لم ينصفه ديوان المظالم ولاانتبه إلى معاناته السادة الوزراء!... طرق كل الأبواب باحثا عن حق تصرفت فيه صهرة وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري من دون حق، لم يكترث إليه أحد ربما لكون طي صفحة الماضي تقتضي في حالته أن يُتجاهل ملفه تفاديا «لوجع الراس» ولما قد يجره فتح التحقيق في هذا الملف من مشاكل للبعض. تعب في البحث عن حق امتياز استغلال رخصة سيارة أجرة كبيرة «لاكريما» سجل باسمه، لكنه سلم لصهرة وزير الداخلية الأسبق تصرفت فيه لسنوات دون علمه. وعندما فطن للأمر، طالب بحقه. إلا أنه تم تجاهل ملفه ودخل في دوامة البحث عن حق مسلوب لسنوات إلى أن قضى نحبه وفي قلبه غصة ولسان حاله يقول «عند ربكم تختصمون...». إنها معاناة السيد الكشوش من سيدي سليمان والتي أعيد سرد تفاصيلها، لأنها فعلا قصة معاناة استمرت لسنوات لدرجة تستحق أن تكون عنوان قصة درامية لعائلة كانت تعيش بالفعل زمن السخرة بامتياز. وعندما أراد المسؤولون طي صفحة الماضي، تم تجاهل مطالبهم وتركوا للنسيان... شغَّلته في ضيعتها ما يزيد عن ثلاثين سنة، حرمته من كافة حقوقه، فرضت على أبنائه العمل عندها بدون أجر بعد أن حرمتهم من متابعة دراستهم، تلاعبت في رخصة سيارة الأجرة التي توسطت له للحصول عليها ثم سلمتها لوالدتها لاستغلالها... كل هذا والسيد «قدور الكشوش» لا يحتج، كيف له ذلك والمُشغِّلة ليست سوى السيدة (ف. س) حرم وزير الداخلية السابق!... إنها معاناة حقيقية تلك التي عاشها ذلك البدوي البسيط ولاتزال عائلته تعاني من تبعاتها بعد وفاته، معاناة حكاها لنا بمرارة من يحس بالغبن والظلم، خاصة بعد أن طردته من عمله الذي كان يزاوله في ضيعتها الكائنة بدوار بوشويطينة الغابة بابن سليمان، ليكتشف أن الأجر الهزيل الذي كان يتسلمه منها، والذي لا يتجاوز 1200 درهم ليس سوى أجر شهري كان يتقاضاه من صندوق الإنعاش الوطني بمدينة ابن سليمان، وأن طرده من عمله جاء نتيجة التشطيب عليه من قائمة العاملين بالإنعاش الوطني، بمعنى أنه اشتغل في ضيعة حرم السيد الوزير ثلاثون سنة «ببلاش»، حسب تعبير إخواننا المصريين. دهشة السيد الكشوش كانت كبيرة عندما اتجه نحو وزارة الداخلية للاستفسار عن حق امتياز استغلال رخصة سيارة أجرة كبيرة -والتي أخبرته حرم الوزير، بعد أن سحبتها منه، بأنها ستعيدها إلى المصالح المختصة لإصلاح خطأ ورد فيها- ليكتشف، هذه المرة، بأن الرخصة مستغلَّة في اسمه منذ سنة 1984 تاريخ استلامها من طرف والدتها!... وعندما واصل بحثه في القضية، اكتشف أنه كان ضحية لعبة مدبرة لحرم السيد الوزير اليد الطولى في إدارتها. كانت البداية مع مطلع سنة 1970 عندما زار أحد أفراد القوات المساعدة السيد قدور الكشوش في مقر عمله، مخبرا إياه بأن المحكمة تطلب مثوله أمامها حالا، كانت دهشة السيد قدور كبيرة، فهو إنسان بسيط ليست له نزاعات مع أي أحد كان. لبى نداء المحكمة ورافق ذلك «المخزني»، غير أن طريق المحكمة تغيرت لتصبح طريق ضيعة حرم وزير الداخلية آنذاك، والتي فاجأته بمجرد دخوله عليها، بأنها تأمره بأن يترك عمله الحالي ليشتغل عندها في الإصطبل!... يقول السيد قدور: «... بدأت تستفسر عن أسباب وفاة البقر وأنواع الأمراض وعندما أجبتها، أخبرتني بأنها ستشغلني بالبلدية وستعطيني أجرة شهرية، كيف لي أن أرفض عَرْض زوجة السيد البصري، بل هل يستطيع أحد أن يرفض أوامر السيدة فتيحة آنذاك؟ تناولنا طعام العشاء عندها ورافقني بعض أفراد القوات المساعدة إلى الضيعة التي أشتغل فيها. أمضيت الليلة هناك. وفي صباح اليوم الموالي، زارني أفراد القوات المساعدة، حيث أمروني بمغادرة الضيعة والالتحاق بضيعة حرم الوزير... فكان ذلك. ومنذ ذلك الحين وأنا أشتغل عندها ليل نهار وطيلة أيام الأسبوع، حيث لم أحصل طيلة فترة عملي عندها على عطلة ولو ليوم واحد...»!... كانت مظاهر التأثر بادية على ملامحه، وهو يكمل حديثه ويحاول إخفاء دموع الحسرة على فترة من عمره قضاها تحت الاستغلال، والذي لم يسلم منه حتى باقي أفراد أسرته الصغيرة، حيث يضيف «... كنت أعمل عندها في الضيعة أنا وزوجتي وأبنائي الأحد عشر، إذ كنا نسكن عندها في الضيعة وكانت تصر على ألا يكمل أبنائي دراستهم. عندما كنت أشكو لها شدة الفقر ومصاريف تمدرس الأبناء، كانت تجيبني قائلة: «خرجهوم من المدرسة ومنين يوصلوا 18 عَامْ غَاديَا ندخلهم ليك للمخزن». غير أن أي شيء من هذا لم يحدث... فكل أبنائي الذكور كانوا يعملون عندها في الإصطبل. أما البنات فقد اشتغلن خادمات عندها في البيت وعند بعض أفراد عائلتها، والويل لمن ترفض الاشتغال عندها. فقد حدث أن رفضت إحدى بناتي الاشتغال، فكان مصيرها الطرد من الضيعة، حيث أمرتني بأن أطردها من المحل الذي تقطن فيه أسرتي. ولم تنفع توسلاتي لها، فانصعت لها، في نهاية المطاف، وهرَّبتها عند أحد أفراد عائلتي، بعيدا عني ولم أتمكن من رؤيتها إلا بعد أن طردت من عملي...»!... تُرى كم هو عدد العاملين في ضيعات بعض كبار المسؤولين، والذين يتقاضون رواتبهم من الإدارات العمومية؟!... وماذا سيحدث لو تكلم هؤلاء العاملون؟!... لاشك أننا سنطلع على واقع جديد «للسخرة»، حيث يتم التعامل مع العامل على أساس أنه مجرد «قن»؛ وبالتالي يحق لرب العمل التحكم في كافة أفراد أسرته. معاناة السيد قدور مع صاحبة الضيعة لم تنته، فأمام ارتفاع تكاليف المعيشة، خاصة وأن الأبناء يشتغلون بدون أجر، فإنه لم يكن يفوت الفرصة دون أن يطلب منها الرفع من أجرته الشهرية، فوعدته بالتدخل لصالحه قصد الحصول على «إكرامية» طالبة منه جمع الوثائق الخاصة بذلك. يقول السيد قدور «... في سنة 1984، جاء عندي سائقها الخاص وبشرني بكوني حصلت على لاكريمة وحملني في سيارته إلى مدينة القنيطرة، واستلمت بالفعل لاكريمة من الصنف الكبير تحت رقم (111)، كانت فرحتي كبيرة. لكنها لم تكتمل... فبمجرد وصولنا إلى الضيعة، وجدت حرم السيد الوزير في انتظاري، حيث باركت لي حصولي على لاكريمة وأخذتها مني بحجة أن فيها خطأ وبأنها ستعيدها للمصالح المختصة لتصحيح الخطأ»!... لم يكن يعلم المسكين بأن إجراءات تصحيح هذا الخطأ ستدوم لأزيد من عشرين سنة كاملة، إذ في كل مرة كانت تحضر فيها إلى الضيعة يبادر إلى سؤالها عن لاكريمة، فتخبره بأنها لم تُصلح بعد. ودام هذا الأمر منذ سنة 1984 إلى سنة 2000، إلى أن فوجئ بطرده من العمل بدون وجه حق. ونتيجة لذلك، قام برفع دعوى مدنية ضدها لتعويضه عن الضرر الذي لحق به نتيجة الطرد التعسفي الذي تعرض له، من دون جدوى وأمام تفاقم الأزمة المالية الناجمة عن فقدانه لعمله، تذكر السيد قدور تلك «لاكريمة» التي قضت أزيد من ستة عشر عاما ولم يتم بعد إصلاح الخطأ -يقول: «...ذهبت إلى وزارة الداخلية لأستفسر عن مآل رخصة سيارة الأجرة التي تسلمتها، فأخبروني بأن الرخصة تُستغل باسمي منذ سنة 1984، وذلك بمدينة القنيطرة. كانت صدمتي قوية عندما اكتشفت أنني كنت طوال ست عشرة سنة ضحية التلاعب بحقوقي. توجهت إلى مدينة القنيطرة لأستفسر عن الرخصة رقم 111، فأرشدني أحدهم إلى المهدية مكان اشتغال سيارة الأجرة هاته. فتعرفت على سيارة الأجرة التي تحمل رقم رخصتي، فلما استفسرت السائق، دلني على صاحب السيارة، الذي أخبرني بدوره بأنه يكتريها منذ سنوات من عند السيدة والدة حرم وزير الداخلية الأسبق... ذهبت إلى وزارة الداخلية لأصرح بما وقع لي، فأخذ أحدهم يلح عليَّ كي أفسخ الوكالة التي قيل لي إن السيدة تستغل سيارة الأجرة بها، والتي هي ليست في حقيقة الأمر إلا وكالة مزورة، قيل لي آنذاك إنه إذا كنت أرغب في استغلال سيارتي فلابد أن أوقع على تلك الوثيقة. وقمت بالفعل بالتوقيع عليها.. رجعت إلى ابن سليمان على أساس أنني سأستلم رخصتي، غير أنني توصلت برسالة مضمونة يخبرونني فيها بأن سيارة الأجرة والرخصة قد تمت سرقتهما...»!... ترى من قام بعملية السرقة هاته خاصة بعد أن ظهر المالك الحقيقي للرخصة؟ سؤال لا يحتاج إلى مجهود كبير للإجابة عنه خاصة وأن السيد قدور بعد أن بُلغ بخبر سرقة «كريمته» بدأ رحلة البحث عن حقه ما بين الرباطوالقنيطرة. فبعد أن تسلم التصريح بالسرقة وتوجه إلى عمالة القنيطرة، أخبره المسؤول عن قسم الرخص بأنه لا يمكنه أن يلبي طلبه ما لم يصدر أمر بذلك من طرف عامل الإقليم أو من وزارة الداخلية بالرباط. هنا توجه المسكين إلى مدينة الرباط فقال له رئيس مصلحة الإكراميات: «ارجع إلى القنيطرة وقلَّبْ على حقك». وعاد أدراجه إلى القنيطرة، يضيف السيد قدور «...رجعت إلى القنيطرة وفي مديرية الأمن الوطني قالوا لي إنه جاءهم أمر بإيقاف لاكريمة 111، وبأن أعود من حيث أتيت إلى حين المناداة عليَّ، رجعت إلى ابن سليمان وانتظرت مدة ثلاثة أشهر عدت بعدها إلى عمالة القنيطرة، حيث تم إخباري بأنهم لا يعلمون شيئا عن خبر توقيف لاكريمة 111، ومنذ ذلك الحين وأنا أطوف ما بين عمالة القنيطرة ومديرية الأمن ووزارة الداخلية بالرباط دون جدوى...»!... طالت رحلة البحث لسنوات وسنوات لم يتمكن خلالها قدور من استرجاع حق مسلوب ولم يكترث إليه أحد، باغته المرض فألزمه الفراش إلى أن زاره ملك الموت فغادر إلى دار البقاء وفي قلبه غصة... إنها حالة واحدة من بين مجموعة من الحالات التي لم يستطع الزمن المغربي الكشف عنها، حالات تتجسد فيها أبشع مشاهد الاستغلال والظلم... فما أكثر قصص المعاناة لأناس كانوا يعيشون بالفعل زمن السخرة بامتياز وعندما أراد المسؤولون طي صفحة الماضي تم تجاهل مطالبهم وتركوا للنسيان... انتهى الخبر القصاصة ولأن الخبر مقدس والتعليق حر كما قيل لنا، فلابد لنا من طرح تساؤلات حول مآل هذا القرض بالفعل قبل انتظار سنة 2025 لمعرفة إن كان القرض بالفعل قد صرف في مجال تخصيصه أم لا خاصة وأن القرض سيحمل مالية الدولة الكثير على امتداد أربعين سنة أجل السداد. لقد علمتنا التجارب السابقة بأن التعامل مع القروض المالية والمساعدات النقدية الأجنبية المخصصة لقطاعات معينة يلف الغموض طرق استعمالها وصرفها والنتائج المحصلة منها وإن كانت قد بلغت أهدافها أم لا.. ينبغي الوقوف عن بالدراسة والتحليل عند مآل الدعم الذي تقدمه مجموعة من الدول إلى المغرب في مجالات اقتصادية واجتماعية ومعرفة المستفيد منه وماهي طرق مراقبة صرفه. نطلب من المسؤولين الذين لاتخفى عنهم خافية إعطاءنا إحصائيات بحجم الدعم المقدم للمهنيين وللمقاولات المغربية في مجموعة من القطاعات وتقديم النتائج التي تم الوصول إليها مقارنة مع الهدف الأصلي الذي من أجله تم تقديم هذا الدعم. نطلب من المسؤولين إعطاءنا توضيحات بشأن المساعدات المالية التي تقدمها اليابان للمغرب المغرب بهدف تطوير قطاع الصيد البحري والتي تقدر بملايير السنتيمات التي لانعرف مآلها بالنظر إلى أن قطاع الصيد البحري مازال إلى يومنا هذا يعاني من اختلالات بنيوية. نطلب من المسؤولين تقديم توضيحات دقيقة بشأن الأموال المرصودة من الاتحاد الأوربي لأجل دعم الإدارة المغربية كيف صرفت وفيما استعملت؟ نطلب من المسؤولين إعادة التحقيق في ملف الهدية المسمومة التي قدمها الاتحاد الأوربي لمجموعة من المقاولين المغامرين في الشمال المغربي والتي أدت بهم إلى الافلاس. ولمن لايعرف تفاصيل هذا الملف نذكره بأن الأمر يتعلق بمقاولين بالشمال المغربي استفادوا من قرض الشمال الممنوح من طرف الاتحاد الأوربي ومجموعة من الأبناك المغربية، فوجدوا أنفسهم على حافة الإفلاس، وولجوا أبواب المحاكم بعد أربع سنوات فقط من بداية مشروعهم الاستثماري لكون مجموعة من الابناك المغربية شرعت ضدا على القانون في اقتطاع فوائد الدين من القروض الممنوحة لهؤلاء »المغامرين«. مع العلم أن العقدة تؤكد على أنهم معفيون من أداء أقساط الرأسمال والفوائد لمدة سنتين. سلوك الأبناك أدى إلى تراكم الديون على المستثمرين وهو الأمر الذي دفع بالمقاولات إلى إعلان إفلاسها ومتابعتها أمام المحاكم حيث تم طي الملف ومازال معلقا إلى حد الآن وقد ينفجر في أية لحظة لأن المثير للجدل أن الاتحاد الأوربي وقتها اعترف بأنه كان ضحية تحايل كبير وتدخل من خلال مراسلة الأبناك المغربية شريكته في المشروع إلى أن التلاعبات كانت أكبر من مجرد أخطاء حساباتيةوتم طي الملف بعد أن تأكد الاتحاد الأوربي أنه أمام ملف فساد تتداخل فيه مجموعة من العناصر وتم وقف كل أشكال التعاون التنموي من هذا القبيل. فهل نجد أنفسنا أمام نفس السيناريو أم أن الأمر يختلف هنا؟ وهل تجرؤ وزارة المالية على النبش في هذا الملف وكشف تفاصيله بحيادية تامة ؟ وفي الوقت الذي يرفع فيه شعار تقريب الإدارة والخدمات من المواطنين تقبع فيه إدارة المكتب الوطني للكهرباء بعيدا عن المواطن في ظل صمت مطبق للمنتخبين ورئيس الوكالة التجارية بكيسر، حيث أصبح حديث المواطنين بالجماعة يدور حول هذاا لمشكل الذي بات شغلهم الشاغل.