يرصد كتاب «تجليات الأديان على الإنترنت .. أشواق إلكترونية إلى السماء»، لمؤلفته داليا يوسف، موضوع مصطلح «الدين الافتراضي» يطلق على كل ما يتعلق بالدين (وليس الدين الإسلامي وحده)، على الشبكة العنكبوتية أو الإنترنت. وهو ما يتمثل في جملة البحوث والمقالات الدينية المنشورة، وكذا جملة المؤسسات والمحافل الدينية المختلفة، ورصد جملة النشاطات الدينية على الشبكة. وتوضح المؤلفة أن تلك النشاطات الدينية، موزعة على تنوعها، بقدر متفاوت، بين تنوع أشكال المواقع والنصوص الرقمية، التي تتمثل في: الشبكات الدينية، المدونات، المواقع المختلفة (سواء كانت دينية متخصصة أو ثقافية عامة)، الأشكال الأخرى (الإخبارية والبريدية الإلكترونية). وغيرها. وتشير داليا يوسف، بداية، إلى مقولة المفكر والوزير اللبناني السابق طارق متري، حين أوضح أن ظاهرتي عودة الدين والعولمة، قد تزامنتا. وهي بذلك تربط من طرف خفي، بين التقنية والثقافة الرقمية (التي لعبت دورها في العولمة) والدين، حيث أمكن رصد العلاقة والتأثير المتبادل بينهما، من خلال: أولا: رواج ظواهر دينية جديدة، لم تزدهر إلا بنمو ثورة الاتصالات. ثانياً: انتشار الأديان خارج معاقلها التاريخية. (تلاحظ أن اكبر دير في سويسرا هو دير بوذي، وليس كاثوليكيا) وتجد المؤلفة هنا، أن التعامل مع الشبكة، وتعاطي الآراء والأفكار المتنوعة والتي يتم مراجعتها دوما والتي هي غير مستقرة (حتى الآن)، أسقط تلك الحدية التي قد ننتهي إليها بعد قراءة كتاب ما. تنتقل هنا لتلفت إلى أن القرن العشرين فاض بالحركات القومية والإيديولوجية على مسرح الأحداث، بينما مع القرن الواحد والعشرين، ومع رواج التقنية الرقمية والانترنت، بدأ البعض يرصد عودة الأديان وظواهر التدين. ونظرالبعض إلى التكنولوجيا الباهرة الجديدة تلك، باعتبارها حلما للبشرية، ما دفعه الى تجاوز الحدود المادية لعناصر التقنية، إلى أبعد من ذلك.. إلى البعد الروحاني، بحيث بات يرى الوسيلة التكنولوجية وسيطا مؤهلا لحمل ونقل الرموز الدينية الروحية.. وهو ما جعل البعض يعبر عنه ب»لاهوت الانترنت»، مع فكرة الهروب من الجسد.. وغيرها. وتؤكد داليا يوسف، أنه، وسواء كانت النظرة عند البعض أن الانترنت روحي في ذاته أو يمكن استغلاله في المجال الروحي، فهي رؤية تتماس مع قضية العلاقة بين العلم والدين، تلك التي وصفها لان جى باربور، بأنها تقوم على أربعة أنواع من العلاقات: علاقة الصراع- علاقة الاستقلال- علاقة الحوار- علاقة الاندماج. وجميعها يشكل حيوية الرؤية الموضوعية. وبعد تلك النظرة إلى التقنية في ذاتها، تتحول المؤلفة إلى التطرق لأشكال تناول الصياغات الدينية على الشبكة، مثل: المدونات تتعمد توضيح جملة نقاط في هذا الخصوص، تبين معها أنه أتاحت شبكة الانترنت فرصة كبيرة لإدارة حوارات ونقاشات تجاوزت الحدود الجغرافية والإيديولوجية التقليدية، وهو ما عرف بالإعلام الجديد. وقد اعتبر التدوين مكونا أساسيا لبيان تنوع الرؤى، لأن المكون الأساسي هو المكون الفردي.. وبالتالي فإنه يطرح الأسئلة والأفكار التي قد تضيف جديدا. تتعرض المؤلفة لماهية الأبحاث الغربية في هذا المجال، موضحة أن الإعلام العام في الغرب يروج للعلمانية أكثر من الشأن الديني، وهو ما يضيف إلى المدونات وشبكة الانترنت ميزة أخرى. ولكن، وبالعموم فقد عبرت الدراسات الإحصائية في الغرب عن أن المدونات الدينية قليلة العدد، مقارنة بعدد المدونات.