في سابقة من نوعها، أقدمت التنسيقية المستقلة للأطر العليا المعطلة على شكل نضالي آخر ، لم يسبق أن نهجته أية تنسيقية من التنسيقيات المتواجدة في ساحة المعطلين الموقعين على محضر20 يوليوز. فقد تقدم أزيد من 800 إطار صبيحة يوم الأربعاء9 ماي 2012 صوب مكتب البريد المركزي بالعاصمة الرباط لوضع رسائلهم، والتي هي عبارة عن ملتمس مرفوع الى جلالة الملك من اجل التحكيم في قضيتهم الاجتماعية التي أضحت تعرف بملف أطر 20 يوليوز ، هذا الملف الذي بدأ يعرف متغيرات مزاجية لحكومة السيد عبد الإله بنكيران .وهكذا تم في صندوق مخصص لهذه العملية بمركز البريد، وضع هاته الملتمسات التي وعد مسؤولو البريد المركزي مشكورين بإيصالها الى الديوان الملكي. وقد جاءت هذه الخطوة بعد إقدام حكومة عبد الإله بنكيران على غلق باب الحوار، والتملص من التزامات الحكومة السابقة، في خرق واضح لمقتضيات الدستور خصوصا الفصل 6 منه والذي ينص على عدم رجعية القوانين، وكذا مبدأ استمرارية مؤسسات الدولة والمرفق العام. وخطوة التحكيم الملكي هاته تجد سندها دستوريا في الفصل 41 و 42 والذي يجعل من جلالته الضامن لدوام الدولة واستمرار مؤسساتها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، والساهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام تعهدات المملكة، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة. وخلافا للحرب الإعلامية التي تشنها الحكومة، والتي مفاد شائعتها أن هناك أكثر من 10000 اطار في العاصمة الرباط، فالمجموعات الموقعة على محضر 20 يوليوز والتي عددها 94 مجموعة علاوة على الملفات التي أحيلت على المستشار عبدالسلام البكاري بصفة أحادية اثناء مزاولته مهامه كمشرف على هذا الملف؛ لا يتجاوز عدد أطرها 4500 إطار (التنسيقية المستقلة 893 إطار، التنسيقيات الأربع 2889 إطار، الملفات الأحادية ما يقارب 800 إطار)، وذلك حسب مصادر قريبة من اللجنة الحكومية المشرفة على الملف والتي حبذت التكتم عن هويتها. وحسب ذات المصادر، فإن عملية الاقتراض التي تمت، لم تكن قانونية. إذ وجد المسؤولون الحاليون لهذه المؤسسة الاجتماعية أنفسهم أمام ديون باهظة لم تستعمل لصالح التعاضدية ومنخرطيها. في الوقت الذي تم فيه تبديد 117 مليار من مالية هذه المؤسسة، إلا أن المحكمة قضت باسترجاع 100 مليون سنتيم فقط مما سيدخل التعاضدية إلى نفق مظلم. عبد المولى عبد المومني، في تصريح للجريدة أكد أنه حينما تم تطبيق الفصل 26 من نظام التعاضد من طرف الحكومة السابقة، كان بناء على تقارير اللجان المختصة. حيث تم رصد العديد من الاختلالات، كما اتخذت الأجهزة المقررة قرارات لإنقاذ التعاضدية. إلا أن الاختلالات التي مازالت متواصلة نتيجة تراكمات التسيير السابق، مازالت ترخي بظلالها علي هذه المؤسسة، وتهددها بالإفلاس. ورأى أنه في حالة تنفيذ الحجز، سيكون المنخرطون الذين يبلغون مليون و250 ألف منخرط عرضة للضياع خاصة الذين يعانون من الأمراض الخطيرة كأمراض القلب والقصور الكلوي. ومعلوم أن هذه التعاضدية تضم 2600 مؤسسة عمومية وشبه عمومية وهي أكبر تعاضدية من حيث المنخرطين. كما أن كتلة أجور الموظفين تلتهم 45% من الميزانية، نتيجة السياسات المتبعة في العهد السابق. وعملت التعاضدية على معالجة مليون و250 ألف ملف سنويا، عوض 650 ألف ملف في التجربة السابقة، مما رفع أيضا من المصاريف. والقرارات المتخذة والمتلاحقة، تثير العديد من التساؤلات في هذا الباب، مما يهدد باستقرار هذه المؤسسة وتعريض 500 موظف إلى التشريد، وخلق الفتنة بسبب خيوط المؤامرات التي تحاك ضد مليون و250 ألف منخرط. في إطار ندوة «المجتمع المدني والانتقال الديمقراطي» التي نظمت أول أمس الأربعاء من طرف تنسيقيات جمعيات المسيرة 2 بمدينة تمارة بمناسبة الملتقى الربيعي الأول، شبه الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني ، الحبيب الشوباني الجمعيات بالشركات التي تقوم بتكوين مستمر من أجل مواكبة متطلبات السوق، وصنف الجمعيات إلى بعضها الصالح والآخر الفاسد داعيا هذا النوع الأخير بالرحيل مصرحا: «هذه الجمعيات الفاسدة خاصها تمشي فحالها، حيت هي ماصالحاش». تدخل الوزير أثار حفيظة القاعة والمتدخلين الآخرين الذين كانوا بجانبه، ففي الوقت الذي ذهب إليه الأستاذ الجامعي عمر العسري إلى تأطير مداخلته بالتطرق إلى الجانب القانوني والدستوري، أشار محمد زهاري الفاعل الحقوقي ورئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان الى أن الحركة الجمعوية لم تنطلق من الصفر، ولها تراكمات وإنجازات وقادرة، كما أبانت في العديد من المحطات التاريخية، على مواجهة التحديات. وذكر ببعض منجزات الحركة الحقوقية بالمغرب. الفاعل الجمعوي والباحث في قضايا المجتمع المدني والتحول الديمقراطي كمال الهشومي، دعا الحضور والوزير إلى ضرورة دراسة تاريخ الحركة الجمعوية والمهام الحاسمة التي لعبتها في تأطير المواطنين، بدءا من عهد الحماية مرورا بالمطالبة بالاستقلال والبدايات الأولى لاستقلال المغرب، وبناء المغرب الحديث ووصولا إلى المساهمة في الإصلاحات الدستورية الأخيرة، رافضا التشبيه الذي قام به الوزير للجمعيات بالشركات، بكون العمل الجمعوي عملا طوعيا وتطوعيا يهدف إلى تربية الناشئة على القيم وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، والتطلع إلى مستقبل كله أمل وحب للوطن، وأن القيم لا تباع ولا تشترى مثل نظام السوق الذي شبه به الوزير الجمعيات، وأن الجمعيات استطاعت أن تتأقلم دائما مع كل المستجدات وساهمت ولاتزال بقوة بكل مسؤولية في حركة الاحتجاج ضد الفساد والاستبداد، وقدمت أكثر من 140 أرضية للجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، وساهمت في تأطير الناشئة وفي التربية الديمقراطية والحكامة وفي المشاركة السياسية وتدبير الشأن العام وفي أسس التنمية التي يتوخاها المغرب. وأشار كمال الهشومي إلى أنه لا يستقيم أي انتقال ديمقراطي إلا بتواجد بالإضافة إلى وثيقة دستورية متفاوض بشأنها، ثقافة ديمقراطية، والرفع من المستوى المعيشي للسكان، والتكامل والتجاوب مع المحيط الجيوسياسي، والإرادة السياسية، فهناك ركن أساسي وهو ضرورة تواجد مجتمع مدني فاعل وفعال، وبالتالي فإن تواجد الفعل المدني ضرورة وجب صيانتها من كل عبث واتهام. وفي رده على الوزير، دعا كمال الهشومي الوزير إلى ضرورة التحلي بالمسؤولية عند الإدلاء بأي تصريح باعتباره يمثل حكومة مسؤولة وفي ظرف حساس، وألا يظل يهاجم الحركة الجمعوية في كل مناسبة، إن أراد بالفعل النجاح في مهمته وهو ما تأمله الحركة الجمعوية، لأن نجاح مهمته، يضيف الهشومي، هو نجاح وتقدم للمجتمع المدني ونجاح للبلد، وألا يصدر أحكام قيمة مسبقة على جمعيات المجتمع المدني، وإلا ستجد هذه الأخير نفسها مضطرة إلى المواجهة لحماية تراكماتها ومصداقيتها، موجها الخطاب للوزير مباشرة «إن بكارة الحركة الجمعوية ليس بالسهل افتضاضها»، كما دعا الوزير إلى الرجوع قليلا لمعرفة نضالات الحركة الجمعوية ضد من يعتدي عليها أو يبخس من تراكماتها أو من يريد تفويت تراكماتها، ففي الوقت الذي كنا ننتظر من السيد الوزير يضيف كمال الهشومي أن يقدم لنا تصور وزارته حول كيفية تطور هذه العلاقة الحكومية التي تجمعه بالمجتمع المدني، ومأسستها وكيفية تجسيد الديمقراطية التشاركية التي أتى بها الدستور وهي المحطات المقبلة التي يعتزم الوزير القيام بها من أجل فتح الباب أمام جمعيات المجتمع المدني لنقاش وطني من أجل تفعيل بنود الدستور في هذا الشأن خاصة القوانين التنظيمية التي سترهن مستقبل المجتمع المدني، وفي الوقت الذي كان من المفروض أن يشرك المجتمع المدني في تعديل قانون مجلس النواب باعتبار الدستور أعطى صلاحيات للمجتمع المدني بتقديم عرائض، جاء للأسف يعطي دروسا للجمعيات ويصنفها، داعيا إياه الى الإنصات إلى المجتمع المدني أولا، والعمل معه وفق شراكة واضحة قبل الحكم عليه، مؤكدا أن الحركة الجمعوية رغم مرونتها فهي مستعدة دائما للدفاع عن مكتسباتها بكل شراسة خاصة مكتسباتها ونضالاتها في تثبيت القيم الديمقراطية وفي مجتمع تقدمي حداثي منفتح.