يمكن اعتبار «عبد الرحيم. ن» أحد أقدم معتقلي الحق العام على الصعيد الوطني ويظن دفاعه أنه الأقدم على الصعيد الدولي، إذ أنه أقفل ست سنوات وهو لايزال موضوعا رهن الحبس الاحتياطي دون صدور أي حكم في حقه. وليس عبد الرحيم وحده الذي يوجد في هذه الوضعية التي طالت دون موجب قانوني. فالعديد منهم قضوا عدة أشهر ليغادروا السجن بعقوبة ما قضوه بالسجن أو البراءة أو البراءة لفائدة الشك أو بعقوبة أقل بكثير مما قضوه داخل السجن. إلا أن عبد الرحيم الذي دخل السجن من أجل جناية القتل، ظل يعاني من خلل عقلي خضع على إثره للعلاج بمؤسسة للأمراض النفسية، وأشر الطبيب المعالج على أن حالته الصحية تجيز له المثول أمام الهيئة القضائية وها هو يقضي أكثر من ست سنوات كمعتقل احتياطي دون أن يمثل أمام غرفة الجنايات سوى مرة واحدة، أخر ملفه على إثرها لشهور أخرى نظرا لتراكم مئات الملفات أمامها. ويوجد اليوم أكثر من 500 متهم رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بالجديدة، إلى جانب 1000 محكوم من قبل محكمتي الدرجة الأولى والثانية، منهم 21 معتقلا في إطار القضايا الخاصة، أو ما يعرف ب»السلفية الجهادية». وحسب ورقة تقنية، فإن المؤسسة السجنية بالجديدة، شيدت على مسافة 12,9 آر، وتضم 51 زنزانة و118 غرفة، طاقتها الاستيعابية حددت في 900 نزيل، غير أن هذا الرقم بات متجاوزا، جراء الاكتظاظ الذي يعرفه السجن المحلي سيدي موسى، والذي بلغ 1500 نزيل من الجنسين، يشرف عليهم زهاء 120 موظفا من المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. ويشكل المعتقلون الاحتياطيون نسبة ما يقارب 37 في المائة من مجموع معتقلي السجن المحلي. حيث إما أنهم يمثلون في جلسات المحاكمة، أمام الغرفةالجنحية بابتدائية الجديدة وسيدي بنور، وغرفتي الجنايات الابتدائية والاستئنافية لدى استئنافية الجديدة وفق الجرم المرتكب ، وإما أنهم يخضعون للتحقيق الجنائي، أو الجنحي عقب إحالتهم من طرف النيابة العامة. ويوجد ضمن المعتقلين الاحتياطيين ، معتقلون يمثلون أمام ابتدائية سيدي بنور. ونصت المادة 618 من قانون المسطرة الجنائية، على أنه «يعتبر معتقلا احتياطيا، كل شخص تمت متابعته جنائيا، ولم يصدر بعد في حقه حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به». وقد تقصر فترات الاعتقال الاحتياطي أو تطول، قبل تحريك المتابعة الجنائية، من قبل مؤسسة التحقيق الجنحي والجنائي، وأحيانا حتى بعد تحريك الدعوى العمومية، ومثول الأظناء أمام الغرفتين الجنحية والجنائية. وعند إدانة المتهمين بالحبس أو السجن النافذين، تحتسب الفترات التي يكونون قضوها تحت تدبير الحراسة النظرية، أو رهن الاعتقال الاحتياطي، حيث يتم خصمها من المدد الحبسية أو السجنية النافذة، المحكوم بها. إلا أن بعض الأظناء يجدون أنفسهم قضوا فترات سالبة للحرية، قبل أن تصدر في حقهم أحكام وقرارات البراءة التامة، أو البراءة لفائدة الشك، أو تسقط عنهم الدعوى العمومية، للتقادم . ونستحضر حالة المتهمين الذين تمت متابعتهم أمام الغرفة الجنائية باستئنافية الجديدة، في إطار ملف «رئيس بلدية الجديدة الأسبق ومن معه»، وملف «رئيس قسم التعمير بعمالة الجديدة ومن معه»، قبل أن تصدر في حق بعضهم، قرارات بالبراءة، أو بسقوط الدعوى العمومية للتقادم، بعد أن قضوا فترات طويلة رهن الاعتقال الاحتياطي. وكان الدفاع التمس من الهيئة القضائية رفع حالة الاعتقال الاحتياطي عن موكليهم، باعتبار أن «البراءة هي الأصل»، وأن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، وأن «حالة الاعتقال الاحتياطي تعتبر استثناء، يمكن للقضاء أن يعتمدها بمقتضى حالة التلبس، وكذا في غياب الضمانات الواقعية والقانونية للمتهمين»، وطالب الدفاع احتياطيا ب»تعويض السجن الاحتياطي» بالمراقبة القضائية دون جدوى.إلا أن حالة عبد الرحيم تقتضي اليوم من وزير العدل والحريات أن يفتح تحقيقا في ملف هذا المعتقل الذي استكمل اليوم ست سنوات دون أن يصدر في حقه حكم يقضي بحبسه مدة معلومة أو مغادرته السجن في اتجاه منزل عائلته أو لاستكمال العلاج. أما أن يبقى هذا المعتقل وغيره ينتظرون الذي يأتي والذي لا يأتي فتلك حكاية أخرى تقتضي من الأستاذ الرميد بصفته أحد المطالبين السابقين بتعويض الاعتقال الاحتياطي بتدابير أخرى، كما هو الحال بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية، أن يتدخل لوضع حد لهذه الوضعية الشاذة بسجن سيدي موسى بالجديدة.