نشرت صحيفة »ليبراسيون« الفرنسية تحقيقا تتحدث فيه عن لقاء مع أحد أفراد البروتوكول الليبي السابقين، يوجد حاليا لاجئا في تونس، يكشف فيه عن مهمة كلف بها في منتصف غشت 2011 في جربة (تونس) كانت تتمثل في استقبال رجل أعمال مجهول من تشاد، يعتقد أنه كان يتوفر على »أدلة« عن تحويلات مالية ليبية إلى فرنسا عبر سويسرا، يعتقد أن نيكولا ساركوزي استفاد منها في حملته الانتخابية.. القضية أثيرت في أوج حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة وينفيها ساركوزي بقوة... غير أن عدة أطراف معنية تحدثت منذ مدة عن هذه القضية من بينها سيف الإسلام القذافي الذي سبق أن قال يوم 16 مارس 2011 »على ساركوزي أن يعيد الأموال التي تسلمها من ليبيا لتمويل حملته الانتخابية ... لدينا الدليل على ذلك ونحن على استعداد للكشف عن كل شيء«. ويشير صالح مدير ديوان القذافي سابقا, الذي يعتقد أنه يعرف كل أسرار النظام السابق، ويعتقد أنه دخل فرنسا الشتاء الماضي في إطار التجمع العائلي لكون زوجته فرنسية، مبحوث عنه من طرف الشرطة الدولية, ومحمود البغدادي الوزير الأول لليبيا، والذي يعتقد أنه أكد أمام القضاء التونسي صحة الوثيقة التي كشفت تحويل 50 مليون أورو نحو فرنسا عبر سويسرا.. والمحامي الفرنسي مارسيل سيكا ,الذي كان مكلفا بالدفاع عن ملفات النظام الليبي حتى سقوطه ,والذي يؤكد أنه سمع من اثنين من ركائز النظام الليبي السابق عن تمويلات سرية بين ليبيا وفرنسا، لكنه لا يتوفر على أي دليل ليثبتها. ومن شأن هذه المعطيات أن تدفع إلى تعميق الأبحاث والتحقيقات القضائية, سواء في فرنسا أو في تونس وليبيا لإجلاء الحقيقة. في منتصف غشت 2011، كان هجوم الثوار الليبيين في أوجه، وسقوط نظام معمر القذافي حتميا. القذافي، المختبئ في قلعته، أقسم أنه لن يستسلم واتخذ قراره: كشف الدليل عن الأموال التي صرفها لفائدة نيكولا ساركوزي، والهدف نسف مصداقية هذا الرئيس، الصديق السابق الذي انطلق في الحرب المفتوحة هذه، ليس هناك أي دليل على أن القذافي قد اتخذ مثل هذا القرار، لا توجد أي وثيقة موقعة ولا أي تسجيل صوتي. لكن هناك شهادتان تؤكد ذلك, شهادة المحامي السابق للجماهيرية الليبية مارسيل سيك الذي كان متواجدا بطرابلس في غشت 2011، وراوية ادريس (هذا الإسم الذي تم تغييره) 45 سنة عضو سابق في دائرة بروتوكول القذافي. هذا الليبي اللاجئ في تونس منذ سقوط طرابلس, يؤكد أنه أرسل في منتصف غشت إلى جربة (تونس) للبحث عن الأدلة التي تثبت التحويلات التي قامت بها ليبيا إلى فرنسا. الطرق كانت مقطوعة من طرف الثوار، وبالتالي لن يعود هذا المبعوث، لكن حسب روايته هذه الأدلة موجود وهي بين أيدي وسيط. اليوم، ليست هناك أي مسطرة قضائية مفتوحة في فرنسا حول اتهامات هذه التحويلات غير المشروعة، فقط هناك تحقيق أولي جاري بتهمة »التزوير واستعماله« ونشر أنباء زائفة بعد شكاية تقدم بها الرئيس الفرنسي السابق ضد موقع »»ميديابارت»,« الذي نشر خلال فترة ما بين دورتي الانتخابات الرئاسية، وثيقة تتحدث عن 50 مليون أورو صرفها القدافي لفرنسا. ولذلك فرواية ادريس قد تؤدي إلى فتح تحقيقات جديدة. صحيفة ليبراسيون الفرنسية, التقت هذا الليبي في المرسى, إحدى الضواحي القريبة من تونس العاصمة. ومنذ الصيف الماضي، يعيش عدد من المسؤولين السابقين في النظام الليبي، أمثال ادريس في المنفى. كان ينتظر في إحدى المقاهي، لغته الفرنسية سليمة ولأول مرة يوافق على الحديث عن المهمة التي أنيطت به في منتصف غشت 2011 من أجل أن يؤدي ساركوزي ثمن ما فعله بليبيا«. يقول ادريس, التعليمات كانت بسيطة, يوم 15 غشت كان يتعين أن أذهب بسيارة دبلوماسية للقاء رجل أعمال في جربة«. لن يكشف عن هوية رجل الأعمال هذا الذي نعرف فقط أنه إفريقي، وأنه كان قادماً من تشاد. لماذا تشاد؟» من هذا البلد كانت ليبيا ترسل الأموال التي تعود بعد ذلك إلى فرنسا عبر سويسرا، يؤكد مصدر آخر فرنسي كان في وقت سابق مقرباً من نظام القذافي» »في البداية لم أفهم بالضبط المغزى من مهمتي، لم يكن من مهامي طرح أسئلة محددة«« يحكي هذا المرشد السياحي الذي التحق بمصلحة بروتوكول القدافي سنة 2002. يوم 15 غشت، يحكي ادريس أنه التحق بجربة خلال أربع ساعات بفضل جوازات مرور. التقى رجل الأعمال المجهول. نام الإثنان في بن كردان, الواقعة على الحدود بين ليبيا وتونس. ثم حاولا الالتحاق بطرابلس في اليوم الموالي، لكن الطرق كانت مقطوعة من طرف الثوار» »اعتقلنا في الزاوية، يروي إدريس، اضطررنا للعودة إلى جربة، بقينا هناك ثلاثة أيام على أمل العودة إلى طرابلس. عندما فهمنا أن ذلك لن يكون ممكناً. عاد رجل الأعمال إلى تشاد. ولم أتمكن من العودة إلى بلدي...» وخلال ثلاثة أيام هذه، يؤكد إدريس (الذي يقول إنه يعيش حالياً في تونس بفضل الأموال التي ترسلها له عائلته المتخصصة في أمن المنشآت البترولية بالزنتان)، أنه فهم الغرض الحقيقي من مهمته, »كان يريد دخول ليبيا بأي ثمن، طرحت عليه بعض الأسئلة، أخبرني أنه يتوفر على أدلة عن تمويل لفرنسا من طرف نظام القدافي. أعرف أنه رحل ومعه تلك الأدلة«. وحسب روايته، فهذه الوثائق يقدر ثمنها ب 150 ألف أورو. إدريس ليس المسؤول الليبي السابق الوحيد الذي يرجح فرضية تمويل سري ليبي لفرنسا. فالوزير الأول السابق في نظام القدافي الموجود حاليا رهن الاعتقال في تونس، محمود البغدادي، أشار بدوره الى وجود تحويلات مالية بين البلدين. وتعود تصريحاته إلى أكتوبر 2011 وصدرت وقتها وسط لامبالاة نسبية. «يوم 25 أكتوبر 2011، استمع القضاء التونسي للبغدادي بناء على طلب ليبي بترحيله، يقول المهدي بوعوجبة, المحامي الذي نصبته عائلة البغدادي للدفاع عنه، صرح بأن ليبيا مولت شخصيات سياسية فرنسية، ولاسيما حملة نيكولا ساركوزي. وأشار كذلك إلى أن الأموال كانت تصل عبر سويسرا. بطبيعة الحال، محاضر الاستماع هاته لم تسلم لنا، ولن نحصل عليها» وخلال طلب الترحيل الثاني، بعد الأول بأسابيع، لم يتمكن الوزير الأول الليبي سابقاً من تأكيد وتوضيح أقواله، لأنه لم يكن موجوداً خلال جلسة الاستماع. وأشار المحامي إلى »أنه «أثيرت تهديدات بالقتل ضده لتبرير غيابه عن جلسة الاستماع. وهذه التهديدات لم تتأكد«« اليوم، البغدادي المعتقل صامت ولايزال تحت تهديد الترحيل إلى ليبيا. ويقول محمد صلاح حسن المحامي التونسي الثاني الذي يدافع عن البغدادي، إن هذا الأخير »طلب منا عدم إثارة اسمه بخصوص تحويلات مالية نحو دول أجنبية. وهو لا ينفي ولا يؤكد ذلك. ويعتبر نفسه معتقلا سياسياً، وأن حياته في خطر. وأن الوقت غير مناسب لإثارة هذه المواضيع«. ويتعين على العدالة القيام بالتحريات اللازمة للتأكد من صحة هذه الشهادات والبحث عن دلائل محتملة بوجود تحويلات مالية ليبية. أما نيكولا ساركوزي، فإنه نفى دائماً وبقوة أن يكون قد تلقى أموالا من القدافي«.