أضحت الدارالبيضاء مدينة المتناقضات بامتياز، لاحتضانها مفارقات غريبة في الشكل والمضمون، لدرجة أن جلها أصبح عاديا ومألوفا عند الساكنة البيضاوية لتكرارها في كل لحظة وحين وبمختلف مناطق ترابها . ففي يوم الأحد 23/04/2012 حوالي الساعة الرابعة ظهرا ركن مواطنا سيارته في وضعية ثانية لبضع دقائق مرغما ولظروف معينة، لم يخطُ إلا بضع خطوات حتى وقف «الديبناج» وشرع في جر سيارته نحو (الفوريان). وعلى الفور عاد المعني بالأمر إلى السيارة بينما أحد عناصر شرطة المرور نزل من شاحنة «الديبناج» ليشرف على العملية، بعد تقديم نفسه وتسليمه الأوراق المعتمدة ذكره الشرطي بمخالفته التي لم يتنكر لها المواطن مبديا استعداده لأداء الذعيرة الخاصة بمثل هذه الحالات على أن لا يتم جر سيارته إلى المجهول/ المعلوم، وذلك بعد أن فشلت جميع المحاولات التي قام بها المواطن طالبا الصفح عن خطئه، حيث رد الشرطي بأنه يمثل القانون، وأنه لابد من تنفيذه مهما كانت درجة تأثيره على المخطئ، وهو شيء مقصود لكي لا يكرر هذا الأخير نفس الخطأ، وبالتالي يكون هذا الإجراء قد أعطى ما هو منتظر منه من نتائج! المواطن أكد للشرطي احترامه للقانون وتأييده لتطبيق بنوده حرفيا في كال حالاته ، متسائلا : إذا كان هذا المنطق ساريا في هذه المدينة، فلماذا الفوضى والتسيب وعدم الاهتمام تعم وتسود بشكل لافت للنظر، من كبير المسؤولين عن التسيير اليومي إلى ذلك المواطن البسيط، مرورا بجميع القطاعات والمؤسسات العمومية والشبه عمومية؟ فلماذا نجد أن تطبيق القانون يقتصر على البعض دون الآخر، خصوصا وأنه في كثير من الأحيان تجد سيارات لوحاتها المعدنية تحمل أرقاما مخزنية كالجماعات المحلية أو المقاطعات أو المؤسسات العمومية في وضعيات تسببت في الكثير من حوادث السير داخل العاصمة الاقتصادية، ناهيك عن عدم احترام الضوء الأحمر وحق الأسبقية وعدم تأدية سائقيها لواجب مستغلي مواقف السيارات المحدد في درهم أو درهمين بدعوى انه موظف في إحدى المصالح السالف ذكرها، وأن له «حصانة» من ذلك ومن الديبناج أيضا حتى وإن تسببت في عرقلة السير أو حرمت ومنعت مرور بعض السيارات الخاصة كسيارة النقل المدرسي أو الإسعاف التي تستخدم منبهها الصوتي أو الضوئي لفتح المجال وإخلاء ذلك الموقع، ناهيك عما يسببه بعض سائقي سيارات الأجرة البيضاء الذين يحولون شوارع العاصمة الاقتصادية إلى «حلبة» لسباق «الفورميلا 1»، وكذا شبكة النقل السري الخارقة للقانون بوجودها في شوارع هذه المدينة! فأين هو القانون الذي تفنن الشرطي في مدحه والتعريف به! القانون وضع الجميع سواسية أمامه لكن تطبيقه رهين باجتهادات الساهرين على تنفيذه، وقد أكد هذا المواطن للجريدة أنه فضل الأداء الفوري كيفما كان المبلغ ، عندما علم أن «الفوريان» الذي ستنقل إليه سيارته يوجد في مقاطعة أخرى تبعد بكثير عن عمالة مقاطعة مرس السلطان، حيث يضطر كل مواطن جرت سيارته من تراب هذه المقاطعة إلى البحث عنها في أماكن بعيدة عن نقطة المخالفة ومسكن صاحب السيارة، زيادة على «سفرها» مجرورة في شوارع المدينة المحفرة وغير المرممة وبجوانب أوراش الطرامواي، الشيء الذي يستدعي نقلها بعد أداء المخالفة بالديبناج أيضا، إلى أحد مراكز الصيانة للوقوف على أضرارها وإصلاحها، ليتكبد المواطن عجزا على مستوى الميزانية الشهرية المتعلقة بضمان لقمة العيش لأبنائه، «الشيء الذي يجعل الواحد منا يفكر في استعمال دراجة هوائية بدلا من السيارة» يقول المواطن المتضرر !