هل أصيب الخليع بالهلع وهو بالدارج الخليع، لمجرد حديث عن مقال ما في موقع ما؟ وهل أصيب الرباح بنفس العدوى، وقد جاءه أصحاب مبادرة التي جي ڤي، بعد أن كان قد وافق على اللقاء؟ هناك ما يبدو في عداد الفزع والهرولة أكثر من الموقف الحكيم من الموضوع برمته!! ليس كل المغاربة ضد التي جي ڤي، مهما كانت اعتباراتهم، ولكن جميع المغاربة لهم الحق في وضع القضية على طاولة الحديث، بلا فزع ولا قضايا وهمية. ما الذي حدث في القضية، هل هو الكلفة أم القرار أم الطبيعة التنفيذية للمشروع أم رهاناته؟ إلى حد الساعة لا نسمع بمثل هذا الحديث، ولا إلى أي حد يدخل أو لا يدخل في نقاش الاستراتيجيات المغربية الكبرى. نسمع بانقطاع الكهرباء، نسمع بهروب صادم لمدير القطارات ولوزير النقل والتجهيز، بمبرر يقول إن مقالا ما قد تم تدواله في لحظة اللقاء. والمقال، حسب ما يدور، يصدر في موقع لا يكن دوما المحبة للمغرب، لكنه يتحدث عن سياسة فرنسا في ما يتعلق بالإنفاق الخاص بالتنقل السريع. إنه مقال يتحدث عن التبذير واللصوصية، في فرنسا، وعندما يتناول المقال المغرب يتساءل ما إذا كانت للمغرب هذه الأولوية، أو أن السرعة اليوم أولوية مغربية. نقول ليس من حقه أن يضع لنا السرعة الواجب اتباعها، ومن حقنا نحن فقط أن نحدد ذلك، وليس من حق كاتبه أن ينوب عنا في الجواب وإعطاء معنى للسرعة التي نريد. وهنا يقف السجال، كما تقف ذرائع الوزير وتابعه الخليع. أما بعد، فهو شأن مغربي يطرح أكثر من سؤال. كما تطرح الأساليب المستعملة من بعد ألف سؤال وسؤال!! فإذا كان كاتب المقال ليس له الحق في أن يفتي علينا بالسرعة في التي جي ڤي، فهل نترك له الحق في أن يفتي لنا بالحق في السرعة في إنهاء حوار لم يبدأ؟ هل نعطيه الحق في أن ينسف اللقاء؟ هل نعطيه الحق في أن«يخلع» وزيرا ومديرا يحمل الخليع اسمه؟ لا أعتقد أن الذي حدث، كان الجواب اللازم في هذه النازلة. الأمر يتطلب أن نحدد بالفعل أن المشروع، ولاعتبارات يطول ذكرها، ورد في إطار ثلاثة مشاريع كبرى، هي مشاريع مقترحة من طرف الفرنسيين، مذ أيام ادريس جطو، وأيام المرحوم عبد العزيز مزيان بلفقيه، تتعلق بالتسليح الجوي، ونذكر هنا قضية رافال، والمعرفة النووية، ثم القطار السريع. والتفاصيل لا نعرفها دوما ، وقد يتولى التاريخ والمصلحة الاستراتيجية للبلاد ، شرحها وشرح ماهية احتفاظ المغرب بموضوع القطار السريع.. التي جي ڤي. كانت مبادرة الحوار جيدة للغاية، وبدأت الأطراف المهتمة بالموضوع تضع الحدود بين الاستراتيجي والشكلي في القضية، بين ما هو من صميم التنزيل اليومي للدستور( تنزيل بعدي ولا شك ) وبين ما هو من صميم المصلحة الأساسية للبلاد في ظرووف لا يجهلها أحد. وعندما يقوم المسؤولون بركوب تي جي ڤي الخوف والهروب، فلا نعتقد بأن ذلك سيساعد في الدفاع عن موقفهم. فما معنى أن يكون مقال وراء الهروب الثنائي المفزوع؟ لا أحد سيصدق أن له قوة وسرعة التي جي ڤي الذي ننتظر بركاته في القادم من الأيام.. اللهم إذا كنا نعتقد بأنه قطارنا السريع، هو من قطارات الرعب التي تخرج من ورق السيناريوهات والأفلام. وبكل صدق، فأنا أدافع عن هذا القطار السريع، وإن كنت متأكدا بأنني لن أركبه، ربما لن تركبه سلالتي الثالثة بعد وفاتي، لمصلحة المغرب، كما «قدرني عليها الله»، ولكني مع ذلك لا أستسيغ أن يكون مقال، مهما كانت آراؤه وأفكاره - مادامت لا تتهجم على الأفراد و الدول - كافيا لكي «يفرنقع» المسؤولون. تجاهله -أقصد المقال - والحديث إلى من تم الاتفاق معهم، لاسيما وأنهم يصرون ألا علاقة لهم به وبتوزيعه، كان أحكم وأكثر قدرة على إعطاء النقاش الوطني معنى كبيرا.