اللحظات الأخيرة للحملة الانتخابية الرئاسية بفرنسا كانت كلها لحظات في صالح المرشح الاشتراكي فرنسوا هولند، ابتداء من المناظرة التلفزية التي خرج منها متفوقا على خصمه نيكولا ساركوزي خلال النقاش، حيث أعطته صورة جديدة، وهي قدرته الكبيرة على المواجهة، بالإضافة إلى أن الاستطلاعات الخمسة الأخيرة التي كانت كلها في صالح فرنسوا ما بين 52 و53 في المائة من الأصوات، رغم أن الفارق مع نيكولا ساركوزي الذي تقدم بنصف نقطة مقارنة مع باقي الاستطلاعات السابقة، لكن الرئيس المنتهية صلاحيته مازال متمسكا بالأمل في تغيير اتجاه الرأي لصالحه، وفي نفس اليوم تلقى ضربة أخرى وهي قرار زعيم الوسط فرنسوا بايرو التصويت لصالح المرشح الاشتراكي، رغم أن الوسط بفرنسا، ظل منذ عدة عقود قريبا من اليمن، بل شارك معه في الحكم في عدة حكومات. وهو ما شكل مفاجأة كبرى لكل المتتبعين، وكذلك لجزء من اليمين. وقد برر زعيم الوسط قراره بسبب سلوك الرئيس المرشح الذي اختار التوجه كل الوقت إلى ناخبي اليمين المتطرف، بل تحول أحيانا إلى ناطق رسمي باسم أفكارهم وهو ما عكسته كل التجمعات الانتخابية لليمين وكذلك المقابلات الصحفية لمرشحه، التي ركزت كلها على قضايا الهجرة وعرضها بشكل سلبي يهدد فرنسا إلى حد أصبح مفهوم الحدود أحد شعارات هذه الحملة الانتخابية . نفس الأسباب جعلت كل المواقع وصانعي الرأي المغاربيين والمغاربة بفرنسا يختارون هم كذلك التصويت لصالح فرنسوا هولند، حتى المحافظين منهم مثل جمعيات المساجد وعدد من المواقع الإلكترونية والفعاليات الثقافية.. وهذا التوجه تشعر به خلال النقاش في الأحياء التي تضم عددا كبيرا من المغاربيين، بسبب الغزل المتواصل لمرشح اليمين نيكولا ساركوزي وراء أصوات اليمين المتطرف وهجومه المباشر على المسلمين وثقافتهم وقوله أمام المرشح الاشتراكي فرانسوا هولند في مناظرته التلفزية إن رفضه لمشاركة الأجانب في الانتخابات المحلية هو راجع إلى أن أغلب الأجانب مسلمون بفرنسا. فساركوزي أصبح يرى تهديد الإسلام في أي مكان بالجمهورية، وهي كلها تصريحات كانت صادمة بالنسبة للمغاربيين بفرنسا، وكذلك الأفارقة من جنوب الصحراء، والذين كانوا هم الآخرون معنيين بتصريحات الرئيس المرشح. طبعا، في أوساط هذه الجالية المغربية والمغاربية، الكل يتساءل متى سيرحل الرئيس الأسبق للعودة إلى فرنسا هادئة لا تألب الناس على بعضهم البعض، فرنسا تنهج سياسة اجتماعية وعادلة بين مواطنيها والعادالة في كل مجال، وهذا المفهوم العدالة كان الشعار الأساسي الذي دافع عنه المرشح الاشتراكي. في آخر تجمع قال نيكولا ساركوزي للحاضرين ساعدوني وهو نداء استغاثة إلى أنصاره وكل الفرنسيين من أجل الظفر بالفوز الذي أصبح بعيد المنال. لأنه يبدو أن الفرنسيين قرروا التغيير واختيار رئيس جديد لقصر الإليزي بعد غياب عنه طال 17 سنة كاملة تناوب فيها على رئاسة الجمهورية رئيسان من اليمين .