يخلد الشعب المغربي, وفي طليعته أسرة المقاومة وجيش التحرير, يومه الخميس, الذكرى 55 لإعطاء انطلاقة أشغال بناء «طريق الوحدة» التي شكلت حدثا هاما غداة حصول المغرب على استقلاله, ومشروع طريق الوحدة أعده وأشرف عليه الشهيد المهدي بنبركة، وتطوع فيه 12 ألف متطوع من الشباب من مختلف مناطق المغرب، بنسبة أربعة آلاف شاب في كل شهر, ينتمون لكل أنحاء المملكة ومثلت أوراش العمل مدارس للتكوين يتلقى فيها المتطوعون دروسا تربوية وتدريبات مدنية وعسكرية, حيث شقوا ستين كلم في جبل الريف على الحدود السابقة بين منطقتي النفوذ الاستعماري الاسباني والفرنسي. انطلق هذا المشروع يوم 5 يونيو 1957 وفي 6 يونيو 1957 بعث المهدي بنبركة برسالة إلى المغفور له محمد الخامس حول هذا المشروع... وللتذكير، أنه أثناء هذا المشروع كان حديث للجنرال حمو والمرحوم محمد الحيفي أمام إحدى الخيم, كان الحديث يدور عن مشروع طريق الوحدة فقال حمو أثناء الحديث: »... في اعتقادي أنه لو كان عشرة أفراد من مثل المهدي بنبركة في المغرب لكان المغرب شيئا آخر...«. وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير, في مقال بالمناسبة, أن هذا الحدث جسد ورشا للعمل التطوعي على درب البناء والنماء غداة الاستقلال. وكانت إنجازا باهرا حطم الحدود المصطنعة وربط بين شمال الوطن و جنوبه. وأضافت المندوبية السامية أنه في يوم 15 يونيو 1957 وجه محمد الخامس من مدينة مراكش نداء ساميا توجيهيا إلى الشباب المغربي لاستنهاض هممه من أجل التطوع في إنجاز مشروع وطني كبير يهدف إلى ربط شمال المملكة بجنوبها حيث قال جلالته «إن من بين المشاريع التي عزمنا على إنجازها لتدعيم التوحيد الحاصل بين منطقتي الوطن شماله وجنوبه, إنشاء طريق بين تاونات كتامة تخترق ما كان من قبل حدا فاصلا بين جزأي الوطن الموحد, وذلك ما حدا بنا إلى أن نطلق عليه اسم طريق الوحدة». لقد كان المغرب غداة الاستقلال يتوفر على شبكة طرقية يصل طولها إلى حوالي 20 ألف كلم, إلا أن توزيعها الجغرافي عبر التراب الوطني لم يكن شاملا لكل المناطق, وكانت العلاقات بين الأقاليم الجنوبية والشمالية تتسم بالطابع العرضي وانعدام الطرق الأفقية التي تخترق المنطقة الشمالية في اتجاه البحر الأبيض المتوسط, مما طرح وضعية ملحة أمام مغرب الاستقلال, حيث بادر جلالة المغفور له محمد الخامس إلى نهج سياسة جديدة في ميدان التجهيزات الطرقية من أجل تغيير البنى الوظيفية التقليدية للطرق التي كانت ترتكز على خدمة مصالح المستعمر سابقا وإعطاء الأولوية لبناء طرق بالأقاليم الشمالية والجنوبية لتصل إلى مستوى التجهيزات الموجودة بوسط وغرب البلاد. وكان في مقدمة المشاريع المبرمجة إنشاء طريق بشمال المملكة تربط بين تاونات ومركز كتامة على طول 80 كلم أطلق عليها اسم «طريق الوحدة» وكلمة الوحدة أو التوحيد التي ركز عليها المشروع لها دلالة رمزية هامة, فبالإضافة إلى الربط بين منطقتي الشمال والجنوب, فإن تجميع الشباب المتطوعين لبنائها من مختلف جهات المغرب وتكتلهم وحيويتهم وحماسهم اكتسى أهمية كبرى على الصعيد الوطني تجسيدا ورمزا للوحدة والتضامن والتكامل. وقد حظي هذا المشروع بتأطير تربوي ونظام أساليب التسيير والتدبير وأعمال اللجان المختصة التي اشتغلت منذ نداء بطل التحرير, وهي لجنة قبول الطلبات وتوزيع الاستدعاءات وتنظيم المخيمات وتوزيعها على طول الطريق ولجنة المواد والتموين والمواصلات, وتهييء هذه المخيمات لقبول المتطوعين وتوفير جميع الضروريات المادية والصحية والثقافية ، بإشراف مباشر من الشهيد المهدي بن بركة وفي مستهل شهر أكتوبر 1957 تم الانتهاء من أشغال الطريق