إقامات و قصور بالملايير وطائرات خاصة وسيارات ليموزين وحفلات أسطورية تسمع الأذن عنها ما لا تصدقه العين ، حكايات وأسرار .. إنها بعض علامات حياة المشاهير والنجوم من الأثرياء الذين يسبقهم مجدهم و نفوذهم و شهرتهم إلى مراكش التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى جنة عالمية لهؤلاء الذين تتحرك في كل خطوة يخطونها أموال طائلة . في كل يوم يزداد اسم إلى رصيد المدينة من العشاق: أمراء و رجال دولة ورؤساء مجموعات مالية ضخمة تتصرف في المصير الاقتصادي للعالم بكامله ونجوم يصنعون فرجته..ينفقون ثروات يصعب على الخيال رسم حدود معقولة لها من أجل امتياز امتلاك جنة صغيرة بها .. تلك قصة مراكش اليوم .. جنة للمشاهير .. وعروش تتكئ على الملايير .. دهشة دائمة في عيون المشاهير لم تكن مراكش حلما طارئا في مخيلة مشاهير العالم و نجومه ،فتحولت فجأة معه إلى موضة تنسخ في مشاريع إقامة وزيارة متكررة ورغبة في قضاء وقت أطول بها . بل كانت دائما ومنذ عقود طويلة رغبة حقيقية لأسماء كبيرة ذوت شهرتها في فضاء السياسة العالمية والمال والأعمال والفن والرياضة . ربما أكثرهم شهرة ، كان هو الرئيس تشرشل الذي زارها لأول مرة سنة 1943 فصار يقضي أوقاتا طويلة بالمدينة الحمراء مترجما عشقه للفن في لوحات كان يرسمها قرب السور التاريخي باب دكالة قبالة حي الحارة وسط النخيل وممر الخطارات ، تلك الجسور المائية تحت الأرضية التي كانت تؤمن حاجة المدينة وجنانها من الماء الصافي المستقدم من العيون المتدفقة من الجبال المحيطة بها ، مستمتعا بإقامة هادئة بفندق المامونية معبر المئات من قيادات العالم ونجومه . منذ دخول الفرنسيين عقب التوقيع على معاهدة الحماية سنة 1912 ظلت مراكش دهشة حقيقية في عيون الأجانب الذين اكتشفوا سحرها مبكرا . فكتبوا عنها في مذكراتهم ووصفوا مغامراتهم بها ، ومنهم الذين اكتووا بفتنتها فلم يقدروا على مغادرتها مقررين البقاء بها . والآخرون حولوا العودة إليها إلى إدمان لا يشفون منه ..من أولئك حالة دونيس ماسون المزدادة سنة 1901 التي ما أن وضعت رجلها بالمدينة الحمراء سنة 1938 حتى قررت البقاء بها إلى أن توفيت بها سنة 1994 برياضها الشهير بدرب زمران بباب دكالة في قلب المدينة العتيقة الذي ورثته للدولة الفرنسية ، وبه كتبت أعمالها الاستشراقية ، وتحول اليوم إلى مزار ثقافي . حالها كحال جاك ماجوريل الذي استغل صداقة والده للمارشال ليوطي فزار مراكش للاستشفاء من مرض الربو, فإذا به يستقر بها ويوظف سحرها لصالح موهبته في الرسم ، مخلفا بها إحدى التحف العالمية الجميلة ، والمتمثلة في حديقة ماجوريل التي تعهدها بعده إيف سان لوران وشريكه بيير بيرجيه ، والتي تستقطب لوحدها سنويا أزيد من 700 ألف زائر . أسماء كثيرة من المشاهير تتزاحم في ذاكرة مراكش منذ العقود الأولى من القرن العشرين . نذكر منهم الفنان والكاتب اليوناني الشهير" رونيه أولوج " الذي استقر بها منذ العشرينات من القرن العشرين ، محققا اندماجا استثنائيا مع سكانها, حيث كان يجيد التحدث باللغة العربية والأمازيغية لأنه كان يرغب في مخاطبة أبناء البلد بلغتهم . وبمراكش أنجز أهم لوحاته التي استقطبت اهتمام كبريات صالات العرض والأروقة وجامعي التحف والأعمال النادرة ، وبها أيضا كتب مؤلفاته ومنها عمله الشهير عن ثقافة المنطقة . وكانت "الكونتيستة دوبري" لوحدها نقطة جذب لكثير من المشاهير لزيارة مراكش . حيث كانت تقطن بفيلا شهيرة بحي جيليز وهناك كانت تستقبل أصدقاءها القادمين إليها من مختلف أنحاء العالم ومنهم الرئيس الأمريكي روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل اللذين زاراها بنفس الفيلا عقب انتهاء مؤتمر أنفا ،وكذا الفنان الاسطورة شارلي شابلن ..وغيرهم كثيرون . لائحة هؤلاء المشاهير الذين سيطرت مراكش على هواهم طويلة جدا ويصعب حصرها في هذا المقام ، لكن هناك أسماء ظل صداها يتردد كثيرا بفضاءاتها ، منهم "لاشوفيير" حفيد ألفريد دوميسيه ، وماريا قدامة أرملة الكاتب خورخي بورخيص والكاتب والمفكر الإيطالي إمبرتو إيكو وتينيسي وليامز وأرملة الشاه إيران والممثل ألان دولون والفيلسوف برنار هنري ليفي ودوقة النمسا والمخرج ألفريد هيتشكوك الذي يذكر سكان حي المواسين إلى اليوم ارتياده لمقهى "زروال " الذي يوجد بمدخل الصباغين على مقربة من السقاية التاريخية لهذا الحي ، واحتسائه لكؤوس النعناع به . ومن الصعب أن ندرج ضمنهم أسماء كخوان غوتصيللو وبرت فلينت وهانس كيرتس لأن هؤلاء أضحوا مراكشيين حقا، لا مكان يتصورون فيه أنفسهم أحياء عدا مراكش .. عاصمة المشاهير تتشكل بين أسوار مراكش قبل سنة 1994 ، كانت مراكش سرا يتجول بين ثلة من المشاهير الذين يستقطبون بعضهم إليها . لم تكن حينها حملات دعائية لصالحها في المجلات والقنوات التلفزية الأكثر تأثيرا . بل كانت سمعتها لدى بعض أعلام السياسة العالمية و نجوم عوالم الفن والمال والأعمال ، أشبه بسر ثمين يتقاسمونه فيما بينهم لأنهم يعتقدون أن السياحة تدمر روح الأمكنة . كانوا يزورون المدينة ويقيمون بها بناء على اقتراح نبيل من صديق خَبِر سر مراكش وتذوق نكهته ، أو بسبب وصف ساحر لها في رواية أو كتاب . حينها لم تتحول بعد مراكش إلى علامة تجارية للرفاه والفخامة . في سنة 1994 ، انعقدت بالمدينة الحمراء قمة "الغات" العالمية التي استقطبت مسؤولين مؤثرين من مختلف أنحاء العالم . كانت تلك لحظة فارقة في التاريخ المعاصر للمدينة . وبداية جدية للفت انتباه المشاهير إليها وبداية تحولها إلى عاصمة لهم . بعدها توالت وفود الصحافيين الذين أنجزوا روبورتاجات عن المدينة وهدوئها وجمالية معمارها وبساطة سكانها ، وكان من أبرزها تلك الحلقة المذوية من برنامج " كابتال " الذي لفت انتباه الأجانب إلى فضاءات ألف ليلة وليلة المعروض أغلبها للبيع في عمق مراكش : الرياض . ففتحت وكالات دولية لتسويق هذه البنايات التاريخية بمختلف العواصم الأروبية . واشتعلت أثمنتها، وترسخ في باريس وروما ولندن بروكسيل وستكهولم وغيرها أن امتلاك إقامة بمراكش علامة بارزة للرفاه والبذخ . وحمل التسابق على اقتناء رياض المدينة الحمراء ، موجة من العشاق والمحبين لمراكش من أثرياء العالم وفنانيه وساسته ونجومه . وحتى الذين لم يقتنوا إقامات بها ، عملوا على التردد عليها وتحويلها إلى فضاء للاحتفال بمناسبات خاصة كأعياد الميلاد وحفلات الزفاف والاحتفال بنهاية السنة وغيرها .. فتزاحمت الأسماء في سماء مراكش ودروبها بل حتى بالقصور التي عمرت الضواحي : زين الدين زيدان ، ديفيد بيكهام ، أمير قطر والشيخة موزة ، الرئيس الغابوني وعائلته ، هرمس ، الرئيس الفرنسي نيكولا سركوزي ، شارل أزنفور ، خوليو إيغليسياس ، ريشار برونسان .. وتقوت موجة الإقبال على المدينة من طرف هؤلاء مع قرار الملك محمد السادس بتحويل المدينة إلى موعد سينمائي عالمي سنوي مع المهرجان الدولي للفيلم الذي انطلق سنة 2001 ، والذي شكل مروجا مباشرا للمدينة على المستوى العالمي باستقطابه لكبار رموز الفن السابع من مخرجين وممثلين ومنتجين ، فتدفق النجوم على مراكش تباعا . والكثيرون منهم قرروا العودة إليها مرة أخرى لينضافوا إلى اللائحة : سكورسيزي ، إمير كوستيريكا ، شاروخان ، فرانسيس فورد كوبولا ، فورست وايتكير ، تيري كيليان ، ماركو بلوتشيو ، كاترين دونوف ، براد بيت ، شارلوت رامبلين ، باري ليفنسون ، جون مالكوفيتش ، دومينيك كوبر.. وفي كل ذلك تعزز الرصيد العالمي لمراكش فانتقلت من مكان محلي تعبره رهانات بسيطة ، إلى مكان بصيت عالمي ، تشكل الإقامة به حلما لمن يصنعون عالمنا المعاصر ويتصرفون في مصيره . نادي باريس المراكشي في يوم 25 يوليوز 2012 حطت طائرة خاصة بمطار المنارة مراكش ، نزل منها الرئيس السابق للجمهورية الفرنسية نيكولا سركوزي وزوجته كارلا بروني. جاءت هذه الزيارة المفاجئة في لحظة كانت حرارة مراكش تتحدى الأربعين درجة وتنهك الأجساد والعقول معا . وكان سركوزي في قمة حماسه رغم كل شيء . ليتبين بعدها أن ذلك بسبب حسمه لصفقة اقتناء إقامة خاصة بالمدينة الحمراء. ويكمل بذلك حلقة عشاق مراكش من المشاهير. كان ساركوزي منذ أن تولى مهمة وزير الداخلية في عهد جاك شيراك متيما بالمدينة الحمراء . كان فندق المامونية مقر إقامته بها ، وهناك شوهد مرارا بسرواله القصير قرب حوض للسباحة . وبعد أن انتخب رئيسا للجمهورية الفرنسية ، أضحى ضيفا متميزا للمملكة ، ووُضعت رهن إشارته الإقامة الملكية الجنان الكبير المتواجدة بطريق فاس وسط النخيل و الأشجار الكثيفة . وبها ظل ينزل كلما زار مراكش حتى بعد مغادرته منصب الرئاسة . عندما اختار الناخبون فرانسوا هولاند خلفا له . طار ساركوزي فور مغادرته الإليزي في اتجاه مراكش . التحقت به زوجته ثم أمه . لم يجد مكانا مثاليا للاسترخاء والتحرر من ضغط الحملة الانتخابية الصاخبة التي قام بها والابتعاد عن فضول كاميرات الصحافة سوى هذه المدينة المستقرة في وسط المغرب بطقسها الجاف والحار في أغلب الأحيان . نزل ساركوزي بالإقامة الملكية المذكورة . وتفرغ لهواياته المفضلة كالركض في مدار النخيل والمشي لساعات تحت أشجاره ، وممارسة الغولف ، و لعب التنس بالنادي الملكي في قلب جليز، ناهيك عن القراءة والاستمتاع برفقة هادئة للعائلة بعيدا عن تشنج السياسة . كان يترجم بذلك ما قاله لأحد مقربيه ذات يوم : مراكش جنة هدوئي . لم تكن إقامته هذه بمراكش فقط للاسترخاء ، لكن وفي نفس الوقت ، للبحث عن إقامة خاصة . وهو الموضوع الذي تضاربت في شأنه الأخبار . حيث سارعت الصحافة الفرنسية إلى تقديم صورة مفصلة للقصر الذي من المفترض أن ساركوزي قدم مقابله خمسة ملايين أورو وحددت موقعه في قلب غابة النخيل وبالقرب من قصر " الغول " الشهير الذي يمثل واحدا من أغلى وأفخم القصور بالمدينة . وحددت مساحته في 1500 متر مربع ورسمت ملامح كل ما يخلق شروط الفخامة فيه : ثمانية أجنحة ، قاعة سينما ، مسبح كبير طوله 21 مترا وعرضه سبعة أمتار ، حديقة مزهرة تضم 600 نوع من النباتات والأزهار. بعدها ظهر خبر آخر يفيد أن ساركوزي الذي غادر مراكش يوم الثلاثاء 31 يوليوز ، لم يتم صفقة شراء القصر لأن زوجته لم تستسغ ثمنه . وبرغبته في اقتناء إقامة بها يلتحق ساركوزي بما يسمى بمراكش " نادي باريس المراكشي " الذي يشير إلى مجموعة من كبار الفاعلين الفرنسيين في حقول السياسة والمال والفن والرياضة والذين عثروا في مراكش على مدينة استثنائية للاسترخاء والهدوء وممارسة مهامهم بتركيز ودقة بعيدا عن أنظار الفضوليين . لكن كلمة نادي هنا ليست ذات دلالة بل لها معنى مباشر يشير إلى لقاءات جد خاصة وحفلات متميزة . حتى أن بعضهم يقول " من تحجبه عنك زحمة باريس ستلتقيه بمراكش بسهولة " . في حقيقة الأمر, فكثير من هؤلاء لا يسخر زيارته لمراكش للمتعة فقط, بل يتخذ فيها قرارات تتصرف في مصائر كبيرة لفئات عريضة من البشر . لذلك يتردد بين بارسيي مراكش أن جزءا من المشاورات الهامة حول مصير ليبيا إبان الحرب بين الثوار ومعمر القدافي تم بسرية خلف الأسوار الكبيرة لهذه القصور التي تتوارى خلف أشجار النخيل . بل إن المفاوضات حول تدبير قيادة حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الفرنسي تمت بإقامات خاصة بالمدينة الحمراء ، حيث حل بها مسؤولون كبار من الحزب المذكور وفي مقدمتهم أمينه العام جان فرانسوا كوبييه. لذلك يقول الفرنسيون المقيمون بهذه المدينة أن مراكش مَعْبر أساسي للسياسة الفرنسية . مراكش : المتعة تكلف الملايير بمراكش, العبور من البيت إلى ما يجاوره اليوم قد يكون عبورا بين ضفتين متناقضتين رغم تماسهما : من حياة في غاية البذخ والفخامة والثراء المتجاوز لكل حدود المعقول ، إلى حياة في أقصى درجات البساطة إن لم نقل الفقر. الجدران المتجاورة لا تخفي ذات الأسلوب في العيش ولا ذات الإمكانيات ولا نفس الرهانات . هناك أبواب متراصة في نفس الدرب تستند على بعضها ، لكن الواحد منها يفتح على كائنات غفل تحيا حاضرها بمنطق الحاجة وضغط ضائقة العيش ، وأخرى تفتح على كائنات تسبقها شهرتها المتجولة في مختلف أنحاء العالم . هؤلاء يخلفون آثارا واضحة في المدينة تظهر نفسها بوضوح في تحولات مهمة تحدث كنتيجة لنشاط الملايين من الأروات التي تحرك حياة هؤلاء . فقد تحولت مناطق بكاملها من دواوير مهملة إلى مركبات ضخمة من القصور الفخمة ، من ذلك مثلا منطقة سيدي عبد الله غيات التي تحولت فجأة من منطقة قروية بسيطة إلى متوالية من القصور التي امتلكها كبار أثرياء أروبا بملايين الأورو . وكذلك الأمر بالنسبة لمنطقة العكاري التي تمتد في عمق النخيل على بعد 20 كيلو تقريبا من مركز المدينة وتسلطانت والويدان وغيرها .. من هذه الآثار الثمينة لمشاهير أثرياء العالم بمراكش قصر نماسكار ، تلك التحفة المعمارية الباهظة التي ابتكرها الملياردير فيليب سولييه أحد كبار المستثمرين في الملاحة البحرية واللوجستيك على الصعيد العالمي . اختار لها موقعا فريدا في منطقة العكاري وسط النخيل وبين جبال الأطلس والجبيلات ، مريدا لها أن تكون في أدق تفاصيلها معلمة حقيقية مصممة بعناية لتلبية ذوق عشاق الفخامة . يتكون هذا القصر الذي كلف إنجازه غلافا ضخما تجاوز 55 مليار درهم، من 41 فيلا وجناح فاخر وحديقة كبيرة تمتد على خمس هكتارات مكسوة بمختلف الأشجار والنباتات وامتداد مائي يغطي مساحة كبيرة بحجم هكتار ونصف من البحيرات والأحواض والمسابح المستوحى تركيبها من مختلف الأشكال المعمارية ، حيث يدرك زائره أن كل شيء فيه بني فوق الماء . ويظهر تصميم القصر لمسات فنية موريسكية وأندلسية مع توافق في الديكور الداخلي مابين المعمار الشرقي والديكور الحديث . سعر المبيت بقصر نماسكار يصل إلى 15 ألف أورو أي أزيد من 16 مليون سنتيم لليلة الواحدة . ويدخل في الخدمات المقدمة لزبنائه سيارات ليموزين وطائرة خاصة صمم فضاءها الداخلي المهندس عماد رحموني بشكل يجعلها امتدادا للقصر . فيليب سولييه مالك الفندق ومبدعه الذي بعد دراسته الفلسفة وتفرغه للعمل كمستثمر في النقل البحري واللوجستيك ، يعترف أنه غريب عن الصناعة الفندقية لكنه بحكم عمله أقام في مختلف فنادق العالم وعرف نواقصها . فكان حلمه عندما حط بمراكش وقرر الإقامة بها أن يخلق فندقا تحفة يضمن هدنة حقيقية مع النفس ويشكل العيش فيه انقطاعا عن اليومي وإقامة مدهشة في عالم كل شيء فيه ممتع ومريح . " اقتنيت هذه الأرض , يقول سولييه ، وبعدها كانت صدفة لقائي بباب الخميس بالمهندس عماد رحموني الذي تقاسمت معه نفس الأفكار فعملنا على خلق هذه التحفة من أجل أناس استثنائيين يرغبون في رؤية الفن في كل شيء، فوق رؤوسهم وفي الأرض التي تمتد تحت أقدامهم وأينما جالت أبصارهم .. هذا القصر تجربة وأسلوب في الحياة ، ومن خلال إنشائه أردت خلق مكان أسطوري أعيش فيه مع ضمان انقطاعي عن اليومي .." وأضاف فيليب سولييه "عندما كنا في مرحلة الإعداد لمختلف تفاصيل هذا القصر سألني عماد رحموني كم حجم الميزانية المحددة للمشروع ؟ أجبته إنها ميزانية بلا حدود من أجل حلم بلا حدود .." 16 مليون سنتيم لليلة الواحدة. هذا المبلغ هو حلم مراكشي بسيط ليقتني شقة ضيقة يفني حياته بكاملها في تسديد أقساطها للبنك . في مراكش اليوم يوجد من يصرفه مقابل قضاء ليلة بنماسكار . سألت مارك مارينباخ الرئيس المدير للشركة الألمانية أوتكر المفوض لها تسيير القصر : هذا السعر جد مرتفع هل تعتقد أن هناك من له استعداد لدفعه مقابل المبيت لليلة واحدة ؟ فأجابني " إنهم زبناء مراكش وعشاقها .. الشخصيات المؤثرة في العالم والمشاهير وكبار رجال السياسة وعشاق الفخامة .. إنه فندق استثنائي سيكون له زبناؤه من أوروبا ومختلف أنحاء العالم وحتى المغرب .." يمثل نماسكار اليوم ، رمزا للفخامة والثراء التي تستوطن مراكش . وهو يشكل حسب متتبعين لتطور حالة الإقبال على المدينة الحمراء من قبل المشاهير والأثرياء ، نقطة جذب أخرى لاستقطاب مزيد من هؤلاء الذين يتعقبون كل شيء استثنائي ومدهش وثمين . إذ غير ما مرة ، صرف أكثر من هذا المبلغ بكثير بمراكش في ظرف وجيز . فقد قصدتها عائلات من تلك الأكثر ثراء في العالم لإقامة حفلات خاصة بمبالغ خيالية . من ذلك مثلا احتفال عائلة يهودية من أصل روسي بعيد ميلاد أحد افرادها بأحد القصور بالنخيل بتكلفة إجمالية ناهزت ثلاثة ملايير سنيتم صرفت في 48 ساعة تذوق فيها المدعوون وهم من كبار الشخصيات العالمية كل صنوف المتعة من مأكل ومشرب وفن .. قناني الشامبانيا مثلا التي ملأت الكؤوس احتفالا بهذه المناسبة كانت من نوع نادر ، القنينة الواحدة منها تساوي 13 مليون سنتيم . من تلك المناسبات أيضا احتفال عائلة رئيس دولة الغابون بزفاف شقيقتهم قبل اشهر قليلة ، والتي رافقتها مظاهر البذخ الاستثنائية. الفخامة ..علامة مراكشية عادة عندما يذكر عشاق مراكش من المشاهير يتوجه الانتباه إلى أسماء بعينها كبرنار هنري ليفي الذي اقتنى الرياض التحفة لألان دولون بسيدي مومن في قلب مراكش العتيقة قرب الإقامة الملكية والمستشفى التاريخي المامونية ، ودومينيك ستروس كان ورياضه الفخم بالقنارية قرب ساحة جامع الفنا ودرب ضبشي ، وجمال الدبوز وإقامته بتاركة ، وبيير بيرجيه وسكنه بحديقة ماجوريل التي تعهدها رفقة شريكه إيف سان لوران المنثور رماده بها ، وجاد المالح وبالوما بيكاسو وجان بونياتوفسكي وساركوزي وخوليو إغليسياس وشارل أزنفور .. هذا التركيز على هؤلاء يمثل حجابا لشخصيات أخرى مؤثرة ، غير قادمة من أروبا . هناك شخصيات مهمة من الخليج وبلدان عربية أخرى بما يعنيه ذلك من ثراء ونفوذ . ومن هؤلاء الذين كسبت مراكش عشقهم لها أمير قطر وعقيلته الشيخة موزة اللذان أصبحا يترددان على المدينة الحمراء في زيارات قصيرة وخاطفة . لكنها تتكرر بشكل يؤكد أن علاقة ود قد أرست مفعولها بين الأمير القطري وعائلته وهذه المدينة . آخر هذه الزيارات كانت قبل أسابيع, حيث قدم الأمير إلى مراكش من نيس الفرنسية وقضى بها خمس ساعات تقريبا قبل أن يغادرها.وفي الأيام الأخيرة من السنة الماضية كان المراكشيون يعاينون الأمير المذكور والشيخة موزة بالقرب منهم في عمق المدينة العتيقة هناك كانا يتجولان ويتناولان وجباتهم بأحد المطاعم بحي الرميلة قرب دار الباشا . وبفندق المامونية حجز أحد أقربائه مؤخرا لمدة شهر ونصف . واليوم يتردد بالمدينة أن الأمير يرتب أمر إقامته الخاصة بمراكش لينضاف إلى قائمة المشاهير الذين استسلموا لغواية المدينة . وتمثل عائلة الرئيس الغابوني علي بانغو ، واحدة من هؤلاء المغرمين بمراكش، وليس حفل الزفاف الفخم الذي أقامته العائلة لابنتها ليلة 26 ماي 2012 بحضور شخصيات دولية في مقدمتها ساركوزي ، وحده الدليل القوي على هذا الارتباط الذي يجمع هذه العائلة بمراكش ، بل هناك أيضا القصر الذي تملكه ماري فلور إحدى شقيقات الرئيس المذكور بطريق فاس ، والذي تتردد عليه بشكل مستمر هي وأفراد عائلتها .. ينضاف إلى هؤلاء شخصيات حكومية جد مهمة من بلدان الخليج كالبحرين والكويت والإمارات ، ورجال أعمال من طينة الملياردير الموريتاني بوعماتو الذي تحط طائرته الخاصة دائما بمطار المنارة . في الماضي كانت مراكش وجهة عشاق البساطة ، أما اليوم فقد أصبحت محج عشاق الفخامة ، أولئك الذين تصرف في كل خطوة يخطونها أموال طائلة . ربما ذلك من حسن حظ المدينة وبعض سكانها . المشاهير .. آثار حية قبل أسابيع قليلة وزع سيمون كزافييه كيراند هرمس مليون وردة على المارة بشارع محمد الخامس بمناسبة إطلاق حملة تسويق مشروع " هولدينغ هرمس " بمراكش " مربع عدن" الذي بني على أنقاض سوق جيليز . هرمس الذي تتحرك خلفه الملايير من الأوروات كان من الأوائل من كبار أثرياء العالم الذين اكتشفوا سحر الإقامة داخل المدينة العتيقة ، ووسط سكانها وبجوار منازلهم . لم يختر الانعزال بقصر تحميه غابة النخيل في وسط هادئ ومحروس خصص أصلا ليكون جناحا خاصا لأثرياء العالم بمراكش . بل اختار الإقامة بحي تاريخي وشعبي مكتظ بالسكان وله رمزيته لدى أهالي المدينة العتيقة برياض ينتصب كقلعة في قلب الزاوية العباسية على بعد أمتار قليلة جدا من ضريح أبي العباس السبتي أحد رجالات مراكش السبعة . صرف من أجل إصلاحه وصيانته وتحسين شروط الرفاه والفخامة به ملايين من الدولارات . في هذا الرياض الشاسع جدا كقصر ، والمرتفع فوق قباب ضريح سيدي بلعباس كحصن منيع ، يعقد هرمس عشاءات خاصة وحفلات VIP تحضرها شخصيات من طينة أولئك الذين يحركون العالم بكامله ويتصرفون في مصيره . أثناء عبورهم من الممرات الضيقة المؤدية إلى هذا الرياض قد تتماس أكتافهم بأكتاف مراكشيين بسطاء من جيران هيرمس أو الذين يتقاسمون معه نفس الحي ، لكن دون أن يدرك هؤلاء القيمة المالية والسياسية والفنية للأوائل . . ذلك سحر آخر من سحر مراكش العتيقة : أن يتواجد من هم في قمة المجد والثراء والنفوذ عالميا جنبا إلى جنب مع من هم أكثر بساطة وأقل حيلة ، دون أن يحدث ذلك أي اصطدام أو تشنج . ينضاف اسم جان رونيه فورتو رئيس مجلس المراقبة لمجموعة فيفاندي إلى قائمة عشاق مراكش . وعلى بعد 10 كليموترات تقريبا من مركز المدينة في اتجاه منطقة العكاري ، وغير بعيد عن قصر نماسكار ، شيد فورتو إقامة هادئة سماها " دار الصداقة " التي يستغلها ابنه كفضاء ثقافي لإنجاز وتقديم أعماله في النحت . لكن جان روني فورتو ، حاله كحال عدد من عشاق المدينة الحمراء من المشاهير والأثرياء ، لا يرتبطون بها كسياح عابرين يستمتعون بأجوائها وينصرفون . بل يرسخون حضورهم فيها بأثر حي . حيث أن الرجل أنشأ مؤسسة تعنى بدعم المشاريع الثقافية ، ومن أهم التظاهرات التي تحظى بدعم المؤسسة مهرجان " أوال ناغ " لفنون الشارع ، جريا على تلك السنة التي رسخها بعض الشخصيات العالمية الهامة التي استهوتها مراكش وأقامت بها لفترة معينة ، فعملت على خلق ما يجعل من عشقها للمدينة وإقامتها بها انتماء حقيقيا لها . ذلك ماقام به جاك ماجوريل بعد أن خلف وراءه حديقته الشهيرة التي تعد اليوم لوحدها معلمة فنية تستقطب سنويا آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم . وماقام به إيف سان لوران وبيير بيرجي عندما أنقذا هذه المعلمة من الزوال بعد أن كان خطر تحولها إلى مشروع عقاري يهددها . وماقام به الهولندي بيرت فلينت عندما أسس متحف تسكوين وأغنى محتوياته ليهديه إلى جامعة القاضي عياض ، وما قامت به السويسرية سوزانا بييدرمان مهندسة الفضاءات الداخلية وجامعة التحف و المهندس ماكس إليوت اللذين أحييا مجد مستشفى الطير " دار بلارج " قرب مسجد ابن يوسف ، الذي كان يمثل نصبا حضاريا طريفا بمراكش ، لكونه ظل يشتغل إلى غاية 1930 كمستشفى لعلاج طائر اللقلاق ، ليتم تهديمه بعد ذلك وتحويله إلى محل سكني اشتهر بدار الرغاي . وبعد 1950 وإلى 1985 استغل فضاؤه كمدرسة ، ليترك إلى قدره في حالة مزرية بعد هجره ، وتحوله إلى أنقاض متلاشية ، إلى أن اقتنته سوزانا وإليوت سنة 1996 ، واستثمرا فيه أموالا هامة لإعادة الحياة فيه كمؤسسة ثقافية للفنون الحية التي تباشر مهمتها اليوم في ارتباط مباشر بالسكان حتى بعد وفاة مؤسسيها ... أسماء تتزاحم تحت سماء مراكش إيف سان لوران المتوفى سنة 2008 ، الممثل الفرنسي جان لوفيبر المتوفى سنة 2004 ، المصمم دانييل هيشتر، الكاتب دانييل هوريس ، نجم كرة القدم زين الدين زيدان ، المنتج الفني كلود شال ، مبتكر العطور سيرج لوتنس ، السينتور بوليت بريسيبير ، ريشار برانسون صاحب سلسلة فرجين وشركة الطيران والمشهور بمنطاده وقلعته بأسني قرب مراكش ، المنتجة التلفزيونية ميراي دوما ، وباسكال غريغوري ، المخرج السينمائي جاك دوايون ، وجان بونياتوفسكي ، والوزير السابق تيري دوبوسي ، ومصمم الأزياء جان بول غوتيي ، وبيير بيرجي ، وبيير غييرمو الرئيس المدير العام لمجموعة تيليميديا ، وجان رونيه فورتو رئيس مجلس المراقبة لشركة فيفاندي ، والممثل جيرار لانفان ، وجمال الدبوز ، وجاد المالح ، والوزير السابق جان لويس بورلو ، والصحفية شونبيرغ ، ودومنيك سترواس كان الوزير السابق والمدير العام الأسبق لصندوق النقد الدولي ، والصحفية آن سنكلير ، وبرنار هنري ليفي ، ونيكولا سركوزي ، وأمير قطر ، وعائلة الرئيس الغابوني علي بانغو ...أسماء كثيرة تتزاحم تحت سماء مراكش من كبار المشاهير والنجوم ، تصحبها أموال ضخمة وتتحرك معها الملايير، وتتناسل حولها الأخبار والإشاعات ، لتمنح المدينة الحمراء ما كان قد أسماه الروائي السوداني طيب صالح بكيانها الأسطوري ، والذي يعني به ما يتبقى من المدينة في روح زوارها بعد أن يكونوا قد غادروها إلى البعيد ، وما يحملونه منها معهم من أحلام وذكريات وأفراح .. تلك الأضواء التي تضرب في ذاكرة العين ، والروائح والألوان والأصوات حتى الوجوه .. مراكش هكذا بالنسبة لهؤلاء ، سحر وغواية ومتعة وحكاية . أسوار تتعالى لتخفي حيوات في منتهى التنوع والاختلاف إلى حد التناقض ، لتتحول المدينة إلى انتصار حقيقي على الفناء ، كل خطوة منها غيمة تمطر حلما ، وكل ركن فيها شمس تتكئ على كتف من يتذوقها بافتتان .