحسب سنه ومؤسسة القرض التي يتعامل معهاعلى عكس ما روجوا له. عاد المخدوعون أدراجهم خائبين بعد أن كانوا قد منوا النفس بشقة مستقلة لايهم إن كانت علبة سردين أو علبة سجائر أو حتى علبة عود ثقاب. كانت الصدمة أقوى بكثير عندما استفسروهم عما تم تداوله من قبل حول شروط الاستفادة فقيل لهم «.. هادوك كايديروا السياسة واحنايا عندنا البيع والشراء..!». هكذا تم إجهاض أحلامهم في صمت، لم تتحرك وسائل الإعلام بكل أصنافها لفضح الخدعة والوهم الذي تم تسويقه ولمقارنة تصريحات المسؤولين حينها بالواقع الجديد. قد يقول قائل هي تصريحات كانت عامة ومبهمة! لكننا نقول بأنها بعموميتها وإبهامها روجت للوهم ولأحلام يقظة انكسرت وأجهضت آمال عشرات الآلاف من المغاربة التائهين بين مكاتب البيع والوكالات التجارية للأبناك. إنها خدعة تنضاف إلى عشرات الخدع التي عاشها المغاربة والتي تم ترويج إشاعات بشأنها إما لامتصاص غضب عابر، أو لتمرير قانون أو للتمويه عن حدث ما، هي خدعة إذن ولا أدل على ذلك ماقيل للبعض في مكاتب البيع «.. هادوك كايديروا السياسة واحنايا عندنا البيع والشراء..»! إذا السياسة لدى البعض عندنا هنا قريبة جدا من عمليات البيع والشراء فقط عندما يتعلق الأمر باستحقاق انتخابي ولاعلاقة لها بالتعمير ولا بآمال المواطنين وانتظاراتهم...